أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حزب العمل الشيوعي في سورية - الآن العدد (27) أيار















المزيد.....



الآن العدد (27) أيار


حزب العمل الشيوعي في سورية

الحوار المتمدن-العدد: 1198 - 2005 / 5 / 15 - 12:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الآن ـ إلغاء احتكار السلطة وقيام نظام ديمقراطي معاصر لكل المجتمع.
ـ قيام أوسع جبهة عمل ديمقراطي علني وسلمي.
ـ مقاومة وإسقاط المخططات الأمريكية والصهيونية.
ـ حزب يساري من طراز جديد.
نشرة غير دورية تصدر عن حزب العمل الشيوعي في سورية Syria [email protected]
العدد (27) أيار 2005

في هذا العدد
1 ـ الافتتاحية.
2 ـ بيان مشترك.
3 ـ الوطن في خطر.
4 ـ فات وقت الإصلاح.
5 ـ المعارضة السورية تحتفل.
6 ـ لماذا غير حزب العمل الشيوعي الشعار المركزي.
7 ـ إضاءات .
8 ـ رسالة إلى حزب الوفاق.
9 ـ بلاغ عن أعمال المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوري (م.س)
10 ـ توضيح الحزب السوري القومي الاجتماعي.
11 ـ ملف فلسطين.
12 ـ قصيدة.
13 ـ عودة يوسف عبدلكي.
14 ـ ذاكرة الياسمين.


أهلاً بعودة الرفيقين
منير الشعراني ويوسف عبدلكي

أهلاً بعودة
جاسم علوان و زياد قباني

لنناضل معاً
من أجل عودة جميع المنفيين السوريين



الإفتتاحية:

مؤتمر حزب السلطة >

التوقعات.. الرغبات

يمر النظام السوري بظروف حرجة وخطرة، بشكل خاص استهدافه من قبل الإدارة الأمريكية استمراراً لنهجها التدخلي المكثف والمتشدد تجاه المنطقة. ومنها سورية التي بدأت الدخول في مرحلة انتقالية متسارعة قد يُقَرر فيها مصير النظام والوطن بشكل عام بسبب الصراع بين الإدارة الأمريكية والنظام، والاستقطاب الحاد الذي يخلقه هذا الصراع من منظور مصالح وأهداف الطرفين المتصارعين (الغير متكافئ) والوسائل المستخدمة، وانعكاس هذا الصراع على أهداف ومصالح ومستقبل الوطن والمجتمع والإنسان فيه.
في هذه الشروط الخاصة التي يعبرها الوطن ماذا نتوقع من المؤتمر القادم لحزب البعث العربي الإشتراكي.. ولماذا..؟ ماذا تقول الوقائع والتاريخ.. ماذا يقول العقل والمنطق؟.
1 ـ إن تبريد الأمور، تأجيل كل شي، وربطه بمؤتمر حزب البعث.. مثّل ولا يزال استمراراً عضوياً لنهج النظام وسياساته ليس في احتكار السلطة فحسب بل باستمراره عزل المجتمع وقواه وفعالياته ومصادرة دورهم.. هذا النهج يمثل شيئاً خطراً جداً بسبب ربط الوطن وتكثيف مصالحه <<شكلياً>> بوجود النظام ومصالحه.
2 ـ النظام وحتى الآن قدم الكثير من التنازلات .. بغالبيتها كان حقيقياً ً وجدياً لا عودة عنه.. إنما كان تحت ضغط العامل الخارجي واستجابة لتدخله وتركز في السياسة الخارجية والدور الإقليمي والوظيفي للنظام.. بذلك اتبع سياسة الدفاع المتراجع.. إلى الداخل.. لحماية وجوده ومصالحه.. أما بقية التنازلات على الصعيد الداخلي فإنها لم ترتق أبداً إلى حد التنازلات الجدية والثابتة.. كانت انتقائية.. جزئية.. وملحقة بسياسة المساومة والتنازلات للخارج.
3 ـ نعتقد أنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل أيضاً حصول قفزة في الفراغ خارج خارج الشرط التاريخي للنظام وحزبه كي نتوقع حصول مفاجآت تمثل نقيضاً للماضي في قضايا (طبيعة السلطة، بنيتها، نهجها وممارستها وعلاقتها بالمجتمع...).
من كل ذلك لا نتوقع إصلاحاً جاداً عداكم عن إصلاح جذري أو إنقاذي. إن هدف النظام الحاسم في كامل خطته تجاه المؤتمر ربط كل شيء به يتجسد برسالتين:
الأولى : للخارج تقول إن لم تلحظوا مصالحي ووجودي في خياراتكم، فأنا والوطن معاً حتى الهاوية.
الثانية: للداخل (مجتمع، معارضة).. أن النظام الطرف الوحيد الفعال، وما على الجميع إلاّ الالتحاق به.. هذا النهج الذي يساهم به النظام بوعي شديد في زيادة عملية الاستقطاب الخطرة، التي تقسم القوى المجتمعية والسياسية الديموقراطية الوطنية إلى قطبين، ببرنامجين. ومؤسسات متناقضة.
هذا النهج يفتح الطريق إلى إضعاف الطاقة الوطنية إلى درجة الصفر ويفتح الباب لتطورات خطيرة على أرضية ما وصل إليه الوطن من تحفز العصبيات والاحتقانات (طائفية، قومية...إلخ). وبهذا الشكل تتقاطع سياسة النظام مع ما تريده الاستراتيجية الأمريكية في معظم سياساتها.
4 ـ سيجد النظام نفسه مضطراً هذه المرة لتقديم تنازلات داخلية.. ستطال الوضع الداخلي في العديد من الميادين.. وستبقى في إطار المساومة مع الخارج والإيحاء أنه يسير في الاتجاه المطلوب.. مع ذلك لن تكون شيئاً مختلفاً بالعمق عن الماضي .. ستكون استمراراً له من منظور تراكمي متراجع.. تحافظ على سياسة النظام المزدوجة تجاه الضغط الخارجي وتقديم التنازلات. برهن الوطن والمجتمع وأسرهما للدفاع عن وجوده ومصالحه الضيقة.. فلن يكون هناك أي قرارات جادة باتجاه إلغاء احتكار السلطة، ستكون توصيات لتخفيف دور الحزب في الدولة والسلطة ـ مع أن السلطة في سورية شيئاً مختلفاً كثيراً عن الحزب ودوره على الرغم من النص الدستوري والمرجعية الثورية لدور حزب البعث القيادي ـ أما على صعيد القوانين الاستثنائية وأكثرها خطورة.. <<الطوارىء>> ستدخل عمليات قوننة محكمة بدون إلغاء.. كما ستصدر توصيات فعلية أو أوامر إدارية للتعاطي الإيجابي الواسع مع ملفات كثيرة قد تُنتج للنظام متاعب مختلفة (ملف الإعتقال، المنفيين، بعض الملفات الإقتصادية والمعيشية المطلبية الحساسة).
أخيراً: إن صحت توقعاتنا.. هل تفوت السلطة فرصة؟ وكي لا نبدو أننا ننشر الذعر والتشاؤم... نريد طرح الأمر من منظور الرغبات والنظرة الإيجابية التفاؤلية الأخلاقية.. من منظور الحرص والخوف.. نفعل ذلك (مع معرفتنا أنه أمر غير منطقي وغير واقعي للأسف)..
.. ما نرغب به كان يجب أن يحصل قبل المؤتمر.. بسياق مختلف.. بنهج مختلف.. ومؤسسات مختلفة... كان على النظام أن يدير وجهه للمجتمع وقواه وفعالياته المعارضة خاصة، أن يعيد الإعتبار لهم.. أن يصارح الوطن بحدود الخطر وضرورة الانقاذ وذلك بتشكيل إما هيئة انقاذ مشتركة أو إدارة أزمات مشتركة تشمل كل القوى السياسية. والفعاليات (النظام والمعارضة) للدخول في عملية حوار إنقاذية.. ومحاولة سحب الذرائع من الخارج ووقف تدخلاته ونتائجها الخطرة.. وأساس كل ذلك اعتماد لمهمة مركزية في إلغاء احتكار السلطة والاتفاق على البرنامج، الخطوات، والآليات المناسبة لقيام نظام ديموقراطي سياسي معاصر .الأمر الوحيد الكفيل بتعبئة الوطن وقواه الفعالة لمواجهة الخطر الخارجي.
هل يفعل المؤتمر ذلك؟ يكذب التوقعات، أو لا يفوت الفرصة؟ دعونا نرى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لنناضل من أجل إلغاء احتكار السلطة وقيام نظام ديموقراطي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بيان مشترك
مر حوالي نصف العام على إطلاقنا لحوار جاد ومسؤول بين حزبينا (حزب العمال الثوري العربي، حزب العمل الشيوعي)، تطور تدريجياً إلى بحث أهمية وضرورة خلق مسار جديد لليسار الديمقراطي المعارض في وطننا سوريا، بشكل مغاير لمسار الشرذمة والتشظي القائم، وينحو باتجاه التعاون والتنسيق، وصولاً إلى حالة اندماجية فاعلة.
وقد جاء ذلك على خلفية قناعتنا المشتركة بأن مثل هذا الأمر يشكل حاجة موضوعية وتاريخية في الصراع الاجتماعي والسياسي، وحاجة سياسية راهنة بحكم المخاطر والتحديات التي يتعرض لها وطننا، خاصة في ظل سياسات النظام الشمولي في سوريا المسؤول عما وصل إليه الوطن من هشاشة وضعف.
ـ إننا نجد لتيار اليسار الديمقراطي المعارض في سوريا دوراً كبيراً وأساسياً في مستقبل العمل الوطني الديموقراطي والنضال الاجتماعي، لكن هذا التيار ما زال ممزقاً ومنقسماً على ذاته، دون أي مبررات فعلية، في أحزاب ومجموعات وحالات فردية كثيرة، بما فيها الحالات الشابة المهتمة باليسار الجديد والباحثة عن دور وفعل ومكانة.
ـ هذا الوضع يحتاج كما نرى إلى إطلاق طاقة تفعيل ديموقراطية، صادقة ومسؤولة، لوضع اليسار على سكة التوحيد في حزب جديد، وجوهر العملية، كما نعتقد، هو التوافق على خط نظري ـ سياسي، وعلى برنامج سياسي، بالإضافة لوضع نظام داخلي وعلاقات تنظيمية عصرية، يقومان على فلسفة ديموقراطية متطورة وحقيقية.
ـ يأمل الحزبان في الوصول إلى هذه الحالة الاندماجية الراقية (ومع الآخرين في هذا التيار)، رغم إدراكهما جيداً لكل العقبات الموضوعية والذاتية المعروفة، ويعملان مع ذلك على تجاوزها من خلال حوار هادىء، متدرج وعقلاني، وعلى هذا الطريق تم:
1 ـ مناقشة أولية لعدد من الموضوعات الأساسية مثل: مسألة العولمة وتحدياتها، الديموقراطية وعملية الانتقال الديموقراطي في سوريا، والماركسية التي تشكل الأساس النظري الرئيسي للحزبين. وستحظى هذه الموضوعات مع غيرها (كمسألة الحزب اليساري الديموقراطي من مختلف النواحي) بنقاش تفصيلي معمق وأكثر تركيزاً.. لتنشر لاحقاً على نطاق واسع داخل الحزبين وفي الأوساط السياسية والثقافية في سوريا للحوار حولها.
2 ـ بحث المسائل والآليات العملية لتطوير التنسيق المشترك بين الحزبين في مختلف النشاطات، كما يحدث في (لجنة التنسيق الوطني للدفاع عن الحريات الأساسية وحقوق الإنسان). بالإضافة لإجراء حوارات تمهيدية مع أطراف وتشكيلات أخرى راغبة ومهتمة بهذه العملية، وذلك لتجاوز حدود الماضي وارتساماته العصبية والمغلقة.
3 ـ الاتفاق على تأسيس منتدى حواري يهتم بالعمل الوطني الديموقراطي والاجتماعي من منظور اليسار، وتوجيه الدعوة للأطراف المهتمة للمشاركة في إخراج هذه الفكرة لحيز التنفيذ، إعداداً وبرنامجاً، وموضوعات للحوار.
إن هذا العمل ملك لجميع الأطراف السياسية والثقافية المهتمة والراغبة في المشاركة من موقع ندي، فهو يحتاج إلينا جميعاً ليكون عملاً شاملاً يتجاوز وضعياتنا الذاتية الضيقة والمغلقة من جهة، وليستجيب حقاً للتحديات الخطرة المحدقة بالوطن، والأحداث السياسية المتسارعة التي تفرض الحاجة للحوار والتشارك والوجود في حزب يساري ديموقراطي معارض.
حزب العمل الشيوعي ـ حزب العمال الثوري العربي
10/5/2005
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوطــن في خطــــر
دعــوة إلى حــوار وعمــل إنقاذي مشتـــرك

