أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق رشيد التميمي - تمكين السياسة الاجتماعية في العراق عبر المحكمة الاتحادية















المزيد.....

تمكين السياسة الاجتماعية في العراق عبر المحكمة الاتحادية


صادق رشيد التميمي

الحوار المتمدن-العدد: 4185 - 2013 / 8 / 15 - 13:26
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



يواجه المحكمة الاتحادية في العراق تحديان من الممكن أن يقوضا مركزها القانوني المفترض في بسط نفوذها كمرجع أساسي في عملية شرح مضمون القيم السياسية والاجتماعية خلال تصديها للنزاع الدستوري ذي الصلة. التحدي الأول هو إمكانية تصفية التناقضات داخل الدستور عبر عملية تفسير وتأويل متواصلة وفق رؤية فلسفية واضحة تؤصل للنزعة الإنسانية في السياسة والمجتمع .أما الثاني فهو مدى مقاومتها نفوذ مبدأ التوافق السياسي على وظيفتها إذ بات شائعا ان التوافق اصبح مرجعا احتكاريا للسياسة بدلا من الدستور.

ان تمدد مبدأ التوافق واسعا ليشمل عملية صناعة قرار المحكمة القضائي من شأنه ليس فقط ان يطيح بمبدأ استقلالية السلطة القضائية ويحولها إلى سلطة مقيدة وتابعة وإنما يطلق العنان للفئات الإثنية والمذهبية القابضة على السلطة في إصدار تشريعات توافقية تنتهك أو تهمل الحد الأدنى من القواعد الأساسية التي يتطلبها أي عقد دستوري كما حصل في تشريع قوانين تنتهك مبدأ المساواة وقواعد المحافظة على المال العام كفرض قوانين تقاعد تمايزية لجماعات محددة أو فرض معدل رواتب بلا معايير اقتصادية أو إصدار قوانين تبرر الكسب بلا سبب ،كالاستيلاء على الممتلكات العامة وتوزيعها بلا مقابل وخلافا للقوانين أو تخطي المدد الدستورية المفترضة لتشكيل الحكومة اذ بدا واضحا من هذه التجاوزات ان المحكمة مغلولة اليد لصالح مبدأ التوافق ونهجه الابتزازي وإذا كانت المحكمة لا تتدخل من تلقاء نفسها اذ لابد من دعوى مقامة وتحقق معيار الضرر المباشر فانه من المهم القول ان المحكمة توفرت لها اكثر من فرصة عبر نزاعات دستورية ذات ارتباط لممارسة ولاية رقابية على هذه الانتهاكات كما من المهم التذكير هنا كيف علقت المحكمة سريان قرارها المرقم 12 لعام 2010 حتى الانتخابات القادمة الذي تضمن عدم دستورية الفقرة رابعا من المادة 3 من قانون الانتخابات وإذا كان البعض يجادل بأن العراق بات خصبا في توليد المشاكل وان الطرق الاستثنائية فقط كالتوافق من شأنها إدارة وتنظيم هذه الخلافات تمهيدا لحلها فانه من المهم التأكيد ان مبدأ التوافق السياسي يصبح فقط ضروريا في الأزمات العاصفة التي تهدد الاستقرار أو عند الإخلال بأسس عمليات التنمية المتكافئة ،كما على المحكمة ان تستثمر أي نزاع دستوري ذي صلة وان تعرف أو تشرح مفهوم التوافق السياسي وشروطه ونطاقه وآثاره ومدى أهمية وضرورة هذا التوافق في عملية الاستقرار والتنمية دون المساس بالحقوق الأساسية للأفراد التي يحميها الدستور والمواثيق الدولية الملزمة للعراق ،وعلى وجه الخصوص تلك التي تدعم الحريات المدنية وحقوق المرأة وكذلك على المحكمة التعامل مع التوافق على انه استثناء لا ينبغي التوسع فيه واستخدامه كذريعة لتكريس الهيمنة وتبديد الملكية العامة وحماية الفساد المتبادل والإفلات المتواصل من المساءلة والعقاب .
إن الدستور العراقي هو ذاته إشكالي وأبرز مثال مازال موضوع التعديلات الدستورية وإقرارها معلقا على الرغم من ان هذه التعديلات ليس مدارها إعادة صياغة النصوص الدستورية التي حشدتها التيارات الانعزالية بتراث تصادمي، فالدستور العراقي هو نتاج لقسر مجموعة من الدساتير عبرت عن التطلعات المحلية الصرفة لهذه التيارات.
