أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مدينة حسين دوسه عبد الرحمن - حقوق المراة في الميزان















المزيد.....



حقوق المراة في الميزان


مدينة حسين دوسه عبد الرحمن

الحوار المتمدن-العدد: 4185 - 2013 / 8 / 15 - 00:44
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


حقوق المرأة في الميزان
اعداد
د. مدينة حسين دوسه عبد الرحمن
استاذ مساعد بجامعة نيالا سابقاً
استاذ مساعد بكليات بريدة الأهلية : موبايل السودان 00249912898243 السعودية 00966553171153
مقدمة :
لقد حظيت القضايا المتعلقة بحقوق المرأة مؤخراً بقدر كبير من البحث والاهتمام وتعددت المرجعيات والاطر واختلفت الزوايا ولكل منظور, وجوهر هذه الورقة يتمثل في وضع المرأة في الشرائع والحضارات السابقة ، ثم وضع المرأة في الاسلام وحقوقها التي كفلها الاسلام واعترافات الغربيين قديماً وحديثاً ، ووضع المرأة في القانون الدولي .
نجد أن حقوق المرأة الدولية أخذت الجانب الغربي الا ان من خلال اجتهاد فقهاء الإسلام أثبت أن الإسلام لا يتعارض مع أغلب حقوق المرأة المنصوص عليها في المواثيق الدولية لكن الاشكال في الجهل ما لاسلام من طرح القويم في حقوق المرأة نصوصا وحدودا وسنناً، ومن اوجب الواجبات على المهتمين في هذا الجانب احياء الارث الاسلامي في حقوق المرأة حيث تنطلق هذه الورقة من المبادئ التالية :
• أن من اعظم ما اشتغل به البشر من القضايا قديما وحديثا، وما سيشغلهم مستقبلا في اعتقادي قضية المرأة حيث لها أهمية كبرى لدى الأمم ، تعقد من اجلها مؤتمرات وتخرج فيها بالقرارات والتوصيات، وقد تخبطوا في معالجتها لانهم انطلقوا من مفاهيمهم الوضعية القاصرة بعيدا عن طرح شرع الله القويم فجاءت احكامهم مشوبة بالظلم ، مغلفة بهوى النفس وكانت المرأة هي الضحية .
• أثبتت تجارب الحضارة الانسانية خلال عصورها الغابرة والحاضرة ، أن الأمم حين تهم بالنهوض والتيقظ بعد ثبات تتلفت إلى ماضيها ، وتعمل على إحيائها، بناء على هذه الحقيقة ضرورة العودة الى الارث الاسلامي لتأصيل حقوق المرأة في مصادر التراث في ضوء المتغيرات العالمية والهجمات المعادية للإسلام
• ان المشاريع العلمانية المضللة للمرأة ، بقى لها من الأثر ما يستدعي الكشف والمصارحة ، وهذا يكشف بالدعوة ويجلى بالبرهان

المرأة عبر العصور :-
اختلفت نظرة الشعوب الى المرأة عبر التاريخ ففي المجتمعات البدائية الاولى ، للمرأة السلطة العليا، و في الحضارات القديمة هنالك سيدات صنعن لأنفسهن امجاد حتى وصل بعضهن لقيادة الدول أمثال ملكة “زنوبيا " و"كليوباترا" أما في الحضارة الرومانية كانت المرأة اقرب الى الرقيق منها الى المرأة الحرة ، وكانت تباع وتشترى في الاسواق كما يباع المتاع حيث عقد مؤتمر بروما لمناقشة بند واحد فقط الا وهو هل للمرأة روح ؟ وقرر مؤتمرون خلوها من روح الناجية التي تنجيها من عذاب الجهنم ، ما عدا ام المسيح عليه السلام لا حق لها في الميراث وانها رجس من عمل الشيطان.
لم يعتبر القانون الروماني المرأة شخصية مستلقة لها كيان مستقل ، بل أعتبرها ومالها في حكم المملوكة للرجل لا يسأل عما يفعل بشأنها، حتي لقد عبر بعض الكتاب الاجتماعيين عن ذلك بأن عقد الزواج عند الرومان كان عقد رقَّ و بالنسبة للمرأة . ولذلك شاع الاختلاط غير المحدود بين الرجال والنساء في الاماكن العامة ، واصبح الزنا أمراً عاديا واعترفت دياناتهم بالعلاقات غير الشرعية بين الرجل والمرأة ، مما أسهم في خراب حضارة الدولة الرومانية وزوالها " . ولقد نص قانون الالواح الاثني عشر الروماني على أن الانوثة ضمن اسباب انعدام الاهلية والحجر ، ولقد كان للحجر في القانون الروماني ثلاثة اسباب (الصغر ، الجنون ، الانوثة).
وعند اليونان كانت المرأة مسلوبة الحرية والحقوق الانسانية والاجتماعية والاقتصادية كما كانت تباع وتشترى، ولا تحظى باحترام ولا تقدير، فحرم عليها اكل اللحم والضحك ، وليس لها الحق في الكلام ، هذا غير العقوبات البدنية التي كانت توقع عليها باعتبارها اداة اغواء ، يستخدمها الشيطان لإفساد القلوب وكذلك الحال في الهند ، وهي في نظرهم مصدر شؤم ومدنسة لكل شيء تمسه ، ولا حق لها في الحياة بعد موت زوجها فتحرق معه وهي حية ، وان لم تفعل حلت عليها اللعنة الابدية ، وكانت تقدم قربانا للإلهة لترضي عن الاسرة ، او لتامر بالمطر او الرزق. وعند اليهود في تعاليمهم المحرفة المرأة لعنة واصل الشرور لأنها اغرت ادم عليه السلام بالأكل من الشجرة الملعونة ، وقد جاء في التوراة المحرف((المرأة امر من الموت ، وان الصالح امام الله ينجو منها رجلا واحدا بين الف وجدت ، اما المرأة فبين كل اولئك لم اجد )) كما يعدونها نجسة ايام حيضها ، وإذا مرت بين رجلين فهي لعنة وشؤم عليهما، والبنت في مرتبة الخادم فلأبيها الحق ان يبيعها قاصرة ، وهي محرومة من الميراث، ويكفي ان نعلم ان المرأة اصبحت عندهم بعدئذ من الاسلحة الفتاكة التي يستخدمونها في التجسس، وفي غزو قلوب الشباب وافسادهم ، والسيطرة على العالم . وقد جاء في بروتوكولات حكماء صهيون: يجب ان نعمل لتنهار الاخلاق في كل مكان فتسهل سيطرتنا، ان فرويد منا وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس، لكي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس، ويصبح همه الاكبر هو ارواء غرائزه الجنسية ، وحينئذ تنهار اخلاقه.
وعند النصارى كانت محرومة من الحقوق الأساسية ، وأن المرأة ينبوع المعاصي وأصل السيئة والفجور، و أن المرأة للرجل باب من أبواب جهنم من حيث هي مصدر تحرّكه إلى الآثام، ومنها انبجست عيون المصائب الإنسانية جمعاء. وترى النصرانية أن العلاقة بالمرأة رجس في ذاتها، وترى أن السمو لا يتحقق إلا بالبعد عن الزواج. تقول هرنا ليزيا داعية حقوق المرأة في أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر أن النظرة الدونية لدى النصارى هي بسبب التعاليم التي أتت بها الكتاب المقدس (الانجيل) يقول الرب : سأزيد الآمك بالحمل والولادة ورغباتك يجب أن تكون لزوجك وهو له اليد الطولى عليك (16:3). ويقول القديس "أكيناس" : "إن المرأة لديها خلل وجديرة بالازدراء لأنها نتاج بذرة معطوبة". أما المصلح "مارتن لوثر كنج " فيقول " إن آدم خُلق سيداَ للكائنات ولكن حواء أفسدت هذه الميزة ولذا عليها البقاء في البيت للحمل والقيام بأعباء البيت". أما القس "جبري فالوبل" فيقول : إننا ضد قانون الحقوق المتساوية للمرأة مع الرجل لأن المسيح يقود الرجل والرجل يقود المرأة والمطالبات بهذه المساواة مريضات نفسياَ". وقد عانت المرأة في أوروبا النصرانية في القرون الوسطى الجور والظلم في ابشع صورهما ، فكان للرجل حق بيع زوجته ، وشاعت حوادث إحراق النساء وهن أحياء . خلال العصور الوسطى كانت العناية بالمرأة الاوربية محدودة جدا ، تبعا لاتجاه المذهب الكاثوليكي الذي كان يعد المرأة مخلوقا في المرتبة الثانية، كما انهم كانوا يحتقرون العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة ، ويزهدون بها، وان كانت عن طريق مشروع ، وذلك طلبا للرهبانية والتقرب الى الله بزعمهم. وقد حاول بعض مجددي النصارى في القرن الثامن عشر تعديل هذه النظرة نحو المرأة ، في القرن العشرين حين تمخض النظام الاجتماعي في الغرب عن نظريات ثلاث : المساواة بين الرجال والنساء ، استقلال النساء بشؤون معاشهن ، الاختلاط المطلق بين الجنسين . وقد اوهمت هذه النتيجة كثيرا من البسطاء بان المرأة نالت حقوقها ، الا انها في الحقيقة انتقل الى الحضيض والى التفريط بحياتها وشخصيتها واسرتها بالإضافة الى انتشار الفواحش والمصائب والامراض الفتاكة ؛ نتيجة اختلاطها المفزع بالرجال في جميع الميادين الحياتية وفي فرنسا لم يعترف الفرنسيون بالمرأة كانسان الا في عام 586م، اما ما قبل هذا التاريخ فكانت انسانيتها مشكوكا فيها ، وعند ما اثبتوها جعلوها خادمة للرجل. وفي انجلترا حرم (هنري الثامن) على المرأة الانجليزية قراءة الكتاب المقدس ، ومما يدعو للعجب أن القانون الإنجليزي حتى عام 1805م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته.