وطننا السوري في خطر نراه موضوعا على طاولة تقرير مصائره ومستقبله ليتجاوز الأمر الآن (الجغرافيا والحدود ووحدة التراب , الاستقلال والسيادة ,الكبرياء والكرامة .المشاعر والوحدة الوطنية الأهداف الطموحات ومشاريع العمل الوطني) . على الرغم من الأهمية الحاسمة لهذه العوامل في وجود الوطن واستمراره فالخطر يتجاوزها إلى وجود الإنسان وامانه مباشرة.
لقد وضع الوطن وانسانه في سياق عملية صراع بين قوى واستراتيجيات ,مصالحها ,أهدافها والوسائل التي تستخدمها متناقضة في الجوهر مع أهداف ومصالح المجتمع والشعب ,أطراف الصراع الأساسية داخل الوطن وخارجه ,بوعي شديد منها ومعرفة تدفع بالصراع في عملية استقطاب وتجاذب متسارع وحاد في كل الميادين, تستثمر وتلعب على الشروط الحرجة القائمة التي وصل اليها الوطن , ومن اجل ذلك تستخدم وستستخدم كل الوسائل الممكنة بما فيها تلك اللاأخلاقية
( استنفار العصبيات المتخلفة , إثارة وتشجيع الفوضى, خلق شروط العنف وامكانية استخدامه قريبا) هكذا انفتح أفق التهديد للسلم الاهلي والاجتماعي والوطني ,أي تهديد امن الانسان ووجوده . كيف ولماذا وصل الخطر هذه الحدود ؟
1- يتعلق السبب الأول وبصورة حاسمة تاريخيا بمسؤولية النظام السوري الذي احتكر السلطة على مدى عقود طويلة , ليتحول الى نظام ديكتاتوري شمولي مندمج كليا بالدولة ,استخدم القمع المعمم وصادر كل حراك في المجتمع مدمرا قواه السياسية وفعالياته , نشر الخوف والرهابات وخلق شللاً عاما , استخدم العصبيات (تحت وطنية) في حماية وجوده ,دمر الكثير من القيم الوطنية الايجابية ,حول الوحدة المجتمعية والوطنية الى شيء هش وشكلاني , قائم بقوة القمع , اضعف وقتل ردود الفعل الوطنية الواعية او الطبيعية ,بل حتى الغريزية على حالات الخطر الداخلي والخارجي , نظام لا يزال مصرا على ادارة الوطن وازماته متفرداً, يأسر الوطن من اجل مصالحه الضيقة ووجوده في السلطة, عجز عن التكيف ورفض أي خطوة اصلاح جادة حتى الان ,رفض أي مصارحة او خطوة انقاذ بالعلاقة مع المجتمع وقواه. كل ماقدمه وسيقدمه من تنازلات متسارعة قريبا يحصل تحت ضغط العامل الخارجي الامريكي , ويناور النظام لاسترضائه ( درء شره) ومحاولة جعل خياراته من داخل النظام , وهكذا يرهن كل شيء بمؤتمر حزبه القادم ,بذلك يدفع المزيد من القوى الاجتماعية والسياسية للكفر بالوطن او الاحباط وفقدان الثقة بأي امكانية تطور داخلي من دون التدخل الخارجي , هكذا يساهم النظام بوعي في عملية الاستقطاب الجارية ومخاطرها المحتملة , ويسير بالوطن الى حافة الهاوية.
2- يتعلق السبب الثاني بوجود ادارة امريكية متشددة في تنفيذ استراتيجيتها واهدافها الحقيقية, تعرف جيدا جدا الشروط الحرجة للوطن السوري الذي اوصله النظام اليها ,بشكل خاص تعرف مستوى حضور وتحفز العصبيات والاحتقانات ,كذلك الفجوة بين النظام والمجتمع ,تعرف ضعفه امام الضغط الخارجي , ادارة تمسك عليه ملفات كثيرة وقادرة على خلق ملفات اخرى في شروط دولية شرعية او غير شرعية ,تتحكم فيها تماما, ادارة غير معنية وليست لديها القيم الاخلاقية الكفيله بأن تعنى وتتفهم هذه الشروط السورية الحرجة لتتدارك المخاطر التي ستنجم عنها, بل هي معنية بصورة حاسمة وجوهرياً بالعلاقة العضوية والتنسيق مع الكيان الصهيوني من اجل اهدافه ومصالحه ومشروعه اللاأخلاقي ,العنصري والاحتلالي (بما فيه احتلال الجولان ) . ( قضايا لا يمكن ان لم يكن من المستحيل تجاوزها وادارة الظهر لها) ادارة وحتى الان تدفع بالنظام السوري الى الحائط ,لا تلحظ له أي مصلحة في سلوكها وخططها على الرغم من التنازلات التي يقدمها, وتلك المحتملة قريبا,ادارة تدرك خطورة الاستقطاب القائم مع ذلك تشجع عليه وتحميه تدفع به بكل الوسائل ليتمفصل تحديدا على دورها فيه ,وذلك حتى يصل المستوى المناسب لاجراء التغيير المطلوب بحمايتها واشرافها ,او التدخل المباشر من اجل ذلك التغيير في اللحظة المناسبة.
3- غياب دور المجتمع وغياب قوة استقطاب سياسي فعلي مستقله ,متنبهه على خطورة الوضع وقادره على خلق استقطاب سياسي مختلف بطبيعته واهدافه ووسائله ودوافعه. مسميات القوى كثيرة جدا , كل منها ضعيفه بحد ذاتها ,لكن الامر الان لم يعد يتعلق او يتوقف على دور النظام التاريخي في تدمير تلك القوى واضعافها ,او محاولة الغاء دورها, بل ومنذ سنوات قليلة غدا الامر يتعلق بطبيعة هذه القوى وعجزها لاسباب عديدة ,عجزها عن التحول الى قوة معارضة ديموقراطية وطنية ,الى قوة ثالثة خارج ذلك الاستقطاب ,والاكثر سوءا من كل ذلك الان وصول الاستقطاب الى اوساط النخبة السورية(السياسية والثقافية) ليس في الاطار الفردي او المجموعات الضيقة بل الى اطار القوى السياسية نفسها. فلم تدرك هذاالخطر واهدافه ,ونتائجه القريبة والبعيدة وها هي تنقسم على بعضها بتسارع وخطورة على اكثر من مشروع وبرنامج سياسي وربما مؤسسات واطارات سياسية قريبا .
بتحديد ادق نرى المخاطر القائمة او التي يمكن ان تنجم عن الصراع والاستقطاب الحاد الجاري على الوجه التالي:
1- احتمال انفلات الاحتقانات والعصيبات لاسباب كثيرة بل تافهه احيانا. وليس ماحصل في (السويداء القامشلي مصياف بشكل خاص,حمص وعفرين اخيرا) الا بروفات اوليه وبسيطه ,هناك شعور عام بضعف النظام مما يشجع على ردود الفعل الثأرية بسبب كل ما اقدم عليه.
2- مافيات النظام وبعض المتنفذين يقدمون ,وقد يقدمون قريبا اكثر فأكثر على حماية ذاتهم ,ثرواتهم, ونهبهم المتزايد, وستستخدم العصبيات في ذلك كما القوة مما يثير الاستفزاز ورود الفعل .
3- أي فراغ محتمل في السلطة( وبالتالي الدولة في بلادنا بحكم الاندماج الشديد بينهما) او التشجيع عليه ,او الشعور به وتوقعه في سياق الصراع والاستقطاب القائم سيخلق اشكالا من الاحتراب ,والحروب الاهلية الصغيرة او الواسعة .
4- أي استعصاء في هذا الصراع والاستقطاب ,يمنع من تطوره في اطار الاهداف المطلوبه منه قد يدفع الادارة الامريكية الى خلق الشروط المناسبة لها للمزيد من التدخل باشكال عدة قد تصل حدود الشكل العسكري مما سيدفع بسرعة اكبر الى الانفلات الخطر .
5- كل ذلك ومن الان راح يهدد السلم الاهلي والاجتماعي والوطني ,يهدد بالتالي انسان الوطن وجوده ,حياته,امانه .
6- من المفاعيل السياسية الاكثر اهمية وخطورة في هذا الصراع هو انقسام القوى الديموقراطية الوطنية على بعضها , وبالتالي خلق اكثر من قوه وبرنامج ووسائل صراع , كل ذلك يضعف بتسارع شديد ما نسميه بالطاقة الوطنية ,التي لم يبق منها سوى الشيء البسيط بسبب سياسات النظام ونهجه ,وقد تنعدم هذه الطاقة مستقبلا قريبا والى زمن مفتوح
7- نعتقد أن هذا الصراع والاستقطاب ,ضعف او انعدام الطاقة الوطنية ستمتد بآثارها لاحقا داخل الوطن , وستخلق سلسلة من مقتضيات الاستمرار باستدعاء العامل الخارجي من قبل البعض ,سيصبح العامل الخارجي من منظور بعض القوى بمثابة الوحيد القادر على ادارة الوطن والازمات المتوالدة فيه من جديد ,نعتقد ان امكانية اتفاق الوطن على دورالعامل الخارجي و ضروراته وتدخله ,بشكل خاص الامريكي منه والعسكري هو شيء مستحيل ,وهكذا سيسير الوطن باتجاه المزيد من الصراعات والاحتراب وغياب الامن والاستقرار.
- من ذلك الفهم والمنطلقات (ولا نعتقد اننا نبالغ او نخلق ذعراً) نهيب بمجموع القوى و الفعاليات الديموقراطية الوطنية في سورية دون أي استثناء ( عربا واقليات اخرى بشكل خاص الاكراد ) نهيب بالقوى المعارضة للنظام في الاولويه ان تتنبه الى خطورة ذلك الصراع وخطورة اهدافه ونتائجه واثاره القريبة والبعيدة وان تنأى بنفسها عنه بكل وعي وادراك كما بسرعة, ان المساهمة في ذلك الاستقطاب على شروطه واهدافه ,بوعي او بدون وعي يعتبر امرا خطرا جدا . بدلاً من ذلك ندعو جميع تلك القوى والفعاليات الى استقطاب اخر مختلف ,ندعوها الى تشكيل قوة ثالثة , هي موجودة في الحقية داخل المجتمع كما داخل القوى والفعاليات ,تحتاج الى وعي الخطر القائم والقناعة بامكانية تحيقيق انتصار ديموقراطي فعلي بواسطة القوة الثالثة,الواقعة خارج استراتيجية واهداف ووسائل الطرفين المتصارعين. ولنجعل برنامجنا الانقاذي بسيطا وواضحا .
1- بناء قوة ثالثة لانقاذ الوطن , وخلق استقطاب داخلي محدد أساسه : كل القوى الديموقراطية الوطنية في المجتمع والنخبة من جهة . النظام بطبيعته وممارساته من جهة أخرى .
2- مهمتنا المركزية والمباشرة هي الغاء احتكار السلطة وقيام نظام ديموقراطي لكامل المجتمع قبل ذلك , خلاله , وبعده,يجب العمل عل ملفات واهداف كثيرة اهمها الغاء حالة الطوارىء والاثار التي ترتبت عليها (ملف الاعتقال ,المنفيين,الغاء القوانين الاستثنائية,الغاء التفاصيل الامنية من كل مكان ,اعادة المظالم) قانون عصري للاحزاب والجمعيات ,للمطبوعات ,بقية الحريات الاساسية.
3- نهج علني وسلمي نستخدم فيه كل الوسائل العلنية والسلمية المتاحة و الممكنة من الاعتصام الى التظاهر حى الاضراب العام والعصيان الشامل .
4- رفض أي تدخل خارجي بشك خاص عسكري امريكي .
القوة الثالثة ستكون الوحيدة القادرة على التعاطي الصحيح الايجابي والمرن مع العامل الخارجي,في الخارج قوى كثيرة قادرة على تقديم مساعدات كبيرة من اجل الانتقال الديموقراطي الامن في سورية بل حتى السريع, نخب ومنظمات حقوق الانسان ,الاحزاب والقوى الديموقراطية والانسانية, العديد من المراكز والبلدان كلها ستقدم الدعم عندما تتطور القوة الثالثة وتصبح مصدرا وحيدا في الوطن لرسم سياسات مختلفة جوهريا عن النظام , وستكون القوة الثالثة الوحيدة القادرة على التعاطي مع تنازلات النظام بصورة صحيحة ,ان كانت تحت ضغط العامل الخارجي ومحاولات مساومات النظام معه ,او بدافع الاستقواء بالمجتمع ومقاومة العامل الخارجي في اللحظات الاخيرة. القوة الثالثة هي المدخل الحتمي لانقاذ الوضع ,وحان الوقت (بل تاخرنا كثيرا )لتشكيل هيئة تنسيق مركزية مشتركة لقوى المعارضة ,بل حان الوقت لعقد مؤتمر وطني مصغر لهذه القوى ,يشكل اطاراً اوليا للمرحلة القادمة ومتطلباتها .
- اخيرا وعلى الرغم من مستوى الخطورة التي يواجهها الوطن ,فانه لا يشهد حتى الان عملاًاو مشروعا جادا بالحد الادنى المطلوب بين قوى المعارضة ,لا توجد اوراق عمل جادة للانقاذ ,لا توجد دعوات للحوار والتنسيق ,كما لم نلحظ أي تعاط ايجابي مع الدعوات القديمة او المستجدة ,كدعوتنا القديمة المتكررة لتشكيل معارضة قطبية وهيئة تنسيق مشتركة دون استثناء احد ,لم نلحظ تعاطيا ايجابيا ايضا مع دعوة احدى لجان العمل الوطني الديموقراطي في احدى المحافظات للفترة الاخيرة , بل يسعى البعض للتشويش على هذه الدعوة وافراغها . كذلك الدعوة الاخيرة التي جاءت في بيان الاخوان المسلمين المعنون بـ ( النــداء الوطني للانقاذ ــ 3 نيسان 2005 ) الذي نراه نداء جديا يستحق التعاطي السريع والايجابي على الرغم من بعض ملاحظاتنا عليه وعلى الحركة نجملها بـ
أ - ضعف الوضوح هذه المرة تجاه العامل الخارجي ومخاطره ,على العكس من ذلك يبدو الموقف من الداخل واضحا ,اكثر تحديدا وعقلانية .
ب- النداء في البيان والخطوات العملية ,تحديدا مسألة المؤتمر , تبدو كلها تتوجه الى الجميع بما فيهم النظام على نفس المستوى ان هذه الطريقة التعبوية بغاية الشحن والفائدة العملية ,ليست واقعية ابدا وليست صحيحية ,فالنظام مسؤول اولاً وأخيراً عما وصل اليه الوطن وهناك فرق شاسع في سويات النظام حول المسؤولية هناك قوى داخل النظام لها مصلحة الان بتوضيح ذاتها ,رفع صوتها والمطالبة بالديموقراطية والاصلاح وانقاذ الوطن ,وتختلف بذلك عن جهات اخرى في النظام ,ان أي برنامج او دعوى انقاذية حتى لو شمل او توجه الى الجميع (بما فيهم النظام) لا بد ان يبدأ من قوى بعينها لتشكيل القوة الثالثة القادرة على وضع برنامج,ورسم السياسات المناسبة تجاه بقية الحلقات والتعاطي مع ردود فعلها .
ج - كان من الضروري جدا ان تتقدم الحركة بخطاب واحد شكلا ومضمونا واستهدافا للمجتمع عوضا من خطاب بدا
مفصلا من منظور طائفي ,برز ذلك بصورة مباشرة عند التوجه الى الطائفة العلوية ,وبصورة غير مباشرة عندما قدمت
الحركة نفسها وكأنها تمثل الاكثرية الطائفية. نبدي هذه الملاحظة على الرغم من وجود امكانية جزئية في ان يلعب خطاب
الحركة ذلك " واقعيا" بعض الدور الايجابي .
د - كان من الضروري ونعتقد انه يحقق فائدة اكبر ان تتابع الحركة تطويرها لنقدها السابق لنفسها, وان تطور خطابها ليس فقط في اطار التقنيات الديموقراطية الراقية, بل ايضا بالدعوى الى حوار لايجاد مرجعية مشتركة واحدة لكامل الوطن في قضايا الديموقراطية وحقوق الانسان, بدلا من التأكيد واعادة انتاج مرجعيتهم نفسها ,مما يعني عدم التنبه الى خطورة وجود مرجعيات متعددة كل منها تتعلق بفئة او ببعض فئة من الوطن ,وبالتالي تعزيزا لشروط ضعف الوحدة الوطنية وهشاشتها وجاهزيتها للاحتراب الاجتماعي .
هـ - كذلك كان سيشكل تجاوزا حقيقيا لبعض الجوانب السلبية في تراث الماضي والاثار التي تركها ,لو تابعت الحركة نقدها لذاتها بتحديد اكثر صراحة ووضوح وشفافية لدورها ومسؤوليتها في استنفار العصيبات والشحن الطائفي والوسائل التي استخدمتها ( العنف ) في صراعها مع النظام, وتقديم الاعتذار المناسب,على عكس ما يفعل النظام برفضه واصراره على عدم التقدم بأي نقد لذاته او أي اعتذار من أي احد, ورفضه حتى الان توجيه أي دعوة للحوار او الاصلاح او الانقاذ ,على الرغم من كل ذلك نجد دعوة الاخوان المسلمين جادة وتمثل تنبهاَ فعليا عميقا على المخاطر التي يتعرضها الوطن,وتتطلب في الحد الادنى حواراً معها ,وحواراً مع الحركة غير مشروط من جهتنا الا بالعلنية.
نعتقد انه بتشكيل القوة الثالثة وبرنامجها سنخلق استقطابا مختلفاً , وصراعا وطنيا سلميا قد نتمكن به ان ننقذ الوطن من المخاطر القائمة والمحتملة حتى زمن بعيد ........... فتعالوا جميعا الى خطــــوة مشتــــركة.

