أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوكت جميل - الخبز و ثورة 30 يونيو















المزيد.....

الخبز و ثورة 30 يونيو


شوكت جميل

الحوار المتمدن-العدد: 4191 - 2013 / 8 / 21 - 20:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الشعوب تزحف على بطونها،هي من أوقع الكلمات التي سمعتها لوصف الثورات،فقلَّما نلتقي في دروب التاريخ ،مذ دون التاريخ ، بثورة من الثورات الإ وقد لعب الخبز فيها دوراً بارزاً،واستوى فيها كائناً فعالاً ،ولطالما ألفيناه يدفع الناس في مسيرتهم الثورية،ولطالما حملهم حملاً لمجابه نظامٍ بالٍ أزف رحيله وكتب التاريخ نهايته،و لا عجب.. لم يكترث النظام لبطونهم الخاوية؛ فزحفوا اليه جياعاً ليهدموه،رأينا الخبز لاعباً أساسياً في الثورة الفرنسية والبلشفية ،لا بل و في جل الثورات قديمها وحديثها_ فيما أعلم_ ، نعم لا أنكر.. أنه في غير مرة قد لا يكون ذوو البطون الخاوية هم القوة الضاربة او رأس الحربة في الثورات ،ولكن ما تعتم القوى المتربعة على السدة الثورية أن تكرس خطاب الخبز لجماهير الشعب و تلتفت لتفوز بتعاطف سواده، ،فتصدر لهم حديث العدالة الاجتماعية ما وجدت الى ذلك سبيلاً ؛ ومن ثم تكتسب قاعدتها الشعبية الداعمة، والخبز بلا شك كان عاملاً مشتركاً فيما يسمى ثورات الربيع العربي،بل و في مقدمة بطاقة التعريف: (عيش،حرية ،عدالة اجتماعية).

ليس فيما أقول جديداً أو ما يثير الدهشة،انما الذي يثير الدهشة حقاً في تقديري ،ولا أجد له مبرراً ،هو أن الظروف الاقتصادية السابقة واللاحقة لثورة 25 يناير لم تلقَ حقها من العناية_كما تلقى شؤون غيرها_وهي الجديرة بذلك؛لنعرف أين نقف والى أين نمضى.و في يقيني أنها أحق الإمور بالعناية و الإلتفات.ولست أعلم حقاً سبباً لهذا التقصير و الزراية،فلربما كان لسبب في نفس يعقوب،أو ربما لتعميتنا وتغميتنا عن وضعنا الإقتصادي المزري...أو ربما للأسباب تدق وتصعب على أفهامنا المتواضعة.

وكيفما كانت حقيقة الأمر،فنحن نعلم علماً غير الظن، ان أيه نظام ،أياً كان هذا النظام، الإ و له اساس اقتصادي يرتكز عليه،والدولة و نظامها هي بنائه الفوقي، والنظام الاقتصادي يشكل هوية الدولة ومؤسساتها وتوجهاتها الى حد كبير،وإن شئت الدقة كلاهما في علاقة تفاعلية مع الاخر ،يؤثر تارة ويتأُثر اخرى،فالنظام يعبر عن هذا الأساس ،ويزود عن مصالحه،و يكرس له،وليس من العسير على مبصر،أن يخلص إلى أن فساد النظام السابق و من ثم سقوطه ،انما يعود الى هذة الآلية،وأن ما اعترى هذة الدولة من عوامل الفساد الإقتصادي _والذي كان مفرخة للفساد في مناحٍ شتى في الحياة ؛ لم يكن الا نتاجاً طبيعي لهذا النظام الاقتصادي،والذي كان يهيىء للثورة كل أسبابها الموضوعية.

كان رأس المال الإحتكاري،هو العنصر المهيمن في النظام الإقتصادي،وحدث ما يسميه الكثيرون (زواج رأس المال بالسلطة)،او بالأصوب علاقة آثمة محرمة ليس فيها من خير ، ولم تكن المؤسسات السياسية آنذاك ومفارخ اتخاذ القرار،وكل البنية الفوقية لهذة الدولة سوى غطاءاً سياسياً لرأس المال هذا وطبقة الصفوة التى تمتلكه وتمتلك القرار السياسي في آنٍ واحد ،و لسببٍ وجيه إذن،لم يكن في الإمكان الإ أن تعبر هذة الدولة عن مصالح هذة الطبقة ومصالحها فقط،لأن هذا هو منطق الإمور ،لذا فان ما حدث من إزدهار اقتصادي ونمو إقتصرعلى هذة الطبقة ،ولم تجن ثماره أغلبية الشعب،و لا تذوقوا لفيئه طعماً،ولم تظهر آثاره في اي رفاهية لهم.وفي الحق ،انه في مثل هذا النظام الاقتصادي ينتج الفقر من الغني نفسه،والبؤس والفاقة من الإزدهار.وكلنا يعرف كيف ساءت أحوال الشعب المعيشية ،رغم النمو الاقتصادي الورقي الذي لا ينكره احد،كما لا تنكره الأرقام والجداول الاقتصادية الصماء،ومع هذا _او لهذا_ حدثت الثورة.