أما في الصين فقد ظلمت المرأة ظلما كبيرا فقد سلب الزوج ممتلكاتها ومنع زواجها بعد وفاته، وكانت نظرة الصينين لها "كحيوان معتوه حقير ومهان ، وفي الفرس منحها زرادشت حقوق اختيار الزوج وتملك العقارات وادارة شؤونها المالية . لا زالت هذه المكانة المتميزة موجودة عند المرأة الكردية حيث تتمتع بحريات كبيرة وتقاليد عريقة .بناء على ما تقدم ان ما مرت به المجتمعات من التخلف وانحطاط وانحلال كان قد حصل لها بمعزل عما وقعت فيه من اهمال لوضعية المرأة ودورها فيها، وما تعرضت له من اساءة خطيرة مخلة بكرامتها وانسانيتها.
من السرد اعلاه يمكن الاستنباط أن الاندفاع الغربي المعاصر للمطالبة بحقوق المرأة هو رد فعل متشنجة لإرث تراكمي عبر القرون (والى زمن قريب) من العادات والتقاليد الاجتماعية والدينية سلب فيها الرجل المرأة حقوقها ووضعها في مرتبة دونية في جميع المدنيات والمجتمعات البشرية التي حكمت بشرائع وضعية ، وسادت فيها مفاهيم اجتماعية خاطئة مثل التمييز العنصري ، و وانقسام المجتمع الى الطبقات الاجتماعية المتباينة وفصل الدين عن الدولة وكان العامل الديني المنحرف محركا للحياة الاجتماعية فيها واقصاء المرأة لكونها مخلوق الاضعف عن مكانها الطبيعي في المجتمع واوقع الظلم عليها بسلبها حقوقها التي منحها الله تعالى في كل العصور .
الاصول الشرعية في حقوق المرأة المسلمة : في الوقت الذي تعالت فيه الاصوات في العقود الاخيرة من القرن المنصرم على صعيد الاقليمي والدولي عقدت المؤتمرات( بكين1، بكين 2) واصدرت القرارات وابرمت الاتفاقيات الدولية واصدرت الدوريات وخصصت مواقع انترنت وشكلت وكالات دولية تنادي بضرورة منح المرأة حقوقها . أن الاسلام قد حقق قصب السبق في هذا المجال وذلك قبل اربعة عشر قرنا من الزمان حيث لا يمكن تجاهل دوره في دحر عهود الظلام التي سلبت فيها كرامة المرأة واهدرت حقوقها، وهذه الحقيقة التاريخية تحتاج الى أدلة أن الوثائق لا يعثر عليها ، الى حد ما لا حسبما يبحث عنها ، وأن ما لا يبحث لا يعثر عليه وذلك بأحياء الماضي والعودة الى الاصول والجذور العقائدية والفكرية والاخلاقية بشأن حقوق المرأة وليس بالتنظير والعاطفة بل بسلوك عملي، وهذا ما أكدته وثيقة المرأة المسلمة حقوقها وواجباتها وتنبثق أصول شرعية في حقوق المرأة من المنطلقات التالية: ـ
• المرأة أحد شطري النوع الإنساني، قال تعالى: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى)النجم(45)، وهي أحد شقي النفس الواحدة، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا)النساء (1)، فهي شقيقة الرجل من حيث الأصل، والمنشأ، والمصير، تشترك معه في عمارة الكون - كل فيما يخصه - بلا فرق بينهما في عموم الدين، في التوحيد والاعتقاد، والثواب والعقاب، وفي عموم التشريع في الحقوق والواجبات، قال عز وجل: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)النحل(97)، وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما النساء شقائق الرجال" أخرجه أبو داود والترمذي, ومن هنا كان ميزان التكريم عند الله التقوى قال تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)الحجرات(13)، ولا يوجد تعبير عن هذا المعنى أدق ولا أبلغ من لفظ: (بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ)، في قوله سبحانه وتعالى: ( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ )آل عمران(195)، فهما سواء في معنى الإنسانية، وفي عموم الدين والتشريع، وفي الميزان عند الله
• وقد اقتضت حكمة الخالق أن الذكر ليس كالأنثى في صفة الخلقة، والهيئة، والتكوين، وكان من آثار هذا الاختلاف في الخلقة: الاختلاف بينهما في القوى والقدرات الجسدية، والعاطفية، والإرادية. قال سبحانه وتعالى عن الذكر: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى)آل عمران (36)، وقال عن الأنثى: (أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)الزخرف (18( . وقد أنيط بهذا الاختلاف في الخلق بين الجنسين جملة من الحكم والأحكام، وأوجب هذا الاختلاف ببالغ حكمة الله العليم الخبير، التفاوت بينهما في بعض أحكام التشريع، وفي المهام والوظائف التي تلائم تكوين كل منهما وخصائصه.
• ويترتب على هذه الحقيقة الثابتة أحكام شرعية كلية، ثابتة ثبات هذه الحقيقة، منها: أحكام الأسرة، فالأسرة في الإسلام هي وحدة بناء المجتمع، يترتب على قوتها وتماسكها سلامة المجتمع وصلاحه، والأسرة في الإسلام تهدف إلى تحقيق غاياتها بتبادل السكن، والرحمة، والمودة بين أفرادها، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)الروم (21)
وللمرأة دور أساس في قوة الأسرة وتماسكها، وأي اختلال في أداء المرأة لمسؤوليتها في الأسرة، ينعكس أثره على أفرادها، فالمجتمع الصالح يقف بحزم في مواجهة سفاهات الجاهلية المعاصرة، التي تهون من دور المرأة في الأسرة، أو من أهمية قيامها بمسؤولياتها تجاهها، وهو أهم عمل تقوم به المرأة المسلمة لمصلحة الأسرة والمجتمع.
وفي المقابل فعلى الرجل تحمل أعباء القِوامة التي هي تكليف فرضته عليه الشريعة الغراء، قال عز من قائل: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ)النساء(34)، وقال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ)البقرة (228). والقوامة هي القيادة أي قيادة المجتمع الصغير ( الأسرة ) التي يتشرف بها الرجل دون تسلط أو تعسف، وهي كذلك تكليف لصالح المرأة والبيت والأسرة، حيث تكون مسؤولية النفقة فيها وطلب الرزق والحماية والرعاية واجبة على الرجل، وله بذلك حق الطاعة المطلوبة للقائد، وهي الطاعة بالمعروف، وليست الطاعة المطلقة كما قال صلى الله عليه وسلم :" إنما الطاعة في المعروف" رواه البخاري ومسلم.

• الرجل مكلف بالنفقة على المرأة، وهذه النفقة حق للمرأة ونصيب مفروض في ماله، لا يسعه تركها مع القدرة، قال تعالى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً)الطلاق (7)، وهذا الحق لها لا علاقة له بحقها في امتلاك المال والتصرف به، من خلال إرادتها وذمتها المالية المستقلة كالرجل -على حد سواء-. وهذا حق ثابت في الشرع المطهر، وإذا كانت الجاهلية المعاصرة تعتبر المرأة ناقصة الأهلية في اكتساب المال وصرفه حتى النصف الثاني من القرن العشرين، كما هو في القوانين اللاتينية، فإن المرأة في الإسلام تعتبر شخصاً كامل الأهلية في هذا المجال، لا فرق في ذلك بينها وبين الرجل.

• العلاقة بين الرجل والمرأة في المجتمع الإسلامي وداخل الأسرة تقوم على أساس التكامل بين أدوارهما - وهو ما يسمى بالتكامل الوظيفي-، ومن مقاصد هذا التكامل: حصول السكن للرجل والمودة والرحمة بينهما، قال سبحانه: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)الروم (21)، ولفظ السكن لا يوجد أبلغ منه في اللغة العربية، وربما لا يوجد - كذلك - في لغات أخرى، فهو يعني جملة من المعاني منها : الأمن، والراحة، والطمأنينة، والأنس، وهو ما ينعكس إيجاباً عليهما وعلى أولادهما، ومن ثم على المجتمع كافة.
فإذا كان الجنسان يتمايزان في الصفات العضوية والحيوية والنفسية ، فإن من الطبيعي أن يتمايزا في الوظائف الاجتماعية، والتكامل بين الجنسين في المسئوليات والحقوق، هو ثمرة العدل الذي قامت عليه العلائق في الإسلام.
وبناءً على ذلك فلقد حدد الشرع مجالَ عمل الرجل في هذه الحياة ونوعيته، كما حدد مجالَ عمل المرأة الأساس ونوعيته، وقد جاء ملائما لما تقتضيه العقول السليمة والفطر المستقيمة, وبما يحدث التكامل والاتزان والأمن الاجتماعي، دون أن يتحمل أحدهما أكبر من حمله، الذي يحتمله طبعاً وعرفاً. ولذا كان من الظلم والجور تحميل المرأة أعباء الرجل، دون حاجة شخصية أو اجتماعية، حيث يمثل ذلك اعتداءً على حق العدل في الحقوق والواجبات، كما يمثل اعتداءً على كرامة المرأة وأنوثتها.
• إن الوضوح في تحديد وظيفة المرأة في الحياة، يوجه حتما تعليمها؛ لذا نؤكد هنا أن التعليم واجب شرعي فيما لا يتم تعبد الإنسان لربه إلا به، كمعرفة فروض الإيمان، وفروض العبادات ونحوها، وهذا يشترك فيه الذكر والأنثى، قال صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" رواه ابن ماجه. ثم تصبح فرضية بقية المعارف والعلوم عليهما بحسب وظيفة كل منهما ومسئوليته، وما زاد عن ذلك من العلوم يكون من النوافل، التي يجب أن لا يزاحم بها فرائض الأعمال الدنيوية أو الأخروية.
• حفظت الشريعة الإسلامية المراعية للفطرة والقائمة على العدل للمرأة حقوقاً على المجتمع، تفوق في الأهمية كثيراً من الحقوق التي تضمنتها وثيقة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة، القائمة على أساس المساواة التماثلية، وتغفل الجاهلية المعاصرة هذه الحقوق، ولا تبالي بانتهاكها، ومن ذلك:
حق المرأة في الزواج حسب الشريعة الإسلامية، وحقها في الأمومة، وحقها في أن يكون لها بيت تكون ربته، ويعتبر مملكتها الصغيرة، حيث يتيح لها الفرص الكاملة في ممارسة وظائفها الطبيعية الملائمة لفطرتها؛ ولذا فإن أي قانون أو مجتمع يحد من فرص المرأة في الزواج، يعتبر منتهكاً لحقوقها، ظالماً لها.
