أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عن فوائد الحروب














المزيد.....

عن فوائد الحروب


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4186 - 2013 / 8 / 16 - 19:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رغم أن مثل هذا العنوان قد يكون مستفزاً لكثيرين قد لا يرون في إراقة الدماء فائدة على الإطلاق إلا أن الحرب تبقى حقيقة صلبة وحل أخير حاسم تلجأ إليه كافة الدول ولا تستبعده حتى أشدها ديمقراطية وسلمية ومراعاة لحقوق الإنسان. في العادة تكون الحرب حل أخير اضطراري للمحافظة على استمرار الوجود والبقاء وسط بيئة معادية ولا يتم اللجوء إليه إلا بعد استنفاد جميع الحلول السلمية الممكنة الأخرى، ومن ثم لا يتبقى من وسيلة للوقوف على موازين القوة الحقيقية للأطراف المتصارعة سوى المواجهة العنيفة على الأرض. وحيث أن مواجهة عنيفة تدور بالفعل الآن فوق الأراضي المصرية بين كافة أجهزة الدولة والتيارات المدنية الداعمة لها من جهة وبين تيار الإسلام السياسي بقيادة جماعة الإخوان المسلمين في المقابل، على هذا يمكن القول أن ثمة حرب علنية مشتعلة هناك بين معسكري الدولة العلمانية والإسلام السياسي. هل كانت هذه المواجهة الدموية ضرورية، ولها فوائد؟

عقب 25 يناير 2011 ولعوامل كثيرة ليس هنا مكان تفصيلها، حدث ميل كبير في موازين القوة السياسية لصالح فريق الإسلام السياسي بقيادة الإخوان المسلمين انعكس بشكل واضح في سيطرتهم شبه الكاملة على البرلمان ثم على اللجنة التأسيسية لوضع مشروع الدستور، وفيما بعد على مؤسسة الرئاسة وبقية السلطة التنفيذية. وبعد العزل غير الدستوري للنائب العام عبد المجيد محمود وتعيين آخر في مكانه ترضى عنه الجماعة، كاد الإسلام السياسي أن يجمع بالفعل بين يديه كل سلطات الدولة الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية، علاوة على الانفراد بوضع خريطة مستقبل البلاد عبر تفصيل دستور يناسب مقاساته ويلبي بعض تطلعات حلفائه السلفيين. لكن، وهو ما لم يكن واضحاً بالقدر الكافي للإخوان والساسة الإسلاميين عموماً، هذه السيطرة شبه الكاملة على الأجهزة السيادية للدولة لم تقابلها سيطرة مماثلة على الأرض، الوضع الذي جعل هؤلاء الحكام الجدد من الساسة الإسلاميين يملكون مناصب الحكم لكنهم في الوقت نفسه غير قادرين على ممارسته، أو يصبحون "حكاماً لكن مع وقف التنفيذ"؛ رغم سيطرتهم الأكيدة على عجلة القيادة داخل الرئاسة والحكومة والبرلمان والنيابة العمومية وعملهم تحت مظلة دستور من تفصيلهم أنفسهم، لم يستطيع معسكر الإسلام السياسي بقيادة الإخوان المسلمين تشغيل عجلة الدولة المصرية والسير بها في اتجاه آمن.

هذا الفشل الأكيد في تسيير عجلة الدولة رغم الإمساك بكافة مقاليدها الرئيسية عكس حقيقة مؤكدة أخرى: أن الغلبة السياسية التمثيلية للإسلام السياسي لا تسندها في الواقع قوة حقيقة على الأرض. في قول آخر، هذه الانتصارات المشهودة التي حققها الإسلام السياسي في غزوات صناديق الاقتراع لم تكن مقياساً صادقاً لقوته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الحقيقية وسط الناس، بل الأرجح أن هي تعود إلى عوامل أخرى (تأجيج المشاعر الدينية وحشدها في قنص الأصوات، مثلاً؟!). على أية حال، قد تبين بوضوح خلال الفترة التي قضاها الإسلام السياسي على سدة الحكم في مصر أن ثمة خلل لا تخطئه العين في موازين القوى كان من تجلياته أن سيطر الإسلاميون ظاهرياً على عجلة قيادة الدولة من فوق بينما هم في حقيقة الأمر لا يملكون سيطرة فعلية مكافئة على مؤسسات الدولة والمجتمع الحيوية من تحت، التي استمرت السيطرة الفعلية عليها مجالاً لنفوذ نفس المنافس العلماني الذي أسقطه ثم أقصاه الإسلاميون عن عجلة القيادة من قبل.

