أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - صليبا جبرا طويل - ألحرية ألفكرية -أم الحريات-















المزيد.....

ألحرية ألفكرية -أم الحريات-


صليبا جبرا طويل

الحوار المتمدن-العدد: 4185 - 2013 / 8 / 15 - 09:11
المحور: حقوق الانسان
    


الثورات العربية قامت بهدف التغير، وإحداث نقلة نوعية في كافة
مناحي الحياة، ولرفع المظالم والمعاناة التي يعيشها الإنسان
العربي . مستحيلا هو التغير في ظل حجر العقول وسجنها،
وفرض الإقامة الجبرية عليها وقولبتها. الرافعة الأساسية لأي
تغير يتطلع لنهضة الشعوب وتقدمها لن يأتي إلا بإطلاق
الحرية الفكرية " أم الحريات".


بداية، العنوان ليس للاستهلاك. لأنه يحتاج إلى عقول متفتحة كي تهضمه. لسنا بحاجة لمن يردد ويكرر أن الفكر الإنساني محدود. فلو كان محدودا لما تقدم العلم وظهرت الاختراعات ونبغ العلماء في ميادين شتى.وما تقدمت البشرية منذ تكوين الحياة وبدايتها على الأرض عبر العصور التاريخية والجغرافية المخلفة. فكل منا حر في مقاصده وأفكاره فمن بني أسوارا حول فكره كمن دفن فكره في حفرة الجهل والجمود. الجمود سمة المشلول فكريا، والحركة سمة من يرغب في التغير والتقدم. لكل زمان عقول ورجال. كل ثانية تمر تصبح تاريخا من الماضي. عقارب الساعة لن تدور إلا إلى الأمام. ليس هناك مكان في رحلة العقل نحو مستقبل واعد متطور لمتردد، لجبان، لجاهل، أو لمتشكك في قدرات الإنسان العقلية وطاقته الفكرية.

الحرية الفكرية ثورة على التقليد ودعوة للتجديد . هي المهد الذي ينطلق منه الإبداع، والخيال الفكري عند الإنسان. والمحور الرئيس الذي تدور من حوله جميع العمليات الفكرية النابعة من كل مذهب ، وفلسفة ، وعقيدة. فالفكر ظاهرة يتمتع بها الإنسان دون غيره من الحيوان. البعض عمدا يظن أو يفسر أن معنى الحرية الفكرية هي أن نجمح بأفكارنا ونخرج عن مجتمعاتنا. مغالطة مقصودة هدفها قتل العقل ووأده . تقبل الحرية الفكرية يعني أن نطلق العنان لأفكارنا، لا لندعها تجمح.أن نضعها في مسارها الصحيح، لا أن نسيرها بما يلبي رغبات وتطلعات المشككين فيها بقصد التحكم، والسيطرة على عقل الإنسان وفكره والاستحواذ عليه وتوجيهه.

نهضة الشعوب وتطورها لن يتحققا ما لم تطلق الحريات وفي مقدمتها الحرية الفكرية التي تمثل العنوان الرئيس لمجمل الحريات الاخري لأنها تنبع من إرادة الإنسان ورؤيته للحقائق التي تدور في مجتمعه. من العناصر الرئيسية في تراجع مجتمعاتنا العربية هو مصادرة هذه الحريات وقمعها .
المواطنين العرب بحاجة للتحرير من القيود المفروضة عليهم التي تكبحهم، وتمنعهم،وتعيقهم من الإبداع ،والتغير ،والتطور . كعرب وبكل صراحة نعيش في دوامة أزمة ، ونقائض، وفوض فكرية وفلسفية عارمة وصعبة تحتاج لحلول منطقية. هناك من يريد الاستبداد بالعقول وحريتها. ومن يريد إطلاقها بلا حدود. ومن يريد أن يقيدها ويحجمها على مقاس أعده لها كي تكون شكلية لا قيمة لها.، كل طرف يحاول جاهدا إبراز ملاح مشروعه في هذا السباق ليتوافق مع مشروعه السياسي وفكره ، وعقيدته . بالتالي لن نتوصل لحلول لأننا نفرض أرائنا ونرى فيها الكمال والقداسة ونضيع الزمن، والأيام والسنيين، بدل جسر الهوة بين المدارس الفكرية والفلسفية المختلفة ونسير بوتيرة سريعة كي نلحق بالركب الحضاري أسوة بشعوب الأرض. كي نبي لأجيالنا مستقبل واعد رائع.

أم الحريات تمثل احد أمرين إما كابوسا وإما أحلاما سعيدة. إما انغلاق وإما انفتاحا. إما تخلفا وإما تطورا. بالتالي تشكل رعبا يخيف اى سلطة أو نظام أو مؤسسة دينية أو فكرية. في الحرية الفكرية يكون العقل منفتحا حرا ومستقلا يعمل على تفسير وتحليل الواقع المعلوم من اجل الوصول إلى المجهول ويستنبط الحلول ويطرحها بما يلاءم طبيعة العصر . قد تؤدي هذه العمليات الفكرية إلى تحدى النظام والسلطة والمجتمع القائم ، ويزعزع استقراره... النتيجة لجوء السلطات إلى القمع والاغتيال والتصفية الجسدية. الحرية الفكرية مجالاتها واسعة وتعبيراتها متعددة تظهر في الفن مثل الرسم المسرح والموسيقى السينما. والإعلام من صحافة وجرائد ومجلات وفضائيات ووسائل مسموعة. وكتب الأدب، الرواية القصة الشعر.... ولا ننسى ضرورة و دور علم النفس والفلسفة في تعبيرات وتفسيرات الفكر الإنساني وسلوكه وعلاقتها بالحرية الفكرية.