ان عمليات تفسير وتأويل النصوص الدستورية من الوظائف المعقدة هي ليست عملية إجرائية ذات بعد قانوني صرف ، فأغلب النصوص الدستورية هي نصوص سياسية يكتنفها عدم التفصيل والوضوح أو التعارض والتناقض بين مرجعيات الأصالة والحداثة بشأن مفهوم الحق ومضمونه مما يتطلب نوعا من القضاة لديهم اطلاع واسع على الاتجاهات الفلسفية والفكرية الحديثة . يقول احد قضاة المحكمة الدستورية الأمريكية ان تفسير الدستور يتطلب قاضيا لديه حدس فيلسوف وخيال شاعر. إذ بلا شك تلعب الرؤية الفلسفية لقضاة المحكمة العليا دورا مهما في شرح النص ،وغالبا ما يستتبع آثار النص نظام ما في إدارة المجتمع والسياسة ذلك ان مفهوم الحق كافتراض اجتماعي قابل للتحول والتغير هو غير مفهومه كامتياز مؤبد صنعته حقبة تاريخية اكتسب سلطته بالتقادم والاعتياد ،هذا التباين في رؤي مفهوم الحق يكون مؤثرا من حيث قضايا التنمية الاجتماعية والحرية الفردية ومبدأ التوازن بين الطبقات الاجتماعية وإمكانية تقويض نفوذ السلطة في الاستغلال والتجاوز. وبعبارة أخرى الرؤية الفلسفية لمفهوم الحق حاسمة من حيث مدى أولوية الاجتماعي المعاصر على الماضي وأولوية الإنسان على تشكيلات التاريخ الإكراهية
يذهب الخبراء إلى ان هناك اتجاهين في ما يتعلق بمنهج شرح وتفسيرالنصوص الدستورية، الأول هو شرح النص وفقا للفهم الأصلي للنص ونية مشرّعيه، إذ ان القضاة ملزمون بتعقب قرينة إنتاج الدستور لفهم مقاصد من كتب الدستور، في حين ان الاتجاه الثاني يذهب إلى ان شرح الدستور يجب ان يتم على اعتبار انه وثيقة حية قابلة للتطور بحيث يكون ملائما للمتغيرات والحاجات الاجتماعية المتجددة .هذا الاتجاه يفترض ان الدستور يجب ان يشرح طبقا للمعايير والظروف المعاصرة لأن الدستور كتب للأجيال القادمة. كما يفرق البعض بين نوعين من التفسير للنصوص الدستورية التفسير الذي يهدف إلى إزالة الغموض وتوضيح النص وحصره بمعنى واحد ومثل هذا التفسير يطلق عليه التفسير كفعل معرفة إذ يتطلب مهارة حرفية كافية .أما التفسير الآخر فهو يقوم على اعتبار ان النص لا ينطوي على معنى واحد وإنما يحمل اكثر من معنى . ومثل هذا التفسير يرتبط برؤية المؤول للنص إذ يمكن ان يكون للنص معنى لانهائي ويطلق على هذا التفسير كفعل إرادة. مثل هذا التأويل يرتبط بالدرجة الأساس بماهية الاتجاهات الفلسفية التي يتبناها قضاة المحكمة العليا وقراءتهم للإيديولوجيات التي تختفي وراء النصوص بخصوص قضايا متعددة، ومن هنا تكمن أهمية دور القضاة وثقافتهم في شرح عبارات ومضامين النصوص الدستورية.
من القضايا الإشكالية في الدستور ومحل جدل متواصل هي علاقة المركز الفيدرالي بالأقاليم من حيث تفسير وشرح ما يدخل في اختصاصات الحكومة الاتحادية والاختصاصات المشتركة بين السلطات الاتحادية والأقاليم ،فعلى سبيل المثال التصادم بين نص المادة (111) التي تقر بملكية النفط والغاز لكل العراقيين في كل الأقاليم والمحافظات وبين أولوية القانون الأقاليمي على كل مالم يتم ذكره في الاختصاصات الحصرية أوعند تعارضه مع القانون الفيدرالي في ما يتعلق بالصلاحيات المشتركة حسب المادة ( 115). كما ان المحكمة عاجلا أم آجلا ستنخرط في شرح ثوابت أحكام الإسلام ومبادى الديمقراطية الواردة في المادة (2) وكيفية إزالة التصادم بين هذه المفاهيم وكذلك شرح المفاهيم الواردة في المادة (2) من ثانيا المتعلقة بحماية الهوية الإسلامية للشعب العراقي وعلاقة هذه النصوص بنصوص حرية التعبير والحريات الفردية الأخرى بما فيها حرية المعتقد كما ان المحكمة ربما توضح مضمون وحدود الحق بالتعليم والحماية الاقتصادية والصحية التي تكفلها الدولة للفرد والأسرة وفقا للمواد (30) و(31) و(34) وعلاقة ذلك بالنهج الاقتصادي الذي يقترحه الدستور وماهية القيود على الملكية الفردية ودور الملكية العامة في خلق توازن بين الطبقات يوفر الحد الأدنى من تنمية السلامة الذهنية للأجيال على قدم المساواة.