حـــــزب العمــــل الشيــــوعي في ســـــورية- المكتب السياسي
اواســــــط نيســــان 2005
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عقدت في دمشق بتاريخ 7/5/2005 ندوة " الإصلاح في سوريا. كيف تراه القوى والهيئات الوطينية، بدعوى من منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي. وشارك فيها الرفيق فاتح جاموس عضو المكتب السياسي لحزب العمل الشيوعي بورقة بعنوان:(فات وقت الإصلاح ... إنه زمن الإنقاذ)
إذا كان الإصلاح المطلوب لوطننا السوري هو عملية التغيير الشاملة في كل الميادين، ويشكل إنزياحاً جديداً وعميقاً في المسارات يصل أحياناً حدود التناقض التام مع الماضي في بعض وجوهه، بشكل خاص الميدان السياسي وما يفترضه من ضرورة حتمية في تغيير بنية، طبيعة ونهج النظام السوري، بإلغاء احتكاره للسلطة المدخل إلى كل شيء، وقيام نظام سياسي ديموقراطي معاصر لكامل المجتمع، إذا كان الإصلاح هو عملية الانتقال التدريجي، المتطورة، الهادئة والسلمية، الآمنة بدون هزات بدون عمليات انفلات وأحتراب متنوعة تهدد السلم الأهلي والاجتماعي والوطني... وتهدد الإنسان.. إذا كان الإصلاح تحفيزاً وإطلاقاً لطاقة مجتمعية وطنية قادرة على تحقيق ذلك... نقول: إن مثل هذه العملية الإصلاحية قد فات وقتها وليست في إطار الاحتمال الرئيسي للتطورات المتوقعة في الوطن.
بل نرى أن عملية أخرى واتجاهاً آخراً للتطور قد بدأ يفرض نفسه ويجعل الوطن يعبر لحظة استثنائية خاصة، متسارعة ومفتوحة على احتمالات خطرة.. تتطلب التهيؤ، التفكير والعمل بمنطق الإنقاذ.. بدلاً من الإصلاح.. ما هي الأسباب .. ما هي الحقائق.
1- حقائق التطور العالمية تؤكد أن النظام السوري فقد دوره الإقليمي... وحتّى الوظيفي في المنطقة – وأن سياسات الماضي التي كان يتبعها والنهج الذي يقف وراءها غدت مستحيلة – ليس هذا فحسب – بل تحول النظام بنفسه إلى هدف للاستراتيجية الأمريكية.. تحولت علاقته بالمجتمع والتراكمات السلبية عبر عقود طويلة من احتكار السلطة.. إلى مطالب سياسية واجتماعية واقتصادية.. كأنها مطالب الإدارة الأمريكية. .ترفع لواءها.. وتحفز استقطاباً خطراً داخل الوطن – أساسه التمفصل على العامل الخارجي الأمريكي ودوره في التحولات السورية القادمة.
2- على الرغم من كل ذلك.. .وبوعي شديد من قبل النظام يستمر في كامل منطقه وسلوكه يتعاطى مع المتغيرات والحقائق الجديدة كأنه المعني الوحيد في ذلك الصراع.. كأن مصالحه الضيقة ووجوده في السلطة هو جوهر الأمر... فكثف مصالح الوطن في ذاته (شكلياً).. رهن الوطن والمجتمع.. بل أسرهما.. ولا يزال يأسرهما ربطاً حتى مؤتمر حزب البعث – فهناك "الفرج".. جوهر الأمر... وكأن لسان حال النظام يقول للإدارة الأمريكية.. «أنا القوة الوحيدة.. وأي تغيير لن يكون إلاَّ بإرادتي ونهجي.. هناك شرعية في الوطن.. قوانين ومؤسسات – هي المعنية بالتغيير.. وعلى الإدارة أن تلحظني في أي خيار مستقبلي وأي تغيير في الوطن رهن بذلك...» وهذا السلوك هو أيضاً رسالة للداخل (مجتمع ومعارضة بل حتى أحزاب الجبهة ) تقول «قتلتكم ودمرتكم قبلاً، أنتم أموات، أنا الفاعل الوحيد وأي عمل حاسم في الوطن الآن يجب أن يكون عبري وتحت مظلتي، بإرادتي مؤسساتي قوانين... وإذني.»
3- يبدو النظام (من الزاوية الشكلية) منطقياً في ردود فعله، فالإدارة الأمريكية متشددة جداً في تنفيذ استرتيجيتها وأهدافها، متشددة في توضيح دورها الحاسم، ولعبه حتى النهاية، تفعل كل ذلك بمعرفة عميقة بوضع النظام، والفجوة بينه وبين المجتمع. تعرف حدود الاحتقانات ودور العصبيات المتخلفة واحتمال الانفجار والانفلاتات، تعرف هشاشة الوحدة الوطنية، تعرف ضعف النظام أمام الضغوط الخارجية، وهي بكل ذلك وحتى الآن لم تلحظ أي مصلحة للنظام لا بمجموعه ولا لطرف أو اتجاه أو قوة داخله، تتابع ضغوطها وتدخلها وموقفها المتشدد رسمياً (كمقاطعة رئيس جمهوريتنا، فرض خطوات حصار اقتصادي جديدة، إدراج ملفات عديدة في جداول عمل لجان الكونغرس ) وغير رسمية عبر اللوبيات المتنفذة كمشاريع (تحرير سورية، حزب البعث إرهابي، فتح ملفات آخرها وأخطرها الملف اللبناني بتداعياته) تنتقل من مطلب إلى آخر، والنظام يقدم التنازل تلو الآخر، تدفع به إلى الحائط، إلى المواقع الدفاعية الأخيرة، إلى حافة الهاوية، وهو يعمل بسياسة مزدوجة، تقديم التنازلات تحت ضغط العامل الخارجي الأمريكي فحسب حتى الآن. ويستعد في مؤتمره إلى تقديم المزيد من التنازلات، كذلك سياسة الدفاع عن وجوده ومصالحه باستراتيجية الدفاع المتراجع إلى حافة الهاوية ممسكاً بالوطن معه، بدون أي علاقة جديدة صادقة وصريحة مع المجتمع بدون أي مشروع أو أي خطوة إصلاحية واحدة، عداكم عن إنقاذية، من منظور العلاقة مع المجتمع والوطن ويستمر في هذه السياسة المزدوجة طالما بقيت الإدارة مصرة على موقفها منه.
4- النظام بذلك يساهم بصورة واعية وبكامل سياساته حتى الآن في المساعدة والدفع بعملية الاستقطاب الحرجة والحادة القائمة في الوطن بالتمفصل على العامل الخارجي الأمريكي ألا يستمر في إدارة ظهره للمجتمع والمعارضة، يحاول عرقلة كل برنامج أو تطور ويرهنه به. ألاَّ يقدم على التنازلات من منظور الضغط الخارجي، وبدون أي خطوة إصلاحية جادة أو إنقاذ جاد، ألا يدفع المزيد من القوى الاجتماعية والسياسية إلى القناعة العميقة باستحالة أي تطور داخلي من دون التدخل الخارجي والأمريكي منه بالخصوص، ألا يفتح المجال بذلك للقوى والفعاليات الانتهازية في ركوب الموجة الأمريكية. والتسابق على الكعكة، بمنطق (ليس أحد أفضل من أحد).
5- في هذا السياق، وهذا الوقت ، حيث تقع المسؤولية التاريخية الحاسمة على النظام، نجد المجتمع مدمراً وغائباً، نجد الاحتقانات والعصبيات المتخلفة والخطرة هي المتحفزة في الواجهة، وليست غائبة عن البال خطورة البروفات الأولية البسيطة التي جرت حتى الآن بأحداث (السويداء – القامشلي- حمص – مصياف – عفرين – والقدموس أخيراً) كذلك نجد قوى المعارضة الديموقراطية ضعيفة الفعل، عاجزة حتى الآن عن تطوير ذاتها، برنامجها، مؤسساتها، فعلها السياسي. كل هذا خطر جداً بحد ذاته، لكن الأكثر خطورة هو دخول المجتمع قواه وفعالياته (تحديداً صف المعارضة).. دخولهم عملية الاستقطاب القائمة في الوطن بوعي أو بدون وعي. بتسارع شديد إلى برنامجين، قطبين، خطابين (شكلاً ومحتوى)، ووسائل عمل مختلفة.
6- ما هي مخاطر عملية الصراع والاستقطاب القائمة؟ ما هي مخاطر سياسات النظام والإدارة الأمريكية؟ ما هي مخاطر عدم التنبه إلى كل ذلك والانجراف المتسارع إلى تلك الطاحونة.
أ?- انقسام المجتمع والقوى الديموقراطية المعارضة يعني صب الزيت على النار، والوصول بالطاقة الوطنية المنهارة أساساً إلى سويات صفرية، ثم جعل الوطن لاحقاً واتجاهات التطور فيه رهناً بالعامل الخارجي إلى مدى بعيد.
ب?- شعور متزايد بإمكانية ضعف السلطة، وفراغ السلطة، سيشجع على عمليات ردود الفعل الثأرية وقد يحولها من محلية إلى عامة على شكل حروب أهلية متفاوتة الشدة والاتساع.
ت?- تسارع عمليات الانفلات بسبب الاحتقانات وتحفز العصبيات المتخلفة مما سيزيد من تفكك اللحمة الوطنية وعوامل وحدتها.
وكل ذلك يشكل مخاطر محدقة تتجاوز الجغرافية والسياسية إلى أمن الإنسان وجوده وحياته.
كيف ندرأ الخطر، ومن يستطيعه، بصراحة من حيث الاستطاعة أو طاقة القوة في التدخل والفعل تقول أن كلاً من الإدارة الأمريكية والنظام يستطيعان وقف هذا الصراع والاستقطاب الخطر، لكنهما لا يريدان ذلك حتى الآن، إذا كان النظام يريده فعلياً عليه القيام فوراً من دون أي تردد بقلب علاقته، نهجه، ممارساته وبرنامجه. مع المجتمع والوطن دون انتظار لحظة واحدة، إن حمل الأزمة إلى مؤتمر حزب البعث وربط كل شيء به، هو استمرار للماضي، ولن يأتي بسياسة إصلاح جذرية، لن يأتي بالإنقاذ، وسيكون الأمر في اتجاهه الرئيسي بمثابة تنازلات للعامل الخارجي من منطلق استراتيجيه وأهدافه ومصالحه السياسية، إن سياسة الانقلاب هذه ستكون مؤلمة جداً للنظام، لكنها ضرورية بالمطلق لمستقبل الوطن، ونؤكد أنه داخل النظام خاصة السويات السياسية – الحزبية والاجتماعية – تحت مستوى المسؤولية في اتخاذ القرارات الحاكمة، هذه القوى لها مصلحة في هذا الأمر، هي جزء من الوطن والمجتمع، مبعدة، مدمرة، مشلولة، مستخدمة كأدوات لكنها حتى الآن لم ترفع صوتها ولو قليلاً، ما عدا ذلك نعتقد أن كل المؤشرات تؤكد أن النظام لا يريد ولا يستطيع على مثل هذا الخيار حتى الآن، ربما وهو على حافة الهاوية وبعد تقديم الكثير من التنازلات وباستمرار نهج الإدارة في ضغوطها وتدخلها من دون لحظ مصالح النظام، ربما في هذه الحالة يجد نفسه مضطراً لتقديم تنازلات من اجل الاستقواء بالمجتمع وحماية وجوده كنظام، إنها لحظة غير قائمة، وشروطها لم تتحقق بعد، من جهة أخرى تستطيع الإدارة الأمريكية أيضاً وقف هذا الاستقطاب ووقف مخاطرة، لكنها لا تريد ذلك أيضاً، بل ويتناقض مع استراتيجيتها وسياساتها الجديدة، يتناقض مع أهدافها وعلاقتها العضوية مع الكيان الصهيوني بمشروعه اللاأخلاقي العنصري، الاستيطاني الاحتلالي (بما فيه احتلال الجولان)، أمريكا تريد نقض كل شيء، قلبه، لتعيد صياغته من جديد.
هل فات الوقت على أي شيء، على أي حل إنقاذي؟ طالما أن الصورة كما نقدمها، يبدو الأمر خطراً جداً ومعقداً، يبدو مندفعاً باتجاه واحد غير عكوسي، على الرغم من كل ذلك نعتقد أن المجتمع وقوى المعارضة الديموقراطية يختزنان إمكانية في حل إنقاذي جوهره.
الخروج من ذلك الاستقطاب وتلك الطاحونة، والسعي الجاد والسريع لخلق استقطاب آخر مختلف كلياً، لخلق قوة ثالثة ستكون قادرة في الحد الأدنى على التخفيف من الآثار الخطرة المتوقعة ويحتاج الأمر إلى التنبه السريع الواعي على خطورة قسم الطاقة الوطنية، قسم المجتمع، قسم قوى المعارضة وخلق قطبين متصارعين إلى مدى طويل مع الصعوبة القصوى أو استحالة ضبط هذا الصراع بالسبل السلمية والآمنة الصحيح والضروري خلق قوة أساسية وقطب فاعل (مجتمعي وسياسي معارض) تتحدد مهمته المركزية في التناقض والصراع السلمي بكل الوسائل السلمية المعروفة من الإعلام، والاعتصامات إلى الإضراب و العصيان الشامل، ذلك التناقض والصراع هو مع النظام لإلغاء احتكاره للسلطة وقيام نظام مختلف جذرياً، نظام سياسي ديموقراطي لكامل المجتمع، بما فيه قوى هامة وواسعة داخل النظام ذاته.
هناك بعض الحقائق الهامة التي يجب قولها أهمها:
أ?- يصعب جداً على المجتمع السوري إن لم يكن مستحيلاً في أن يتفق على الدور الخارجي الأمريكي في العمل الوطني السوري. قد يتقارب المجتمع وقواه، أو يتواطأ أو يتفق على الدور الأوروبي مع بعض الخلافات المحتملة، لكن الدور الأمريكي سيبقى وإلى مدى طويل عامل تناقض وصراع وانقسام، خاصة بعد موجة الصراع الواسعة مع الإسلام «السياسي والثقافي والحضاري والاجتماعي»، كما بسبب مستوى العلاقة مع الكيان الصهيوني وموقف الإدارة من قضايانا في صراعنا مع ذلك الكيان.
ب?- نحن الآن في المعارضة وقسم كبير من المجتمع المدمر والصامت متفقون على الموقف من النظام والمطالب الديمقراطية والمهمة المركزية – فلماذا لا نحافظ على هذا الاتفاق .
?ج- بالتأكيد نحن نتكلم جميعاً بكل هذا التجرؤ وإن شئتم الحماس أو الهدوء أو البرود تحت ضغط العامل الخارجي بل الأمريكي تحديداً، لكن هل المطلوب منا عدم المعرفة أو عدم التحديد والفصل بين مصالحه، أهدافه، وأهداف الوطن، ومصالحه، هل المطلوب الفصل بين أمريكا والكيان الصهيوني وقضايا الصراع في المنطقة ؟ هل سيتوقف العامل الخارجي عن الضغط والتدخل "مجاكرة" بنا أن توقفنا عن الدعاوة والتحريض لاستدعائه ؟..هل سيتوقف عن فعله أن لم نعترف له بالفضل ونتقدم بشتى صنوف التعاون والتحالف، أو دفع الثمن السياسي له ؟، ألا نستطيع خلق قوة ثالثة –قطبً وطنيً ثالثً –استقطابً مختلفً وبرنامجً مختلفً ومن ثم لنحدد موقفنا من العامل الخارجي الذي يستحيل اختصاره بالإدارة الأمريكية القائمة. فقضية العامل الخارجي أو الأمريكي شيء واسع، متنوع، هناك دولة ودولة في العالم، مركز قوة وآخر إدارة أمريكية وأخرى، نخب سلطوية وأخرى غير سلطوية، قوى، أحزاب، ومؤسسات ديموقراطية وإنسانية مختلفة. ألن نكون أكثر قدرة وتحرراً على التعاطي مع العامل الخارجي وبمسؤولية أعلى –بتشكيلنا لهذا القطب الثالث – وموقفنا عن الاستقطاب الآخر للخطر .
أما برنامج الإنقاذ المعنية به القوة الثالثة والمعارضة الديمقراطية فهو:
1- تشكيل هيئة تنسيق مشتركة بين قوى المعارضة الديموقراطية عرباً وأكراداً، ولكل التيارات ولاشك أن التيار الديني المستنير، أساسي فيها منه حركة الإخوان المسلمين وضرورة الاهتمام والحوار مع ندائها الإنقاذي الأخير، هيئة تنسيق تدير العمل المعارض، تعطى صلاحيات توسيع ذاتها، والإعداد لمؤتمر وطني شامل في إطار تكوين وتطوير القوة الثالثة.
2- الإسراع في عقد لقاء وطني لقوى المعارضة يمثل إطاراً لوضع التوافقات والبرنامج الانقاذي، توافقات على المهمة المركزية في إلغاء احتكار السلطة وقيام نظام ديموقراطي، وإلغاء كل آثار القمع، وطي ملفاتها، من ملف الاعتقال والمنفيين. والقوانين الاستثنائية، وإلغاء حالة الطوارئ، ووضع قانون للأحزاب والمطبوعات وبقية الحريات الأساسية وقضايا حقوق الإنسان. وكذلك التوافق على موقف موحد من العامل الخارجي، برفض الاستقطاب والتمفصل على أساسه ودوره، برفض التدخل العسكري من أي جهة خاصة الأمريكي أو على الأقل رفض أي صيغة لاستدعاء العامل الخارجي.
أخيراً: إن إصرار النظام حتى الآن على إلغاء المجتمع وقوى المعارضة والتصرف متفرداً بكل شيء، يحمله المسؤولية الأولى في المخاطر المحتملة لعملية الاستقطاب الجارية.
إن برنامج الإنقاذ المطروح وحتى الآن في مهمته المركزية مطروح بالتناقض والصراع السلمي مع النظام، وهو سيتحمل ذلك، كما أن القوة الثالثة يمكن أن تبحث وتتلقى أشكالاً عديدة من الدعم والحماية السياسية والإعلامية والأخلاقية من الخارج (الإنساني والديموقراطي، المتنوع والمتسع، المدرك لخطورة الاستقطاب القائم في وطننا) كل ذلك بصفتنا ذاتاً وطنية ديموقراطية لها برنامج ومستقبل، ولسنا أداة أو مادة لذلك الخارج أو النظام. ولن تتحول المهمة المركزية على الحقل الوطني ومواجهة العامل الخارجي الأمريكي، طالما أن النظام مصر على إلغاء الجميع، مصر على عدم المصارحة معهم، مصر على عدم تقديم أي برنامج أو أي خطوة إنقاذية، مصر على عدم اعتبار وإعادة الاعتبار للمجتمع وقوى المعارضة، مصر على تقديم التنازلات للعامل الخارجي من منظور مصالحه الضيقة ووجوده كنظام. هل من المعقول استمرار هواجس النظام تجاه الداخل،هل من المعقول استمرار تجاهله واحتقاره له، والمعارضة بشتى صنوفها خاصةً الدينية، هل من المعقول استمرار ضبطه لأي إصلاح بالقطارة، وتأجيله للمطالب الديموقراطية خاصةً حقوق المعتقلين والمنفيين، إلى متى يؤجل كل ذلك حتى يأتي العامل الخارجي بجسده؟! أليس من الأفضل لم البيت الوطني وتطوير عملية الانتقال قبل التدخل القصوي للعامل الخارجي، فليجرب النظام أن يضحك علينا على الأقل بأن يجعل منا متراساً أو حقل حماية للوطن إن المعارضة ونهجها في الخارج موثوقة من منظور ديموقراطي وبسبب الثمن الذي دفعته سابقاً كما بسبب اطروحاتها الحالية على عكس حالة النظام، فليجرب النظام أن ينزع بواسطتنا الذرائع وقد يستفيد بدوره في صراعه مع الخارج، على الأقل ستستفيد قطاعات واسعة منه ذات المصلحة بكل ذلك. ذات المصلحة بالنأي عن الاستقطاب القائم مخاطره ونهج النظام به.
هل هذا الإنقاذ ممكن، إنه صعب جداً، لكن البدء به سريعاً وقبل فوات الأوان سيخفف من المخاطر والتكلفة المجتمعية والوطنية.
فلنبدأ إذن.
منتدى جمال الأتاسي للحوار الديموقراطي – ندوة الإصلاح في سورية.
دمشق 7/5/2005 حزب العمل الشيوعي
عرض وتقديم: (فاتح محمد جاموس – عضو المكتب السياسي)
المعارضة السورية تحتفل بذكرى يومَ الاستقلال على أرض معركة
الكفر في محافظة السويداء