وللمرأة - في الشريعة الإسلامية - الحق في اختيار زوجها في حدود قوله عليه الصلاة والسلام :" إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه.." رواه ابن ماجه، وفي عدم اختيار البقاء معه – إذا لم تستقم الحياة الزوجية -، والنصوص الصحيحة الواردة في تقرير هذا الأمر كثيرة، وواضحة الدلالة، ويجب أن يرد إليها كل اختلاف واجتهاد في الأحكام.
• العفة وحفظ العرض، أصل شرعي كلي جاء ضمن المقاصد الشرعية في حفظ ورعاية الضرورات الخمس المجمع على اعتبارها, التي ترجع إليها جميع الأحكام الشرعية، وهي: حفظ الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال. وأي انتقاص لمبدأ العفة هو عدوان على الشريعة ومقاصدها، وانتهاك لحقوق المرأة والرجل والأسرة والمجتمع . وسد ذرائعه وما يقرب إليه، كالخلوة بالأجنبية، والاختلاط ، والخضوع بالقول، وشدد في تحريم الرغبة في إشاعة الفاحشة في مجتمع المؤمنين، كذلك شرع أحكام الحجاب وغض البصر؛ لذات المقصد وعاقب المعتدين على هذا المبدأ، فشرع حد الزنى، وحد القذف، وعقوبة التعزير. كل ذلك حفاظاً على الأعراض ومراعاة للعفة.
• يعتبر الحجاب حصنا أساسياَ من الحصون التي تحافظ على العفة والستر والاحتشام, و يمنع إشاعة الفاحشة، كما انه مظهر من مظاهر الاعتزاز بالشعائر الشرعية، المحققة لعفاف الرجل والمرأة والمجتمع.
وحجاب المرأة ليس نافلة، فضلاً عن أن يكون مجرد رمز يسع المسلمة التحلي به أو تركه، بل هو فريضة من الله على النساء؛ صوناً لهن؛ وإعلاناً لعفافهن، كقدواتهن من أمهات المؤمنين، فلا يطمع فيهن أهل الأهواء والشهوات، كما قال الحق سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً)الأحزاب (59)، لقد دارت رحى الحرب على الحجاب مكشوفة صريحة, من قبل أعداء هذا الدين، ومن قبل متبعي الشهوات من المسلمين والمتاجرين بها، وربما استترت أحياناً, فأعلنت قبول الحجاب ولكن مع مسخ حقيقته، وتحويله إلى مجرد تقليد، وتراث يمكن أن يدخله التطوير والاختزال، بما يلغى مقصده وغايته.إننا عندما ندرك أهمية الحجاب والقيمة المرتبطة به، يزول عجبنا من شراسة الحرب ضده, فالغرب -مثلاً- أصبح يضيق بالحجاب ذرعاً, كما لم يضق بأي لباس آخر لأي طائفة دينية, أو نحلة بشرية، والشواهد على مضايقة المحجبات قانونياً وعملياً واضحة لكل متابع، سواء أكان ذلك في العالم الغربـي -الذي يزعم أن من أسسه حماية الحقوق الشخصية-، أو في بعض دول العالم الإسلامي والعربي المتبني للعلمانية.
• وإذا كان الحجاب شريعة محكمة وفريضة ثابتة؛ لصيانة كرامة المرأة والمجتمع عامة؛ ولتدعيم مبدأ العفة، فإن تشريعاً آخر يرتبط بهذه الغاية ويقويها، وهو إباحة تعدد الزوجات، الذي تم تشويه حقيقته من خلال الطرح الإعلامي المشوه، ومن خلال الممارسة الخاطئة له، رغم أن الواقع التطبيقي لهذا التشريع حتى في المجتمعات غير الإسلامية يؤدي إلى دعم مكانة المرأة وقيمتها في المجتمع، ولتوضيح ذلك قارن بين المجتمعات التي يسود فيها تشريع التعدد كيف تكون فيها المرأة ذات قيمة كبيرة، في مقابل المجتمعات التي تحرّم وتجرّم هذا التشريع تكون فيها المرأة ذات قيمة أقل.
فالتعدد تشريع ثابت محكم، مشروط بالعدل، محقق لكرامة المرأة وميسر لها الزواج بكرامة وعفة، بغض النظر عن حالها من ترمل أو طلاق أو كبر، وفي المقابل فإن حالات اجتماعية كثيرة لا يكون حلها إلا بالتعدد مثل عقم الزوجة، أو مرضها، أو طبيعة مهنتها، أو وضعها القانوني كالجنسية، وحالات أخرى، وكلها لا بديل فيها عن التعدد إلا الطلاق، وهو أكره ما يمكن أن يحدث بين زوجين يكن كل منهما المودة والرحمة للآخر، كما أن التعدد في كثير من الأحيان سبب لحفظ كرامة الأطفال، وذلك بإيجاد الأب البديل للطفل اليتيم أو الفاقد للأب، عوضاً عن التشرد أو دور الأيتام، قال عز وجل: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ)النساء(3)، فالإسلام راعى مصلحة المجتمع من الرجال والنساء بشكل عام، بما يحقق مقاصد الزواج للطرفين، وبما يشبع حاجاتهم النفسية والاجتماعية، من العفة، والسكن، والذرية، حتى لو تعارض -أحياناً- مع الرغبة الآنية، والمصلحة الضيقة الخاصة بالمرأة المتزوجة. مع أن القران الكريم ليس كتاب قوانين ولا نظريات مبوبة ومفصلة عن حقوق بوجه عام وحقوق المرأة بوجه خاص لكن بين ثناياه نجد آيات هنا وهناك بالإمكان جعله مرجعية لاستنباط تلك الحقوق ، ولعل هذه الوثيقة وما احتوت من الادلة والبراهين ، وما بذل فيها من الاجتهادات في ترسيخ ما لشريعة الإسلام من تصورات ايجابية خير دليل على مدى اهتمام الشارع العليم بشان حقوق المرأة . لكن اذا لم تتحول هذه الوثيقة الى عمل سوف تصبح فاقدة القيمة وعديمة الجدوى ، كم من صيحات تتعالى وشعارات ترفع لسرد الامجاد وتعظيم الاجداد لكن حيث لا يجدي كما قال الشاعر :
إن الفتى من يقول : هأنذا ليس الفتى من يقول : كان أبي
ماذا يغنينا ان نتحدث عن الصحابة الكرام ونحن لا نتخلق بأخلاقهم وطرق معاملتهم للمرأة ولا نقتفي اثارهم وماذا يغنينا نحن النساء ان نتحدث عن الصحابيات وليس لنا حصافة ام سلمة في الراي ، ولا عفة عائشة في الشرف، ولا شجاعة الخنساء في المعركة ، ولا احتساب وصبر اسماء في الجلل ، ولا نصرة نسيبة عند الشدائد، ولا شدة حفصة في الحسم، ولا إجارة زينب ، ولا مواساة الزوج والصبر على المصيبة مثل ام سليم ، ولا ثبات ام حبيبة في العقيدة . في ثنايا هذه الوثيقة المرجعية وجدنا كم حظيت المرأة في الاسلام بمكانة لم تحظ بها على مر العصور ،لقد رفع الاسلام مكانتها عاليا ، وهيأ لها في المجتمع الاسلامي المجتمع الانساني منزلة ممتازة يدركها من فهم التفكير الاسلامي وتدبره ، مع ذلك أن الإسلام يتعرض لهجمة شرسة من اعدائه ضد موقف الاسلام من حقوق المرأة وما يحملون اياه من الافتراءات واتهامات واكاذيب الصقوها بالإسلام أنه دين متعصب للرجل على حساب المرأة ، وقائم على التمييز بين الجنسين، وأنه دين يقمع المرأة ويهب للرجل أعظم الامتيازات ومن أكثر (الدعاوي) التي يرددها اعداء الاسلام الادعاء بأنه يقهر المرأة ويجور عليها ...يقول استاذ محمد قطب: "استفاد اعداء الاسلام فائدة عظمى من الوضع الجاهلي الذي يسود المجتمع الاسلامي وتعليمها فأثاروها قضية ، ودقوا دقا عنيفا على الاوضاع الظالمة لينفذوا منها الى ما يريدون ولسنا نحن الان في مجال تحديد المسؤوليات، إنما نحن نتابع خطى التاريخ ، وإلا فقد كان المسلمون على خطأ بيَن للمرأة حين منعوا تعليمها، كما أمرهم رسول الله (ص) أن يعلموها ، وحين أهانوها وحقروها في الامر ذاته الذي كرمها الله به ورفعها ، وهو الامومة وتنشئة الاجيال. والذين استغلوا هذا الوضع ليطلقوا دعوتهم لم يكن همهم الحقيقي رفع الظلم عن المرأة ، إنما كان رائدهم الاول هو تحطيم الاسلام ، وإخراج المرأة فتنة متبرجة في الطريق لإفساد المجتمع الاسلامي ." لكي يكون محتوي هذه الوثيقة واقعا معاشا :على افراد المجتمع المسلم رفع الظلم عن المرأة، ومن أقبح الظلم بين العباد ظلم المرأة كما قال عليه الصلاة والسلام : (اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة) رواه النسائي، وقد تنوع الظلم الواقع على المرأة من حرمانها لحقوقها وإهانة كرامتها وإساءة عشرتها واستغلال ضعفها وأنوثتها، سواء أكانت أماً أو زوجةً أو بنتاً؛ نتيجة لضعف الوازع الديني والخلقي، وثمرة للبعد عن منهج الله، وسيطرة بعض الأعراف والتقاليد المخالفة للشريعة، ونتيجة طبيعية لتبني قيم وأنماط الحياة الغربية، حيث بدأت تفرز هنا ما أفرزته هناك من مظاهر للعنف الأسرى، وللتحرش الجنسي، أو الخيانة الزوجية، بالإضافة إلى الظلم المتمثل في عدم العدل بين الزوجات، أو في عضل النساء، أو أكل أموالهن بالباطل، أو التقتير في النفقة عليهن، أو إهدار كرامتهن وحقوقهن عند الطلاق، يضاف إلى ذلك الظلم الواقع من بعض الآباء على البنات، في عدم إحسان تربيتهن وتعليمهن، أو التمييز ضدهن في المعاملة أو النفقة مقارنة بالأبناء، وسوء اختيار الأزواج لهن أو تأخير زواجهن، وغير ذلك من صور الظلم التي تأباها الشريعة الغراء . كما يقول الشيخ راشد الغنوشي أن قضية المرأة في المجتمعات التقليدية ليست قضية تبرج أو عرى أو رفع صوت لكن قضية انسان سلب منه انسانيته في حق تقرير مصيره " إن رفع هذا الظلم أو تخفيفه قدر الإمكان، مسؤولية شرعية توجب العمل الجاد لتصحيح هذا الوضع، وتسهيل الإجراءات الإدارية والقضائية لمنعه قبل وقوعه، أو رفعه بعد وقوعه، وتكثيف البرامج الشرعية التوعوية والتثقيفية؛ لتصحيح التدين للأفراد والمجتمع؛ والتعريف بالحقوق الشرعية ووسائل اكتسابها المشروعة، بمعزل عن التأثر بالأعراف والتقاليد المخالفة للشرع، أو بالشعارات والوسائل الحقوقية الوافدة من الشرق أو الغرب.