حتى تعود عجلة الدولة إلى العمل من جديد، كان لابد من إصلاح هذا الخلل في موازين القوى بين الإسلاميين والعلمانيين أولاً. لكن طوال فترة العامين والنصف الماضية قد فشلت كافة الجهود والوسائل السلمية في إقناع معسكر الإسلام السياسي بقيادة جماعة الإخوان المسلمين في مصر بأن غنائمهم السياسية في صندوق الاقتراع ربما لسبب أو لآخر لا تعكس قوتهم الحقيقية على الأرض، ما يستلزم التعويض بوسائل أخرى مثل المساومة والمفاوضة والتنازل المتبادل والتسوية السياسية لتصويب أخطاء وقعت بسبب آلية ديمقراطية حديثة العهد لا تزال في طور التجربة والخطأ. وحين رفض رجالات الإسلام السياسي التنازل طواعية عن بعض من مكاسبهم السياسية التمثيلية كان لابد من الاحتكام إلى القوة الفعلية على الأرض كمقياس أكثر أمانة وصدقاً للقوة النسبية من صناديق الاقتراع. من تلك اللحظة بدأت المواجهة في الشارع بالحشد والحشد المضاد بين المعسكرين الإسلامي والعلماني، التي أفضت إلى 30 يونيو والإطاحة بحكم الإسلام السياسي بالكامل ثم إلى الحرب المعلنة حالياً ضد كل جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها الإخوان المسلمين.

خلاصة القول، من فوائد الحرب أن هي الوسيلة الوحيدة القادرة على أن تحسم مساءل نزاعية لم تستطع أن تحلها كافة الوسائل الأخرى. في المحصلة، لأنه لم يتفهم من تلقاء نفسه أن مكاسبه السياسية منذ 2011 كانت سقط رياح الربيع العربي أكثر منها نتاج جهد وكفاح وعمل سياسي ومجتمعي حقيقي على الأرض وسط الناس، قد دفع الإسلام السياسي بالفعل خروجه ذليلاً وصاغراً من الحكم ثمناً لإخفاقه في وضع تقدير واقعي لحدود قوته النسبية في مواجهة الآخرين؛ ولا يستبعد أن تنتهي به المواجهة العنيفة الحالية ضد الدولة إلى الخروج كليتاً من فضاء المجتمع السياسي المصري.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليبراليون في بيادة العسكر
- عن ديمقراطية الإسلام السياسي الموعودة
- 2- الإسلام السياسي يُحارب، لا يُسترضى
- مراهقة ليبرالية مصرية أم سذاجة في تحليل الحروب؟
- بعد فشل مشروع النهضة، الأخوان يطلقون مشروع الشهيد
- النسبية العلمانية والأصولية الدينية
- أنا رب الكون
- رهان أوباما الخاسر على الإخوان
- وهل الرُسُل بشر أيضاً؟
- مصر تسقط إرهاب السياسة الإسلامية
- المصريون يخرجون على الشرعية
- هنا القاهرة 30
- مصر الوطنية تصارع مشروع الإسلام السياسي
- أمريكا وإيران من داخل المنطقة العربية
- فضفضة مصرية فوق السد
- إسلام متقدم لمسلمين متخلفين؟!
- في الرحلة مع تطور الآلهة
- بحثاً عن شرعية مفقودة في عرض توقيعات -تمرد- و-تجرد-
- سائق اللصوص الشريف!
- هذا كلام الله مش كلامي


المزيد.....




- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - عن فوائد الحروب