تظاهر أكثر من ألف مواطن سوري على أرض بلدة الكفر في محافظة السويداء بتاريخ 17 نيسان 2005 أحياء" للذكرى 59 للاستقلال عن الاحتلال الفرنسي ، وذلك تلبية للدعوة التي أطلقت من قبل التجمع الوطني الديمقراطي (بعض أحزاب المعارضة في سوريا .
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا، هو لماذا تم اختيار أرض بلدة الكفر بالذات لأحياء ذكرى تلك المناسبة ؟
الجواب و باختصار لأن أرض بلدة الكفر شهدت أول معارك وانتصارات الثورة السورية الكبرى عام 1925 على قوات المحتل الفرنسي، وهي لذلك غنية بدلالاتها الرمزية خصوصاً في هذا الوقت بالذات، والذي يتعرض فيها الوطن لأخطار جسام تستوجب من أصحاب الضمائر الحية في الوطن، استنفار كامل القوى وإيقاظ الهمم عند المواطن السوري لمواجهة استحقاقات المرحلة الراهنة والارتقاء به إلى مستوى تلك التحديات. هكذا أرادتها المعارضة السورية أما السلطة فلم ترد أن تفهم الأمور بهذا الشكل بل عدّته مشروع فتنه داخلية وهو يندرج في خانة الخيانة، لأنه ببساطة وفق ذلك (المنطق العصبوي)، يستقوي بالعامل الخارجي على النظام طالما هو لا يراعي حَرَجة شرطه الإقليمي والتهديدات الخارجية التي يتعرض لها، وهو الذي خرج من لبنان منذ مدة قصيرة فقط، تحت وقع تهديد العصا الأمريكية الغليظة، فهل فعلاً أرادت المعارضة فعل ذلك؟ وهل هي ارتكبت جرم الخيانة باختيارها محافظة السويداء مكاناً للاحتفال، ولماذا يضع النظام للسويداء حسابات خاصة؟
قبل الإجابة على هذه الأسئلة، سنقوم بالعرض للأحداث التي جرت على أرض الواقع.
المعارضة وضعت برنامجاً للإحتفال يبدأ بوضع أكليلاً من الزهور على ضريح شهداء معركة الكفر، ثم يتم ألقاء كلمتين، الأولى: بإسم التجمع الوطني الديمقراطي. والكلمة الثانية: بإسم العمل الديمقراطي في السويداء، ثم ينتقل الجميع بعد ذلك إلى بلدة القريا والتي تضم أرضها رفاة قائد الثورة السورية الكبرى المجاهد (سلطان باشا الأطرش) لقراءة الفاتحة على روحه. وما أن وصل موكب المحتفلين إلى أرض الكفر وتقدم قادة أحزاب التجمع لوضع أكليل الورد على الضريح، حتى فوجئ الجميع بكمين أعدته الأجهزة الأمنية لهم، ويتمثل باستقدام زمر من البعثيين المخبرين ووضعهم بجانب النصب التذكاري، حيث بادر هؤلاء إلى مهاجمة المحتفلين وهم يهتفون:( بالروح بالدم نفديك يا بشار) وقد حاولوا دفعهم إلى حافة النصب التي ترتفع عن الأرض لمسافة تزيد عن العشرة أمتار، وما هي سوى لحظات قليلة حتى استوعب المحتفلين ما يعد لهم من مصير، عندما بادر عدد منهم للتصدي لهؤلاء بدفعهم بالاتجاه المضاد وهم يهتفون: ( بالروح بالدم نفديك يا سوريا )، حتى علا صوتهم على أصوات مخبرين السلطة وعملاؤها . هنا دبت الفوضى قليلاً بالمكان، فاستدركَ الموقف من قبل قادة أحزاب التجمع، وقاموا بالتهدئة وطلب الأستاذ (حسن عبد العظيم) من المحتفلين الانتقال إلى ساحة أخرى في البلدة لتنفيذ برنامج الاحتفال . فانسحب الجميع من المكان تجنباً للصدام، فلحق بهم عناصر الأجهزة الأمنية ومخبريهم، واندسوا بين صفوفهم. واجتمع المحتفلون في الجهة الشمالية من نصب الشهداء ونفذوا برنامجهم بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الوطن حيث قدم للاحتفال الأستاذ (عادل رزق ) وألقى كلمة التجمع الأستاذ ( يوسف الصياصنة ) وكلمة العمل الديمقراطي في السويداء الأستاذ ( نايف قيسيه). وأثناء إلقاء الكلمات بادرت الأجهزة الأمنية إلى إرسال سيارة مسرعة لتنقض على المحتفلين بقصد إرهابهم، فبادر هؤلاء بدورهم لتطويقها بأجسادهم، الأمر الذي دفع بالأستاذ (حسن) أن يطلب منهم إفساح الطريق لها، فاستجاب هؤلاء لندائه مجدداً، وبعد الانتهاء من إلقاء الكلمات انتقل الجميع إلى (بلدة القريا) حيث ذهبوا إلى (ضريح الباشا) وقرأوا الفاتحة على روحه، ثم انتقلوا إلى قاعة النصب التذكاري في البلدة وهناك تم إنشاد النشيد الوطني وألقى كل من الأستاذين: (هيثم المالح) و (حديثة مراد) كلمتين بهذه المناسبة، ولكن مسلسل المفاجآت التي أعدته السلطة لم يتوقف عند الحد الذي سبق ذكره، حيث فوجئ الجميع بهتاف صادر عن مجموعة من عناصر الأمن المندسين بين صفوف المحتفلين وهم يهتفون ( يا جمال ويا جمال، من بعدك حكموا الأنذال). في البداية لم يشك أحد في أمرهم ولكن عرف الجميع هويتهم لاحقاً من الاستدعاءات التي قامت بها الأجهزة الأمنية لعدد من المثقفين حملة مشروع المجتمع المدني والناشطين في مجال حقوق الإنسان وبعض كوادر أحزاب المعارضة في المحافظة من الذين شاركوا بالاحتفال، حيث استخدمت الأجهزة ذلك الهتاف تحديداً كذريعة للقيام بتلك الاستدعاءات، بعد أن أضيف عليه تزويراً العبارة التالية: ( وأمريكا هي الضمان ) ليصبح على الشكل التالي :
( يا جمال ويا جمال، من بعدك حكموا الأنذال، وأمريكا هي الضمان ). ومن سياق الأسئلة التي طرحتها الأجهزة الأمنية نكتشف بأنها جاءت بهدف التخوين، حيث طرحت أسئلة مثل: ( لماذا تم اختيار أرض محافظة السويداء مكاناً للاحتفال وبهذا الوقت بالذات؟ لماذا جاء الأستاذ( هيثم المالح ) وهو ليس من قادة أحزاب التجمع إلى المحافظة وألقى كلمة مدح فيها الثورة وبطولات الثوار ونام في بيت أحد الشيوعيين؟ إذ تم تفسير ذلك كمحاولة للإخوان المسلمين لاختراق الجبل واستعدائه ضد السلطة ؟ إلخ..).
أن المنطق العصبوي للأجهزة الأمنية، نجده هنا ما زال مصراً على تخريب وحدة النسيج الوطني للمجتمع السوري، عن طريق توليد العصبيات واللعب على تناقضاتها، ( بتخويف الأقلية من الأغلبية، والأغلبية من الأقلية)، تفعل الأجهزة الأمنية ذلك، والوطن في ذروة الخطر والتهديد، دون أن تراعي أن القشرة الخارجية للمجتمع السوري قد أصبحت هشة لدرجة أصبح معها ، سيناريو الحرب الأهلية أمراً وارداً جداً وفي كل لحظة، وبالتالي هي لم تعد قادرة على حمل مثل هذه الممارسات العصبوية، بعد أن أضعفت مناعتها قبضة الاستبداد، عندما غيبت دور القوى الاجتماعية والحركة السياسية الوطنية طوال العقود المنصرمة وهي القوى القادرة وحدها على معالجة أزمات المجتمع، وأزالت آثار التخريب الذي قامت به الأجهزة القمعية لبنيته الاجتماعية، عندما قامت بـ( تتطيف) كل أوجه ثقافة المجتمع السوري!؟. و في هذه الدقائق الحرجة التي يمر بها الوطن وبعد كل الذي يحدث من جانب الأجهزة القمعية، يحق لنا أن نتساءل: ترى هل يشهد الوطن قريباً صحوة ضمير من هؤلاء و قبل خراب البصرة ؟
ش.ج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حزب العمل من شعار إسقاط السلطة إلى تداول سلمي للسلطة
عنوان عريض يتطلب منا قراءة بعض الأسباب لتغيير مواقف الحزب وشعاراته المركزية، ويأتي الموقف من النظام السوري العمود الفقري لتكتيك واستراتيجية حزب العمل الشيوعي منذ تأسيسه في 6 آب عام 1976 وحتى الآن والذي ميز الحزب عن بقية أحزاب الحركة الوطنية السورية و دفع قوى مختلفة لاتهام الحزب ولزمن طويل بشتى التهم أقلها بساري متطرف و أكثرها إيغالا في المنحى السياسي أو بالحقد بصفته مرشد سيئ في السياسة أنه حزب عميل للسلطة لم ينقذه سوى التصفية من قبل السلطة السورية والمقال ليس هدفه رصد الانتقادات السياسية للحزب وإنما قراءة سياسية في تغير الشعار المركزي لحزب العمل الذي يمثل جوهره الموقف من السلطة. والذي مر بأربع مراحل:
المرحلة الأولى ما بين عام 1976 ـ1980 وكان الشعار المركزي إسقاط السلطة في سوريا وقد مر الحزب في هذه المرحلة بمرحلتين
أـ1976ـ1979 اتسمت المرحلة بالعمل الدعاوي اتشح سياسياً بشعار إسقاط السلطة
بـ1979ـ1980 الشعار المركزي إسقاط السلطة
المرحلة الثانية ما بين عام 1980ـ1982 إسقاط الحلف الرجعي الأسود
المرحلة الثالثة 1983 ما بين ـ1992 الشعار المركزي دحر الديكتاتورية والظفر بالحريات السياسية
المرحلة الثالثة الحالية شعار إلغاء احتكار السلطة وقيام نظام ديمقراطي معاصر لكل المجتمع .
والسؤال المطروح لماذا التغيير في الشعار ؟
لقد بدأ التنظيم عمله تحت أسم رابطة العمل الشيوعي متأثراً بموجة اليسار الجديد الذي بدأ بالكفاح المسلح في أمريكا اللاتينية وانتقلت الموجة إلى منطقتنا حيث تشكل حزب العمال الشيوعي المصري ورابطة العمل في سوريا وحزب العمال الشيوعي الفلسطيني إضافة إلى مجوعة أحزاب يسارية لم يكتب لها أن تعمر طويلاً .أهم ما ميز هذه الأحزاب راديكاليتها في طرح المنظومة الفكرية والسياسية النقدية مستندة إلى الشرط الموضوعي العالمي آنذاك ( وجود دول أوربا الشرقية، نهوض حركات التحرر بأمريكا اللاتينية بقيادة اليسار الجديد ) وانضوت رابطة العمل الشيوعي تحت مظلة التوجهات النظرية والسياسية لتيار اليسار الحديد فقدمت خطاً استراتيجياًـ14 كتيبـ كان الأول من نوعه في سوريا ، طرحت من خلاله رؤيتها كتنظيم لكل القضايا المطروحة عالمياً وعربياً وإقليمياً وداخلياً . كما حددت موقفها من النظام في سوريا واعتبرته نظاماً ديكتاتورياً تطل منه أحياناً بعض الممارسات الفاشية ..لا وطني بحكم طبيعته البرجوازية البيروقراطية وله سمة طائفية ..وفي بعض الأحيان وصفت النظام بالخائن وطنياً كما حدث عندما دخل الجبش السوري إلى لبنان وضرب الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية . وبناء على تحليل بنية النظام وآلية عمله وصيرورته،صيرورة جزءاً منه (في الاندماج مع البرجوازية التقليدية والرأسمال العالمي) التي ذكرنا بعض الحيثيات السياسية والطبقية التي دفعت رابطة العمل الشيوعي إلى رفع شعار إسقاط النظام السوري منذ تأسيسها وأتخذ الشعار عدم الوضوح بحكم سيطرة المهمة العاوية للرابطة خلال السنتين الأول للتأسيس لتتخذ بعد عامين شعار إسقاط السلطة شعاراً مركزياً والذي تسبب بموجة اعتقال طالت كوادر من التنظيم الحديث النشأة.
بقي شعار إسقاط النظام سارياً حتى تقرير آب عام 1980 والذي اتُخذ فيه قرار تجميد شعار إسقاط السلطة ( تجميد مؤقت كشعار للتنفيذ الفوري والاستعاضة عنه بشعار تنفيذي يتمركز في دحر الديكتاتورية والظفر بالحريات السياسية )* ورفع شعاران : الشعار المركزي إسقاط الحلف الرجعي الأسودـ الأخوان المسلمين وتحالفاتهم الداخلية والإقليمية والخارجيةـ الثاني دحر الديكتاتورية والظفر بالحريات السياسية وقد جاء التغير بناءً على المتغيرات الداخلية والصراع الدامي بين النظام السوري الذي يمثل ـ البرجوازية البيروقراطيةـ وبين الأخوان المسلمين الذراع الضارب للبرجوازية التقليدية كما وصفوا من قبل الرابطة آنذاك وعندما دخل صراعهما مرحلة كسر العظم. وقد جاء في تقرير الهيئة المركزية لعام 1980 الذي استبدل شعار إسقاط النظام بشعار إسقاط الحلف الرجعي الأسود الفاشي الذي اعتبره التقرير بأنه الحلف الأخطر على كافة المستويات الداخلية والوطنية والخارجية (التفريط بالقضايا الوطنية وإقامة نظام فاشي يعتمد الأيديولوجيا الدينية ) ولذا فقد قرر التنظيم تجميد شعار إسقاط السلطة وقد رأى في طرحه البعض منذ البداية طفولة بسارية واستسهال وعلى وجه الخصوص بعد حسم النظام المعركة مع الإخوان المسلمين لصالحه. ولم يكن تغيير الشعار بالأمر السهل فقد تسبب بصراع داخل التنظيم بين مؤيد ورافض كما دفع بالبعض لترك التنظيم على أثر التقرير المعروف باسم تقرير آب.
وقد أظهر التقرير من خلال تحليله للصراع ضعف التيار الديمقراطي واليساري الذي تجلى بطريقة تعاطي التيار مع الصراع الدامي ما بين القطبين النظام والإخوان وعدم قدرته على توظيفه لصالح برنامج وطني وديمقراطي من خلال تشكيل القطب الثالث (ممثل الطبقات الشعبية ) الذي طرحته الرابطة آنذاك خصوصاً وأن الاستقطاب الطائفي لم يبلغ حداً لا رجعة عنه في ذلك الحين .
وبعد عام 1982 وانتهاء الصراع المسلح ما بين القطبين المتصارعينـ النظام والتيار الإسلامي المتطرفـ لصالح النظام .عاد شعار دحر الديكتاتورية والظفر بالحريات السياسية الشعار المركزي.
شكل شعار دحر الديكتاتورية والظفر بالحريات السياسية كشعار مركزي طوال عقدين من الزمن اتسمت الساحة السورية خلالها بالاستقرار بعد انتهاء الصراع مع الإخوان المسلمين ما بين 1979ـ1982 التي أدت إلى ضرب مدينة حماة وتدمير قسماً كبيراً من أحيائها رغم استمرار العمليات المتفرقة للتيار الإسلامي التي ابتدأت عام 1977 وبقيت حتى عام 1980 خلال هذا الزمن اجتاحت إسرائيل لبنان وبدأت المقاومة ضدها والصراع ما بين النظام السوري وإسرائيل في لبنان بقوى لبنانية وفلسطينية في أغلب الأحيان. لكن المأزق السوري التسوويـ الذي كان أحد أسباب الصراع الخفية ما بين النظام والإخوانـ تجدد مع ذهاب منظمة التحرير نحو تسويتها الخاصة وتداعيات ذلك على سلوك النظام السياسي.
وخلال العقود المنصرمة تلك والمتغيرات الاقتصادية والسياسية التي وصلت إلى تفكك دولة كالاتحاد السوفيتي وسقوط دول أخرى ..وتغير في الوضع الإقليمي حرب الخليج الأولى والثانية والثالثة التي جرت بعد موت حافظ الأسد وانعكاس المتغيرات تلك على بنية النظام وآلية حكمه دون أن ننسى التغير في البنية الاقتصادية والسياسية للنظام ذاته الذي أخذ يعمل باتجاه ترسيخ مؤسسات مفصلة على قياسه خاضعة له ..لكنها مؤسسات. تم خلالها الإفراج عن قسم من المعتقلين السياسيين واعتقال آخرين وإقالة قادة أمن كبار كعلي دوبا ومحمد الخولي وغيرهم ومن ثم رفع نظام حافظ الأسد شعار محاربة الفساد الذي أدى إلى إقالة محمود الزعبي وجاء الأسد الابن ليبدأ سياسة مختلفة بعض الشيء عن الأب تجسد في خطاب القسم وما تضمنه عن قبول الرأي الآخر والإصلاح وما إلى ذلك الذي عبر عن تطور مصالح السلطة بما تمثله من برجوازية بيروقراطية وتطور شريحة من هذه الطبقة اقتصادياً وسياسياً، اقتصادياً تحولها نحو اقتصاد السوقـ اللبرلةـ وانعكاس ذلك على آلية عملها السياسي التي اتسمت بالبطء في تحولها السياسي وبدأت تنخرط هذه الشريحة الطبقية التي جمعت رؤوس أمولها من نهب القطاع العام ومؤسساته وثروات البلد ا بفعالية في السوق الداخلية (سيريا تل، مدينة المعارض ، الخط الحجازي ..أريبا) وبنفس الوقت تتشارك مع بعض أطراف البرجوازية السورية..وهذه التطورات البنيوية للنظام بما يمثله طبقياً وسياسياً انعكس في آلية الحكم وتراجع حدة الديكتاتورية الفظة نحو ديكتاتورية " مقننة " وغير مفلوتة كما كانت من قبل ومن ثم تحولها بشكل تدريجي نحو سلطة أمنية..ترافق ذلك بالسماح بالعمل العلني وإصدار صحف علنية لأحزاب الجبهة والسماح بعمل معظم الأحزاب القديمة كالحزب القومي الاجتماعي السوري. وكذلك أفسح المجال لجمعيات حقوق الإنسان رغم المضايقات المتعددة الأوجه لنشاطها ونشاط الأحزاب ـ لم يجري ذلك بشكل رسمي وقانونيـ وذلك تم ضمن مسار قوننة القمع كما ذكرنا ( توقيف ..محاكمات ) هذه التحولات لبنية النظام التي تقاطعت و تتقاطع وتتأثر وتطوع بنيتها مع المتغيرات العالمية والإقليمية والضغط الخارجي بحيث أصبحت أحد العوامل التي تدفع السلطة نحو إجراء تغييرات سريعة قياساً بطريقة إجراءها للتحولات التي اتسمت كما ذكرنا بالبطء والتردد لكنها بفعل العامل الخارجيـ الذي يضغط لأسباب تتعلق بمصالحه ومشاريعه في المنطقة ـ أصبحت السلطة الآن عند مفارق طرق أحلاهما مر ..وعليها الإسراع في إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية بما يضمن استمرار رأس الهرم السلطوي في الحكم وبما يستطيع من حفظ لمصالح الطبقة التي أتت به إلى السلطة وهي البرجوازية البيروقراطية أو تطويعه شريحة منها تتناغم مع اشتراطات العالم الجديد من جهة ومن جهة ثانية الحفاظ على المصالح الأمريكية .هذه التغييرات الداخلية والإقليمية والدولية تطلبت تغييراً في شعار الحزب ، من دحر الديكتاتورية ( باعتبار أن تغيراً كمياً في بنية السلطة أدى إلى تغير السلطة من الديكتاتورية السافرة إلى ديكتاتورية مقننة إلى سلطة أمنية وقد تحول خلال فترة قصيرة إلى سلطة نصف أمنية نصف قانونية أسوة بمثلها الأعلى التجربة المصرية ) إلى إلغاء الاحتكار السياسي وقيام نظام ديمقراطي انسجاماً كما ذكرنا مع تغير بنية السلطة وآلية حكمها واستجابة للمتغيرات العالمية وغياب الدعم الدولي وتبدل السياسية العالمية لكل تلك الأسباب بكان لابد للحزب من تغيير الشعار القديم إلى شعار ا إلغاء احتكار السلطة والتداول السلمي للسلطة بما يعني من تجاوز لفكر الماضي الذي يحمل ( بأحد وجوهه الانقلاب والشمولية ) ..بسبب التغير العميق في العالم ومنه الحد الأخلاقي العام والخاص الذي يشملنا .
والذي يعني التحول إلى نضال سلمي ديمقراطي يحدد مدى فعالية القوى والأحزاب من خلال صندوق الاقتراع الحر والنزيه ويؤصل لمرحلة جديدة عنوانها الديمقراطية قيمة عليا فوق الأحزاب والأيدلوجيات .
* نص التقرير المقر بأغلبية الهيئة المركزية لرابطة العمل الشيوعي 1980

