أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - ليبراليا وديموقراطيا: الجيش لا يقتل الناس















المزيد.....

ليبراليا وديموقراطيا: الجيش لا يقتل الناس


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 4188 - 2013 / 8 / 18 - 11:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الفهم الديموقراطي والليبرالي للسياسة يكمن الفرق بين الدولة وبقية الاطراف داخل حدودها الوطنية في انها هي المسؤول الاول والاخير, وانها تتصرف بمنطق الدولة وليس منطق الحزب او العصابة, ايا ما كانت الظروف. اذا كان هناك طرف ما داخل الدولة, مجموعة افراد, حزب, جماعة, عصابة, تتبنى سلوكا سياسيا ترفضه الدولة فإنها تقف ضده وتعالجه بأساليب الدولة وتبعا للقانون والدستور وليس من خلال الانجرار إلى نفس السلوك الذي يتبعه ذلك الطرف. الاصولي المتشدد ابو قُتادة بقي يناور قانونيا في بريطانيا ضد ترحيله إلى الاردن اكثر من عقد ونصف من السنين رغم الحكم عليه وسجنه بكونه ممثل القاعدة في اوروبا. خلال السنوات الطويلة التي رفع فيها القضايا ضد قرار ترحيله كانت مسؤولية الدولة ان توفر له ولعائلته الاقامة والحماية ايضا, مما كلف خزينة الدولة ملايين عديدة. رغم كل الحنق الاعلامي والشعبي على المذكور, والتأييد الكاسح لترحيله الى اي مكان والخلاص منه, إلا ان الدولة بقيت تتعامل مع القضية وفقا للمبادىء القانونية والدستورية الليبرالية العليا من دون الانجرار إلى الغرائزية. عندما تتمسك الدولة بالقانون والمبادىء الأساسية لحقون الانسان ولا تنتهكها ايا ما كانت الظروف فإنها تستحق ان تنتمي للزمن الذي نعيش فيه, وإلا فإنها تتحول إلى مجرد طرف عصابي متوتر ينافس الاطراف الاخرى في المراهقة السياسية والهزال السلوكي. يتقرر ذلك إزاء وضع تكون فيه الحكومة التي تدير الامور في تلك الدولة شرعية وتتمتع بأسس قانونية ودستورية, ناهيك عن ان تكون حكومة مطعون في شرعيتها اصلا وتقف على ارض قانونية هشة.
ما حدث ويحدث في مصر وقام ويقوم به الجيش لا ينتمي لمنطق الدولة الحديثة المسؤولة, فضلا عن انتمائه لأي منطق ديموقراطي وليبرالي. ليس هناك جيش في عالم اليوم يهجم على مئات الالوف من المتظاهرين أو المحتجين المقيمين في اي مكان ويفتح النار عليهم وكأنه في جبهة حرب, فيقتل منهم المئات ويجرح الآلاف. كل الحجج والمبررات والمسوغات, حتى لو فرضنا انها صحيحة, لا قيمة لها امام سلوك كهذا. حتى لو كان هناك مسلحون في قلب المتظاهرين, وحتى لو كان سلوكهم تخريبيا, وحتى لو ارتكبت جرائم من قبل بعضهم, فإن مسؤولية الدولة تكون وتبقى تنفيذ القانون في إطار القانون, وليس البطش بإسم القانون وتجاوزه. الخطاب الذي استند عليه الناطقون بإسم الجيش في مصر في تبرير اقتحام ميادين رابعة العدوية والنهضة وتفريق المحتجين خطاب غير مُقنع, ولا يعكس حجم إدراك المسؤولين عن قرار الاقتحام لتبعاته.
بيد ان التعقيد في الوضع المصري الحالي يكمن في الانحراف الكبير الذي حدث في اوائل الشهر الماضي, تموز, عندما تدخل الجيش في السياسة وانقلب على مسارها, مؤيدا من قبل جبهة عريضة من القوى. هناك بطبيعة الحال قائمة تبدأ ولا تنتهي بأخطاء وخطايا الاخوان المسلمين وحكمهم طيلة عام وجود مرسي في الكرسي. وكانت تلك القائمة من الاخطاء هي الهدية التي جاءت بها التجربة العملية والديموقراطية كي يرى من خلالها الشعب والناخبون صلاحية ام عدم صلاحية الاسلام السياسي للحكم. وآنذاك فإن الشعب وليس غيره وعبر صناديق الاقتراع وليس غيرها كان سيسقط مرسي, وعندها تترسخ الممارسة الديموقراطية رغم ان الالتزام بمراحلها واستنفاد اجراءاتها قد يثير حنق المستعجلين الذين يريدون ان يروا نهاية خصمهم السياسي في اقرب فرصة ممكنة, وعلى يد الجيش والعسكر ان لزم الامر. ستأتي هنا الحجة التي تقول بأنه لم يكن بالإمكان الصبر على حكم الاخوان وتخريبهم للدولة و"اخونتها" اكثر من ذلك, وكان لا بد من عمل شيء ما. وهي حجة ثبت انها قوية بدليل الحشود الضخمة التي تمكنت حركة تمرد من دعوتها للشارع. إلى هنا والممارسة كانت ديموقراطية ومطالبها ايضا بإجراء انتخابات مبكرة ديموقراطية ايضا. كان على الحركة الشعبية ان تتمسك في الممارسة الديموقراطية وتصر على الانتخابات المبكرة او الاستفتاء وذلك يبقي ممارستها ومطالبها ضمن العملية الديموقراطية لا خارجها. نقطة الانحراف الكبير تمثلت في عدم الصبر واستدعاء الجيش للتدخل, عندها انحرفت الممارسة الديموقراطية والمطالبة الديموقراطية وارتهن المسار برمته وسلم للجيش. والمشكلة هنا, وكما في كل حالة اخرى يدخل فيها الجيش السياسة, تكون في كيفية إخراجه منها!
خصومة القوى المدنية للإخوان المسلمين والاسلام السياسي يجب ان تبقى في إطار الممارسة الديموقراطية وإلا عادت الامور إلى المربع الاول حيث جوهر التسيس العربي يعود ليتمحور حول تحالف تلك القوى مع العسكر والمؤسسة الامنية. لقد جربنا هذه الوصفة عقودا طويلة وانتجت ما انتجته من استبداد وفساد وعفن كشفت عنه انتفاضات وثورات الربيع العربي. يحقق الاستبداد الامني المدعوم من المؤسسة العسكرية استقرارا زائفا على السطح لأنه يكنس كل المشكلات الحقيقية جانبا او تحت السطح, ويتظاهر بأنها غير موجودة. كل المعضلات التي كشفتها الانتفاضات والثورات العربية من الطائفية والغرائزية السياسية والقبلية والنزعة الإقصائية والعنف وجهل كثير من الاطراف بأبجديات التعايش السياسي مع الخصوم, فضلا عن الفساد المالي وتردي الاقتصاد, وهشاشة بنى الدولة, كل ذلك يجب ان يتم الاقرار به والبدء بمعالجته بشكل جماعي. ولا يتم ذلك من خلال الهروب الى الامام واستدعاء الجيش وكنس ذلك كله تحت السطح مرة اخرى. يجب ان نقر بأن مجتمعاتنا هشة وان التعصب الديني والطائفي والقبلي يأكل من اللحم الحي فيها, وان ذلك ليس مؤامرة تأتينا من الخارج, بل هي امراض كامنة فينا وعلينا نحن ان نعالجها جماعيا إن اردنا ان ندخل التاريخ. في مجتمعاتنا فرق وجماعات سياسية متخاصمة وهو امر طبيعي كما هي حال اي مجتمع في الارض, ولكي تتعايش هذه الجماعات معا ليس امامها سوى الحل الديموقراطي الذي يتيح لها ان تتحارب في ما بينها سلميا من دون دماء, ويتطور بها ومعها الى الامام لتصل إلى نقطة التوزان وايجاد المعادلة الوطنية والمجتمعية التي تحيد من اثر الخصومات السياسية على مسيرة المجتمع بشكل عام ولا تعيقها. كل ذلك يحتاج الى بصيرة نافذة وصبر كبير وليس الاستسلام للحنق والغرائزية وردود الافعال غير العقلانية التي تجر البلاد والمجتمعات إلى الوراء دوماً.



