أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم النجار - الدولة الفلسطينية فلسفة يومية.. ضد الراهن المنهار.. ومقاومة من أجل بعث تراث.. حي..















المزيد.....

الدولة الفلسطينية فلسفة يومية.. ضد الراهن المنهار.. ومقاومة من أجل بعث تراث.. حي..


سليم النجار

الحوار المتمدن-العدد: 1197 - 2005 / 5 / 14 - 10:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


ترددت كثيرا قبل وضع هذا العنوان الصغير الذي يبدو أنه يضع ما سنتناوله جهة السلب والنفي، إن لم نقل جهة الرفض، كما تردد في ذهني تفاديا لكل هذا أن أقترح عنوانا آخر أكثر مهادنة، كأن نقول على سبيل المثال "الدولة الفلسطينية آفاق ورؤى" لولا هذه العبارة لا تبرز بشكل جلي التقابل الذي ينطوي عليه العنوان الاساسي، ذلك أن يوحي به هذا العنوان هو مقابلة بين اليومي والفلسفة وهي مقابلة تذكرنا بالرقابة / التجديد/ والاجترار/ الابداع / والانغلاق/ الانفتاح/ والاتصال/ والانفصال/ وفي اعتقادي أن هذا التقابل الاخير هو الأكثر قدرة على أن نبتدأ به االمنفتح نحو فلسفة اليومي في طرح موضوع الدولة الفلسطينية.
وقبل أن أدخل في الموضوع مباشرة، علي التوضيح لماذا استخدمت كلمة فلسفة، في الموضوع، وأكرر وأقول أن التقابل يعني في نظري فصل ما هو غث عن السمين، وأرى أن أفضل أداة للفصل، الفلسفة، أي التسلح بروح الفلسفة للوصول للغاية.
لعل البعض منكم يتساءل: ما هذا الذي نسمعه من الساسة العرب والفلسطنيين مجتمعين، اعتمدوا كلمة الدولة الفلسطينية في اسس نضالهم وسلوكهم السياسي! ثم يتبعه سؤال آخر، هل هم أصلا أقاموا دول، أم مزارع خاص بهم أطلقوا بشكل تعسفي دول؟!
فمنذ أن حول الساسة العرب الوهم إلى ايدلوجيا، أي إلى نقيضها، إلى نقيض الحركة والجدل في عمقها، من حيث هي نظرية في المعرفة والمجتمع والممارسة، وتضخمت نزعة الوهم والايهام العقيدي بأن ما ينبنى هو الحقيقة والصح.
وسادت نزعة إلغاء الفكر الآخر، قمع الفكر الذي يوصف بأنه آخر، لمجرد أنه مختلف.. ولأنه جديد!.. وسادت النزعات والممارسات، اللاديمقراطية أي النزعات المعادية للمعرفة، لجديد المعرفة، ولتعدد عناصرها.. فهل تعلمنا؟
البعض منا يتعلم، وبعض آخر صعب عليه أن يتعلم، وبعض ثالث لن يتعلم!
انطلاقا من هذا الواقع والوقائع: أليس القول التبشيري ب "نهاية الأيدلوجيات" هو نفسه ايديولوجيا ممتازة للتغطية الممتازة على التصاعد التدميري لسائر تلك الأيديولوجيات وتبريرها؟
إنها اوهام الزمان الصعب ويأس الهزائم والإنهيارات! ولكن الحياة أغنى من كل التخطيطات ومن الأوهام النخبوية السياسية الفلسطينية التي ربطت أوهامها بتداعيات سايكس بيكو التي أفرزت مشاريع سياسية أطلقت عليها دول، عناوينها الرئيسية جواز سفر، وعلم، وجهاز أمني قمعي مهمته الرئيسية المؤول دون تطور المجتمع العربي، هذا هو جوهر ما يعرفه الانسان العربي، والتي يعيش تحت نيرانها "الدولة" هذه حقيقة يتعايش معها الانسان العربي، رغم ارادته، وتحولت مع الأيام الى سجن كبير وجحيم لا يطاق، فهل هذه الصورة التي تريد النخبة السياسية الفلسطينية إعادة انتاجها في الأراضي الفلسطينية، في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة! بعد أن رددت طويلا وفي معظم الاحيان بشكل مجاني ثرثرة بلهاء عن فكرة قيام الدولة الفلسطينية العتيدة، واصبحت "لعبة" تتسلى بها تلك النخبة، وتريد الحصول عليها بأي ثمن دون التدقيق بفحوى هذه اللعبة، وفائدتها على الشعب الفلسطيني!