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إضاءات
نذير جزماتي
أميركا الى أين ؟
كتاب: (أسرار: مذكرات فييتنام وأوراق البنتاغون، لدانييل الزبيرغ) الذي كان مستشاراً لوزير الدفاع روبرت مكنمارا ، ومن ثم لهنري كيسنجر، أيام نيكسون. مجلة"وجهات نظر") العدد 75أبريل/نيسان2005للأستاذ عبد العليم الأبيض.
كُتب الكثير عن سلوك الاعلام الأميركي المشين بعد أحداث 11/9، ولكن من أهم ماكتب في هذا الشأن الكتاب المذكور أعلاه..فقد أقدم الزبرغ على عمل فذ ينم عن ضمير حي وجسارة أدبية منقطعة النظير عندما سلم صحيفة نيويورك تايمز نسخة مما يسمى "أوراق فييتنام"، وهي مجموعة من الوثائق السرية التي تفضح سير الحرب في فييتنام. وكان هذا العمل علامة فاصلة في تاريخ حرية الصحافة في الولايات المتحدة. اذ شرعت كل من صحيفتي النيويورك تايمز والواشنطن بوست، أهم صحيفتين في الولايات المتحدة، في نشر الأوراق, وما أن بدأ النشر حتى قامت ادارة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون الدنيا ولم تقعدها، وهددت المؤلف واستصدرت أمراً بوقف النشر. ولكن المحاكم الأميركية أيدت حق النشر واستمرت الصحيفتان في نشر الوثائق . وكان ذلك علامة على طريق حرية النشر والتعبير.
لقد سئل دانييل الزبرغ عن رأيه في تغطية الأحداث المؤدية الى حرب العراق. وكانت اجابته ان سلوك الاعلام الأميركي لم يكن السلوك الصحيح، بل كان سلوكاً سيئاً وان كان أفضل قليلاً من سلوك الحكومة الأميركية التي مارست الكذب والخداع. كما أن الصحافة الأميركية أخطأت عندما تقبلت دون روية وتمحيص أكاذيب الحكومة حتى وقت متأخر من الحرب( أي حتى نشر وثائق البنتاغون).
الخطأ الذي وقعت فيه الصحافة الرئيسية مثل النيويورك تايمز والواشنطن بوست وتايم ونيويورك ..الخ هو أنها صدقت الادارة في أكاذيبها، أو انها تغاضت عنها لأسباب كثيرة، لعل من أهمها، الخوف من انتقام المسؤولين ورد فعل الشعب الغاضب الذي صدق الحكومة.
... وليس أدل على انحطاط المسؤولين عن وزارة الدفاع الأميركية في احتقارهم لدور الاعلام في الكشف عن الحقيقة وملاحقة انحرافات المسؤولين ، من الأسلوب الذي تعاملت به مع رجال الاعلام. اذ لجأت وزارة الدفاع الى انشاء ماسمي بـ"مكتب التأثير الاستراتيجي. وكان الغرض من انشاء هذا المكتب لدس الأكاذيب وممارسة الدعاية السوداء. وقد وصف ويليام كون تزوير الدفاع في عهد كلينتون هذا الاسلوب بقوله:"نحن نتحدث عن خداع وسائل الاعلام .."
ولجأ البنتاغون الى اسلوب جديد في التضليل والتأثير على وسائل الاعلام أثناء عملية غزوالعراق. ابتدع البنتاغون حيلة جديدة لضمان ألا يخرج الى وسائل الاعلام إلا ماتريده وزارة الدفاع. وتمثلت الخدعة في الحاق المخبرين والمراسلين الحربيين في الوحدات المقاتلة. وذلك لضمان عدم خروجهم عن الخط المرسوم. واذا ما حاول البعض الجسور الحصول على معلومات بغير هذه الطريقة كان يقبض عليه بواسطة الشرطة العسكرية. لقد شهد العالم الفارق الضخم بين ما يذيعه التلفزيون الأميركي وبين الأداء الرائع لشبكة الجزيرة والعربية. بينما كان التلفزيون الأميركي يستعرض ألعابه النارية تحت شعار"الصدمة والترهيب". كانت القناتان العربيتان تركزان على الواقع الأليم للحرب من قتل وتدمير للمدنيين. وربما كان ذلك هو السبب في تصويب الصواريخ الأميركية نحو مكتب الجزيرة في بغداد....
لم ينطل على بعض الصحفيين خداع البنتاغون ومضت تشكك في الروايات الرسمية منها الصُحفية مورين رود ونيكولاس كريستوف في النيويورك تايمز وغيرهم في الصحف الأخرى. اذ يرى البنتاغون ان واجب الاعلام هو دعم القوات المحاربة. وهو شعار رفعته وزارة الدفاع .. وعلقت تشارلي ريس بموقع على شبكة الانترنت قائلةً :"أن واجب الاعلام ليس دعم القوات، بل كتابة التقارير الصحفية عن سير الحرب كما هي. فاذا كانت القوات تقتل المدنيين وتسمي ذلك"أضراراً مصاحبة"، فهذا من شأنها. أما واجب الصحافة فهو تسمية الأشياء بأسمائها، أي ان القوات تقتل المدنيين..
لجأت ادارة بوش الى الملاحقات القضائية للصحفيين وضربت بالتعديل الأول للدستور الأميركي عرض الحائط، وهو التعديل الذي يكفل حرية التعبير، اذ يتعرض الصحفي روبرت نوفاك صاحب العمود المسجل للملاحقة القضائبة لرفضه الافصاح عن مصدره في نشر اسم مندوبة وكالة المخابرات المركزية عقاباً لزوجها السفير السابق جوزيف ويلسون الذي فضح أكاذيب الادارة بشأن صفقة اليورانيوم المزعومة بين صدام وحكومة النيجر.
ومعظم الاتهامات التي وجهت لشبكات التلفزيون الأميركية الكبرى لم تجاف الحقيقة. ولدينا شهادة صحفية تلفزيونية مرموقة حققت شهرة عالمية في تغطيتها للحرب في أفغانستان، وهي كريستيان أما بور بشبكة السي. إن. إن. تؤكد أن الشبكة التي تعمل بها امتثلت لترويع الادارة الأميركية ثم تقول:" أعتقد أن الصحافة كانت مكممة..أسفة لأن أعترف بذلك، والى أي حد بعيد تم تخويف شبكة السي.إن.إن من جانب الادارة وجنود شبكة فوكس. ونتج عن ذلك اشاعة جو من الخوف والرقابة الذاتية .." وشبكة فوكس هي من الشبكات الموالية لتيار المحافظين الجدد ودأبت على توجيه تهمة الخيانة لكل من ينتقد غزو العراق أو التشكيك في نوايا الادارة..
..لقد تجاهل الاعلام الأميركي تماماً، بما في ذلك صحف كبيرة مثل الواشنطن بوست والنيويورك تايمز آداب المهنة وسقطت في بحر من التهويل والاثارة ، بل والتلفيق المكشوف دون اعمال العقل. اذ فجأة لم تعد حرب العراق تتعلق بأسلحة الدمار الشامل أو القضاء على القاعدة أو تحرير العراق من الطاغوت، بل أصبحت تتعلق بمغامرات البطولة للمرأة الخارقة جيسكا لينش التي اسرتها القوات العراقية. وفجأة أصبحت لينش موضوعاً تسعى شركات هولي وود لانتاجه. وانهالت العروض التلفزيونية لانتاج فيلم تسجيلي في مغامرة تلك الفتاة الخارقة وان كانت في واقع الأمر فتاة مسكينة التحقت بالجيش لكي تستفيد من توفير الفرصة لها لاستكمال تعليمها والحصول على شهادة جامعية.
.. لقد انساق الاعلام الأميركي كما انساق الكونغرس وراء مغالطات وتضليلات ادارة بوش فيما يتعلق بالارهاب والربط بين صدام حسين وتنظيم القاعدة دون وجود أي دليل على ذلك... ومن الأمثلة الفاقعة ..تلك التقارير الصحفية التي كانت جودث ميللر(مراسلة النيويورك تايمز في القاهرة سابقاً) تبعث بها من العراق أثناء الحرب. جميع رسائلها كانت تؤكد وجود أسلحة الدمار الشامل والخ..
وثمة كتاب بعنوان"العاصفة الوشيكة" لكينيث بولوك، وهو الكتاب الذي استخدمته الادارة الأميركية في تبرير احتلال العراق.واتضح فيما بعد زيف كل الحجج التي ساقها بولوك في كتابه. وعند افتضاح الزيف اعتذر بولوك بحجة أن الادارة ضللته، وهو الخبير السابق بمجلس الأمن القومي الأميركي. وهناك سيمون هيرش الذي فضح تورط الادارة في فضيحة ابو غريب في مجلة النيويوركر الممتازة. وكان هناك المؤلف والكاتب ذائع الصيت جيمس فالوز الذي حذر في مقال طويل جداً من مخاطر الغزو في مجلة اتلانتيك منثلي...وقامت الهيئات المناهضة للحرب في واجباتها باستخدام الانترنت، وثمة مواقع لاتعد ولا تحصى في هذا المجال. وأكثر من ذلك، يتعافي الاعلام الأميركي، وهاهي النيويورك تايمز والواشنطن بوست تعتذران وتعترفان بالاخطاء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رسالة
الرفاق الأعزاء في حركة " الوفاق الديمقراطي الكردي السوري"
مثّلت دعوتكم لنا لحضور مؤتمركم, خاصة ذلك الجانب من صيغتها (المشاركة في أعمال المؤتمر كمراقبين أو كمشاركين بهدف اغناء مشروع التقرير و لترسيخ التوجه الديمقراطي و إشاعته) شيئا جديداً و هامّا جدّا في إطار تقاليد المؤتمرات والعمل الوطني للحركة السياسيّة الكردية بعلاقاتها مع القوى السياسيّة السوريّة الأخرى و العكس صحيح (أيضا) . و من المؤسف حقا أنّنا لم نتمكن من تلبيتها على الرغم من الجهود الفعليّة التي بذلناها, و على الرغم من مساعدتكم بتمديد الزمن(24) ساعة, إن حضورنا كان سيعني من جهتنا سعيا لطرح حوار على بعض القضايا المشتركة أولها:
1ـ العمل الديمقراطي الوطني السوري بكل وجوهه خاصّة ما يتعلّق بالبرنامج,المهمّة المركزيّة و المهام الملّحة الأخرى, المسائل وأشكال النضال,المؤسسات الديمقراطية المطلوبة له, بالإضافة إلى ضرورة الحوار حول صيغة عمل إنقاذي للوطن بسبب المرحلة الاستثنائية الخطرة التي يعبرها, و في إطار كل ذلك الحوار المعمّق و الجاد حول المسالة القومية الكردية, أهميتها, ازدواجيّة الانتماء فيها, أولوية الانتماء الوطني السوري في هذه الشروط الحرجة, وموقع هذه المسألة في البرنامج الديمقرطي الوطني السوري.
2ـ مسألة العمل الحزبي و ضرورات وجود حزب يساري جديد لكامل الوطن يأخذ بعين الاعتبار خصوصيّّة المسألة الكردية, بشكل خاص على صعيد البرنامج التنظيمي, بذلك كنا سنحاول متابعة وتطوير نهج, موقف, نظرة حزب العمل الشيوعي في المسألة الكرديّة بالمعنى المبدأي و الاستراتيجي المعروف, مع التركيز الآن على دور هذه المسألة أو الحلقة, وحساسيتها في العمل الوطني السوري وفي وحدة الوطن و المخاطر التي يتعرض لها.
إن أسباب عدم تمكننا من تلبية الدعوة لا تتعلّق فقط بحداثة تعارفنا على بعضنا وضعف هذا التعارف, أو حصولنا على الوثائق المعنيّة بالنقاش في اللحظات الأخيرة, كل ذلك كان بالإمكان تجاوزه وتلافيه نسبيّا خلال جلسات المؤتمر, لكن انعقاد المؤتمر خارج الوطن "مع أمنياتنا بعودتكم قريبا " ومجمل الإشكالات والمخاطر المتعلّقة بوصول رفاقنا خلال زمن قصير جداً كان السبب الحاسم لعدم حضورنا.
وهكذا كان لا بد من الانتظار إلى المستقبل القريب لتجاوز الشروط المستعجلة والقاهرة لتطوير علاقاتنا الثنائية كما يجب ... وهذا ما نأمل أنّه سيتحقق قريبا.
نتمنّى لكم أكثر النتائج تطوّراً ورقيّاً
رفاقكم ((حزب العمل الشيوعي في سورية))
أواخر نيسان(2005)

