أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكيم العبادي - مفاهيم .... ( 12 ) إختاره القدر ليكون ضحية ً ... ولكنه أبى إلا ّ أن يكون بطلا َ سأحكي لكم القصة















المزيد.....

مفاهيم .... ( 12 ) إختاره القدر ليكون ضحية ً ... ولكنه أبى إلا ّ أن يكون بطلا َ سأحكي لكم القصة


حكيم العبادي

الحوار المتمدن-العدد: 4180 - 2013 / 8 / 10 - 15:27
المحور: الادب والفن
    


المسيح الذي أغضب صاحبي :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت قبل شهر على صفحتي ، فيديو يحوي مشاهدا ً من قصة إنسانية جميلة لبطل حقيقي و أب رائع لطفل معوق ... جَـسَّد فيها مفهوما ً ملائكيا ً للأبوة ... تصاحبها موسيقى أغنية رائعة هي الاخرى ، عنوانها (My Redeemer Lives ) ... ( حياة قدوتي ) ... وعلقت عليه حينها بالعبارة التالية : ( مشاعر تموت بحضرتها الكلمات ) ... وقد علق أحدهم من غير أصدقائي ... وممن لا أتشرف بمعرفتهم ، لا عقلا ً ولا أخلاقا ً ... بأن الأغنية عن المسيح ... والمسيح ليس قدوتنا !!! ... ودعاني لإصلاح نفسي .
أولا ً : أحب أن اوضح لهذا الأحمق ... بأن السيد المسيح هو قدوة صالحة لكل إنسان ...شأنه شأن جميع القامات الإنسانية العليا رغم إختلاف الصور ... والإدعاء بأنهم ، او أحدهم ليس بقدوة لنا هو دخول في مستنقع الإنغلاق والتخلف والغباء والحقد الشيطاني البغيض .
ثانيا ً : ليس كل مرة اتحدث فيها عن المسيح ... أو يرد فيها اسم بوذا ... أو استشهد فيها بعبارة لعلي ... أو اذكر شيئا ً عن جيفارا ... أو اكتب شيئا عن سيرة الأم تريزا ... أو اقرأ في عبارات كازانتزاكيس ... أو أسمع فيروز ... أو اشم وردة ... أو أحلق بخيالي مع فراشة ... أو أتعاطف مع جائع ... أو أبكي لدموع كلب ... يخرج علي أحد صبيان التخلف والصحراء ليعلمني معنى الإيمان ... ويأسف لأنني ضيعت طريق الجنة !!! .
أقولها بثقة ... لا حاجة لي بجنتكم التي لونتها الطائفية والموت والقذارة والتخلف ... وإجتاحها جفاف الصحراء ... وأفسدتها عفونة الدم والعهر والأحقاد .
جنتي تـُنبت زهرة ً من كل روض ... وتتجمل بلون ٍ من كل أفق ... وتستنير بشعاع ٍ من كل نجمة ... وتتغنى بالجمال أينما وُجد .
جنتي تضم محبة المسيح ... وصدق بوذا ... وعطف محمد ... ونقاء علي ... ودماء الهنود الحمر ... وثورة جيفارا ... وفكر جبران ... وإحساس فيروز ... وإيمان الام تيريزا ... وموسيقى اندريه ريو ... وفكر كازانتزاكيس ... وعقل دافنتشي .
جنتي لا تدنسها يهودية أينشتاين ... ولا هندوسية غاندي !!! .
جنتي يسكنها النبلاء ... والأنقياء ... والصادقون ... والعلماء ... والمبدعون ... ولا مكان فيها لمن يسأل عن الدين أو العشيرة أو الهوية !!! .
ثالثا ً : لقد فات هذا العبقري أن العنوان يتحدث عن مشاعر الأب في المشاهد التي تحكي القصة ... وليس عن عنوان الأغنية التي كانت عبارة عن موسيقى تصويرية لا اكثر !!! .