وقد استطاعت النخبة السياسية الفلسطينية بمختلف ألوانها السياسية تحويل الشعب الفلسطيني الى مجتمع فرجة، يخضع الى رؤية بصرية، تلهو به أيديولوجيا الاعلام العربي والفلسطيني متحدين!
إلا أنني أرد على هذا اللهو بالسؤال: هل يمكننا اليوم أن نتحدث في الفلسفة السياسية وعنها، خصوصا عن علاقتها باليومي، من غير الحديث عن كل هذه الأمور؟ ألا تعمل الأيديولوجيا اليوم على غير النحو الذي عملت به لحد الآن ثم ألا يشكل الاعلام، الاعلام بما هو حرب، والحرب بما هي اعلام.
من هنا تغدو الفلسفة السياسية مقاومة للماضي الجاثم مقاومة للتقليد لبعث تراث حي، انها تغدو زراعة لروح التحديث ذلك أن الحداثة ليست مجرد وقوف عند مجرد، إثبات للتحولات الكبرى في مختلف المجالات، وهي ليست بالأولى حقبة زمنية، انها ليست فترة تمتد بين تاريخيين وإنما هي عصر، وما يميزه كونه علاقة متفجرة الماضي بالمستقبل.
فهل فعلا هذا الذي حدث بشأن طرح فكرة الدولة الفلسطينية على صعيد الفلسفة السياسية في وعي النخبوية السياسية الفلسطينية؟!
المتتبع لفكرة طرح الدولة الفلسطينية في الوعي السياسي الفلسطيني، يرى ان ردة الفعل هي السمة الرئيسية وأن هناك دائما مبررات غير موضوعية تجلب الوعي التبسيطي لطرح الفكرة، بشكل يبعث على الحزن والأسى ويثير العديد من الأسئلة المطلوبة، وهي أسئلة يجب ان تأكد طابع الجرئة، حتى تجد اجابات شجاعة.
فقد طرحت أول مرة فكرة الدولة الفلسطينية، عام 1897، كردة فعل على المشروع الصهيوني أثر قرارات مؤتمر بازل الصهيوني الشهير الذي طالب بإقامة وطن قومي "لليهود".
وكانت أول اشارة رسمية عربية، ما أثاره النائبان، "روحي الخالدي- ممثل القدس" "وشكري العسلي- ممثل دمشق" عام 1912 في مجلس المبعوثين حول الخطر الصهيوني واعتزم الصهيونية شراء الأراضي المشرفة على سكة الحجاز، والتوسع من سوريا حتى العراق.
إلا أن الموقف للحركة الوطنية الفلسطينية قد تغير في أعقاب انقسام "حزب العهد" الى حزبين واحد في سوريا وآخر في العراق، إذ ان هذه الحركة بدأت تعمل على أساس كياني لا قومي، فعقد أول مؤتمر خاص بفلسطين في أواخر ديسمبر "1920" بمدينة حيفا، وكان هذا المؤتمر هوبداية الحركة الاقليمية للعمل الفلسطيني في اطار الأمر الواقع الذي كان فرضه الاستعمار في معاهدة "سايكس بيكو".
ونصت قرارات مؤتمر حيفا على رفض وعد بلفور، ومع الهجرة اليهودية، والمطالبة بإنشاء حكومة قومية في فلسطين، فكانت "التنظيم القومي الفلسطيني" يظهر لأول مرة وتتابعت بعدها المؤتمرات في الوقت الذي كان فيه الاستعمار البريطاني يوطد أقدام الصهيونية في فلسطين.
أرى في ضوء ما تقدم، ان السؤال الصحيح يجب ان يكون"كيف واجه المؤتمرون عن فكرة الدولة" كبديل عن" كيف واجه المؤتمرون حقيقة قيام دولة" ان هذا هو الصواب، ليس منهجا، بل سياسيا وتنويريا أيضا.
