أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - شعرية الانفجار عند ايمان الونطدي















المزيد.....

شعرية الانفجار عند ايمان الونطدي


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4189 - 2013 / 8 / 19 - 19:48
المحور: الادب والفن
    


شعرية الانفجار عند ايمان الونطدي ،
**************************
من خلال ديوانها امهلني .....بعض العبث
****************************
حين تنضج الرؤيا الشعرية يتجاوز الشعر حدود الواقع ويفجر طاقاته اللاتحد كي يمنح تجربة فنية ترقى الى امكانية تجاوز الذات الشاعرة الى الذات المتلقية ، ليس كقراءة لجمل وعبارات موزونة او منثورة ، بل كانطباع يهجع في ذات المتلقي لكنه يجد صعوبة في التعبير عنه . فالنضج الشعري بامكانه الارتقاء الى ماوراء الواقع ليؤسس واقعه الذي لا ينفصل عن واقع الوجود وواقع الناس ،دون أن يتخلى عن واقع اللغة الشعرية التي تتميز بالكثافة والترميز والاستعارة أو المجاز بمعنى أشمل .
انها أشبه باشراقات شعرية دون أن تتمترس القصيدة في صف الشعر الاشراقي ذي النزوع الصوفي ، فالشعر الناضج يخلق صوفيته وسورياليته وواقعيته من ذاته ، فلا يمكن لشعر عظيم أن لايتناص ويتماس مع جميع المدارس والحساسيات الشعرية ، حتى وان حاول الشاعر/ة ، أن يخلص لتجربة شعرية ما . فالشعر هو استجابة لحالة نفسية وليس لشكل من الأشكال أو لفكرة وموقف ما .
وهذا ما يجده القارئ الذائقة في ديوان " أمهلني ....بعض العبث " للشاعرة الانكتابية " ايمان الونطدي فالناقد المتمكن لايسلم بما تقوله قصيدة من قصائد ديوانها هذا ، ولا بما تريده الشاعرة ، بل ينصت لتداعيات وتأثيرات قراءته المتكررة للقصيدة أو الديوان ، حيث يدرك بتمرسه وحدسه أن كثيرا ما تقع الشاعرة أسيرة اكراهات تعبيرية تفوق رؤيتها ورؤياها ؛ وكأننا امام شاعرة سوريالية التعبير والشعرية . فالشعر الحقيقي ، والشعر الحداثي بالتحديد ؛ لحظة انفجار بامتياز ، والمنفجر لايعي حدة وقوة انفجاره اثناء حدث الانفجار ، ولايدرك الاتجاهات والأماكن التي اتجهت اليها شظاياه ، بل المتلقي وحده من يملك القدرة والاستطاعة على تعداد عدد الشظايا ، وقد تخفى عليه بعضها حسب قوة الانفجار .
هذا ما أسميه في ديوان الشاعرة ايمان الونطدي ب"شعرية الانفجار" ، اذ لايمكننا ان نحصر قدرتنا في القراءة عند حدود الكلمات والصياغات والتراكيب فاغرين أفواهنا ، أو مارين مرور العابرين تحت قيظ القراءة السريعة والمضغوطة بضغط ما . وهذا ما يتطلب نوعا آخر من القراءة أسميه ب"القراءة الحرة " ، فالاستعارات البعيدة هي حجة الشعر العالي والمنفجر بامتياز ، وهو ما يعطي الناقد القدرة على تنسيل الأسئلة وتبئير الاستفسارات ، كي يتيه حرا مع تعدد شظايا القصيدة /دلالات القصيدة .

1--عبث البدايات
***********
منذ التصدير الأولي للديوان حرصت الشاعرة على تقديم ديوانها بهذه العبارات الشاردة :

العبث ينمو فوق أزمنتي
فهل من لبيب
يحصد ما تبقى من بعضي

هكذا تُصدر الشاعرة ديوانها ، بكلمة العبث المُعرفة تأكيدا على الاختيار الواعي لموضوعة العبث التي تتجاوز الزمن الفرد والأحادي لزمنية انسانية طبيعية ، لينمو فو ق أزمنة شاعرية ، وهنا يتداخل اللاوعي ليرمم شقوق الوعي في العبث الذي اختارته ؛ ربما بفرط تمثلات دلائله ومظاهره في حدسها وحسها ووهمها ، وبما ان النقيض هو القادر على وضع نهاية لهذا العبث الجميل ، فانها تبحث وتتساءل عن لبيب ، واللبيب هنا هو ما تعتمده اللغة المنمطة كنظام وترتيب وروتينية ، توقف تدافع العبث ونموه العشوائي في خيالها وأنفاسها ووعيها ، فالشيئ اذا زاد عن حده انقلب الى ضده . لكن هل هي دعوة لانقاذ الذات الشاعرة من فيض العبث فيها ؟ ، أم هي لحظة عابرة قد تكون بمثابة استراحة متعبة من تراكم جبال العبث عليها ؟ .

