أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - على حسن السعدنى - استراتيجيات إدارة الأزمات السياسية















المزيد.....



استراتيجيات إدارة الأزمات السياسية


على حسن السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 4179 - 2013 / 8 / 9 - 00:28
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


إن هناك العديد من الاستراتيجيات التي تستخدم في المواجهة والتعامل مع الأزمة والتي تمثل أهم العوامل المؤثرة في تطور الأزمة والخسائر والقضاء عليها . وأهم هذه الاستراتيجيات التي تستخدم في التعامل مع الأزمة .
أولا : الأساليب التقليدية لمواجهة الأزمات :
من الأهم الأساليب التقليدية فى مواجهة الأزمة :
1- أسلوب النعامة ( الهروب ) : هذا وتختلف أشكال الهروب من الأزمة ، حيث أنها تأخذ صورا مختلفة منها :
أ‌- الهروب المباشر: مثل ترك مجال الأزمة وتأثيرها نهائيا، والاعتراف بعدم القدرة أو الفشل في مواجهتها، واستعداده لتحمل تبعات هذا الهروب.
ب‌- الهروب غير المباشر: وهو اصطناع المواقف التي تظهر القائد بعيدا عن الأحداث أثناء الأزمة، أو تعذر الاتصال به أو عدم علم القائد بالأزمة.
ت‌- التنصل من المسئولية: وذلك عن طريق إلقاء المسئولية علي الآخرين ، وتبرير المواقف التي أدت إلي حدوث الأزمة بأسباب منطقية تبدو صحيحة في ظاهرها ، ولكنها لا تغير من الواقع الفعلي شيئا .
ث‌- التركيز علي جانب آخر: حيث يعمل المسؤول على تحاشي الفشل المتوقع في مواجهة الأزمة ، وذلك بالتركيز علي جانب آخر من الموضوع وليس في صميم الأزمة ، أو جانب يستطيع أن يحقق فيه بعض النجاح .
ج‌- الإسقاط : حيث يعمل المسؤول على تغطية تصوره في مواجهة الأزمة وذلك بتركيز الأضواء علي عيوب الآخرين والقصور في أدائهم ، ولا يقتصر هذا الإسقاط علي المرؤوسين فقط ، ولكنه قد يمتد أيضا إلى الإدارات العليا أو الرؤساء .

2- القفز فوق الأزمة :
ويركز هذا الأسلوب على أنه قد تم السيطرة علي الأزمة عن طريق التعامل مع الجوانب المألوفة والتي هناك خبرة في التعامل معها، أو هناك تشابه فيها مع الخبرات السابقة . ويؤدى ذلك إلي تناسي العوامل الجديدة والأكثر غموضا وتجاهل تأثيرها كليا أو جزئيا كما لو كانت غير موجودة أصلا .
ويري آخرون أن من الطرق والأساليب التقليدية في التعامل مع الأزمات أيضا :
( إنكار الأزمة - كبت الأزمة - تشكيل اللجان - تنفيس الأزمة وغيرها ).
وهذه الطرق تؤدى إلي إخماد الأزمة مؤقتا ، وذلك لأن الأزمات متغيرة ومتطورة باستمرار وليست جامدة.( )
ثانيا : الأسلوب العلمي في مواجهة الأزمات :
1- الدراسة المبدئية لأبعاد الأزمة :
حيث ان الهدف من هذه الدراسة المبدئية هو :
- تحديد العوامل المشتركة في الأزمة .
- تحديد أسباب الاحتكاك الذي أشعل الموقف.
- تحديد المدى الذي وصل إليه الموقف.
- ترتيب العوامل المشتركة والمؤثرة حسب خطورتها.
تحديد القوي المؤيدة والمعارضة.
- تحديد نقطة البداية للمواجهة.
2- الدراسة التحليلية للأزمة:
حيث أن تحليل الموقف وتقسيمه إلي أجزاء يتيح ما يلي :
- التفرقة الواضحة بين الظواهر والأسباب.
- التأكد واليقين من الأسباب.
- دور المكون البشرى ومدى تأثيره في ظهورها.
- دور المكون الطبيعي ( العوامل الطبيعية ).
- دور المكون الصناعي أو التكنولوجي وأسباب الخلل التي أدت إلي حدوث الأزمة .
- عدد العناصر المشتركة في صناعة الأزمة ونسبة تأثير كل منها علي الاشتعال في الموقف.
- المرحلة التي وصلت إليها دورة حياة الأزمة.
- توقع طبيعة وتكاليف الأخطار الناتجة عن الأزمة وأثر الوقت على انتشارها .
- تحديد الإمكانيات المتاحة بصورة مباشرة ، والإمكانيات التي يمكن الحصول عليها في الوقت المناسب لاستخدامها.