هذه حقوق المرأة المسلمة في الاسلام، وهذه المبادئ والمنطلقات شرعية وواقعية والغريب في الامر قد اعترف بها فلاسفة الغرب وبعض المستشرقين المنصفين للإسلام اكده د. عماد الدين خليل في كتابه قالوا عن المرأة في الاسلام : هذه هي مقتطفات : يقول مارسيل بوازار .. M.Poizer "لا يتمرد الإسلام على الطبيعة التي لا تغلب , وإنما هو يساير قوانينها ويزامل أزمانها على الإسلام لا يكفيه أن يساير الطبيعة وان لا يتمرد عليها وإنما هو يدخل على قوانينها ما يجعل أكثر قبولا وأسهل تطبيقا في إصلاح ونظام. والأمثلة عديدة أشهرها التساهل في سبيل تعدد الزوجات . فمما لا شك فيه أن التوحيد في الزوجة هو المثل الأعلى , ولكن ما العمل وهذا الأمر يعارض الطبيعة ويصادم الحقائق بل هو الحال الذي يستحيل تنفيذه .لم يكن للإسلام أمام الأمر الواقع , وهو دين اليسر , إلا أن يستبين اقرب أنواع العلاج فلا يحكم فيه حكما قاطعا ولا يأمر به أمرا باتا, إن نظرية التوحيد في الزوجة التي تأخذ بها المسيحية ظاهرا تنطوي تحتها سيئات متعددة ظهرت على الأخص في ثلاث نتائج واقعية هي الدعارة , والعوانس من النساء , والأبناء غير الشرعيين. إن هذه الأمراض الاجتماعية ذات السيئات الأخلاقية لم تكن تعرف في البلاد التي طبقت فيها الشريعة الإسلامية تمام التطبيق وإنما دخلتها وانتشرت فيها بعد الاحتكاك بالمدنية الغربية"
اميل درمنغم E.Dermenghem "نهى محمد صلى الله عليه وسلم عن زواج المتعة وحمل الإماء على البغاء وأباح تعدد الزوجات. ولم يوصي الناس به , ولم يأذن فيه إلا بشرط العدل بين الزوجات فيهب إحداهن إبرة دون الأخرى...وأباح الطلاق أيضاً مع قوله: (ابغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق ) وليس مبدأ الاقتصار على زوجة واحدة من الحقوق الطبيعية مع ذلك , ولم يفرضه كتاب العهد القديم على الآباء, وإذا كان هذا قد أصبح سنة في النصرانية وأيهما أفضل : تعدد الزوجات الشرعي أم تعدد الزوجات السري ؟...إن تعدد الزوجات من شأنه إلغاء البغاء والقضاء على عزوبة النساء ذات المخاطر))"
الدكتور أحمد نسيم سوسه Dr.A.N.Sousa حيث قال : "((يجب ألا يغرب عن البال أن المرأة لم تكن قد حازت حقوقا تتمتع بها إلا بعد ظهور الإسلام لأن الإسلام هو أول من رفع قدر المرأة وأعطاها حقها في الحياة كحق الرجل. وتحدث عن اباحية الطلاق في الاسلام : ــ "من الغريب أن يصبح الطلاق اليوم عند المسلمين إلى جانب القلة ويكثر عند الغربيين الذين كانوا ينكرونه أشد الإنكار ، وما فتىء يزداد مع الزمن انتشارا مطردا ، فإنه يحصل بالولايات المتحدة الأمريكية كل سنة ما ينيف على المائتي ألف طلاق ، وفي أوروبا يبت في عشرات الألوف من قضايا الطلاق وعلى الأخص في فرنسا .ولا يغيب عن الذهن أن الإسلام مع إباحته الطلاق للضرورة فانه يعد ابغض الحلال عندا لله ، كما أنه ورد في القرآن الكريم ما يحتم الرفق بالمرأة ويفرض المحافظة على حقوقها ويقصي الرجل عن الإقدام الطلاق ما أمكن "
. ليوبولد فايس L . ومن اقواله "((إن الشريعة الإسلامية ، بمقتضى الحكمة التي تأخذ الطبيعة البشرية بعين الاعتبار الكلي دائما ، لا تأخذ على عاتقها أكثر من صيانة الوظيفة الاجتماعية – البيولوجية للزواج (بما فيها طبعا العناية بالنسل أيضاً) فتسمح لرجل بان يتخذ لنفسه أكثر من زوجة واحدة ولا تسمح للمرأة بان تتخذ لنفسها أكثر من زوج واحد في الوقت نفسه ، إن الحرية التي تمنحها الشريعة الإسلامية كلا من الرجل والمرأة على حد سواء لعقد الزواج أو حل هذا العقد ، يفسر السبب الذي من اجله تعتبر هذه الشريعة الزنا من أقبح الآثام : ذلك انه تجاه هذا التسامح وهذه الحرية لا يمكن أن يكون هناك أيما عذر للوقوع في حبائل العاطفة أو الشهوة.))"
سير هاملتون الكساندر روسكين جب 1967-1895 Prof . Sir .Hamilton A .R .Gibb .حيث قال "((حين ننتهي من حذف الانحرافات (الفقهية المتأخرة) وشجبها ، تعود تعاليم القرآن والرسول }صلى الله عليه وسلم{ الأصلية إلى الظهور في كل نقائها ورفعتها وعدالتها المتساوية إزاء الرجل والمرأة معا . عندئذ نجد أن هذه التعاليم تعود إلى المبادئ العامة وتحدد الفكرة التي تجب أن يوضع ويطبق القانون بمقتضاها أكثر من أن تعين صيغا حقوقية حاسمة. وهذه الفكرة ,فيما يخص المرأة ، لا يمكنها إلا أن تكون نابضة بالود الإنساني و بشعور الاحترام لشخصيتها والرغبة في محور الأضرار التي ألحقها بالمرأة سير المجتمع سيرا قاسيا وناقصا فيما مضى ، وبعدما ننتهي من استخلاص هذه الفكرة وهضمها، يمكننا أن نفهم التشريع الخاص بالقرآن فهما صحيحا . حالما نتوصل إلى ذلك نرى أن الموقف الإسلامي تجاه المرأة، والطريقة الإسلامية في فهم شخصيتها ونظامها الاجتماعي ,وطريقة حماية التشريع الإسلامي لها ، تفوق كثيرا ما هي عليه في الديانات الأخرى)) "
اللادي ايفلين كوبولد Lady E. Cobold حيث ذكرت "((لم تكن النساء (المسلمات) متأخرات عن الرجال في ميدان العلوم والمعارف فقد نشا منهن عالمات في الفلسفة والتاريخ والأدب والشعر وكل ألوان الحياة))"
عبدالله كويليام Kwelem حيث قال عن تعدد الزوجات: "ان موسى عليه السلام لم يحرمها وداود عليه السلام أتاها وقال بها ، ولم تحرم في العهد الجديد (أي الإنجيل) إلا من عهد غير بعيد، ولقد أوقف محمد }صلى الله عليه وسلم{ الغلو فيها عند حد معلوم ,على كل حال فأين مسألة تعدد الزوجات أمر شاذ كثيرا عن الدستور المعمول به في البلاد الإسلامية المتمدنة .. وهو بكل ما قيل فيه من القول الهراء لا يخلو من الفائدة فقد ساعد على حفظ حياة المرأة وأوجد لها في الشريعة حسن المساعدة . وتعدد الزوجات في البلاد الإسلامية اقل إثما واخف ضررا من الخبائث التي ترتكبها الأمم المسيحية تحت ستار المدينة . فلنخرج الخشبة التي في أعيننا أولا ومن ثم نتقدم لإخراج القذى من أعين غيرنا ." "جاء في القرآن (فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة) . فيما يتعلق بمسالة تعدد الزوجات التي تنتقدون فيها على المسلمين ظلما وعدوانا . إذ لا شك في أنكم تجهلون عدل النبي صلى الله عليه وسلم بين أزواجه }رضوان الله عليهن " "{ وحبه فيهن حبا مساويا مما علم المسلمين الانتماء والأنصاف بينهن . على أن القرآن لم يأمر بتعدد الزوجات بل جاء بالحظر مع الوعيد لمن لا يعدل في الآية المتقدمة، ولذلك ترى اليوم جميع المسلمين منهم القليل لا يتزوجون إلا امرأة واحدة خوف الوقوع تحت طائلة ما جاء من الإنذار في القرآن المجيد . وإذا سلمنا على العموم بان عدم تعدد الزوجات أوفق للمعاشرة الدنيوية من تكررهن ، فلا نسلم بالاعتراف بذلك على الوجه المتعارف اليوم بأوروبا من حصر الزواج في امرأة واحدة إذعانا للقانون واتخاذ عدة أزواج أخرى ]غير شرعيات[ من وراء الجدار....)) " "
[روم لا ندر R.Landau . ومن اقواله " (( يوم كانت النسوة يعتبرن, في العالم الغربي , مجرد متاع من الأمتعة , ويوم كان القوم هناك في ريب جدي من أن لهن أرواحا , كان الشرع الإسلامي قد منحهن حق التملك. وتلقت الأرامل نصيبا من ميراث أزواجهن , ولكن البنات كان عليهن أن يقنعن بنصف حصة الذكر ..إلا أن علينا أن لا ننسى أن الأبناء الذكور وحدهم كانوا, حتى فترة حديثة نسبيا , ينالون في الديار الغربية حصة من الإرث)) "
كوستاف لوبون Dr.G.Lebon من اعترافاته "((تعد مبادئ المواريث التي نص عليها القرآن بالغة العدل والأنصاف. ويظهر من مقابلتي بينها وبين والحقوق الفرنسية والإنكليزية أن الشريعة الإسلامية منحت الزوجات ، اللائي يزعم أن المسلمين لا يعاشروهن المعروف ، حقوقا في المواريث لا تجد مثلها في قوانيننا. وأحسن طريق لإدراك تأثير الإسلام في أحوال النساء في الشرق هو أن نبحث في حالهن قبل القرآن وبعده . إذا أردنا أن نعلم درجة تأثير القرآن في أمر النساء وجب علينا أن ننظر إليهن أيام ازدهار حضارة العرب ، وقد ظهر مما قصه المؤرخون انه كان لهن من الشأن ما اتفق لأخواتهن حديثا في أوربة. إن الأوربيين اخذوا عن العرب مبادئ الفروسية وما اقتضته من احترام المرأة . فالإسلام ، إذن ، لا النصرانية ، هو الذي رفع المرأة من الدرك الأسفل الذي كانت فيه ، وذلك خلافا للاعتقاد الشائع . وإذا نظرت إلى نصارى الدور الأول من القرون الوسطى رأيتهم لم يحملوا شيئا من الحرمة للنساء ، وإذا تصفحت كتب التاريخ ذلك الزمن وجدت ما يزيل كل شك في هذا الأمر ، وعلمت أن رجال عصر الإقطاع كانوا غلاظا نحو النساء قبل أن يتعلم النصارى من العرب أمر معاملتهن بالحسنى ))"