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استبداد الاردوغانية ينهي -النموذج التركي-
- الديموقراطية هي تنظيم الكراهيات في المجتمع ... وهنا عبقريتها
- إنقلاب اعاد شحن الاسلام السياسي في المنطقة
- المراهقة الليبرالية وإعادة شحن الإسلام السياسي
- الديموقراطية الليبرالية أو الحروب الدينية
- إنقاذ الشيعة العرب من «حزب الله»
- هل تبرز إيران الصديقة؟
- من مؤتمر باريس العربي 1913 إلى «عرب آيدول» 2013
- أين أصبح «مؤتمر باريس» العربي 1913؟
- «مصانع الفتاوى»: كهنوت إسلاموي وتدمير مجتمعي
- «أبوية الثورات» في الخطاب القومي
- -مصانع- الفتاوى الطائرة
- المشروع النهضوي العربي: من أبوية النص إلى أبوية الثورات (2-2 ...
- «حماس» وطلبنة غزة
- فيضان المستنقع الأسدي
- المشروع النهضوي العربي: من أبوية النص إلى أبوية الثورات (1-2 ...
- «البوكر العربية»... ومسألة الهوية
- قانون مدمّر في مصر: الشعارات الدينية في الانتخابات!
- مخاطر «أخونة» الأزهر
- العرب والغرب وتسليح الثورة السورية


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - ليبراليا وديموقراطيا: الجيش لا يقتل الناس