عقد الحزب الشيوعي السوري ـ المكتب السياسي مؤتمره السادس. وبهذه المناسبة نقول للرفاق في حزب الشعب الديمقراطي السوري. ألف مبروك مع تمنياتنا بأن تكون النقلة النوعية لصالح الحزب والوطن معاً.
وبهذه المناسبة ننشر بلاغ عن أعمال المؤتمر السادس لحزب الشعب الديمقراطي السوري (الحزب الشيوعي السوري ـ المكتب السياسي سابقاً) بانتظار الوثائق للحوار معها.
بلاغ عن أعمال المؤتمر السادس لحزب الشعب الديمقراطي السوري
(الحزب الشيوعي السوري ـ المكتب السياسي سابقاً)
1 ـ في أواخر نيسان من هذا العام 2005، انعقد المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوري، مفتتحاً أعماله بالنشيد الوطني السوري. وبعد الوقوف دقيقة صمت تكريماً وإجلالاً لشهداء الحزب والأمة العربية، ألقى الأمين الأول للجنة المركزية الرفيق رياض الترك كلمة ترحيبية بالرفاق المؤتمرين معتذراً باسمها عن تأخير عقد المؤتمرات، ومنوهاً إلى أهمية انعقاد هذا المؤتمر الذي يأتي في ظروف داخلية وعربية ودولية دقيقة وحساسة. ودعا إلى متابعة الجهود من أجل إقامة إئتلاف واسع لمختلف قوى الشعب من أجل الخلاص من الاستبداد وشق الطريق نحو آفاق الحرية وإرساء أسس النظام الوطني الديمقراطي، ثم أعلن حل اللجنة المركزية ودعا كبير السن لترؤس الجلسة.
2 ـ ترأس الجلسة عضو اللجنة المركزية السابق الرفيق عمر قشاش، بوصفه أكبر الأعضاء سناً. وألقى كلمة ترحيبية أيضاً، داعياً إلى العمل بمسؤولية من أجل إنجاز أعمال المؤتمر بالروح الرفاقية العالية. ثم دعا إلى انتخاب هيئة رئاسة المؤتمر. وبعد المداولة اختار المؤتمر ستة من أعضائه لتسيير أعماله.
3 ـ عرضن هيئة الرئاسة على المؤتمرين مشروع جدول الأعمال التالي:
1 ـ طرح وإقرار مشروع اللائحة الداخلية.
2 ـ كلمات الوفود الرسمية لمناقشة مشاريع الوثائق المطروحة على المؤتمر.
3 ـ المناقشة العامة.
4 ـ تشكيل اللجان المختصة لإدخال التعديلات على المشاريع المقدمة إلى المؤتمر. والتصويت عليها لإقرارها.
5 ـ انتخاب الهيئات القيادية بموجب النظام الداخلي الجديد.
لقد ناقش المؤتمر مشروع جدول الأعمال المقترح وجرى إقراره، ثم دخل في مناقشة بنوده وإنجازها حسب الأصول، واتخذ القرارات التالية:
أ ـ قرار بتغيير اسم الحزب ليصبح (حزب الشعب الديمقراطي السوري).
ب ـ إقرار الوثائق التالية بعد إدخال التعديلات عليها: الموضوعات، البرنامج السياسي، النظام الداخلي، والتقرير السياسي. وسيعمل الحزب على نشر هذه الوثائق لاحقاً.
4 ـ أقر المؤتمر مبادرة حول الوضع الداخلي السوري، وبياناً حول تطورات الوضع اللبناني، وجملة من البيانات الأخرى، ووجه عدداً من رسائل الشكر والتحية إلى القوى الحليفة والصديقة وإلى منظمات حقوق الإنسان التي وقفت إلى جانب الحزب وقدمت له دعمها في مواجهة القمع الذي تعرض له طوال ربع القرن الماشي.
5 ـ انتخب المؤتمر هيئاته القيادية المحددة في نظامه الداخلي على النحو التالي:
أ ـ لجنة التحكيم الوطنية التي فاز بعضويتها عدد من الرفاق كان من بينهم الرفيق عمر قشاش.
ب ـ لجنة الرقابة المالية التي فاز بعضويتها عدد من الرفاق كان من بينهم الرفيق فهمي يوسف.
ج ـ اللجنة المركزية التي كان من بين أعضائها الرفاق جورج صبرة، رياض الترك، طلال أبو دان، عبد الله هوشة، فائق المير، وفوزي الحمادة.
د ـ أعضاء شرف في اللجنة المركزية الرفاق سلطان أبازيد، محمد حجار، وشكر الله عبد المسيح.
وبعد إنجاز جدول الأعمال، ألقى أحد الرفاق في هيئة رئاسة المؤتمر كلمة ختامية تحدث فيها عن سير أعمال المؤتمر وعن أهمية الوثائق التي أقرها، ودورها في عمل الحزب المقبل. ثم أنهى المؤتمر أعماله حسب الأصول.
6 ـ اجتمعت اللجنة المركزية بعد انتهاء أعمال المؤتمر، وانتخبت أمانة مركزية من أعضائها الرفاق جورج صبرة، عبد الله هوشة، وفائق المير. كما انتخبت الرفيق عبد الله هوشة أميناً أول لها. ثم انتخبت المكاتب المتخصصة.
أوائل أيار 2005
اللجنة المركزية لحزب الشعب الديمقراطي السوري
(الحزب الشيوعي السوري ـ المكتب السياسي سابقاً)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصل إلى هيئة تحرير الآن التوضيح التالي من الحزب السوري القومي الاجتماعي:
الحزب السوري القومي الاجتماعي
مفوضية الشام المركزية
توضيح