2--عبث ضد العبث
*************
قليلة هي القصائد التي تنفجر في وجه السائد ، في وجه القائم والمتجذر في واقعنا العربي العبثي . وقليلا ما يلجأ شعراؤنا وشاعراتنا الى التداوي بالتي كانت هي الداء ، وقليلا من يدروكون ان البلاغة والمجاز ؛ والشعر تحديدا دواء ومسكن من نوع خاص لا يعتمده الا استثناءات جد قلية من بني البشر الممسوسين بلوثة الابداع . فأمام الحدود القصوى للجنون يهجع التعقل ، وأمام الحدود القصوى للفسوق تتربص التقوى ، وفي ديوان الشاعرة ايمان الونطدي يتموقع العبث الشعري أمام الحدود القصوى للعبث الواقعي :

أمهلني وقتي بعض العبث
أرجع منك مصلوبة الظل
والفتوى غواية صمت
تمارس قدري
صهيل يذكرني بي
فوضى تراوغ زواياي
وفراغ يتلاشى : مغيب .....

انها القصيدة التي يحمل الديوان بصمتها بعدما تم حذف المنادى من العنوان " وقتي " . وقد حبل هذا المقطع برموز دينية " مصلوبة..." الفتوى " "قدري " ، فهي لاتطلب غير قليل من العبث الشخصي والذاتي ، مقابل ما تمارسه مؤسسات أخرى قد ترمز بدورها الى ما ارتضاه المجتمع من تغول وتوجيه ضد قدر / حياة الانسان . لكن الشاعرة وبوعيها الحاد والناتئ لا ترضى ان يمارس عليها احد ما وصايته ورؤيته في الحياة ، فحياتها شأن شخصي ، وبما أن الأمر وصل حد التدخل في تكوين شخصية الانسان وتحديد قناعاته ، كأنه مادة أولية يمكن تحويلها وتنميطها كيفما شاؤووا ، فانها تطلب قليلا من عبثها الذي تختاره الذات الشاعرة بكل حرية وارادة ، فهناك في زمن ما ، صهيل يذكرها بذلك الزمن الجميل الذي افتقدته أمام فوضى الفتوى التي تأتي من كل حدب وصوب ودون استئذان او اعلان . انه مغيب الانسان ، مغيب مشيئته وارداته . فهل تستكين شاعرة مثل الشاعرة ايمان الونطدي من خلال هذا الديوان بهذا القدر التسلطي ؟ .
مع باقي القصيدة نلاحظ ان الشاعرة تبتهل ترانيم الانعتاق من بين ضلعين كي تخرج منها من تناقضين ، كأن ميتافيزيقا الصحو لم يعد لها غير مكابرة عري البوح كما جاء في خاتمة القصدية التي تقفل بسؤال استنكاري ؛ أفلا توقنون ؟ وهي عبارة قرآنية بامتياز .
ولن ننسى تقمص الشاعرة مصير المسيح استعاريا وحقيقة ، فمعلوم ان القرآن يؤكد على أن المسيح لم يقتل ولم يصلب وانما شبه لهم . وهذا ما تستعيره الشاعرة بلغة شعرية عميقة ، تؤسس لحدود الانفجار الدلالي ، فهي تمنح ظلها للصلب ولا تمنح جسدها كما هو متعارف عليه ، والظل له وظيفتان سيميائيتان ، فهو عنصر اتصال وعنصر انفصال في آن . وبين حدي الاتصال والانفصال تكمن جمالية الشعر عند ايمان الونطدي ؛ لتقذفنا في دينامية جدلية فنية وجمالية تدعونا الى اكتناه ما قد يبدو للوهلة الأولى غوامض في قصائدها ، لنكتشف بعد قراءة متأنية وستكشفة أنها لوامع تفضي بنا الى حقيقة الشعر الحداثي . شعر لايعطيك منذ القراءة الأولى مفاتيحه كي تخرج سريعا من افيائه الجمالية ، بل يرغمك على اقتحامه بحس ذائقة فنية تسمو بك كلما أمضيت وقتا ممتعا مع قصائد ديوان يحتاج الى قراءات متعددة .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يصبح الانسان نفسه كذبة كبيرة
- المغاربة والسياسة
- اضاءات حول انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة المغربية
- اللعبة المصرية واحراق المرجعية
- مصر والاختيار الأصعب
- غياب المثقف ، والمثقف الانسان
- البحث عن الغائب الحاضر -14-رواية
- اليسار المغربي وحدة من أجل موت جماعي
- عوربة الاقتتال
- العرب ومجتمع الزيف
- واقع الشعر من واقع العرب
- ايران ولعب الكبار
- الصمت بين المعنى والوجود
- لاتصدقي تجار الدين
- تحريف الجهاد
- الحداثة هدف مؤجل
- البيان حلم والممارسة واقع
- ثمة أغنية في الحنجرة
- الانسان ذلك المنحرف -1-
- القضاء المغربي ، فجوات بحجم العار


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - شعرية الانفجار عند ايمان الونطدي