أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الهلالي - سميح القاسم أسرار الشاعر وأشعاره















المزيد.....

سميح القاسم أسرار الشاعر وأشعاره


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 4186 - 2013 / 8 / 16 - 08:16
المحور: الادب والفن
    


رصيد القبلات

وهل كانت الكلمات غير قناطر وامتدادات تشد الاحساس إلى الإحساس، والصوت إلى السمع والتراب إلى الفم،والأمكنة إلى الآلهة...؟ وهل كان الشاعر غير خيط لا تحتمله الأبر ولا أسئلة المخابرات! وهل كان غير انتظار لمن سكننا... وصار كقدر لنا... نحمله... نجمله تارة ونقبحه أخرى.. لكن أبدا.. ما كنا نستطيع ولو أردنا لفظه... يأتي من "أسرائيل" إلينا.. حاملا فلسطينا... فلم يجد فينا غير نفسه وأرضا هي ملجأ أحلامنا. وأوهامنا وأحقادنا، هي محج رمزي للمؤمنين والملحدين والعشاق والتجار والمومسات والقديسين... أي أرض سمحاء يمكنها أن تقبل بهذا الجحيم الذي يمشي رافعا سخطا عاليا؟؟
قبلة لمصر، وأخرى لتونس... والخامسة لهذا المكان. كم تبقى من آثار القبلات الأربع للخامسة؟ وكم كان انتظار الفم ليلثم للمرة الخامسة أرضا هي الأرض... ووجوها ليست ككل الوجوه؟
ماذا يريد الشاعر المسافر إلى القبلات... الراحل إلى عشاقه المنفيين فيه؟

( وأريد امرأة
تغفر أخطائي الكثيرة
ثم تنساني إذا غبت قليلا
ثم تهواني
إذا عدت قليلا
وتغني لي وتبكي
وأنا ألفظ أنفاسي الأخيرة...)
(سميح القاسم- من ديوانه "الموت الكبير" دار الآداب- 1972)

ستمحو القبلات أيها الرفيق القبلات! وستنسيك الوجوه الوجوه! وسيظل رنين الوطن في صوتك منتصبا... ماذا تريد أيها الشاعر؟ الغفران؟!!

الشاعر وعرفات

ماذا يمكن أن يقول الشاعر للرئيس؟ أي شعر يمكن أن يمتد حصيرا بين الشعر والسلطة؟ حتى وإن كانت ثورية! قال الشاعر: أنا شاعر أولا وقبل كل شئ... فليس من الضروري أن أسمي الماء ماء، والدم دما... والحجر امتدادا للأيادي! قال الشاعر إن السلام في بعد من أبعاده يحجزن القلب ويفتك بالأمل ... ذلك أن الوطن -كالحب- لا يتجزأ... وأن الوطن ليس فيه أول ولا آخر قال الرئيس: إن حزني أكبر من حزنك!
وهل للشعراء أسرار؟ لا أسرار للشعراء لأن قصائدهم عري ينفذ في القلب ليعريه... فالشاعر لا يعرف كيف يندس في السر.. إن عيون أحبابه ترمقه: قل لنا أنا أنت أيها الشاعر، نحن نعرف أن الشعر هو ملحمة اللآلهة... إن الأنبياء لو لم يكونوا أنبياء لكانوا شعراء!! قل لنا، إن السياسيين يركبون قلوبا من حجارة.. أما أنت فالكلمات انسياب على أرض وطن.. للمسة وجه حبيب... حبيب يحب على طريقة المحبين، وليس على الطريقة الإسرائيلية:

(من يشتري قصائدي
برتبة من المدرعات؟
من يشتري ساقي التي لاتعرف التعب
بواحدة
من الخشب؟
ومن يريد وجهي الجميل
بآخر، مشوه بالحقد والبارود؟
ومن يريد غرتي بخوذة؟
وشفتي الطماعة الذكية؟
(سميح القاسم- الحب على الطريقة الاسرائيلية- من ديوانه" الموت الكبير")

الشاعر المرغوب فيه

لقد انتظرنا مجيئك فينا، كما ننتظر اللذين سيأتون يوما، ليقولوا لنا شيئا ما... يفتح طرقات نحو الحميمية... هذه كانت قصتنا مع الأنبياء جميعا ... ثم بعدهم جاء الشعراء... ليعبروا عن تيهنا:
(متى تطفئ النار نار؟
متى يغرق البحر بحر؟ متى
تخمد الريح ريح؟
متى
أتى ما مضى ومضى ما أتى
فقولوا متى
(من قصيدة "شخص غير مرغوب فيه" من ديوان "شخص غير مرغوب فيه" دار الكلمة 1986)

أيها الشاعر الحفيان الذي يقطع صحراء القلب باحثا عن وطن هو فيه.. لكنه مهزوم بعريه وباحتراقه... يبحث عن نار -ليست ككل النيران- تطفئ النار. وعن بحر - ليس ككل البحار- يغرق البحر، وعن ريح - ليست ككل الرياح - تخمد الريح!!
لم يعد في الناس ما يجعل الأمل مشتعلا.. لكن الكون ما زال محملا بما يكفي من الغضب لإنقاذ ما تبقى من أمسيات الشعراء
هل خرجت فعلا من هناك... وهل شاهدت شيئا آخر غيرك؟.. فلماذا الخروج؟ ألم يكفك خروج الأنبياء أجدادك؟ هل تخرج لتعود؟ لكن العودة هي مسكننا... نحن لا ننقطع عن العودة إلى جحيمنا

(سأخرج من جسدي... لا أطيق
وأبحث عن صديق
سأرحل عن خطوتي... لاأطيق
وأبحث عن طريق سواي
وهذي خطاي
وفي جسدي الخطوة المقبلة
(شخص غير مرغوب فيه)