الحرية الفكرية محظور عليها الدخول في الغيبيات والعادات والتقاليد ، فهي تعد مناطق محرمة يمنع إبداء الرأي فيها أو تفسيرها أو انتقادها أو تصويبها . مجتمعة ترتبط بعضها ببعض بروابط تاريخية جذورها تمتد إلى الماضي البعيد وتتنوع بخواص وتعدد الأجناس والشعوب التي شكلت وطنا . لهذا لا يمكن القول عن أوطاننا أنها أوطان متجانسة. بالتالي ما زالت الحرية الفكرية طرقها صعبة مليئة بالعثرات والمصائد ومحفوفة بالمخاطر. وان كانت في ظن البعض هي شر فلنعترف أنها شر لا بد منه وهي اقل ضرار من كبت وإسكات العقل الذي هو المحور الرئيس في نمو المجتمعات وتطورها، فلا يعقل أن نعيش الحاضر بعقلية الماضي. فلا بد أن نفسر الماضي ونترجمه بلغة العصر كي يبقى ويستمر ويعيش. جوهره يمتلك القدرة على ملائمة العصر والتطور... وذاتنا على نقيض من ذلك. فان لم نستطيع إحداث التغير نكون قد حكمنا على ماضينا بالموت والزوال...فليس هناك امة ترغب في الانتحار والاضمحلال والاندثار. فمن يرغب في خوض غمارها عليه توخي الحذر، وعدم تأجيج صراعات ، أو خلق فتن.عليه أن يكون موضوعيا. فهو كمن يسير على نصل السيف أن زحلقة رجله تأذى.

تعدد الأفكار والاتجاهات يقودنا إلى التنافر في حالة انعدام التحليل العلمي الموضوعي وتداخل العواطف. المطلوب هنا أن لا نتصلب لرأي خاطئ أو نتحيز لفكر عقيم . علينا أن نستمع لصوت المنطق والحق. كي نستأصل وبحذر شديد الأفكار الهدامة المانعة للحرية الفكرية وصوت العقل. ليس بالعنف بل بالحوار البناء.

الحوار والتوافق هما سيدا كل نقيض.وما لم نسير بدربهما سنظل نعيش في زمن غير زمننا وحاضر غير حاضرنا لا يتلاءم وروح العصر الذي نعيشه. ضرورة إخراج العقل من وحدته وعزلته ومن الأسوار الحديدية المفروضة عليه. إنها حتمية تاريخية . لنكن منفتحين لكل ما يدعى أخر ويشاركنا الكوكب لان الفكر المنغلق المتحجر خطر على حامله وعلى الآخرين وعلى مستقبل البشرية.

تقبلنا لمفهوم الحرية الفكرية يعنى أن نتقبل النقد البناء. وان نزيل برقع عزلتنا ونظهر عوراتنا ونقائصنا الفكرية . فالفكر الواعي المتطور يدعو دوما ودونما اى تردد إلى زوال التقليد المتهرئ. ومن الضروري أيضا نفض الغبار عن الأفكار الايجابية المدفونة في بطن التاريخ كي نتوصل وبكل صدق وأمانة وبعد مقارنات صادقة حرة بلا ضوابط أو شروط إلى بلورة فكر واضح وسليم يجعل من الحاضر أغنية يشدوا بها أطفال المستقبل ليلحقوا بالركب الحضاري ويبنوا عالما أفضل.

وعينا وإدراكنا يجب إن يقودانا إلى عدم قمع الأفكار الجريئة السليمة وإجهاضها. لان ذلك جريمة بحق الإنسانية. استشهد بما قاله كونفوشيوس الفيلسوف الصيني(551 ق.م – 479 ق.م) : " قبل البحث عن المعرفة تعلم كيف تفكر ". واردد ما قاله بوذا(563 ق.م – 483 ق.م) لأتباعه: " تحلوا بحرية الفكر".


خلاصة القول إن المطلب الاجتماعي في زمننا الحاضر الأكثر إلحاحا هو الإسراع في أطلاق الفكر الحر – أم الحريات - من عقاله . عن طريق التربية الصحيحة السليمة، والشجاعة والنية الصادقة كي نتمكن من أزالت الشوائب التي تغلف بصيرتنا وتعمينا عن رؤية الحقائق والواقع لان معظم ما يملى علينا يحتاج إلى تنقيح وتهذيب وتمحيص. كذلك علينا أن لا ننخدع ونقيس الحقيقة بمقياس الكذب، والخداع، والرياء. وان لا نقيس الواقع بمقاييس الجهل والتبعية العمياء.



#صليبا_جبرا_طويل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجال الحقيقيون
- تعددت آلهة الربيع العربي
- العرب في ربيع
- حسناوات في الربيع العربي
- أديان اليوم مع ماركس ونتشه
- ربيع الثورة عورة
- القيامة مع الربيع العربي
- مسيحيون على صليب الثورات العربية
- الانسانية منطق وعقل
- المرأة وكيف نريدها؟
- توافق او شرق اوسط جديد


المزيد.....




- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون
- الأمم المتحدة تدعو القوات الإسرائيلية للتوقف عن المشاركة في ...
- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...
- منظمة حقوقية: إسرائيل تعتقل أكثر من 3 آلاف فلسطيني من غزة من ...
- مفوضية اللاجئين: ندعم حق النازحين السوريين بالعودة بحرية لوط ...
- المنتدى العراقي لحقوق الإنسان يجدد إدانة جرائم الأنفال وكل ت ...
- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...
- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - صليبا جبرا طويل - ألحرية ألفكرية -أم الحريات-