بعد الإعلان عن انضمام ((الحزب السوري القومي الاجتماعي)) إلى أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية في الجمهورية الشامية، ونظراً لحصول الالتباس لدى الكثير من أبناء أمتنا ولتوضيح الأمور نبين ما يلي:
ـ إن الحزب السوري القومي الاجتماعي برئاسة الدكتور أنطوان أبي حيدر وفرع في الشام (مفوضية الشام المركزية ومفوضها المركزي الرفيق الدكتور علي حيدر) لا علاقة له بهذا القرار ولم يسبق له أن تقدم بطلب للدخول إلى الجبهة الوطنية التقدمية كما أنه لم يدع في السابق للمشاركة فيها.
ـ سبق لمفوضية الشام المركزية أن طرحت عبر إصدارات إعلامية عديدة رأي الحزب في هذا الشأن ألا وهي إيجاد الصيغة القانونية المناسبة التي تتيح العمل لجميع الأحزاب والقوى المنتشرة على الساحة الوطنية، ضمن ثوابت أساسية تتفق عليها جميع القوى الوطنية والقومية… من خلال صدور قانون للأحزاب واسع وشامل، يتساوى أمامه الجميع ويتمايزون من خلال رؤيتهم لمصلحة واحدة وأدائهم لتحقيق هذه المصلحة… ويصبح الجميع أعضاء في ورشة العمل الوطني… وتزول المعالجات الجزئية لوضع هذا الحزب أو ذاك…
ـ كنا نتمنى من أصحاب الشأن تقديم رؤيتهم حول مدى الفائدة الوطنية والقومية التي يرونها من دخولهم معترك الحياة السياسية في الشام عبر صيغة الجبهة الوطنية التقدمية..
دمشق 6/5/2005
المكتب الإعلامي لمفوضية الشام المركزية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ننشر هنا مادة وثائقية تتعلق بالقضية الفلسطينية.. سنتابع نشر المعلومات والوثائق بشكل خاص ما يتعلق منها بمستجدات " الكيان الصهيوني " .. كذلك المجتمع الفلسطيني.. لنكون على مستوى من المعرفة يسمح لنا بفهم ما يجري والتطورات المحتملة القادمة.. قد نتابع النشر في جريدتنا الآن .. أو الكتاب غير الدوري الذي سنصدره قريبا.
هيئة تحرير الآن .
محطات في قطار التسوية الفلسطينية
قبيل انطلاق مؤتمر مدريد لتسوية النزاع العربي الإسرائيلي وجّه الرئيسان الأميركي جروج بوش الأب والسوفييتي ميخائيل غورباتشوف الدعوة بتاريخ 18/10/1991 إلى الأطراف العربية و(إسرائيل) لحضور مؤتمر السلام الذي تقرر عقده في مدريد في 30 تشرين الأول (أكتوبر) 1991. هذا نصها " بعد مفاوضات مكثفة مع إسرائيل، والدول العربية، والفلسطينيين تعتقد الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بأن فرصة تاريخية قائمة بالفعل لدفع الإمكانيات قدماً من أجل سلام حقيقي في جميع أنحاء المنطقة. والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي على استعداد لمساعدة الأطراف على تحقيق تسوية سلمية شاملة ودائمة وعادلة من خلال مفاوضات مباشرة تأخذ مسارين بين إسرائيل والدول العربية، وبين إسرائيل والفلسطينيين، وترتكز على قراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242 و 338 وهدف هذه العملية هو سلام حقيقي.
ولتحقيق هذه الغاية يتقدم رئيس الولايات المتحدة ورئيس الاتحاد السوفييتي بدعوتكم إلى مؤتمر سلام تتبناه كلتا الدولتين ويليه فوراً مفاوضات مباشرة، وسيتم عقد المؤتمر في مدريد يوم 30 تشرين الأول (أكتوبر) 1991)) .
وحضرت مؤتمر مدريد جميع الأطراف العربية المعنية بما يسمى عملية السلام العربية الإسرائيلية. وتقرر شكل المفاوضات الثنائية بين إسرائيل وكل طرف عربي على حدة بعد أربعة أيام من افتتاح المؤتمر. والأطراف التي ترغب في حضور المفاوضات المتعددة الأطراف اجتمعت بعد أسبوعين من افتتاح المؤتمر لتنظيم هذه المفاوضات. التي ستركز على "قضايا المنطقة المتنوعة مثل الرقابة على الأسلحة والأمن الإقليمي والمياه وقضايا اللاجئين والبيئة والتنمية الاقتصادية والمواضيع الأخرى ذات الاهتمام المشترك)) .
وحول تمثيل الدول المشاركة في المؤتمر جاء في نص الخطاب "يترأس الاجتماع الذي سيعقد على مستوى وزراء الخارجية الدولتان اللتان تبنتا القرار أمام الحكومات المدعوة التي تمثل إسرائيل وسوريا ولبنان والأردن أما الفلسطينيون فستتم دعوتهم كجزء من الوفد الأردني الفلسطيني، وستتم دعوة مصر إلى المؤتمر بصفة مشارك وسيكون المجتمع الأوروبي مشاركاً في المؤتمر جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وسوف يكون ممثلاً في رئاسته. وسوف توجه دعوة لمجلس التعاون الخليجي لإرسال أمينه العام للحضور كمراقب. كما ستوجه دعوة للدول الأعضاء في المتعددة الأطراف، كما ستوجه الدعوة للأمم المتحدة لإرسال مراقب يمثل الأمين العام.
راوحت المفاوضات حتى الجولة الخامسة 30/4/1992 في مكانها. لكن استئنافها في الجولة السادسة بتاريخ 24/8/1992. بعد انقطاع امتد لأربعة شهور. عكست تغيرات جاءت بها الانتخابات الإسرائيلية (23/6/1992). التي أتت بتحالف حكومي إسرائيلي جديد حرص الراحل رابين أن يتشكل من بين صفوف ما اتفق على تسميته ((التيار المركزي)) المنفتح على اليمين الإسرائيلي.
وشهدت الجولات السادسة والسابعة والثامنة مشاريع للمفاوضات حيث قدم الوفد المفاوض الفلسطيني مشروع النقاط العشر في الجولة السادسة من المفاوضات الثنائية يوم 1/9/1992.
ورد عليه الوفد المفاوض الإسرائيلي في الجولة الثامنة بتاريخ 10/12/1992 بمشروع " حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي ". لكن الوفد المفاوض الفلسطيني ربط بين عودة المبعدين إلى مرج الزهور في لبنان بتاريخ 17/12/1992. وعودته إلى المفاوضات بعد الجولة التاسعة بتاريخ 27/4/1993. والثالثة من المفاوضات المتعددة الأطراف التي كان مقرراً عقدها في شهر شباط (فبراير) 1993).
هذا الواقع الجديد أتاح لقيادة (م.ت.ف) في تونس المضي في العملية التفاوضية مع "الحكومة الإسرائيلية" بقناة تفاوضية موازية وسرية برعاية نرويجية وإطلاع مصري. تمخضت عن إتفاق 19/8/1993. في أوسلو. وما سمي برسائل الإعتراف "المتبادل". وتوجت هذه الرسائل بوثيقة الإعتراف المتبادل التي جاءت على شكل رسائل متبادلة بين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، ورئيس "الحكومة الإسرائيلية" يتسحاق رابين. ورسالة خاصة من رئيس م.ت.ف ياسر عرفات إلى وزير الخارجية النرويجي "يوهان يورغن هولست". على ضوء ما تقدم تم توقيع وثائق إعلان المبادىء الفلسطيني ـ الإسرائيلي (إعلان مبادىء بشأن ترتيبات الحكومة الذاتية الانتقالية ـ المسودة النهائية المتفق عليها في 19 آب/ أغسطس 1993).
وحملت هذه الوثيقة عدة ملاحق:
الأول: بروتوكول حول صيغة الانتخابات وشروطها.
الثاني: بروتوكول حول انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة ومنطقة أريحا.
الثالث: بروتوكول حول التعاون الإسرائيلي ـ الفلسطيني في البرامج الإقتصادية والتنمية.
الرابع: بروتوكول حول التعاون الإسرائيلي ـ الفلسطيني حول برنامج التنمية الإقليمية.
وأخيراً المحضر المتفق عليه "إعلان المبادىء حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالية".
هذا ما دعي اتفاق أوسلو الذي احتاج إلى اتفاق جديد عرف بإتفاق القاهرة في 4/5/1994 بشأن قطاع غزة ومنطقة أريحا. عقد بين حكومة دولة "إسرائيل" و (م.ت.ف) ممثلة للشعب الفلسطيني. واحتوى الاتفاق على 23 مادة. وملخص بنود البروتوكول المدني الذي سمي بالملحق رقم /2/. ونص تعهد أعضاء "السلطة الفلسطينية" للسلطات الإسرائيلية. ونص الوثيقة المطلوبة من المعتقلين للتوقيع عليها مقابل الإفراج عنهم.
وعقدت منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة دولة "إسرائيل" الاتفاق الإسرائيلي ـ الفلسطيني الانتقالي في الضفة الغربية وقطاع غزة. واشنطن بتاريخ 28/9/1995. ويطلق على هذا الاتفاق (اتفاق أوسلو2، اتفاق طابا ـ واشنطن، الاتفاقية الانتقالية). الذي يتضمن 31 مادة في خمسة فصول وقعت عليه حكومة دولة "إسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية، وشهدت عليه الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية مصر العربية ومملكة النرويج، والاتحاد الفيدرالي الروسي، والمملكة الأردنية الهاشمية، والاتحاد الأوروبي.
ووفقاً لنصوص الاتفاق المرحلي، وخصوصاً البند /7/ من الملحق /1/ للاتفاق المرحلي، اتفق الفريقان (م.ت.ف وحكومة إسرائيل) على هذا البروتوكول الخاص بتنفيذ إعادة الإنتشار في الخليل بتاريخ 17 كانون الثاني /يناير/ 1997. هذا البروتوكول هو الذي قسم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى المناطق (أ،ب،ج) وحدد الانسحابات الإسرائيلية في هذه المناطق والأراضي الفلسطينية. وحدد المسؤوليات الأمنية في المنطقة (أ) الخاصة بالسلطة الفلسطينية، والمسؤوليات الأمنية المشتركة في (ب،ج) بين قوات الإحتلال والشرطة الفلسطينية. وقسم هذا البروتوكول حتى الشوارع في مدينة الخليل. وآلية التعامل مع الأماكن المقدسة، وتطبيع الحياة في المدينة القديمة، والعمارة.
ورفق البرتوكول بالمرفقات (1و2و3، ومذكرة للسجل، والتعهدات المتبادلة، المسؤوليات الإسرائيلية، وسائل للتنفيذ، ومسائل للتفاوض [مسائل معلقة في الاتفاق المرحلي، مفاوضات الوضع النهائي]. والمسؤوليات الفلسطينية). وأضيف إلى البروتوكول مذكرة متفق عليها بعنوان <<الخطة الأميركية الخاصة بشارع الشهداء بتاريخ 7 كانون الثاني (يناير) 1997.
ولمزيد من الإيضاحات في الاتفاقات المرحلية جرى التوقيع على <<عمليات المزيد من إعادة الانتشار من منظور غسرائيل (المرحلة التالية في الاتفاق المرحلي الإسرائيلي ـ الفلسطيني: النواحي القانونية) بتاريخ 19/1/1997. الذي يرسم الحدود والتخوم بين المنطقة (أ) التي تشمل مدن جنين ونابلس وطولكرم وقلقيلية ورام الله وبيت لحم وأريحا. وتحتوي على 26% من السكان الفلسطينيين، وفي هذه المناطق يتولى المجلس الفلسطيني كامل المسؤولية في مجال الأمن الداخلي والنظام العام. إضافة إلى الشؤون المدنية. (تخضع مدينة الخليل لترتيبات خاصة حددها الإتفاق المرحلي والبروتوكول الخاص بإعادة الإنتشار في الخليل).
المنطقة (ب)، وتضم البلدات والقرى في الضفة الغربية، وفي هذه المناطق التي تحتوي على نحو 70% من السكان الفلسطينيين، يتولى المجلس مسؤولية النظام العام. بينما تحتفظ إسرائيل بالمسؤولية الأمنية المطلقة لحماية مواطنيها ومكافحة الإرهاب. وللمجلس كامل السلطات المدنية كما في المنطقة /أ/.
المنطقة (ج)، وتشمل المناطق غير الآهلة عامة في الضفة الغربية والمناطق ذات الأهمية الاستراتيجية لإسرائيل والمستوطنات اليهودية. وتحتفظ إسرائيل في هذه المناطق بالمسؤولية الكاملة في مجالي الأمن والنظام العام. وكذلك في ما يختص بالمسؤوليات المدنية المتعلقة بالأراضي (كالتخطيط والتقسيم إلى مناطق، والآثار.. إلخ). وينهض المجلس بالمسؤولية المدنية في المجالات المدنية الأخرى .
إن كل هذه الاتفاقيات والبروتوكولات لم تكن كافية لتنفيذ ما اتفق عليه لذلك كانت مذكرة واي ريفر بشأن إعادة الإنتشار الثانية للقوات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وقع في واشنطن بتاريخ 23/10/1998 . ويهدف إلى تسهيل تنفيذ الاتفاق الانتقالي بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة، المؤرخ في 28 أيلول (سبتمبر) 1995. (الإتفاق الإنتقالي)، والاتفاقات المتصلة به، بما فيها المذكرة للسجل المؤرخة في 17 كانون الثاني (يناير) 1997. (يشار إليها فيما يلي بمصطلح <<الاتفاقات السابقة>>، بحيث يستطيع الفريقان، الإسرائيلي والفلسطيني، القيام بمسؤولياتهما المتبادلة بفعالية أكبر، بما فيها تلك المتصلة بالمزيد من إعادة الانتشار، وبالإجراءات الأمنية على التوالي. ويجب تنفيذ هذه الخطوات في موازاة مقاربة مرحلية، وفقاً لهذه المذكرة وللجدول الزمني المرفق بها. وهي تخضع للبنود والشروط ذات الصلة في الاتفاقات السابقة، لكنها لا تلغي مستلزماتها الأخرى.
وفرت حرب الخليج الثانية على العراق فرصة ثمينة لتحقيق عملية تطبيع وجود الكيان الصهيوني في قلب المنطقة العربية. وما جاءت به العملية التفاوضية بين الأنظمة العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية من جهة والكيان الصهيوني من جهة ثانية لتعطي هذا الكيان شرعية خطية باعتراف هذه الأنظمة وفتح الطريق أمام بقية الأنظمة العربية الأخرى للمشاركة في هذا التطبيع. لكن هذه الإجراءات والعمليات التفاوضية وصلت إلى محطة حرجة جداً في مفاوضات الوضع الدائم بين (م.ت.ف) والكيان الإسرائيلي برعاية الولايات المتحدة الأميركية التي وضعت المنطقة على أبواب مرحلة جديدة. كان من نتيجتها انتفاضة الأقصى… انتفاضة الاستقلال. وهذا ما سنفرد في كتابات لاحقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلنناضل من أجل إغلاق ملف الإعتقال التعسفي