واذا إلتفتنا الى الخلف قليلاً،فالقضاء على سيطرة رأس المال والعدالة الاجتماعية ،كانتا من أوضح أهداف ثورة 23 يوليو52،وقد تحققتا الى حد بعيد بعد الثورة في سنوات قليلة (الحقبة الناصرية)،وفي عهد النظام الساقط_أي نظام مبارك_،تم الرجوع عن هذا الهدف رجوعاً منكراً،و كان سلفه(حقبة السادات) قد بدأ في النكوص عن هذا الهدف،ولكننا بآخر عهد مبارك،نرى شيئاً آخر،فقد سيطر رأس المال الاحتكاري بصورة غير مسبوقة،لا يدانيهاٍ ما كان قبل الثورة او بعدها.هذا النظام الذي وان كان امتداداً لثورة يوليو،فانه ما لبث ان إلتف على عنقها وخنقها خنقاً؛فهو من ناحية لم يتقدم الا خطوات مزيفة ،لا تسمن ولا تغنى من جوع، في مجال الحريات ووحقوق الانسان ،ومن ناحية اخرى قضى على مفهوم العدالة الاجتماعية،وجعلها أثراً بعد عين، والذي طالما رفع في الحقبة الناصرية،كعذرٍ وذريعة لسلب الحريات،فأصبح النظام صفر اليدين من كل شيء ازاء شعبه،فلا هذا و لا ذاك،فلا عنب الحرية و لا بلح العدالة الإجتماعية ..و من ثم لم يكن أمام النظام سوى الرحيل.

رفع شباب الثورة شعار(عيش_حرية_عدالة اجتماعية)،ودعنا الآن لا نستقصي الترتيب في هذة الأهداف الثورية،أما عن العيش والعدالة الإجتماعية،فلم يجد النظام السابق إلى تحقيقها سبيلاً،ولم يكن ليحققها ولو رغب ذلك ولو جَد اليه مخلصاً!،لأنه مناقض للأساس الأقتصادي من الرأسمالية المتغولة و الذي يستند عليه النظام نفسه ،لذا لم يكن هناك بد من أن يسقط النظام بأكمله،هذا النظام الذي هو نبت لذلك الإساس الإقتصادي الذي لا تعنيه العدالة الإحتماعية قلامة ظفر,وأما عن الحرية،فقد كانوا يتركون الناس ،في تقديري،يقولون ما شاءوا،وربما يَزورون مرة،وربما يستنكرون مرة،وربما يقمعون مرة،ولكنهم اخر الامر كانوا مطمئنين غاية الاطمئنان،طالما العيون والايدي بعيدة عن أساسهم الإقتصادي المستغل البغيض،ويرون أن مثل هذة الحرية تنفيساً و ضرباً من اللهو لتسلية للشعوب!..مقولة المخلوع _الأول_ و من مأثوراته .

و ها قد سقط النظام،و ذهب مبارك و جاء الإخوان بقضهم و قضيضهم،فماذا جرى للأساس الإقتصادي؟،أعتقد انه كان السؤال الجدير بالطرح،والذي لم يُلتفت اليه كثيراً رغم ذلك؛نعم..قد أتت الثورة على هذا البناء الفوقي الممسوخ،بيد أن الأساس الاقتصادي لم يزل على عهده كما هو، واي نظام قادم لن يجد الا هذا الأساس ليعيد لنا انتاج النظام السابق شئنا أو لم نشأ .ولنقصد إلى أمرنا قصدا مباشراً؛اذا رغبنا في تحقيق أهداف الثورة فلا مندوحة لنا الإ ان نعيد تشكيل الأساس الإقتصادي،واعتقد انه من أهم الامور التي وجب ان يفكر فيها النظام ،فما فعل النظام اللاحق،لتغيير ذلك النظام الاقتصادي؟،أوتغيير واقع المجتمع الغير صحي الذي ورثه؟...يبدوانهم لم ينتبهوا إلى لك،فلا خطة معلنة سمعناها او قرأناها،ولا أفعال على أرض الواقع فنراها،و أكبر الظن أنهم كانوا لا يملكون اي رؤية واضحة عن العدالة الاجتماعية وكيفية تحقيقها.ولكن سمعتهم و رأيتهم يتحدثون عن ((الاصلاح الاخلاقي و الدعاء لله)) ،والذي لا بأس به ولا غبار عليه ،ولكنه غير كافٍ والسماء لا تمطر خبزاً ،ولكنها قد تمطر احماضاً وكبريتاً.