لايتنر Lightner باحث انكليزي ، حصل على أكثر من شهادة دكتوراه في الشريعة والفلسفة واللاهوت حيث اعترفت ما للمرأة حقوق في الاسلام "((ليس للرهبانية وجود في الإسلام , تكاد لا ترى امرأة غير متزوجة ، وقصاص الزنا متساوٍ فيه الرجل والمرأة ..والشريعة الإسلامية لا تسمح بإهانة أولاد المملوكة ، وهم يرثون أبناءهم مع أولاد السيدة ...وليس في الإسلام محلات للفاجرات ولا قانون يبيح انتشار المومسات . ومسامرات المسلمين العمومية خير مما هي في أوروبا . ومسامرات شبان المسلمين في المدراس خير واطهر من مسامرات شبابنا ، والحق أولى أن يقال فان كثيرا من كلام شبان الإنكليز لو قاله احد في بلاد المسلمين لنال قائله القصاص الصارم . وللمرأة المسلمة مركز شرعي خير من مركز المرأة الإنكليزية بكثير..)) "
د . نظمي لوقا Dr. N.Luka : "(( ليس الإسلام-على حقيقته-عقيدة رجعية تفرق بين الجنسين في القيمة . بل إن المرأة في موازينه تقف مع الرجل على قدم المساواة . لا يفضلها إلا بفضل ، ولا يحبس عنها التفضيل إن حصل لها ذلك الفضل بعينه في غير مطل أو مراء وما من امرأة سوية تستغني عن كنف الرجل بحكم فطرتها الجسدية والنفسية على كل حال . وذلك حسب عقيدة لتكون صالحة لكل طور اجتماعي على تعاقب الأطوار والعصور ، على سنة العدل التي لم يجد لها عصرنا اسما أوفق من (تكافؤ الفرص) , الذي يلغي كل التفريق , ويسقط كل حجة , ويقضي على كل تميز إلا بامتياز ثابت صحيح))"
سالي جان مارش : لوى جان مارش S . J . Marsh حيث ذكرت "((على فرض وجود بعض القيود على المرأة المسلمة في ظل الإسلام ، فإن هذه القيود ليست إلا ضمانات لمصلحة المرأة المسلمة نفسها , ولخير الأسرة ، والحفاظ عليها متماسكة قوية ، وأخيرا فهي لخير المجتمع الإسلامي بشكل عام.)) "
منى عبدالله ماكلوسكي Muna A.Maclosky : "((في ظل الإسلام استعادت المرأة حريتها واكتسبت مكانة مرموقة . فالإسلام يعتبر النساء شقائق مساوين للرجال ، وكلاهما يكمل الآخر. لقد دعا الإسلام إلى تعاليم المرأة , وتزويدها بالعلم والثقافة لأنها بمثابة مدرسة لأطفالها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) . لقد منح الإسلام المرأة حق التملك والحرية التصرف فيما تملك . وفي الوقت الذي نرى فيه ان المرأة في أوروبا كانت محرومة من جميع هذه الحقوق إلى عهد قريب جدا، نجد أن الإسلام منح المرأة بالإضافة إلى ما تقدم حق إبرام العقود للزواج . والمهر في نظر الإسلام هو حق شخصي للمرأة . والمرأة في الإسلام تتمتع بحرية الفكر والتعبير . إن المرأة المسلمة معززة مكرمة في كافة نواحي الحياة , ولكنها اليوم مخدوعة مع الأسف ببريق الحضارة الغربية الزائف . ومع ذلك فسوف تكتشف يوما ما كم هي مضللة في ذلك ، بعد أن تعرف الحقيقة . وان نشاطات المرأة المسلمة قد تمتد أحيانا خارج المنزل ، فبعض النساء المسلمات كن يقمن بمسؤوليات عامة ..في الحرب والتجارة ، ولكن ذلك كله كان في إطار الخلق الكريم ))"
روز ماري : مريم هاو R . Mary Howe من اقوالها عن الاسلام : "(( الحجاب شيء أساسي في الدين الإسلامي لأن الدين ممارسة عملية أيضاً ، والدين الإسلامي حدد لنا كل شيء . كاللباس والعلاقة بين الرجل والمرأة والحجاب يحافظ على كرامة المرأة ويحميها من نظرات الشهوة ، ويحافظ على كرامة المجتمع ويكف الفتنة بين أفراده . لذلك فهو يحمي الجنسين من الانحراف . وأنا أؤمن أن السترة ليست في الحجاب فحسب ، بل يجب أن تكون العفة داخلية أيضاً ، وان تتحجب النفس عن كل ما هو سوء .))" أما مفهومها عن العلاقة الزوجية في الاسلام قالت : "(( أنا افهم أن الإسلام يعتبر الزوج اقرب صديق لزوجته ، إذ تكن له كل ما في نفسها ، لأن الزواج في الإسلام علاقة حميمة مبنية على شريعة الله لا تضاهيها العلاقات العادية الأخرى ..))"
قد اعترف عدد من الكتاب والكاتبات الغرب ان ما اصاب العالم الاسلامي من تخلف وجمود وما اصاب المرأة على وجه الخصوص من تقاليد مشينة ، فقد وصل اليه من الغرب ابان حملاته القديمة والحديثة كم أكد ذلك أقوالهم أمثال : مونتجومري وات Montgomery ، Watt : "((إن النساء في صدر الإسلام لم يكن مظلومات أو مقيدات ، ولكن هل دام هذا طويلا ؟ لقد هبت على القصور العباسيين رياح جديدة قدمت من الشمال فغيرت الأوضاع ، وقدم الحريم من الجاريات الفارسيات واليونانيات .. و كان ان حرمت المرأة العربية من مكانتها الرفيعة في المجتمع و قيدت حرياتها حين سيطرت على المجتمع العادات الفارسية القديمة ، والإسلام برى من كل ما حدث)). جاء في كتاب (الإسلام) تأليف (شمتز دوملان)" " أنه ((عندما غادر الدكتور مافروكورداتو الآستانة سنة 1827 إلى برلين لدراسة الطب لم يكن في العاصمة العثمانية كلها بيت واحد للدعارة. كما لم يعرف فيها داء الزهري-وهو السفلس المعروف بالشرق بالمرض الافرنكي- فلما عاد الدكتور بعد أربع سنين تبدل الحال غير الحال. وفي ذلك يقول الصدر الأعظم الكبير رشيد باشا في حسرة موجعة : إننا نرسل أبناءنا إلى أوروبا ليتعلموا المدنية الافرنكية فيعودون إلينا مرضى بالداء الافرنكى )) "
حقوق المرأة في العصر الحديث: أما في العصر الحديث المطالبة بحقوق المرأة بدأت في الولايات المتحدة في عام 1848م على يد اليزابيث ستانتون ومجموعة من زميلاتها من منطلق أن وثيقة الاستقلال الامريكية والتي كتبت قبل سبعين عاما من هذا التاريخ نصت على ”أن الله خلق الرجل والمرأة مساويين في الحقوق والواجبات ، وأن الله منحهما حق الحياة والحرية والسعادة " وبينت السيدة ستانتون الغبن والمظالم اللذين أحاطا بالمرأة الامريكية في ذلك الوقت على سبيل المثال لا للحصر : القانون يعتبر المرأة المتزوجة ميتة شرعا وليس لها الوزن الاجتماعي ، ليس للمرأة المتزوجة حق الملكية ، للزوج حق الضرب المبرح وحبس الزوجة ، ليس للمرأة حق العمل وأن اشتغلت الاجر غير المتساوي....الخ وضعت هذه المطالب في وثيقة سميت وثيقة المطالب الوجدانية ، ولكن جوبهت الوثيقة بسخرية واستهجان من المجتمع الرجالي والصحافة إلا أنها زادت الوعي الشعبي بمشاكل المرأة وما تريده في المجتمع الامريكي وبالتالي الى زيادة التعاطف والتأييد لهذه القضية ، ففي نهاية القرن التاسع عشر زاد إقبال المرأة الامريكية والغربية بصورة عامة على التعليم فوصلت النسبة في بداية القرن العشرين الى 19% في الجامعات وفي عام 1985م الى 53% ، واعطت كثير من الولايات المرأة حق إقامة الدعوى القضائية ضد الزوج، وشرعت القوانين التي حددت ساعات العمل بثماني ساعات ، وفي عام 1920م أعطيت المرأة حق التصويت ، وفي عام 1963 شكل الرئيس الامريكي جورج كيندي لجنة نسائية لبحث مشاكل المراة الامريكية في العمل، وفي عام 19964م صدر مرسوم الحقوق المدنية ونصت المادة السابعة فيه على منع التمييز في العمل الجنس أو العرق أو الدين أو الاصل ، وفي 1972م تبنت الحكومة المادة (9) من نظام التعليم والذي اعطى المرأة الامريكية حق التعليم الجامعي والمتخصص ، وكذلك سمح بدخول ميادين جديدة كانت محرمة عليها اجتماعيا فاصبح بإمكانها قيادة السيارات والطائرات واقتحمت ميادين الرياضة . ويمكن القول أن ما حصلت عليه المرأة الامريكية بفضل " وثيقة الوجدان) كان يعد انجازا كبيرا في مجال العمل الحكومي والتجاري ، وكذلك في الحياة السياسية حيث دخلت المرأة الامريكية المجالس البلدية للولايات وكذلك الكونجرس بمجلسيه (الشيوخ والنواب) مع ذلك فالنساء يشكلن فقط 17% من مجموع الاعضاء . نجد أن مسيرة حقوق المرأة بدأت بمطالب طبيعية لا تتعارض مع فطرة المرأة ، ولكن الانحراف بدأ فيما بعد حين تمردت على الفطرة البشرية تحت مسمى التحرر ، وساهم في إذكاء هذا الاتجاه إنحسار دور الدين ؛ لأنه أصلا كان الحراك وراء النظرة الدونية للمرأة وكان عاجزا عن مواكبة التطور وتقديم الحلول لمشاكل المجتمع. وفي1938م صدر في فرنسا القوانين التي كانت تمنع المرأة الفرنسية من بعض التصرفات المالية ، ففي المادة 217 من القانون الفرنسي ورد ما يلي: " المرأة المتزوجة ــــ حتى لو كان زواجها قائما على اساس الفصل بين ملكيتها وملكية زوجها ـــ لا يجوز لها ان تهب ، ولا ان تنقل ملكيتها ، ولا ان ترهن ولا ان تملك بعوض او بغير عوض ، بدون اشتراك زوجها في العقد او موافقته عليه موافقة كتابية "ومع ما ادخل على هذه المادة من تعديلات فيما بعد فان كثيرا من اثارها لا يزال ملازما لوضع المرأة الفرنسية من الناحية القانونية الي الوقت الحاضر . وفي انجلترا ظلت المرأة حتى 1882م ليس لها حقوق شخصية، فلا حق لها في التملك الخاص ، بل هي ذائبة في ابيها او زوجها.