الحرية لرفيقنا عبد العزيز الخير



الحرية لرياض سيف

الحرية للدكتور عارف دليلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جراحنا
من بلَّل الرغيف
بدمِ الطيور..؟
من نصبَ مشنقة
لأحلام القرنفل؟
من نزع
عن طفولتنا دهشتها؟
من أخرج النجوم
من ليلها الجميل
وسكب نزواته
فوق جراحنا؟
[حسان ديوب] حمص
عودة يوسف عبدلكي إلى وطنه و (نصف الكأس الفارغ)
عاد يوسف عبدلكي إلى دمشق ليل الثلاثاء 19 نيسان، بعد خمسة وعشرين عاماً في المنفى الإجباري في باريس. قضاها في الإبداع الفني رسماً وتخطيطاً والإيمان بالحرية. كان محروماً من جواز السفر، هو الذي زار السجن الوطني سابقاً وخرج منه في طريقه إلى المنفى الإنساني، صوناً لإنسانيته.
عاد برفقة زوجته وابنته الصبية التي تدخل بلدها للمرة الأولى منذ مولدها برفقة والدها ((اللغز)). والدها الغائب الحاضر، المحبوب، المحترم، المشهور والممنوع. الذي يحب وطنه ولا يستطيع دخوله! في المطار كان الأصدقاء والعائلة. كانت والدته أم يوسف التي شاب رأسها وتقدم بها العمر وهي تنتظر. لم يكن في وسع المرء أن يحتمل العاطفة الصبور التي تغمر وجهها. الابتسامة التي لا تجرؤ. والعين التي تترقب كمرصاد. اختلط الفرع الطارىء هذا، المربك، الحديث، الذي لم تختبر ثقتها به سابقاً، بحزن مزمن، بيأس، بتعب، بصلابة، وبامتنان ربما لباريس التي احتضنت ولدها بأمان طيلة لجوئه الإنساني إليها. باريس التي استطاع فيها أن يعمل ويحيا ويكوّن أسرة ويكون له أصدقاء ويكون إنساناً حراً لا ينقصه سوى وطن. سوى الوطن بعينه، وطنه سورية. باريس التي احتضنت حزنه حين توفي شقيقه فواز في دمشق ولم يستطع المجيء ليلقي أحمال الوداع وشجنه العالقه في وجدانه وفي وجدان علاقة الأخوة الخالدة.
خرج من باب المطار مبتسماً. صفقنا له. فرحنا، وطوينا صفحة الغياب. بكى البعض، البعض التمعت عيونه فقط والبعض ذهب في تأمل طويل كمن يحلم. هل تكون هذه إحدى علامات البدء بملء ((نصف الكأس الفارغ))؟! ليتها تكون.
هل سنستقبل قريباً صبحي حديدي الذي لم يطأ أرض وطنه منذ ربع قرن!؟ وفاروق مردم بك والآخرين. هل سيصبح الاختلاف في الرأي أحد مفردات الممارسة الديموقراطية الضرورية للتطور؟ هل سيصبح القانون هو ضابط العلاقات العادل الذي يحمي مواطنة الفرد؟ ليته يصبح.
هل تكون الأمور بهذه السهولة؟! بعد أن اعتقدنا أن موطن الأمل هو في الأحلام فقط! وأن لا وطن للأمل! وبعد أن اجترح سعد الله ونوس قبل رحيله جملته الشهيرة: ((إننا محكومون بالأمل))، كأنما ليقول لنفسه ولنا ان المحكوم محكوم حتى ولو كان بالأمل. وأن الأمل في هذه المعادلة ليس خياراً. ليس سياقاً موضوعياً أو ذاتياً لانسيابية حياة سعيدة. هو حتمية إنسانية مرهقة مجلجلة من أجل البقاء. الأمل في هذه المعادلة جندي على خط النار! لا يموت ولا يعيش ولا يدافع وربما ليس له أعداء!
يعود يوسف عبدلكي عودة مكثفة. فيفتتح شخصياً ولأول مرة منذ ابتعاده عن سورية معرضه الذي تقيمه غاليري أتاسي في خان أسعد باشا في السادس من أيار (مايو). أعمال جديدة، لم نرها، عن مراحل كثيرة مرّ بها مشروعه الإبداعي. يرافق بنفسه هذه المرة لوحاته، يبقى قريباً من خطوط الحفر والزمن. كان يرسلها في الماضي ويسند رأسه إلى الهواء ليستمع إلى أصدائها في العيون والنفوس. اليوم سيراها بنفسه معلقة على الجدران، وربما ستراه هي.
نقلاً عن جريدة (الحياة) ـ هالا محمد













ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذاكرة تتفتح ياسميناً
إلى يوسف عبد لكي

الأذان صاغيه تنتظر صوتاً أنثوياً في المطار ـ وصلت طائرة باريس دمشق ـ وقلوب ترتعش خوفاً ملتحفاً ضجة الأصدقاء القادمين لاستقبال الفنان يوسف عبد لكي وهمهمات داخلية: هل سيدخل يوسف إلى سوريا دون إرباك أو مضايقات أمنية ؟ هل سيتوقف ويسأل عن ماضيه ؟ هل وهل؟
وهلات لا تنتهي . أطل يوسف وزوجته وهو يجر حقائب السفر ليرى وجه والدته الغاص بالفرح والدموع معاً وسط تصفيق المستقبلين من رفاق سابقين ـ كانوا معه في السجن ـ وحاليين ومثقفين سوريين ومعتقلين سابقين وشباب ـ وباقات ورود ـ غصت قاعة المطار بهم، والجميع يطل بعينه يترقب ، يمد رأسه ليرى فنان سوريا الذي غاب عنها قسراً منذ عام 1980 وهو يدخل سوريا ليرى الشام، سوريا بعد ربع قرن فهل يصدق العقل ذلك !! ومن أجل ماذا كل هذا النفي لأنه عارض من خلال حزب العمل الشيوعي؟!!
ها هو يوسف بيننا ثانية، يوسف الذاكرة النضرة والمضيئة لنا بعد أن تهشمت ذاكرتنا بين السجن والقمع ومفارقات الحياة ، ونحن ننظر إلى شعره الأبيض غير مصدقين ما نراه ـيوسف بيننا نحتضنه احتضان من فقد ذاكرته وماضيه الجميل وأعيد إليه ثانية ـ.
وما بين القلب والقلب قلب ينبض نبض عاشق مدله لرؤية المعشوق الذي فقد التواصل معه وفجأة رآه . وبين رفة الجفن والجفن دمعة فرح تتدحرج،وأيد تمتد لترمي حرارة ما تبقى من روح متعبة تقذفها في كف يوسف التي طالما حملت ذاكرتهم المعتقلة لتعيدها مع نسمات حرية الهواء العابر للمتوسط ، وكلمات صامتة : لقد أتعبناك كثيراً ولو كانت قلوبنا تهدى لأهديناك إياها لتنصب فوق لوحاتك كلمة واحدة نحبك يا من أنعشت ذاكرتنا من جديد .
هل لك يا يوسف أن تنظر حولك لقد قدم الناس من سوريا، سوريا الوطن، جنوبه وشماله، غربه وشرقه عربه وكرده إنهم أتوا جميعاً ليقولوا أهلاً يوسف.
ارتفعت الأصوات النسائية بالغناء ( طلعنا على الشمس طلعنا على الحرية ، إلى أغنية سميح شقير وهايدا حصانك عبد لكي) لم تبق سوى أغنية الشيخ إمام رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد تاني.
من الصعب الكتابة عن عودة يوسف عبد لكي من الزاوية السياسية ليس بسبب الخوف أو المحظور أو المنوع أو الخطوط الحمراء وإنما لأن يوسف يشكل جزءاً من وجداننا وضميرنا الذي حاول النظام ليه وطيه في مستنقع الاعتقال والتعذيب لنخرج ونشتم ماضينا ومع ذلك فما زال لدينا الروح وبقايا حلم يدفعنا للحفر بأيدنا وبأجسادنا إذا اقتضى الأمر من أجل سوريا، سوريا الوطن الذي رفض يوسف عبد لكي يوماً أن يتنازل عنه ولو شكليا ليأخذ جنسية فرنسية يتلهف الكثيرون لأخذها. هل رأيتم حالمين كحالنا !!
هناك الكثير الكثير لم يقل بعد اعذرنا يوسف لأننا اختزلنا مجيئك ببعض الكلمات ونحن الذين حملنا لك في القلب ياسمين الشام وجوريه ودموع
استترت في الزحمة خوف أن تكشف هشاشة الروح التي لطالما انتظرت عودتك كما أنت.
أهلا وأهلا بك نورت سوريا يا ضمير سوريا الذي نبض بقلم فحم ينصب فوق الأبيض حصاناً يصهل وخلفه ديكتاتور .
هاهو يوسف في الشام القديمة وبالذات في خان أسعد باشا ..يفتتح معرضه لأول مرة منذ 25 عاماً .عندما كانت لوحاته تأتي عبر المتوسط باسم غير اسمه .
هاهو يوسف يمد يده مصافحاً الأيدي المهنئة بعودته و افتتاح معرضه حيث احتشد مئات من البشر ـ من فنانين، ممثلين، شعراء،كتاب، يساريين ـ ليحتفوا بافتتاح معرض يوسف مع أزاهيرهم التي غص بها مدخل الخان ولم يغب هذه المرة إكليل حزب العمل الذي أهدي لفنانه وفنان سوريا يوسف عبد لكي.
هناك شعر أحمر غزاه الشيب يتجول في المعرض ويصافح الأصدقاء والرفاق .. أتى أمس من القاهرة وفي يده القلم الذي مازال يغير في شكل الأحرف العربية التي تنمطت عبر قرون ليحييها من جديد في الشام وسوريا الشام إنه منير الشعراني .. الفنان المنفي الذي عاد منذ فترة وجيزة إلى سوريا يستقبل يوسف ويوسف يستقبله من جديد ... دامعين معاً هانحن من جديد في الشام ..في الشام القديمة .
وفي الطرف الثاني الفنان والسجين السابق بتهمة الانتماء حزب العمل هشام زعوقي المخرج السينمائي المقيم في النرويج والذي وقت زيارته إلى سوريا مع افتتاح معرض يوسف .. يصافح من كان معه يوما ما في السجن .
ولم يغب زياد القباني عن الافتتاح ..لكنه قرر أن يمارس طقساً شرقياً وهو الذهاب إلى حمام السوق.
هو يوم لا كل الأيام .. تجمع الأحبة فيه ومن فرقتهم السجون والغربة والمنافي .. مع أمل أن يعود كل منفي لوطنه بغض النظر عن انتمائه السياسي أو الديني ودون إهدار لكرامته الإنسانية .

حسيبة عبد الرحمن


لنناضل من أجل إسقاط ثقافة الخوف



#حزب_العمل_الشيوعي_في_سورية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نشرة الآن العدد 26
- الوطن في خطر دعــوة الى حـوار وعمــل انقـاذي مشتـــرك
- العدد 25نشرة الآن
- نشرة الآن- العدد 24
- الآن
- الآن العدد 22 / تشرين الأول 2004
- الآن – العدد 21 – أيلول 2004
- حزب العمل الشيوعي في سورية يتقدم بورقة حوارية وموقف من -الور ...
- -بيان- حول مسألة حزب يساري من طراز جديد
- - ورقة دعوة- من أجل المساهمة الندية والديموقراطية
- أهلاً بالرفيق عماد شيحا معنا وأهلاً قريبة بالرفيق عبد العزيز ...
- نداء بصوت أعلى من أجل تطوير حركة المعارضة الديمقراطية
- بيــــــان حول أحداث القا مشلي من حزب العمل الشيوعي في سوريا
- بيان


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حزب العمل الشيوعي في سورية - الآن العدد (27) أيار