أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فلاح رحيم - كُتب في يوميّات: المجموعة الكاملة لقصص مارك توين القصيرة














المزيد.....

كُتب في يوميّات: المجموعة الكاملة لقصص مارك توين القصيرة


فلاح رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 4188 - 2013 / 8 / 18 - 21:22
المحور: الادب والفن
    


قاطع ديزفول الخميس 30 تموز 1981

انتهيت قبل قليل من إعادة قراءة مقدمة المجموعة الكاملة لقصص مارك توين القصيرة وهي ستون قصة تستغرق حوالى 700 صفحة. وقد لاحظت أن كاتب المقدمة شارل نايدر ركز كثيراً على الجوانب الفنية في إبداع توين وكان محقا في كثير من ملاحظاته. فقد ذكر أن توين يكتب بتلقائية ودون أن يولي الشروط الفنية الخاصة بفن القصة القصيرة الاهتمام المطلوب. وهو يراهن على القارئ لا على فن القصة، فإن استطاع أن يقنعه فهو لا يحزن إذا اتّهم بأنه أخل بشروط البناء القصصي. وهذا ناتج بالتأكيد عن اشتغاله بالصحافة مثل ديكنز قبله، فهي تربّي لدى الكاتب إحساساً مكثفاً بالقارئ والمتلقي. ويتجلى عدم اهتمام الكاتب بفنه في عدم الثقة التي تظهر في كثير من كتبه ـ خصوصا سيرته الذاتية ـ والقفز على الأحداث دون طرقها بشكل متسلسل، وهو بذلك يقف على النقيض تماما من هنري جيمس وغيره من الشكليين. ونلاحظ أيضا أن القدرة السمعية لدى توين فائقة القوة والأصالة فهو قادر على التقليد الساخر burlesque بشكل فريد هو السرّ في قوة حواراته ورسم شخصياته. لكن هذه الناحية برأي كاتب المقدمة تودي بالجوانب الأخرى ومنها البصرية التي أولاها الكتاب المحدثون الأهمية المطلوبة. لا أود هنا استعراض كل ما جاء في المقدمة ولكني برغم احترامي لكثير مما جاء فيها أرى أنها حاكمت توين بمقاييس جاهزة لا تلائم طبيعته وقوته. وهي مفيدة في حالة واحدة هي أن تكون محاضرة موجهة لكتّاب ناشئين تحذرهم من مضار إهمال القيم الشكلية لفن القصة. إن الكاتب لم يجب على سؤال هام هو أين تكمن قوة وعبقرية توين؟ وهو ما يقودنا إلى سؤال أهم: ماذا حاول أن يقول توين من خلال فنه الواقعي المتميز؟ فإذا كان نايدر يرى أن هذه الأمورغير هامة بالقياس إلى الشكل والفن القصصي فلماذا إذن يهتم بتوين وهو الرجل الذي نظر بسخرية لشكلية النظر إلى الفن ومبادئها؟
إن أبرز ما يبرر عظمة توين وأصالته هي إنسانيته وقربه الشديد من حقيقة الإنسان في المجتمع الأمريكي. هذا الإنسان الذي اهتم به توين كثيراً وعايشه حتى التقط أدق ما في لهجته. إن قصص توين تسخر وتنتقد وتدور في كل الأحوال في إطار المجتمع والإنسان. تحاول أن تكشف وتنبّه بمزاج منبسط أحياناً وبسخرية مرة أحياناً أخرى. قصة "الغريب المجهول" مثلاً وهي آخر قصة في المجموعة وأطول قصة تعدّ ـ كما أرى ـ أقسى وأشد وأمرّ انتقاد وجهه توين إلى الجنس البشري وقد علا عليه واستطاع أن يتلبس روح ملاك لينبّه البشر إلى محدودية حياتهم وزيف القيم التي يستهلكون حياتهم من أجلها. وهو ليس زاهداً بالحياة أو كارهاً لها، لكنه يحاول أن ينبه الإنسان إلى معناها الحقيقي.
هناك كثير من القصص الأخرى التي تبيّن زيف القيم المتعارف عليها التي تبدو مقدسة للوهلة الأولى ولكن تقديسها ليس إلا السطح، أما العمق الخفي فهو يدور على وفق قوانين من نوع آخر قاسية وشرهة ومنافية للإدعاءات. ويمتاز توين على وفق هذا السياق بأنه يطرح حالة تبدو في البداية محكومة بقوانين الاحترامية والأعراف ليكشف في النهاية أنها ليست إلا حجباً لما يجري تحت السطح. هذه القدرة العجيبة والنظر الثاقب إلى التركيبة الاجتماعية الزائفة هي التي أعطت توين مكانته الرائعة والمتميزة بين كتّاب الواقعية الكبار وهي التي تجعلنا نقرأه في زمن التطور الشكلي المذهل في الأدب. وأتساءل أيهما أبقى توين أم هنري جيمس؟ وأرى أن برودة الحياة في أشكال جيمس تجعله يتراجع يوماً بعد يوم ليخلي المكان للحياة المتدفقة الحقيقية التي جمعت بين وثائقية الطرح وابتكارية الفن في أعمال توين. إن استقصاء الحساسية المعجزة لتوين إزاء القيم الإنسانية يحتاج إلى دراسات كثيرة وأنا من خندقي الساخن هذا لا أستطيع أن أقول أكثر.




#فلاح_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كُتُب في يوميّات: العصافير لا تموت من الجليد لأفنان القاسم
- كُتُب في يوميّات: الطاحونة الحمراء لبيير دي مور
- مصر وحمى الربيع والصيف
- كتب في يوميات: تونيو كروجر لتوماس مان
- كتب في يوميات: فيلكس كرول لتوماس مان
- موعظة الهوتو والتوتسي: أنف ومليون قتيل
- الموسيقى الألمانية واجتثاث النازية والأمريكيون
- فتحي المسكيني و ترجمة -الكينونة والزمان-
- ذكريات موسى الشابندر البغدادية : السيرة واضطراب لحظة التنوير
- سرد الذاكرة المضادة في أدب ألمانيا واليابان
- علي بدر ومارغريت أتوود: هل تموت الأيديولوجيا في العراق وتولد ...
- توقيع الروائي
- من باطن الجحيم: وثيقة الشاهد/الضحية - سلام إبراهيم


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فلاح رحيم - كُتب في يوميّات: المجموعة الكاملة لقصص مارك توين القصيرة