على المحكمة ان تطور معيارا متسقا للحقوق وعلى وجه الخصوص الحقوق الاقتصادية والمدنية على اساس منطق الحماية المتساوية وان تراقب القوانين الفدرالية فيما اذ كانت منسجمة مع هذا المعيار وان لاتعطي امتياز للقوانين المحلية بانتهاك هذا الاتساق بحجة اولوية القوانين الاقاليمية على الفدرالية اذ ان اولوية القوانين المحلية في الدستور لايعني انها محصنة من الاهمال او عدم الاعمال اذ شكلت تراجعا عن معايير المحكمة التي وظفت في شرح النصوص وتأويل المعنى كما ان المحكمة عليها ان لا تتردد بالتصدي لمنطق توافقي ينتهك الدستور لان من شان ذلك ان يميع مبدأ الشعب مصدر السلطات ويعزز احتكار الكتل السياسية للبعد الطائفي والاثني التمثيلي فضلا عن انه يكبح ظهور كتلة اجتماعية واسعة ومتماسكة تتخطى هذه الكتل وتحالفاتها القائمة على مصالح عصبية - اقتصادية. اذ على المحكمة وباستمرار وكلما برز نزاع قضائي ذو صلة اعطاء تعريف سياسي لمفهوم الشعب يرتبط بمبدأ المساواة والحقوق المدنية بعيدا عن التشكيلات الدينية والاثنية بمعنى اخر خلق مجتمع افقي لايستند الى تراتبيات تحتكر تمثيل المكونات التي تكلمت عنها نص المادة (3) الامر الذي يستدعي من المحكمة كلما كان مناسبا شرح مفهوم الشعب بعيدا عن منح امتيازات لتمثيل قسري قائم على الانتماء للدين والقومية والمذهب. كما على المحكمة وكلما توفرت لها الفرصة ان ترسم حدودا بين الدولة والحكومة وكتلها التمثيلية وبالدرجة الاساس مراقبة تخصيص المال والانفاق العام من حيث انه يعزز حيادية الدولة عن الحكومة والكتل التمثيلية وثانيا لايسمح باستثمار تراتبي للعلاقات الدينية والاثنية على حساب المال العام وثالثا يحقق مبدأ المساواة فعلى سبيل المثال الانفاق الحكومي على طقوس دينية كالحج وزيارة المراقد يدمج الدولة بالحكومة وكتلها النافذة
على المحكمة ان تأخذ بمنهج التفسير الذي يستبعد مقاصد المشرعين لأن نصوص الدستور تمت كتابتها تحت لحظة سطوة ثقافات محلية كشفت عن ارتباك وتقاطع في مرجعيات مفهوم الحق أو تعريف مفهوم الشعب، لذلك على المحكمة ان تستثمر أي التباس وغموض في النص من أجل إعمال مبدأ التأويل المتعدد المعنى بما ينسجم مع المتغيرات والتحولات الاجتماعية. ان المحكمة الدستورية تستطيع ان تختزل عنصر الزمن وأهميته في التطور الاجتماعي عبر عمليات تفسير وتأويل النصوص الدستورية لصالح الفلسفة الاجتماعية التي مركزها الإنسان . هذه الوظيفة للمحكمة بإمكانها دفع العوام والساسة إلى الانصياع والقبول بالمبادئ العقلانية للتطور، فهي في وظيفتها هذه توازي نجاح الأغلبية الشعبية عبر التظاهرات والاعتصامات والعصيان المدني بإلزام الحكومة بتبني مطالب تتعلق بتوسيع نطاق الحريات السياسية والاجتماعية أو تفعيل دور الدولة في الحماية الاقتصادية بشكل يوفر نوعا من التوازن.
على المحكمة أن لا تتردد في قراءة الدستور باتجاه مفاهيم الحداثة والعقلانية بحجة أن الوقت لم يحن بعد لقراءة متطورة للنص قد تصطدم بغرائز العوام وتزمت أغلب السياسيين الذين يدافعون عن إبقاء التناقضات التي تخدم مصالحهم .



#صادق_رشيد_التميمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدى مشروعية مبدأ المسؤولية الدولية لحماية المدنيين وماهية شر ...
- مدى مشروعية مبدأ المسؤولية الدولية لحماية المدنيين وماهية شر ...
- الحرب الاهلية من منظور اقتصادي معاصر
- المنظور النسوي والامن العالمي
- أوهام الاصلاح الذي يديره مخابراتي
- عادل عبد المهدي رئيسا للوزراء
- دستور الكتل القابظة على السلطة
- دور المحاكم العليا في حماية حرية التعبير و الصحافة
- من اين يجئي الدكتاتور
- هيئة النزاهة ملزمة بالكشف للجمهور عن تفاصيل المصالح المالية ...


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صادق رشيد التميمي - تمكين السياسة الاجتماعية في العراق عبر المحكمة الاتحادية