أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - التراسل بين قصيدتي التفعيلة والنثر















المزيد.....

التراسل بين قصيدتي التفعيلة والنثر


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4182 - 2013 / 8 / 12 - 17:57
المحور: الادب والفن
    



تعترف هذه القراءة، أن لكل من قصيدتي التفعيلة والنثر خصوصيتهما، حيث أن قصيدة التفعيلة تعتمد على الإيقاع الخارجي، على اعتبارها متطورة عن قصيدة العمود، وإن راحت تتخلى عن وحدة القافية، والروي، بل وتخرج عن وحدة البيت، من خلال كسره، والتوجه إلى تأسيس العمارة النصية، أو العمارة المتوزعة إلى مجرد مقاطع، تقلّ أو تزيد، إذ نجد قصيدة التفعيلة معتمدة على جملة أدوات منها: التفعيلة الواحدة، كبديل عن البحر الخليلي المتعارف عليه، أو حتى التنويع بين أكثر من بحر، وهو ما يجعلنا أمام إيقاع خارجي، بل إطار محدد للتفاعل مع المفردة الموائمة للإيقاع، ما يقلص حرية الناص لأول وهلة، وإن كانت التجربة الشعرية كفيلة بأن تعينه في تجاوز مثل هذه السطوة- تدريجياً- حيث لم يعد الالتزام بالتفعيلة عقبة كأداء، بالنسبة لأي صاحب موهبة شعرية.

كما تعترف القراءة نفسها، أن قصيدة النثر، هي من أصعب الأشكال الشعرية الإبداعية، وإن كنا نجد أن انتهاك عوالم هذه القصيدة يتم على نحو مستمر، من قبل خاملي الموهبة، أو حتى من قبل كثيرين من عديميها، وقد استطاع تعدد فضاء قصيدة النثر، وتراوحها بين: النص النثري- التقليدي- المشابه لهندسة قصيدة التفيلة، والقصيدة الشفهية، وقصيدة الرؤيا، والنص المفتوح، والملحمي-وهي في الأغلب تكتب على نحو أفقي-مغاير، وإن كانت قصيدة الومضة،أو"الفلاش" أو اللوحة، أو الحالة، أو"السونيتا"لها بناؤها الخاص، على اعتبار أنها تشكل من مجموعة من المفردات، أن يشكل تعدد فضاء هذه القصيدة إثراء لها، وللشعرية على نحو عام..

وإذا كانت قصيدة التفعيلة قد تمكنت أن تكون خطوة متقدمة، في مسار القصيدة التقليدية، حيث عملت على مجالين: إذ تم من خلالها تقديم أنموذج، غير بعيد عن تلك القصيدة، كما أنها- في الوقت ذاته- ليست أسيرة عالمها الخاص، بالإضافة إلى أنها حفزت القصيدة التي خرجت من رحمها، أن تعيد النظر في ذاتها، وتستفيد هي الأخرى من تفاعلها، مع لحظتها الجديدة، وإن كان مجرد البحث في تتبع تاريخ هذه القصيدة، يجعلنا نقع على محاولات عديدة، حاول خلالها الخروج من تحت عباءتها، من خلال تقديم نماذج إبداعية، قد تعد منطلق الحداثة الشعرية، فإن هذه القصيدة- أي التفعيلة- واجهت تحديات كثيرة منذ نشأتها، على اعتبار أن قصيدة النثر التي ستنظر لها سوزان برنار في أخطوطتها الأكثر نضوجاً في مؤلفها"قصيدة النثرمنذ بودليرإلى أيامنا "، وكانت لها هي الأخرى نماذج تراثية سابقة، بيد أن منجزات قصيدة النثر، كما هي منجزات قصيدة التفعيلة، ضمن الإطار التنظيري، لم تتم إلا ضمن توصيفات تشكل المصطلحين، و هو أمر لابد من الانتباه إليه.


من المختلف إلى المؤتلف:

من يتابع قصيدتي التفعيلة والنثر- الآن- يجد أن هناك قصيدة ظلت في حدود إنجازها التقليدي، وباتت تكرر الدورة التي عانى منها رحمها الأول، من دون أن تستطيع تقديم أي جديد، وإن كانت بعض نصوصها تعد الارتباط إلى الحدث الجديد، تعبيراً عن حالة حداثية، من دون أي تطور يتم، سواء أكان ذلك على صعيد اللغة، أو الصورة، أو الإيقاع، وما أكثر قصائد التفعيلة التي ما إن نسمعها، حتى نستذكر البنى الإيقاعية لنصوص سابقة عليها، بل إن الكثير من أدواتها إنما هو مستنسخ من أدوات قصائد سابقة، حيث لا ابتكار فيها، ولا دهشة، ولا جماليات تجسر بينها ومتلقيها، وإن كان عزاء مثل هذه النصوص أن هناك من يطرب لها، من دون أن يدرك أن القصيدة ليست أداة إطراب، فحسب، ولا هي وسيلة لإحياء نصوص سابقة، أو إعادة كتابتها، وإن كانت طزاجة الحدث، هي الخيط الوحيد الذي يتم الاشتغال عليه، إلا أن الشعر، لم يكن طوال تاريخه، مجرد أداة لتوثيق اللحظة، لاسيما في هذه الفترة التي نجد فيها، وعلى مستوى كوني، أن وسائل الاتصال، قد وصلت ما بعد لحظتها الحداثية، من خلال أعظم ثورة في نطاقها، ومن هنا، فإن أي تعويل على الشعر ليكون بديلاً عن التاريخ، أو الأرشفة، إنما هو رهان خاسر، وإخراج للشعر عن سياقه الإبداعي.