من يرغب في من؟ ومن لا يرغب في من؟ عواصم الدول لا ذاكرة لها. ومطاراتها زوابع ساعة. أما المخبرون فهم قيئ الإنسانية. وهل كان لشاعر مرغوب فيه من قبل العواصم أن يرسم وجها لشخص نكرة -حتى وإن كان فلسطينيا ذلك أن الفلسطينيين وبفعل وجود الإسرائيليين، وحدهم المعرفين- غير مرغوب فيه؟ وهل حطم الشاعر اليوم الجدران؟ وأصبح مرغوبا فيه؟ أنت تعرف من تكون
على الأقل مرة واحدة:
(أنا الممكن المستحبل
ولا ظل غيري
ولا شكل غيري
ولا حل غيري
وحملي على قدر ظهري
وظهري على قدر عمري
وعمري على قدر صبري
وصبري جميل جميل
وصبري طويل طويل
(شخص غير مرغوب فيه)

شاعر القدس

فلسطين أولا؟... هل هو صوت شاعر يهذي؟ أم استيهام جماعي يحول السيرورات القاسية إلى أغاني راقصة؟ هل يمكن للشاعر يوما أن يفقد ذرته الواقعية؟... ليغرق في صورة لا أبعاد لها؟ صورة لا تتجاوز نفسها... لا يمكنها أن تخطو خطوة واحدة بدون قذف؟
فلسطين أولا... هي قبضة شاعر أن يمسك بها حفنة من تراب... كوخا... خربة... ليرفع من هناك علما... لفلسطين أولا... ومن تلك القبضة... في قلبها... تسكن القدس.. ذلك أنه إذا كانت الأرض مقدسة كما هو صوت الإله... فالقدس قدس.فكيف لقدسية قدسي ينام في أحضان مقدس أن تزيغ عنه الأبصار...؟
(لتنسني يميني
إذا نسيت القدس
ولتخلد على جبيني وصمة
عصر الموت والجنون
ولتنس وجهي الشمس
ولينعب البوم على صوتي
وأطفالي وزيزفوني
إذا نسيت القدس!
(سميح القاسم -إذا نسيت القدس- من ديوانه "الموت الكبير")

من القبلة الخامسة إلى العناق

ثمة مطر في الذاكرة، مطر قصائد نزلت كالسور تباعا، فهاجمت الأنفاس، وتصلبت الأيادي منتفضة. ذلك أن الغضب كان يرتل ترتيلا على تقاسيم الوجه وامتداد اليد لتذوب في العناق:
(وتعال
إن عناقنا الدموي
فاتحة الحقيقه
وتعال
نبتدئ الخليقه)
(شخص غير مرغوب فيه)

لتبدأ الخليقة مختلفة، مغايرة لنفسها، لقد طال سباتها في وضعية واحدة، لقد مللنا تنفسها الهرم. وبثورها الفجة. وأظافرها النتنة. وأصواتها المبحوحة. كيف نبدأ ونحن على بعد مسافة حياة من البداية؟ كيف نبدأ ونحن لا نعرف إن كنا قد بدأنا يوما، أوذقنا طعما لانتصار متوحش على العدم..!
تعالوا أيها الرفاق... تعالوا... فالجياع منتظرون... جياع للخبز.. جياع للحرية.. جياع للمحبة.. جياع للجنس.. جياع للشعر.. جياع للنبوة.. جياع للحلم.. الحلم بكل من يكفر بالجوع حتى وإن كان شيوعيا كفلاديمير إليتش لينين...أليس كذلك أيها الشاعر؟

(وعندما ألم يافلاديمير إليتش لينين
بوجهك القوي والسعيد
بوجهك الضعيف والسعيد
بوجهك الضعيف والحزين
وهو يطل من أعالي الزمن
القديم
على أعالي الزمن الجديد
وعندما أبصر في فجر ككل فجر
أحذية الغوغاد والطغام والعبيد
وهي تدوس الشمع والسجاد
والبلور
وتسحق التيجان والقصور
أشم خبزا طازجا على موائد
الجياع
وأرتوي، أغسل وجهي، أملأ
الجرار والسدود
من عطش السراب
وأفتح الكفين والعينين والزمان
وأفتح الأبواب
لتدخل الشمس على جسر من
العذاب!
لأنني لم أخسر الجدارة
بلقمة نظيفة ونزهة ليلية
لأنني لم أخسر الجدارة
بامرأة، وبدلة جديدة، ومكتب
لأنني في حضرة العراه
يخجلني رغيفي
(سميح القاسم -درب لينين عبر الحواس الخمس- "الموت الكبير")

هذا الشاعر قد أتى.. رغم أنه كان دوما هنا.. أسماؤه معلنة في القصائد التي لا تحمل اسمه... وصوته يسري بين فلسطين وهنا... كرغيف قد من عرق يرفعه الجياع ضد سلطان الرأسمال... فلتفتح القصائد لتخرج منها الأوطان ذلك أنه -أولا وأخيرا- ليس هناك غير وطن نحمله بين الضلوع



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المفهوم الفلسفي
- النظرية العلمية
- من الربيع العربي إلى الثورة
- الحُبُّ عِبَادَهْ
- يَا أَنْتِ
- قالت انتظر
- في البدء كانت النساء
- صرخة عشاق
- هَكَذا أَنْتِ الآنَ
- أنا وأنتِ
- فرح عاشقين
- أعنف اللذات
- حين أحبك
- يوم بدون ضجر
- زيارة
- اشتهاء
- تأويل
- استراحة التعب
- ربيع دموي
- أحذية المستشفى


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الهلالي - سميح القاسم أسرار الشاعر وأشعاره