و قد حذر صاحب هذة السطور من العواقب الوخيمة للسكوت على النظام الإقتصادي هذا،في مقال بعنوان(ثنائية الثورة و الخبز)بتاريخ 27/4/2013 جاء فيها:
(بل أرى نفس التوجهات الرأسمالية،وان اختلفت الوجوه والاسماء،ما بين رأسمالية( حليقة )بالامس ورأسمالية( ملتحية) اليوم،كلا ..بل و الاسوأ أن نراه وهو يمضي في سبيل الرأسمالية الريعية الربحية!،ونرى العقلية الغالبة على الاقتصاد ،عقلية التاجر المتربح لا عقلية البنّاء المنتج ،كما نحس أنه هناك ثمة سباق محموم للتوريث، ولا أعني توريث الحكم المزعوم كما سلف،انما تقسيم ثروات طبقة الصفوة الراسمالية الاحتكارية الغابرة،ما بين رجالآت الحزب الحاكم اليوم.كما لا يخفى على كل ذي عين باصرة،من فرض شراكات _ولا أقول اتاوات_و مساومات بين أباطرة رأسمالي النظام السالف و بينهم؛فكأني به يشتهي وراثة النظام السابق من كل ناحية!و الرأي عندي أن يحترز؛فلربما ورث نهايته أيضا فيما ورث،ومن حيث لا يحتسب!.
ما أريد ان أقوله؛ ان النظام سار على النهج الإقتصادي لسالفه بكل عوراته، الى تغيير عوار ذلك النظام الاقتصادي القديم ،فلننتظر اذن قيام ثورة جديدة ،لأن لمثل هذا تحدث الثورات،ونعود لنقول:الشعوب تزحف على بطونها .لان حب البقاء والنضال من اجل قوتها فوق كل شيء لديها،... و لن تنخدع طويلا).
رحم الله من قال:
هتفت تقول للأغرار............مقالة العارف بالأسرار
إياك أن تغتر بالزهاد...كم تحت ثوب الزهد من صياد).
.......................

والحق ان هذا ما تحقق فعلاً في ثورة 30 يونيو،و تم الإطاحة بالخلوع الثاني؛فقد كانت الظروف الإقتصادية المتردية و الظروف المعيشية الخانقة في الخبز و الوقود و غيره من المستلزمات الحيوية، عصباً رئيسياً في ثورة شعبية من الطراز الأول؛و تكفي نظرة على فئات خرجت فيها،لم تكن لتخرج يوماً لو لم يمس غذائها و كسائها،كفلاحي مصر الذين لا يحركهم غير(الشديد القوي)كما يقولون،و ينبغي علينا إذن و الحال كذلك، أن ننفض عنا الدعاوي الرثة لتصوير الثورة كإنقلاب عسكري،و ننبذ عنا التهاويم الحمقاء لتصويرها كمؤامرة لفلول النظام السابق!؛فلقد كانت كل الأسباب الموضوعية لثورة شعبية قد إكتملت،و الخبز على رأس القائمة ،كما هو على رأس قائمة الطعام للشعب المصري،أو (العيش)كما يسميه أهلنا في القرى و النجوع.

و زبدة ذلك كله ،هو سؤال نلقيه على حكومة ما بعد 30 يونيو: هل إسترعى إنتباكم ذلك النظام الإقتصادي المعيب؟و ما أنتم فاعلون إزاءه؟



#شوكت_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمائم على مذابح الصولجان
- أوراق صفراء معاصرة_الورقة الثامنة_فتنة!
- أوراق صفراء معاصرة_الورقة السابعة_الشعب الذي يقول:لا
- أوراق صفراء معاصرة_الورقة السادسة_أخٌ..في الله!
- أوراق صفراء معاصرة_الورقة الخامسة_(الضحابا..و المساكين!)
- أوراق صفراء عتيقة معاصرة_الورقة الرابعة_(خيار و فقوس في مواز ...
- أوراق صفراء عتيقة معاصرة_الورقة الثالثة_(إرهاب بالجملة)
- أوراق صفراء عتيقة معاصرة_الورقة الثانية_(ليس هناك إخوان...و ...
- أوراق صفراء عتيقة معاصرة_الورقة الأولى_(نعم ...حدث إنقلاب!!)
- الكهف السفلي و تمرد
- الصراع و الإقصاء الحتمي
- غزو الحبشة..و احتلال مصر!


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوكت جميل - الخبز و ثورة 30 يونيو