أن الارقام المذهلة تبين بوضوح حجم مأساة المرأة ومعاناتها وهوانها واستعبادها والتحرش بها ، ويظهر بجلاء أن المرأة المهانة ليست امرأة أفغانستان ذات البرقع ، ولا امرأه جزيرة العرب التي تعيش في حيز من الصون والكرامة يدعو المجتمع ليقدم لها التوقير والاحترام ، انما هي امرأة بلاد الحرية المزعومة ، بلاد التقدم المادي والتخلف الخلقي. كما اكدتها كاتبة امريكية تدعى هيلسيان ستانسيري (1962) " لقد أصبح المجتمع الامريكي مجتمعاً معقداً مليئاً بكل صور الاباحية والخلاعة .. وإن ضحايا الاختلاط والحرية قبل سن العشرين يملأون السجون والارصفة والبارات والبيوت السرية . إن الحرية التي أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا الصغار قد جعلت منهم عصابات أحداث وعصابات (( جيمس دين )) وعصابات المخدرات والرقيق . إن الاختلاط والاباحية والحرية في المجتمع الاوروبي والامريكي هدد الاسر وزلزل القيم ، والاخلاق ، فالفتاة الصغيرة تحت سن العشرين في المجتمع الحديث – تخالط الشبان وترقص وتشرب الخمر وتتعاطى المخدرات باسم المدنية والاباحية والحرية وهي تلهو تعاشر من تشاء تحت سمع عائلتها وبصرها بل وتتحدى والديها ومدرسيها والمشرفين عليها .. تتحداهم باسم الحرية والاختلاط تتحداهم باسم الاباحية والانطلاق تتزوج في دقائق وتطلق بعد ساعات ولا يكلفها أكثر من إمضاء وعشرين قرشاً وعريس ليلة".
هناك تقرير حديث لمنظمة الهجرة الدولية أنه يجري سنوياً بيع نصف مليون امرأة الى شبكات الدعارة في العالم وأن النساء من دول أوروبا الشرقية يشكلن ثلثي هذا العدد أما أعمارهنَ فتتراوح بين الثامنة عشرة والخامسة والعشرين.
في المجتمعات الغربية المعاصرة والتي أدعت المدافعة عن حقوق المرأة فأن واقع الحال يحكي قصة أو قصص مخالفة تثبت العكس حيث انهارت سعادتها ، وضاعت أمومتها الحانية ، وتهدم بيتها وتشتت أسرتها ، فغدت تمزقها مأساة مؤلمة ، إن كثيرة من النساء يحملن على أكتافهن ظلم الرجال وصعوبة الحياة ، يحملن على أكتافهن أطفالا قد حُرموا من حنان الأبوة ورعايتها ، والمرأة هناك يقلقها ظلمات الحيرة والندم كلما صرخ طفلها يسأل عن أبيه . عالم الغرب فقد المرأة المربية للأجيال الضائعة ، وفقد الام الحنون في مجتمع سادت فيه المادة ، وأضاع الزوجة الكريمة والشريكة الفاضلة ، وبخسرانها خسر العالم الغربي الاسرة السليمة المتزنة . وقد دلت الاحصائيات الكثيرة في بلاد الغرب على خطورة الوضع في ظل تحطم الاسرة والامومة ، بعد تلك الحرية الجنسية الواسعة التي دعت لها حركات التحرر المختلفة .
أن وضعية المرأة في الغرب ، رغم ما حققته من مكاسب عدة على بعض المستويات ، خاصة منها مستوى الحياة العامة ، فقد وقعت في سلبيات عدة قيمية حولتها الى بضاعة متعة تباع وتشترى ، عامل انتاج وكسب للثروة أكثر من الرجل ، وافقدتها الى حد بعيد خصوصيتها كضامنة للتواصل النوع البشري، وقد أصبحت وضعية المرأة الغربية منحطة ، حتى من المنظور الغربي نفسه ، من أكثر من جانب ، وهي في حاجة ملحة للعلاج قبل أن ينظر اليها كمثال وهو ما جعل العديد من الجمعيات النسوية والعديد من التيارات الفكرية تنهض للدفاع عن الحقوق المسلوبة للمرأة وعن كرامتها المهدرة كانسان مكرم
لا يخفى على المتأمل في واقع المرأة الغربية انها استغلت استغلال سيئاً من خلال الاغراء بها في وسائل الدعاية والاعلان لمنتجات مختلفة بعضها متعلق بالمرأة والاخر لا علاقة لها بالمرأة . ففي مجال الافلام تستخدم المرأة استغلالا تجاوز كل الحدود الشرعية والانسانية في عرض المرأة عرضا فاتنا صارخا، والمجلات الهابطة لا يمشي سوقها إلا إذا ملئت المجلة بصور النساء الجميلات ... فئات كثيرة
هذا مقال نشرته مجلة الأسرة عن اعترافات امرأة غربية أسلمت حديثا حيث قالت: " في أوقات كان الإسلام يواجه فيها عداءً سافراً في وسائل الإعلام الغربية ، ولا سيما في القضايا التي كان موضوع نقاشها المرأة، وربما كان من المثير للدهشة تماماً أن يتبادر إلى علمنا أن الإسلام هو الدين الأكثر انتشارا في العالم ، كما أن من العجب العجاب أن غالبية من يتحولون عن دياناتهم إلى الإسلام هم من النساء. إن وضع المرأة في المجتمع ليس بقضية جديدة ، وفي رأي العديد من الأشخاص فإن مصطلح " المرأة المسلمة " يرتبط بصورة الأمهات المتعبات اللواتي لا هم لهن إلا المطبخ ، وهن في الوقت عينه ضحايا للقمع في حياة تحكمها المبادئ ، ولا يقر لهن قرار إلا بتقليد المرأة الغربية وهكذا. ويذهب بعضهم بعيدا في بيان كيف أن الحجاب يشكل عقبة في وجه المرأة ، وغمامة على عقلها ، وأن من يعتنقن منهن الإسلام ، إما أنه أجري غسل دماغ لهن ، أو أنهن غبيات أو خائنات لبنات جنسهن.
إنني أرفض هذه الاتهامات ، وأطرح السؤال التالي : لماذا يرغب الكثير والكثير جدا من النساء اللواتي وُلدْنَ ونشأن فيما يدعى بالمجتمعات "المتحضرة" في أوروبا وأمريكا في رفض "حريتهن " و"استقلاليتهن " بغية اعتناق دين يُزعم على نطاق واسع أنه مجحف بحقهن ؟
بصفتي مسيحية اعتنقت الإسلام ، يمكنني أن أعرض تجربتي الشخصية وأسباب رفضي للحرية التي تدعي النساء في هذا المجتمع أنهن يتمتعن بها ويؤثرنها على الدين الوحيد الذي حرر النساء حقيقة ، مقارنة بنظيراتهن في الديانات الأخرى.