ضحية أم بطل ؟؟؟ :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
د ِك هويت ، مقدم متقاعد في الحرس الوطني الجوي الامريكي ، يعيش في هولاند ، في ولاية ماساشوستس الاميركية ... ومع كرهي للاميركان سياسة ً ... وللعقلية الاستعلائية التي يفكر بها الاميركيون شعبا ً ...إلا إنني أحترم فيهم الكثير من النماذج التي ضربت أروع الأمثال في القيم الإنسانية ... ومنهم هذا الرجل ... تعالوا نتعرف على قصته :
خلال ولادة ريك ... وهو الطفل الأول لهذا الأب الرائع د ِك ... تعرض لمشاكل تنفسية بسبب إلتفاف الحبل السري على عنقه ... مما سبب إنقطاع الأوكسجين عن الوصول للدماغ لفترة قصيرة ... لم يكن انقطاع الأوكسجين هذا كافيا ً ليموت ريك ... لكنه كان كافيا ً لإحداث إعاقة دائمة هي الشلل الدماغي ... حيث تعطلت مراكز معينة في دماغه ... وتوقفت عن إرسال الأوامر الصحيحة التي تقوم بتحريك العضلات .
فعل الوالدان المستحيل لعلاج ريك دون جدوى ... كانت نصيحة الأطباء أن يتقبلا مصيرهما المحزن ... وأن يتوقفا عن البحث عن علاج ... ويكتفيا بتقديم ما بوسعهما لإعانة ريك العاجز وتأهيله ... موضحين لهما أنه لن يكون اكثر من كومة لحم بشرية لا فائدة منها .
تقبل الوالدان الواقع بصبر كبير ... لكنهما كانا يشعران بمرارة بالغة حين يتحركان في المنزل ... وعيون هذا الطفل المسكين تلاحقهما في أرجاء المنزل دون أن يستطيع تحريك أطرافه .
جودي ... أم ريك ... الأم الأم ... و المرأة الملاك ... فعلت المستحيل لتعليم ريك ... كانت تقضي معه عدة ساعات يوميا ً لتعليمه حرفا ً واحدا ً يستغرق منها اسابيع َ عديدة ... كانت تستخدم ورق السنفرة الخشن لتكتب عليه الحروف ، لضعف إحساسه باللمس ... في حين كانت جدران المنزل بكاملها لوحة ً للكتابة ... تعلق الحروف هنا وهناك كالمهووسة ... عسى أن تثير إنتباهه !!! .
في عمر الحادية عشرة ... وبعد سنين عجيبة من إصرار وصبر الوالدين ، صار ريك مؤهلا ً لإستيعاب ما يقال للاطفال في عمر الخامسة ... فدخل المدرسة على كرسي بعجلات مجهز بكومبيوتر يساعده في التحرك .
في أحد الأيام حين كان في السنة الدراسية الخامسة ، و كان عمره 16 سنة ... وحين كان الوالد يشجعه ... ويبعث فيه قوة الامل والإرادة الإيجابية ... ويحدثه عن كونه إنسان طبيعي ... وسيعيش حياته مثل الآخرين ... سأل ريك والده : ( وهل ساستطيع المشاركة في الماراثون يا أبي ؟؟؟ ) .
وقع السؤال البريء كالصاعقة على رأس د ِك ... ودارت به الدنيا ... لكنها الدورة التي غيرت كل شيء : ــ ( نعم يا ولدي ... تستطيع ذلك بالتأكيد !!! ) .
كان الأب د ِك مريضا ً بالذبحة الصدرية ... و كان عمره 37 سنة ... ولم يكن رياضيا ً ... ولم يمارس الجري في حياته ... لكنه قرر أن ينفذ لريك رغبته !!! .
خرج من فوره ليتمرن ... وأخبر جودي أنه سيشارك في السباق القادم لمسافة ال 5 كيلومترات بصحبة ريك ... وطلب من إحدى الشركات أن تصنع مركبة ً خاصة لريك ليدفعه أمامه حين يجري ... وهكذا كان !!! .
كان د ِك يجري دافعا ً مركبة ريك في السباق ... و كان الطفل سعيدا ً بشكل كبير ... مما حدا به أن يقول لوالده وهو يضحك ضحكته المشوهة المتقطعة : ـــ ( بابا ... أشعر أنني لست معوقا ً ) .
مسح د ِك دموعه التي إمتزجت بعرقه الغزير ... ثم َّ ، وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة ، قرر قرارا ً غريبا ً سيستمر حتى يومنا هذا !!! ... كان هذا في العام 1977 ... قبل 36 سنة !!! .
من يومها ... والأب يحمل ولده ويجري ... ويجري ... ويجري ... حتى تخوم الأبوة ... ولا يمل ... ولا يتعب !!! .
شارك فريق الأب والابن ... والذي صار اسمه فريق هويت : ( Team Hoyt )... ب 1123 سباقا ً متنوعا ً حتى الآن ... ابتداءا ً من سباق ال 5 كم ... وحتى سباق الماراثون لسبعين مرة ... وحصدوا مئات الجوائز .
في احد الأيام ... تسائل ريك : ــ ( بابا ... هل نستطيع المشاركة بسباق الرجل الحديدي !!! . ) .
ـــ ( بالتأكيد يا بني ... نستطيع ذلك !!! ) ... وكان من بين إنجازاتهم 6 مشاركات في سباق الرجل الحديدي ... و7 مشاركات لنصف الحديدي !!! .
مسابقة الرجل الحديدي تتضمن ثلاثة فعاليات ... الاولى سباحة لمسافة 3.86 كيلومترا ً كان ريك فيها مستقرا ً في قارب ، يربطه د ِك الى عنقه ويسحبه وراءه ... والثانية 180.25 كيلومترا ً دراجات ... كان الأب يقود فيها دراجة خاصة مصممة لحمل الإبن أمامه ... و الثالثة 42.2 كيلومترا ً جريا ... كان الأب يجري فيها دافعا ً ولده على مركبة خاصة !!! .
عمر الوالد الآن 73 سنة ... وريك 52 سنة ... وقد كانا مشاركين في سباق بوسطن الذي استهدفه الارهاب في منتصف ابريل الماضي ، قبل شهرين ... ولم يصابا بسوء .