3- التخطيط للمواجهة والتعامل مع الأزمة.
وفي حقيقة الأمر فإن الطرق الحديثة للتعامل مع الأزمات هي الأساليب الأكثر عملية وموضوعية ومن هذه الطرق:
1- تشكيل فريق العمل من الخبراء والمتخصصين في المجالات المختلفة سواء أكان فريق العمل مؤقت أو دائم.
2- طريق المشاركة الديمقراطية للتعامل مع الأزمات وما يتطلبه من التركيز علي العنصر البشري .
3- طريق الاحتواء للأزمة ومحاصرتها.
4- طريقة تصعيد الأزمة.
5- طريقة تفريغ الأزمة من مضمونها وبالتالي فقدانها لهويتها.
ثالثا : استراتيجيات المواجهة مع الأزمات :
وفيما يلي عرض لأهم استراتيجيات المواجهة مع الأزمة:
1- إستراتيجية العنف في التعامل مع الأزمة ، ويشمل ذلك التدمير الداخلي والخارجي للأزمة .
2- إستراتيجية وقف النمو ، وتهدف هذه الإستراتيجية إلي التركيز علي قبول الأمر الواقع وبذل الجهد لمنع تدهوره ، وفي ذات الوقت السعي إلي تقليل مشاعر الغضب والثورة وتقليل درجة الحرارة المصاحبة للأزمة ، وضمان عدم الوصول إلى درجة الانفجار .
3- إستراتيجية التجزئة ، وتعتمد هذه الإستراتيجية علي الدراسة والتحليل الكافي والدقيق للعوامل المكونة والقوي المؤثرة والعلاقات الإرتباطية بينها ، وبصفة خاصة في الأزمات الكبيرة التي تشكل تهديدا كبيرا عندما تكون مجتمعة في كتلة واحدة وتحويلها إلي أزمات صغيرة ذات ضغوط أقل قوة مما يسهل التعامل معها .
4- إستراتيجية إجهاض الفكر الصانع للأزمة:
يمثل الفكر الذي يقف وراء الأزمة في صورة قيم واتجاهات معينة تأثيرا قويا علي الأزمة وشدة تأثيرها. وتركز هذه الإستراتيجية علي التأثير علي هذا الفكر وإضعاف المبادئ أو الأسس التي يقوم عليها ، بحيث تنصرف عنه بعض القوي المؤيدة، وإضعاف الضغط الذي يؤدى إلي ظهور ونمو الأزمة .
5- إستراتيجية دفع الأزمة للأمام :
وتهدف هذه الإستراتيجية إلى الإسراع بدفع القوي المشاركة في صناعة الأزمة إلي مرحلة متقدمة تظهر خلافاتهم وتسرع بوجود الصراع بينهم . و تصلح هذه الإستراتيجية عند تكتل وتضامن قوي غير متشابهة ومتنافرة من أجل صناعة الأزمة.
6- إستراتيجية تغيير المسار:
وتهدف هذه الإستراتيجية إلي التعامل مع الأزمات الشديدة التي يصعب الوقوف أمامها. وهي تركز علي ركوب عربة قيادة الأزمة والسير معها لأقصي مسافة ممكنة ثم تغيير مسارها الطبيعي وتحويلها إلي مسارات بعيدة عن اتجاه الأزمة. ويمكن الاستفادة منها في تحقيق بعض النتائج الجيدة ، مثل خلق نوع من التحدي والمبادأة والإقدام لدى الأفراد بغرض تعويض الخسائر وتحقيق نتائج أفضل من تلك التي كانوا يحققونها قبل بداية الأزمة.
المطلب الثاني : أثر المعلومات علي إدارة الأزمات في مراحلها المختلفة :
1- مراحل الأزمة :
تمر الأزمة باعتبارها ظاهرة اجتماعية بدورة حياة ، مثلها في هذا مثل أي كائن حي ، وهذه الدورة تمثل أهمية قصوى في متابعتها والإحاطة بها من جانب متخذ القرار الادارى ، فكلما كان متخذ القرار الاداري سريع في التنبه في الإحاطة ببداية ظهور الأزمة ، أو بتكون عواملها ، كلما كان اقدر على علاجها والتعامل معها .
الأزمة في مرحلة الميلاد :
وفى هذه المرحلة تبدأ الأزمة الوليدة في الظهور لأول مرة في شكل إحساس مبهم قلق بوجود شيء ما يلوح في الأفق ، ومن هنا يكون أداراك متخذ القرار وخبرته ومدى نفاذ بصيرته ، وهي العوامل الأساسية في التعامل مع الأزمة في مرحلة الميلاد ، ويكون محور هذا التعامل هو تنفيس الأزمة وإفقاده مرتكزات النمو ، أو يتجاهلها نظرا لوجود ضغط مباشر يزداد ثقله وكثافته يوما بعد يوم.
الأزمة في مرحلة النضج
ونادرا ما تصل الأزمة هذه المرحلة ، ولكنها أحيانا ما تحدث عندما يكون متخذ القرار الاداري علي درجة كبيرة من الجهل والتكبر والتخلف والاستبداد برأيه وانغلاقه علي ذاته ، ومن ثما تزداد القوي المتفاعلة في المجتمع وتغزي الأزمة النامية بقوى تدميرية ، وهنا قد تكون الأزمة بالغة العنف ، شدة القوي تتيح بمتخذ القرار ومجتمعه وبالمؤسسة وبالمشروع الذي يعمل فيه .
الأزمة في مرحلة الانحسار أو التقلص .
وتصل الأزمة إلي هذه المرحلة عندما تتفتت بعد تحقيقها هدف التصادم العنيف، وتصبح الأزمات في هذه الحالة كأمواج البحر.
الأزمة في مرحلة الاختفاء
وتصل الأزمة إلي هذه المرحلة عندما تفقد بشكل شبه كامل قوة الدفع المولدة لها أو عناصرها وجزئياتها التي تنتمي إليها ، والحقيقة أن الانحسار يكون دافعا للكيان الذي حدثت فيه الأزمة في إعادة البناء .
وفي كل مرحلة من هذه المراحل يتعين كل متخذ القرار الإداري الإلمام بأدوات التعامل مع الأزمة ، تحليلها بدقة متناهية حتى لا يخطأ في التشخيص ، بالتالي يكون الخطأ في العلاج مدمرا .