قبل اعتناقي للإسلام ، كانت لدي نزعة نسائية قوية ، وأدركت أنه حيثما تكون المرأة موضع اهتمام ، فإن ثمة كثيرا من المراوغة والخداع المستمرين بهذا الخصوص ودون قدرة مني علي إبراز كيان هذه المرأة على الخارطة الاجتماعية . لقد كانت المعضلة مستمرة : فقضايا جديدة خاصة بالمرأة تثار دون إيجاد حل مرض لسابقاتها . ومثل النسوة اللواتي لديهن الخلفية ذاتها التي أمتلكها، فإنني كنت أطعن في هذا الدين لأنه كما كنت أعتقد دين متعصب للرجل على حساب المرأة، وقائم على التمييز بين الجنسين ، وأنه دين يقمع المرأة ويهب الرجل أعظم الامتيازات . كل هذا اعتقاد إنسانة لم تعرف عن الإسلام شيئا، إنسانه أعمى بَصَرَها الجهلُ ، وقبلت هذا التعريف المشوّه قصداً للإسلام.
على أنني ورغم انتقاداتي للإسلام ، فقد كنت داخلياً غير قانعة بوضعي كامرأة في هذا المجتمع . وبدا لي أن المجتمع أوهم المرأة بأنه منحها "الحرية" وقبلت النسوة ذلك دون محاولة للاستفسار عنه . لقد كان ثمة تناقض كبير بين ما عرفته النساء نظريا، وما يحدث في الحقيقة تطبيقا. لقد كنت كلما ازداد تأملي أشعر بفراغ أكبر . وبدأت تدريجياً بالوصول إلى مرحلة كان عدم اقتناعي بوضعي فيها كامرأة في المجتمع انعكاسا لعدم اقتناعي الكبير بالمجتمع نفسه . وبدا لي أن كل شيء يتراجع إلى الوراء ، رغم الادعاءات . لقد بدا لي أنني أفتقد شيئاً حيويا في حياتي ، وان لا شيء سيملأ ما أعيشه من فراغ . فكوني مسيحية لم يحقق لي شيئاً ، وبدأت أتساءل عن معنى ذكر الله مرة واحدة ، وتحديداً يوم الأحد من كل أسبوع ؟ وكما هو الحال مع الكثيرين من المسيحيين غيري ، بدأت أفيق من وهم الكنيسة ونفاقها ، وبدأ يتزايد عدم اقتناعي بمفهوم الثالوث الأقدس وتأليه المسيح (عليه السلام) . وبدأت في نهاية المطاف أتمعن في الدين ( الإسلام ) . لقد تركز اهتمامي في بادئ الأمر، على النظر في القضايا ذات العلاقة بالمرأة ، وكم كانت تلك القضايا مثار دهشتي . فكثير مما قرأت وتعلمت علمني الكثير عن ذاتي كامرأة، وأين يكمن القمع الحقيقي للمرأة في كل نظام آخر وطريقة حياة غير الإسلام الذي أعطى المرأة كل حقوقها في كل منحى من مناحي الحياة ، ووضع تعريفات بينت دورها في المجتمع كما هو الحال بالنسبة للرجال في كتابه العزيز ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) . ولما انتهيت من تصحيح ما لدي من مفاهيم خاطئة حول المنزلة الحقيقية للمرأة في الإسلام ، اتجهت لأنهل المزيد ، فقد تولدت لدي رغبة لمعرفة ذلك الشيء الذي سيملأ ما بداخل كياني من فراغ ، فانجذب انتباهي نحو المعتقدات والممارسات الإسلامية ، ومن خلال المبادئ الأساسية فحسب كان يمكنني أن أدرك إلى أين أتوجه وفقا للأولويات . لقد كانت هذه المبادئ في الغالب هي المجالات التي لم تحظ إلا بالقليل من الاهتمام أو النقاش في المجتمع . ولما درست العقيدة الإسلامية، تجلى لي سبب هذا الأمر؛ وهو أن كل أمور الدنيا والآخرة لا يمكن العثور عليها في غير هذا الدين وهو " الإسلام".1- في لقاء مع الكتابة الفرنسية "فرانسواز ساجان"، وعند سؤالها عن سبب سخريتها في كتابتها من حركة تحرير المرأة أجابت فرانسواز: "من خلال نظرتي لتجارب الغالبية العظمى من النساء أقول: إن حركة تحرير المرأة أكذوبة كبيرة اخترعها الرجل ليضحك على المرأة".
نشرت الكاتبة الفرنسية مريم هاري خطابا موجها منها إلى النساء المسلمات في كتابها (الأحاريم الأخيرة) تقول لهن: "يا أخواتي العزيزات، لا تحسدننا نحن الأوربيات ولا تقتدين بنا، إنكن لا تعرفن بأي ثمن من عبوديتنا الأدبية اشترينا حريتنا المزعومة، إني أقول لكنّ: إلى البيت، إلى البيت، كن حلائل، ابقين أمهات، كن نساءً قبل كل شيء، قد أعطاكن الله كثيرا من اللطف الأنثوي فلا ترغبن في مضارعة الرجال، ولا تجتهدن في مسابقتهم، ولترض الزوجة بالتأخر عن زوجها وهي سيّدته، ذلك خير من أن تساويه وأن يكرهها".
صدر كتاب جديد في الولايات المتحدة الأمريكية بعنوان: "ما لم تخبرنا به أمهاتنا"، من تأليف "دانيالي كوتيدن"، يثير قضية كانت منذ زمن طويل من المسلّمات في العقلية الغربية، تقول الكاتبة: "إن الجيل الجديد من الأمهات تحت سنّ الأربعين أصبحن ضحايا للحركة النسوية، حيث دأبت هذه الحركات على تشجيع عمل المرأة والخروج من البيت وتأخير الزواج، وقلّلت من دور المرأة في تربية الأطفال ورعاية المنزل، ودعت إلى أن يقوم الرجل بذلك عملا بمبدأ المساواة المطلقة..."، وعلى هذا فإن الكاتبة تؤكّد أن عمل الحركة النسوية ومطالبتها باقتحام كلّ مجالات العمل ساهم في قطع ارتباط المرأة بالجوانب المتصلة في تكوينها النفسي والعقلي مثل غريزة الأمومة وحبّ تكوين الأسرة، وتدعو "دانيالي" في المقابل أن تعود المرأة إلى البيت وأن تتزوج مبكرة وأن لا تعمل قبل أن يكبر الصغار ويدخلوا المدارس. وتجيب عن سؤال حسّاس هو: لماذا لا يطلب من الرجل أن يبقى في البيت وتعمل الأم؟! فتقول: "إنّ الشعور بالذنب لدى المرأة لتركها الأولاد وشعورها المرتكز في فطرتها لتلبية حاجات أطفالها الأساسية يجعل قيام الأم بهذا الدور محقّقا للاستقرار الأسري".
وتشير "دانيالي" إلى أن جيلا من الأمهات بأكمله تعلّم أن يحارب الرجل وأن يلومه، وأن يطالب بالاستقلال التام بأي ثمن، والنتيجة كما تشير هذه الباحثة قلق وحيرةٌ واضطراب. وتذكر المؤلفة أن هناك تساؤلات أصبحت تقلق المرأة الغربية المعاصرة الى حدّ كبير، تتمثل في السؤالين التاليين: هل النزول إلى معترك العمل أهم من العناية بالأطفال؟ ولماذا لا يرغب صديقي بالزواج مني كما أرغب أنا؟ وتعترف أن لفظة: "حركة نسوية" أو "اتحاد نسائي" أصبحت تثير الاشمئزاز لدى عدد لا بأس به من النساء في أمريكا، وذلك مرده إلى الطروحات المتطرّفة المتصادمة مع متطلبات الأنثى. تقول "دانيالي" في كتابها: "إن السعادة والتخلص من القلق والحيرة ممكن للمرأة المعاصرة بشرط أن تتخلى عن المقولات الرجعية التي تنادي بها الحركات النسوية الداعية إلى إشراك المرأة في كلّ مجال أو بتلك المجالات التي تحث على الحرية الجنسية التي قتلت المرأة وحولها إلى كائن لا قيمة له في المجتمع".
تقول المعدة والمخرجة التلفزيونية الأمريكية السابقة التي تسمت أمينة السلمي: "مشكلة الداعيات إلى تحرير المرأة في الدول الغربية أنهن لسن فقط لا يعرفن حقيقة دعاة تحرير المرأة في الغرب، وإنما لا يعرفن حقيقة الإسلام أيضا"، وتقول أيضا: "إجبار المرأة على العمل خارج البيت كان على حساب أمومتها، وهذا يدمّر مفهوم الأمومة، والنتيجة أن يتربى الأطفال في الشوارع ويتحولوا إلى عصابات ومجرمين، وهذا أيضا يسبب قلقًا للمرأة وشعورا بالذنب". وتقول أيضا: "أحذر المرأة المسلمة من دعاة تحرير المرأة في الغرب، فقد كنت قبل دخولي في الإسلام من دعاة التحرّر، وأعرف جيدًا ماذا تعني هذه الكلمة، وأريد أن تعرف المسلمة أن المرأة الغربية ليست محررة كما نتوهّم، وإنما هي حبيسة النظام الغربي، وأن الحرية الحقيقية هي التي أعطاها لها الإسلام".وتقول "روز كندريك": "كنت قبل إسلامي لا شيء، والأجدر أن يكون اسمي قبل الإسلام لا شيء"، وتقول أيضا: "المرأة في الغرب جرت وراء مفهوم التحرر فأتعبها هذا كثيرا، إنها تعمل كثيرا وتخسر كثيرا". وتقول المسلمة السويدية أسماء التي كان اسمها قبل الإسلام آنا صوفيا: "المسلمون للأسف يديرون حياتهم بطريقة غير إسلامية، بل بطريقة غربية، حيث يستهينون بربة البيت، ويحترمون المرأة العاملة".