ومادمنا تحدثنا، عن خطل رؤية بعض من يكتبون قصيدة التفعيلة، وهو ما يلاحظ على نحو أوضح لدى من يكتب قصيدة العمود، التي باتت منذ وقت طويل مرهقة بحدثيتها، خارج إطار أداء مهمتها الفنية- وهنا فإن الحديث عن التجارب السائدة وعن القاعدة لا عن الاستثناء-فإن الحال لا يتغير البتة، ونحن نتحدث عن قصيدة النثر، لأن مجرد الكتابة، ضمن إطار مصطلح"قصيدة النثر" لا يخول الناص تأشيرة التزكية، أو المرور، ليقدم على أنه ينتج نصاً جديداً، يحقق الشرط الإبداعي، لاسيما أننا نشهد كثرة النصوص النثرية المتهافتة التي تقدم على نحو يومي، وهي-في المحصلة ليست إلا مجرد مراكمة نثرية-لدرجة أنها قد تفتقد صفتي السرد والشعر، وهو ما ينم عن خسارة أصحاب مثل هذه النصوص، الذين يراهنون على عنصر الغموض-أحياناً- كأحد توصيفات القصيدة الجديدة، أو من خلال الرهان على هندسة النص التي لا تشفع له، ما لم يكن ناتجاً عن مهارة، وخبرة، ورؤيا، وما لم يحقق المعادلة الشعرية المطلوبة من قصيدة النثر، باعتبار هذه القصيدة أمام مسؤولية أكبر، وأمام تحد أكبر، لتوكيد شعريتها.

وإذا كانت قصيدة التفعيلة، قد استطاعت اكتشاف جماليات كثيرة، على صعيد بث الروح في اللغة، أو إعادة كهربة الصورة، أو تحقيق إنجازات لا حصر لها على صعيد العمارة النصية، وإيجاد علاقات جديدة بين المفردة والمفردة، وقبل كل ذلك، إنتاج إيقاعات جديدة، ما استفز شاعر قصيدة العمود، في حالات عديدة، ليستفيد من مثل هذه التقنيات، وكي تبث روح الجدة فيها، بل لتحمل مفاتيح الخروج من أسرها، بعد أن غدت مكبلة بعدد من القيود التي بدا-وإلى وقت طويل- أن لا إمكان لكسرها، وتجاوزها. فإن قصيدة النثر التي تعد توأم هذه القصيدة، انطلاقاً من قرب الموعد الزمني لولادة كليهما، بل إنه يمكن التأكيد أن التوجه إلى عالم قصيدة النثر، كان الإطار النظري لرادة قصيدة النثر، الذين تأثروا بالنماذج العالمية لثورة قصيدة النثر، ما يدعو للحديث-هنا- عن توأمة هاتين القصيدتين، وهو موضوع مهم، حيث لا يمكن التحدث عن إنجازات قصيدة التفعيلة، من دون الحديث عن التوأم المتقدم عليها، والمحفز لها.

ومهما يكن من أمر السبق-هنا- فإنه لا يمنع عن الإشارة إلى أن جماليات قصيدة النثر-المفردة- علاقة المفردة بالأخرى ضمن السياق- رسم الصورة- استقلالية المقطع البديل عن"البيت"- البناء العام للنص، باتت تتجلى في الأنموذج الإبداعي من قصيدة التفعيلة، حيث استطاعت هذه القصيدة أن تجمع بين عدد من جماليات التفعيلة، مع عدد آخرمن جماليات قصيدة النثر، وهو ما يجعل من هذه القصيدة قادرة على الديمومة، وعدم اجترار الذات في حال توافر الموهبة الشعرية.