وهناك البعض الذي يدمج هذه المراحل في ثلاث مراحل فقط وهى
مرحلة التمهيد للأزمة : أو مرحلة ما قبل موقف الأزمة وتعرف كذلك باسم مرحلة الأعراض المبكرة أو مرحلة بوادر الأزمة وتتميز هذه المرحلة بارتفاع درجة التهديد المتجه لأهداف وقيم المنظمة أو الجهاز الاداري والذي يدركه صانعو القرار فيها . وتنبع أهمية هذه المرحلة من أنه يمكن فيها إدارة الأزمة بسهولة أكثر من إدارتها في المراحل التالية ، وحتى في حالة عدم القدرة علي التدخل في هذه المرحلة فإن تحديد الأزمة يساعد علي التحضير والإعداد للمراحل التالية .
مرحلة تصاعد الأزمة : أو مرحلة موقف الأزمة، ، وتعرف أيضا بمرحلة النمو والاتساع وفيها ترتفع درجة التهديد ويتزايد الإحساس بمحدودية الوقت المتاح لصنع القرار كما يتزايد إدراك القيادة للخطر الذي يحيط بالمنظمة أو العاملين فيها ويأتي التزايد في الخطر خلال هذه المرحلة من وجود نوعين من المغذيات هي : المغذيات الذاتية المستمدة من الأزمة ذاتها ، والمغذيات أو المحفزات الخارجية التي استقطبتها الأزمة وتفاعلت معها .
وهو ما يتطلب من صانع القرار التدخل للعمل علي تحييد وعزل العناصر الخارجية المدعمة أو خلق تعارض في المصالح بين مكوناتها ، وكذلك تجميد نمو الأزمة بإيقاف عناصرها عند المستوى الذي وصلت إليه واستقطاب عوامل النمو الذاتي لدى الأزمة .
مرحلة انتهاء الأزمة : أو ما بعد الأزمة وتعرف كذلك باسم الانحسار والتقلص وفيها تقل الضغوط الناجمة عن محدودية عنصر الوقت وتنحسر الأزمة وتتلاشي بفقدها لقوة الدفع المولدة لها أو العوامل المحركة لها وتعود المنظمة إلي الوضع الطبيعي قبل وقوع الأزمة أو علي نحو أفضل منه .
2- أهمية المعلومات في إدارة الأزمات :
تؤكد التجربة الإنسانية بمختلف عصور التاريخ علي أن غياب المعلومات أو نقصها وكذا عدم دقتها كانت العامل المباشر والرئيسي في اتخاذ القرارات غير السليمة والتي تؤدي إلي الفشل والهزيمة عند إدارة أي من الصراعات وضياع الحقوق في أي من عمليات التفاوض والفشل في تنفيذ أي من المشروعات .
وفي عالم اليوم الذي بات يطلق عليه " عصر المعلومات والاتصالات" أصبحت المعلومات تشكل قائما بذاته بعد أن صارت تتحكم بكافة مظاهر الحياة وتطوراتها وصعود مكانتها في حسابات القوة للدولة ... مع ما تتمتع به من قيمة نسبية خاصة ذات وزن مؤثر بكافة عمليات تحديد الأهداف وصنع السياسات واستراتيجيات تحقيقها في مواجهة التحديات والتهديدات سواء التي تواجه الأمن القومي للدولة في دوائره