فإختار المكان لم يكن مصادفة، حيفا كانت قد توسعت إبان الاستعمار البريطاني، وتحولت بسرعة غير منطقية الى مدينة كبيرة، لا تتناسب مع التطور الديمغرافي الفلسطيني، وبقدرة الاستعمار البريطاني اصبحت المدينة، مدينة جذب لكل فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني، وأصبحت المدينة سوق عمل، ورب العمل الاستعمار البريطاني، نخلص من هذا الحراك الاقتصادي ان مدينة حيفا أصبحت محط أنظار الفلسطينيين اقتصاديا، بعد أن أسست بريطانيا ميناء ضخم ومصفاة بترول، طبيعي ان تستفيد بريطانيا من الموقع الجغرافي البحري للمدينة للاستفادة فيما بعد في حروبها الكونية، ولم يقف الاستعمار البريطاني كثيرا، أمام الهوامش الواعية في البنية الاجتماعية القادمة لحيفا من مختلف المدن والقرى الفلسطينية، خاصة ان هذه الهجرات الداخلية بقيت محافظة بقوة على انطلاقها، فلم يكن مستغربا ان تصرف بعض الأحياء في مدينة حيفا بأسماء المهاجرين الجدد، كحارة الغزاويين على سبيل المثال!
لقد اتسمت أفكار المهاجرين الجدد بالتسرع في الحكم والاستنتاج، وردة الفعل، وهذا الوعي الفطري لم يكن من باب المصادفة بقدر ما كان انتاجا استعماريا بريطانيا، لذا لم تعطي بريطانيا أي اهتمام جدي في محاربة الوعي الفطري، الذي اقترب في مراحل كثيرة، من اطروحات ساذجة، خاصة ان فكرة الدولة الفلسطينية خرجت من مدينة كانت بريطانيا هي التي وسعتها وسمنتها، وبالتالي هي التي تملك مفاتيح تفكيك هذه المدينة، وبالتالي ينفق "المولد" وكل واحد يذهب لحاله قدره.. وهذا بالضبط ما حصل في عام 1948 ، صحيح ان المولد احتاج الى "28" عاما لإنفضاضه، لكن في نهاية المطاف انفض المولد!
وما حصل في نكبة عام 1948، قد اصاب الفلسطينيون بإنتكاسة فادحة، واتجه الفلسطينيون الى العمل من خلال الدول العربية، أي استبدلوا الاستعمار البريطاني بجزر اجتماعية عربية صدقت نفسها بأنها دول لتمارس شرعيتها من خلال هذه النكبة.
واستمر هذا الحال، حتى عام 1965، وانطلقت حركة فتح في الكويت، التي أصبحت دولة بفعل الدعم البريطاني اللامحدود، من أجل وضع عائقا سياسي لطموحات الدولة العراقية، التي تراها بريطانيا أنها تملك مقومات الدولة الحقيقية التي قد تؤثر في المستقبل على المشاريع الاستعمارية! ولإكتمال الصورة سمحت هذه الدولة الناشئة بالنشاط السياسي لحركة فتح، لسببين رئيسيين:
أولا: التغطية والتمويه على ما قامت به هذه الامارة من سلوك سياسي شائن بحق الحزب الشيوعي الايراني، على أثر هروب العديد من كوادر هذا الحزب أثر سقوط حكومة مصدق من قبل المخابرات الامريكية، وقدومهم للكويت، وقامت سلطات هذه الامارة مع امريكا بتسليمهم الى ايران.
ثانيا: اعطاء مشروعية عربية على هذه الدولة الناشئة، وكسب عطف رسمي وشعبي عربيان، في حال تعرضها لأي هجوم عراقي، وهذا ما حصل عندما نادى عبد الكريم قاسم بضرورة عودة الكويت الى وطنها الأم العراق، وعارض الزعيم عبد الناصر هذا المشروع، ولكلا أسبابه الموضوعية في التعارض، لكن بقيت الجغرافيا السياسية مرمى صراع القوى المتسارعة في الخليج العربي، وكان العنوان الفلسطيني مشروعا يعطي صفة الشرعية للجغرافيا السياسية الكويتية.
ويمكن الخروج بتصورين أساسيين برزا في الفلسفة الفلسطينية السياسية بخصوص الدولة الفلسطينية الواحدة على كامل التراب الفلسطيني، التصور الأول كان قبل عام 1948، وتركز على المطالبة بدولة فلسطينية واحدة ذات شخصية واحدة وسيادة واحدة، ولكن على أساس الاعتراف بوجود قوميتين متميزتين هما القومية العربية واليهودية، واعطاء كل "قومية" من القوميتين قوتا متساوية في اطار الدولة الواحدة، أما التطور الثاني فهو ينادي بالدولة الفلسطينية الواحدة ذات الشخصية الدولية والسيادة الواحدة لكن على أساس الاعتراف بالمواطنين كأفراد لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات دون تميز بينهم على أساس الدين او العقيدة أو اللغة، وهذا التطور هو الذي طرحته الثورة الفلسطينية في يناير 1968 فيما عرف بالدولة الديمقراطية كاستراتيجية نضالية للعمل الفدائي الفلسطيني.