وبدهي، أن قصيدة التفعيلة-كوريث لقصيدة العمود- تعتمد على الإيقاع الخارجي، وهو يشكل هارموني هذه القصيدة، الذي تعتمد عليه، خلال تواشجها مع متلقيها، لأول وهلة، وهي تمارس فعل الصدمة معه، كما تفعله قصيدة العمود، وكما تفتقر إلى ذلك قصيدة النثر، الأمر الذي يجعل هذه القصيدة-أي النثر-مضطرة على امتلاك شعريتها الفارقة، حتى تستطيع تسجيل حضورها، مادامت مفتقرة للإيقاع الخارجي الذي تعودت عليه الأذن، بيد أنها استطاعت اكتشاف إيقاعها الخاص من خلال حفرها العميق على شعريتها، وهي تحقق كيمياء اللغة والصورة والبناء، في معادلة فريدة، جعلتها تستمر خلال عقود من عمرها، على أيدي أجيال متعاقبة، بل إنها لاتفتأ تنفتح على أمداء، وآفاق جديدة، حيث أن لديها قابلية ابتكار عدد لامتناه من الأشكال، كما أن كل قصيدة لا تشبه الأخرى، بل إن كل قصيدة-في حال تحقق شروط الإبداع في هذا العالم- تقدم شروطها الخاصة، ما يجعلها عصية على الاستنساخ، وإن كانت النماذج المستنسخة منها، لا تصمد تحت مجهر الشعرية، بل سرعان ما ينكشف زيفها، وتلفيقها الفني، ما يجعلنا نسقط نسبة جد عالية، من الركام اليومي المكتوب.

إن استفادة قصيدة التفعيلة، من أنموذج قصيدة النثر، على اعتبار أننا أمام شكلين شعريين، من خلال علاقتهما بحرية النص أو الناص، تتجلى على نحو دائم، من خلال الركائز التي تعتمد عليها قصيدة النثر، ما يقدمها على أنها متجددة، ولعلنا نجد الكثير من المفردات المهملة، الهامشية، البسيطة التي كانت قصيدة العمود، ومن ثم قصيدة التفعيلة، تأنفانها، تتسرب الآن، إلى هذه الأخيرة-بشكل خاص- ما يؤكد أنه ليس هناك من مفردة مسبقة الشعرية، مقابل أخرى تفتقدها، وهو ما أمضى بالشعرية الجديد لتنبت على أرض بوار، كان محظوراً عليها الوصول إليها.

ومادمنا نتحدث عن مثل هذه الاستفادة، فإنه ليس بعيداً قط، عن فضاء هذا التفاعل، كل ما حققته قصيدة النثر على صعيد البنى الإيقاعية، اللامتناهية- وإن كان في خروج قصيدة التفعيلة من قمقم أسرالبحور-ما فتح أمامها إمكان استيلاد إيقاعات جديدة، إلا أنه سرعان ما تحول الإنجاز، إلى مثال، فتقوقعت حوله الأذن، وهي تتكاسل عن مواصلة حفرها الفني، بيد أن إيقاعات قصيدة النثر، كانت بوابة إلى أن تكون هذه القصيدة أمام فضاء لانهاية له من الإيقاعات.

ولئلا نقع هنا في شباك الخلط، فإن قصيدة التفعيلة- وكما تمت الإشارة أعلاه- كانت تتواءم مع إيقاعها الخارجي، الإيقاع الذي هو من موروث التفعيلة-أداة البحر الشعري وركيزته- إلا أن ولع مبدع شاعر التفعيلة بالإيقاع الداخلي لقصيدة النثر، دعاه إلى أن يستفيد حتى من الإيقاع الخارجي، وإن كنا-هنا-أمام مشكلة كبيرة، وهي أن الإيقاع الخارجي الصرف، لا يمكن أن يستقيم في حضور ذائقة مصابة بفيروس الإيقاع الداخلي، حيث نجد أن هذا الشاعر، لم يجد إلا إمكان المصالحة بين هذين الإيقاعين، وهي مصالحة بين أذنين مختلفتين، بل هي مصالحة مع الذات، قد تصل إلى حد المساومة، ويظهر ذلك من خلال تخفيف قصيدة التفعيلة من هارمونيها الراقص، وتخفيته، في الوقت الذي ينصرف خلاله إلى مختبره الشعري، ويكتب قصيدته المدهشة



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعراء كرد يكتبون باللغة العربية
- نبوءة الشاعر
- الشاعر الكردي شيركوبيكس وإبراهيم اليوسف- وجهاً لوجه-
- الشاعر لايولد مرتين
- الشاعرالكردي الكبيرشيركو بيكس ... لايليق بك الغياب..!
- «مايشبه بياناً مفتوحاً عن حرب مزدوجة مفتوحة على الكردي..!» ا ...
- رواية -الأب باولو-
- ميكانيزما علاقة المثقف والسلطة وئام أم خصام؟
- يوسف عبدلكي يرسم لوحة السجن..!
- المثقف و-الأنتي ثورة-
- مختبرالزمن والاستقراء
- بين السياسي والثقافي حديث في عمق الثورة السورية ومشاركة الكر ...
- المثقف بين مواكبة الزمن ونوسان الرؤية
- بيان شخصي: لتكن تل أبيض الملتقى..!
- قصة وحكمة:
- أدنسة الثورة
- عامودا2013
- حكمة الكاتب
- الثنائية القيمية وإعادة رسم الخريطة الثقافية..!
- استعادة قابيل


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - التراسل بين قصيدتي التفعيلة والنثر