الكلمة الأخيرة للضحية لا للقدر :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعتبر إفتتاحية الشيخ والبحر التي يقول فيها أرنست همينغواي : ( من الممكن تحطيم الإنسان ... غير انه ليس من الممكن هزيمته ) ، واحدة من أرقى وأعمق الإفتتاحيات في تاريخ الادب برمته ... لكنه لم يطمح لأكثر من المحافظة على كرامة الضحية ... و الإكتفاء بتحطيمه دون هزيمة ... ولم يفكر بالبطولات بالتأكيد ... لكن ضحيتنا في هذه القصة فضلا ً عن رفضه ان ينهزم ... صار بطلا ً .
نعم ... لقد إختاره القدر ضحية ً له ... لكنه أبى إلا ّ أن يكون بطلا ً ... لقد تجاوز همنغواي بكثير !!! .
هذا الأب هو المقصود بعبارتي : ( مشاعر تموت بحضرتها الكلمات ) .
يقيني أن صاحب التعليق لا يمت بصلة لهذا النوع من الآباء ... ولا لهذا النوع من المشاعر .
أكمل ريك دراسته في التعليم الخاص بجامعة بوسطن ... وتعين فيها باحثا ً في قسم تطوير برامج تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة !!! .
كم أتمنى أن تنتج هذه القصة للسينما ... وأن أعد السيناريو وأكتب الحوار الخاص بها .
رابط بالأغنية :
http://www.youtube.com/watch?v=0bF1Vol4jNA
الدكتور حكيم العبادي
[email protected]



#حكيم_العبادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفاهيم ( 11 ) ... رمضان هل هو شهر الله وشهر الرحمة ؟؟؟ هذا ا ...
- سحر النص الفيروزي ... ( 2 ) لبنان وفيروز
- وصلت الرسالة ... الدور الدور الدور الدور ... موعودة يلى عليك ...
- مفاهيم ... ( 9 ) ماذا يجري في العراق ... ( الجزء الثاني ) ال ...
- مفاهيم ... ( 8 ) ... ماذا يجري في العراق ... ( الجزء الأول )


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكيم العبادي - مفاهيم .... ( 12 ) إختاره القدر ليكون ضحية ً ... ولكنه أبى إلا ّ أن يكون بطلا َ سأحكي لكم القصة