ومن المحطات البارزة وذات دلالة ما قام به نوري السعيد رئيس وزراء العراق 1942 في كتابه الأزرق بعنوان "خطة الهلال الخصيب" وتضمنت مقترحات التي طرحها نوري السعيد دعوة الأمم المتحدة الى اعادة إنشاء سوريا التاريخية، أي اعادة توحيد سوريا ولبنان والاردن في دولة واحدة، على أن يكون لليهود في اطار هذه الدولة السورية استقلال ذاتي في بعض الامور المحلية كالمدارس والمستشفيات والمؤسسات الصحية والبوليس دون غيرها من الأمور السيادية، ورغم هذه الدعوات الذي نادى بها نوري السعيد على اعتراف صريح بالقومية اليهودية، لكن بشرط الحفاظ على الدولة الفلسطينية الموحدة أي رفض التجزئة والتقسيم التي كانت تنادي به بريطانيا وتحمل دعوات نوري السعيد في طياتها ردا لكل ذي بصيرة رفضه المطلق اقتطاع الكويت من العراق وردا على دعوات القطرية للجغرافيا العربية، لكن الظروف الدولية كانت أكبر من أي دعوات سياسية في حقيقتها تحمل بذور وعي.
أما المحطة الثانية والتي هي لها دلالات هامة ما نادى به نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية عام 1968 في محاولة لترويج منه لفكرة الدولة الديمقراطية فقد طالب حواتمة في لقاء له مع صحيفة لوموند الفرنسية في يوليو 1968 في اقامة دولة ديمقراطية وشعبية في فلسطين تضم العرب واليهود في اطار اشتراكي، يكون النموذج اليوغسلاني نموذجا، وايجاد حكومتين مستقلتين ترتبطان بسلطة واحدة في مجالات الاقتصاد والأمن والسياسية الخارجية.
هنا أرى من واجبي ومن حقي التساؤل عن هذه المشاريع حملتها فهلوة اعلامية قادها بعض المسؤولين العرب أو المناضلين، هل فعلا كانوا يعوا معنى القومية والدين؟ أم كانوا مستلبين لفكرتي بريطانيا الغرب وتعريفها للقومية أو فكرة ستالين القومية التي رفضها شكلا ومضمونا؟ وعلى الرغم من كثرة الحديث عن الدولة الديمقراطية كما حاول نايف حواتمة على ترويجها على اعتبارها امتياز لمنظمته، لكن في حقيقة الأمر الشيوعيين الفلسطينين تجاوزوا هذه الفهلوة الاعلامية وقبلوا بدولتين أي بالتقسيم لادراكهم العميق بالتطورات الدولية التي عقبت الحرب العالمية الثانية والتي خرج الغرب منتصرا والشرق- الاتحاد السوفياتي- شعوره بالتصور وادراكه لخطورة التفوق الغربي ومن الطبيعي التوجه للداخل بناء منظومته التكنولوجية، ويعني هذا على أرض الواقع التوافق مع الغرب فيما يخص الصراع العربي لأن له أولويات خاصة وهذا ما أدركه الشيوعيون الفلسطينيون مبكرا، لكن قوى الظلام المحافظة رفضته من باب المزايدة والانتقاس من حقيقتها التاريخية في زعامة فلسطين، لأم قبول هذه القوى بدولتين يعني فعليا ان هناك قوى اجتماعية صاعدة ستأخذ زمام القيادة، فظلت هذه القوى الشخصي عام العام وضاعت الدولة بالمعنى السياسي وبالمعنى الجغرافي! والحق ان نايف حواتمة الجديد الذي جاء به الاستشهاد بالنموذج "اليوغوغسلافي" أما المحطة الثالثة والتي تعي دلالة هي الأخرى وما قاله الراحل خالد الحسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح سواء في تصريحاته الصحفية، في كتبه التي عرفت ب "يوميات حمار وطني" التي أثارت جدلا واسعا في المشهد السياسي الفلسطيني الذي حمل هجوما واسعا على "انتفاضة فتح" التي انشقت على فتح بدعم سوري مطلق فقد عرف خالد الحسن أنه يمني لكن يمني تنويري! فقد طالب بدولة فلسطينية متميزة طابعها الاول تجاوز الطابع الدكتاتوري للجزر العربية التي تعرف بالدول!