اذن لماذا التحيز في القانون الدولي :
القانون الدولي هو القانون الذي صدر والذي يصدر من الامم المتحدة ووكالاتها الدولية سواء عن طريق المواثيق أو اتفاقيات أو القرارات ويرتكز القانون الدولي لحقوق الإنسان على الشرعية الدولية لهذه الحقوق التي تتكون من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة1948 م. العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية سنة1966 م. العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سنة1966 م. أما فيما يخص المرأة، نضيف لهذه المواثيق اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سنة1981 م. المواثيق الدولية لحقوق الإنسان اهتمت بالمرأة حيث جاء في الفقرة 16 من المادة 1 في اعلان العالمي لحقوق : " للرجل والمرأة متى أدركا سن البلوغ حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين, وهما متساويان لدى التزوج وخلال قيام عقد الزواج ولدى انحلاله " أما في الميثاق المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, نجد أن المادة 7 تنص على: " تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية تكفل على الخصوص مكافأة توفر لجميع العمال كحد أدنى أجر, على أن يضمن للمرأة خصوصا تمتعها بشرط عمل لا يكون أدنى من تلك التي يتمتع بها الرجل, وتقاضيها أجرا يساوي أجر الرجل لدى تساوي العمل ".وفيما يخص الحقوق المدنية والسياسية, نجد أنه في المادة 3: " تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة تساوي الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد ".كما جاء في المادة 1 من اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة: " لأغراض هذه الاتفاقية يعني مصطلح (التمييز ضد المرأة) أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه النيل من الاعتراف للمرأة على أساس تساوي الرجل والمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمدنية والثقافية وفي أي ميدان آخر, أو إبطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها بها وممارستها لها بغض النظر عن حالتها الزوجية ". يقال إن الأمم المتحدة حققت اكبر انتصار لها بهذه الاتفاقية وتكريمها للمرأة بإعطائها جميع حقوقها ومساواتها بالرجل .
أن الحقوق المنصوص عليها في القانون الدولي الخاصة بالمرأة, تجمل عموما فيما يلي:
الحقوق الاجتماعية: وتشمل المساواة التامة بين الرجل والمرأة في عقد الزواج وفي خلال العلاقة الزوجية وعند انتهائها، وهذا يعني أن المواثيق الدولية لا تقبل بتعدد الزوجات ولا سيادة الرجل على المرأة داخل البيت –فما بالك بداخله، ولا تفرده بحق الطلاق وإنهاء العلاقة دون الزوجة ولا بأي تشريع يفرض على المرأة أغلالا تقيد حركتها في المجتمع من مظهر وزينة وزي, أو تقليص حقها في المشاركة على قدم المساواة مع الرجل في كافة الأنشطة الاجتماعية.
والحقوق الإقتصادية: وتشمل المساواة التامة بين الرجل والمرأة في حق العمل, وفي الأجر المتساوي في نفس العمل, وفي كل ما هو مرتبط بالإقتصاد من ضرائب ومنح اقتصادية التي يقدمها المجتمع لأفراده أو يطالبهم بها, وهذا التعادل على المستوى الإقتصادي يشمل أيضا التساوي في الميراث.
والحقوق السياسية :وتشمل المساواة التامة بين الرجل والمرأة في حق الترشيح والإنتخاب والولوج لكافة الوظائف في الدولة على قدم المساواة, ومنه يعني أن للمرأة الحق في تولي المناصب العليا التي تكون فيها مسؤولة فيها عن غيرها من النساء وكذا الرجال أيضا.
والحقوق القانونية: وتشمل المساواة التامة بين الرجل والمرأة أمام القانون كمتقاضين وكشهود, كما يحق للمرأة تولي القضاء ورفض أي قانون يمكن أن يصدر عن جهة معينة يفيد التمييز بين الرجل والمرأة على أساس الذكورة أو الأنوثة بشكل مباشر أو غير مباشر. ولعل من نافلة القول التاكيد على أن هناك العديد من النصوص في القانون الدولي تتماشى مع الفكر الإسلامي ولا تعارضها مجملا, ولكن كل ما هنالك تم ادراج النصوص والحقوق التي منحها المجتمع الدولي للمرأة والمعارضة للفكر الإسلامي. مع أن الامم المتحدة تنضوي تحت لوائها كافة الدول المستقلة الا أنها اعتادت عند البحث ومعالجة القوانيين ان تنطلق من مسلمة مركزية الكونية ، فما يصح في تاريخ الغرب ومجتمعاته يصح قانونا للبشرية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها، لذلك هنالك تجاوزات للعقائد والتعاليم السماوية، والقيم والأعراف والتقاليد الخاصة بالشعوب العربية والإسلامية التي تتضمنها الكثير من الوثائق التي تصدره المجتمع الدولي المتمثل في الامم المتحدة ووكالاتها. والتي كان آخرها وثيقة العنف ضد المرأة والتي طرحت واعتمدت في مارس 2013م التي تضمنت العديد من المفاهيم الجديدة التي تم إحلالها محل المفاهيم السماوية والتي تتعارض مع الشرائع السماوية، على سبيل المثال تم استبدال مفهوم الشراكة بين الزوجين بدلاً عن قوامة الرجل على المرأة، والتساوي التام بين المرأة والرجل، وإلغاء التعدد للرجل ليتساوى مع المرأة، وسحب سلطة التطليق من الزوج إلى القضاء فقط، ومنح الفتاة كل الحريات الجنسية مع الرجل ومع الأنثى وتقنينها قانونيًا، ومساواة الزانية بالزوجة والأبناء غير الشرعيين بالشرعيين، ومنع الزواج تحت سن 18 عاما واعتباره جريمة يعاقب عليها القانون.
لقد وضع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بشان حقوق المرأة بعقلية متحيزة بينما من الواجب ان يوضع هذا التشريع بعقلية متجردة عن كل الاعتبارات الجانبية، وتجاهلاً لميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على احترام كافة الإشكال الحضارية وكافة نظم الاعتقاد الديني في العالم ، وأن تخرج معاهداته على مستوى الحياة الخاصة وعلى وجه الخصوص من الإطار الأسري . بالاضافة الى ذلك لقد وضع هذا التشريع تحت تأثير عقلية الاخذ بثأر ، للمرأة من الرجل . ومن النتائج السلبية ، لهذه المنهجية الخاطئة ، ان وقع هذا التشريع في الشطط وجاء مهتز الاطراف . في حين كان من الاجدى ان لا يحصل الامر بذلك الشكل لأنَ المرأة ليست نفيضة الرجل ولا عدوته، انما هي الاخت والشريكة في الحياة وفي تواصل النوع البشري. والضرر بأي منهما هو ضرر بالثاني أيضا .
التوصيات:
• احياء ما في الارث الاسلامي من حقوق منصفة للمرأة بألادلة والنصوص واسانيد سواء في القران او السنة النبوية أواجتهادات الفقهاء
• سرد اعترافات من الغربيين ممن انصفوا الاسلام قديما وحديثاً عن حقوق المرأة
• مقارنة واقع النساء في المجتمع الغربي والنساء في المجتمع الاسلام
• يجب على بلدان العالم الأعضاء في منظومة الأمم المتحدة البحث والحوار في الخصوصية العقائدية والثقافية التي نص عليه ميثاق الأمم المتحدة .
• يجب رصد التجاوزات المختلفة (الدينية، الأخلاقية، الاجتماعية، الحقوقية، الصحية) في الاطار النظري والعملي في وثيقة "القضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات ومنعها". وثيقة العنف ضد المرأة .
• يجب استعراض وطرح تلك الوثائق ودراستها بطرق علمية وموضوعية للوصول إلى قرارات وتوصيات مؤثرة على تلك الوثائق.
• ترسيخ مبدأ ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على احترام كافة الإشكال الحضارية وكافة نظم الاعتقاد الديني في العالم ، وأن تخرج معاهداته على مستوى الحياة الخاصة وعلى وجه الخصوص من الإطار الأسري عند الحوار ومناقشة
المراجع :
1. .نورة بنت أحمد بن حامد الحارثي: " المرأة المبايعة للنبي (ص) ودورها في المجتمع النبوي، دراسة تحليلية ، جامعة القصيم ، كرسي السيرة النبوية وخدمة الرسول(ص)،1433هـ ص19
2. . سليمان بن حمد العودة : " المرأة والدعوة في عصر النبوة "، جامعة القصيم ، كرسي السيرة النبوية وخدمة الرسول(ص)،1433هـ ص11
3. حسن عبد الغني ابوغدة ، وزيد عمر عبد الله وآخرون : "الاسلام وبناء المجتمع" ،مكتبة الرشد ، الرياض ؛ الطبعة الثالثة 2010م، ص120
4. . يوسف القرضاوي : "الثقافة العربية والاسلامية بين الاصالة والمعاصرة "، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر ، عمان ، 1418هـ ، ص54
5. عماد الدين خليل : "قالوا عن المرأة في الاسلام
6. صحيفة الجمهورية القاهرة 19 يونيو 1962م
7. محمد بن عبد الله الهبدان : " ظلم المرأة " دار المحدث ؛1425هـ الرياض ؛الطبعة الاولى ، ص10
8. سليمان بن صالح الخراشي: "اعترافات المرأة غربية "، مجلة الاسرة ، العدد (71): http://saaid.net/Warathah/Alkharashy/index.htm
9. اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة : انظر الموقع http://www.un.org/womenwatch/daw/cedaw/
10. .المؤتمر العالمي الرابع : خطة عمل بكين؛ اطار عمل عالم، نيويورك الامم المتحدة ، 1996م . أنظر الموقع الإلكتروني: http://www.un.org/womenwatch/daw/beijing/pllat1htm#fram work e
11. نعمان عبد الغني ، مكانة المرأة الانسان في المجتمع العربي10/3/2006م ، ركن الاسرة ، الركن الاخضر
12. نور اولي ، حقوق المرأة : القانون الدولي – الحركات الاسلامية – الاسلام - منتديات ستارت تايم WWW.Starttimees.com
13. محمد قطب ، واقعنا المعاصر ، 1986م ، ص261.



#مدينة_حسين_دوسه_عبد_الرحمن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوق المراة في الميزان


المزيد.....




- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- البرازيل.. القبض على امرأة يشتبه في اصطحابها رجلا ميتا إلى ب ...
- فيديو.. امرأة تصطحب جثة إلى بنك للتوقيع على طلب قرض
- في يوم الأسير.. الفلسطينيون يواصلون النضال من داخل المعتقلات ...
- السعودية: إيقاف شخص -سخر من القرآن- وآخر -تحرش بامرأة- وثالث ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مدينة حسين دوسه عبد الرحمن - حقوق المراة في الميزان