وكان لهذا المنظر السياسي الوطني مشروعا اقتصاديا أساسا تقوم عليه الدولة الفلسطينية فقد خاض الراحل خالد في التفاصيل الاقتصادية والتاريخية لقيام دولة فلسطين دون الدخول في تفاصيل سياسية تتعلق باليهود ولعل هذا ما يفسر رفض خالد الحسن اتفاقات أوسلوا القائمة في جوهرها على اقامة "مسخ" مكرر للجزر العربية، ولعل الشاعر العربي الفلسطيني عبر عن هذا الرفض في أروع صور الرفض عندما قال ما أعظم الفكرة وأصغر الدولة، فلم يكن إذا مستغربا تهميش خالد الحسن في هذه المرحلة لدرجة أنه عندما كان يرقد في المدينة الطبية في عمان لم يكن يزوره الرئيس الفلسطيني الراحل على الرغم من كثرة زياراته لعمان، وهذه الظروف لها دلالات سياسية فعرفات يريد دولة فلسطينية بأي ثمن وبأي عصى وبالتالي من يعارض هذا التوجه كان يتعاطى معه بالتهميش فكان خالد الحسن اذكى وأكثر قدرة على التعاطي مع المتغيرات على الصعيد الاستراتيجي بالنسبة لمفهومه للدولة الفلسطينية، فحتى موته أراده ان يكون سياسيا فاختار المغرب ان يكون مثواه الأخير وهذا الاختيار ذات دلالات سياسية كما فعل الحاج أمين الحسني عندما اختار بيروت ان تكون مثواه الأخير بعيدا عن الاردن، وهذا النهج من قبل اليمين الفلسطيني لم يأت من باب المصادفة بل رسالة لكل من يعنيه الأمر، ان فلسطين لا تقبل الوحدة مع الجزر العربية لكنها بكل تأكيد تقبل مع القسمة مع هذا جزء ولعل اصرار الرئيس ياسر عرفات ان يكون مثواه الأخير رام الله، ضمن هذا السياق يأتي اختيار الرئيس الراحل وادراكه متأخرا ان فلسطين تقبل القسمة مع الجزر العربية وليست الوحدة، فأراد من مثواه ان يكون رمزا للدولة الفلسطينية.
بقيت مشاريع الدولة الفلسطينية تتأرجح في وعي النخبة السياسية الفلسطينية بين مد وجزر حتى وصل الأمر الى ان تقام في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، هذا التعريف على الصعيد الجغرافي لكن حتى الآن لم تعرف ملامح الدولة اقتصاديا وسياسيا وان كانت بعض السلوكيات السياسية تمارس حاليا كالانتخابات التشريعية والرئاسية والبلديات لكنها تبقى سلوكيات اقتضتها الظروف السياسية الدولية والظرف الموضوعي عنوانه البارز الاحتلال "الاسرائيلي" لكن هذه السلوكيات لم تتطور على صعيد الفكر السياسي الفلسطيني ومن ثم تصبح هناك فلسفة سياسية خاصة بالدولة الفلسطينية خاصة ان هناك أسئلة مشروعة بالنسبة للشتات الفلسطيني حول ماهية الدولة.. وهذا سيكون عنوان المقالة الثانية.



#سليم_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الحركة العمالية العربية- بين طاعون الفقر وكوليرا القوانين ا ...
- معضلة الأمن في الفكر السياسي الفلسطيني
- عرضية أيدولوجية أزمة العقل العربي السياسي
- سوريا في مفترق طرق استراتيجي ـ لبنانيا
- الحركات الاسلامية الفلسطينية بين تقديس النص واختراق الآخر له ...
- ابو مازن سكة الوعي المتأخر
- جندرما فتح.. اليمين الفلسطيني سلطنة على زعامة فلسطين
- السياسة الفلسطينية في عالم متغير فشل اليسار الفلسطيني في انت ...


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم النجار - الدولة الفلسطينية فلسفة يومية.. ضد الراهن المنهار.. ومقاومة من أجل بعث تراث.. حي..