المختلفة أو تلك التي تعترض أنشطة مختلف المؤسسات أو الأجهزة أو الشركات ..إلخ .
وفي إدارة الأزمات تبرز أهمية الدور الحيوي الذي تلعبه المعلومات من خلال ما يلي:
أ‌- تجنب المفاجأة : المفاجأة في حالة قصور المعلومات أو عدم دقة تقييمها وتقديرها أو عند عدم رفعها في التوقيت المناسب إلى متخذ القرار .
ب‌- سرعة اتخاذ القرار وتحقيق أهدافه: عدم توفير الوقت الكافي لاتخاذ القرار. وهو أيضا احد سمات الأزمة إلا أن توفر المعلومات المقيمة...وإمكانية استدعائها واستخدامها بواسطة عناصر صنع أو اتخاذ القرار في التوقيت المناسب.. تساهم إلي حد بعيد في تجاوز التداعيات السلبية لهذا العامل .
ح‌- ضمان التوصل للقرار السليم بعيدا عن أي انطباعات خاطئة لصانعي ومتخذي القرار : لا جدال في أن لكل من يعمل في مجال المعلومات أو لمن سترفع له المعلومة لاتخاذ القرار " صورة ذهنية خاصة " لتقييم القضايا والمسائل .. ومن هنا تبرز أهمية المعلومات واستمرار تحدثيها .. بما يضمن تغيير هذه الصورة الذهنية وفقا للمتغيرات وتطور الإحداث كأساس لاتخاذ القرار السليم بعيدا عن انطباعات ذهنية خاطئة تؤثر سلبيا علي أي من مراحل اتخاذ القرار في مواجهة الأزمة الأمر الذي قد يترتب عنه زيادة تداعياتها السلبية وتفاقم مخاطرها وتهديداتها أو لا تسمح بالاستغلال الأمثل للإمكانيات والقدرات المتاحة .
خ‌- زيادة المرونة في اتخاذ القرار لمواجهة الأزمة وتداعياتها المحتملة : يشكل استمرار تدفق المعلومات المدققة خلال مراحل إدارة الأزمة عاملا رئيسيا في سرعة اتخاذ القرار المناسب.. وإدخال التعديلات عليه أو اتخاذ قرارات جديدة في التوقيت المناسب.
د‌- تعظيم الإمكانيات والقدرات الخاصة بإدارة الأزمة : تحقيق أفضل استثمار للإمكانيات المتاحة والحصول علي أقصي مردود ايجابي من استخدامها في مواجهة الأزمة .
التحكم في البدائل المتاحة خلال مراحل تصعيد الأزمة من خلال استخدام المعلومات في تشكيل رؤى الخصم ودفعه لاتخاذ قرارات في غير صالحه دون أن يدري . زيادة القدرة علي التحكم في ضبط إيقاع التصاعد بالأحداث في الأزمة وتحقيق التنسيق والتزامن في العمل بين أطقم إدارة الأزمة وعناصر التنفيذ .
تجميع المعلومات الخاصة بمراحل الأزمة ودراستها لاستخلاص الدروس المستفادة منها واستخدامها في مواجهة أي من الأزمات المشابهة مستقبلا .
3- المتطلبات المعلوماتية لإدارة الأزمة :
وبصفة عامة هناك ثلاثة حالات مختلفة يمكن أن توجد عليها المعلومات المتعلقة بالأزمات :
- المعلومات متوافرة وسليمة : وهذا قلما يحدث ولا سيما في حالة الأزمات ، وبافتراض توا فرها فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلي زيادة احتمالات نجاح إدارة الأزمات ومن ثم تدنية الخسائر عنها سواء البشرية أو الطبيعية .
- المعلومات متوافرة وغير سليمة: ولعل ذلك هو الاحتمال الأكثر شيوعا في الدول النامية حيث يوجد رصيد كبير من البيانات لدى جهات مختلفة وتتسم بالتضارب وعدم الدقة والافتقار للموضوعية.
- المعلومات غير متوافرة : ويعد ذلك أكثر المواقف تعقيدا حيث يصبح من الضروري كمرحلة أولى للتعامل مع الأزمة وضع إطار عام لتوفير المعلومات وما يتطلبه ذلك من توفير بعد زمني للحصول علي المعلومات ، الأمر الذي يعني ضياع جزء من الوقت في نشاط ثانوي لا يرتبط مباشرة بالأزمة.
4- خصائص معلومات الأزمة:
يمكن النظر لخصائص معلومات الأزمة من عدة زوايا ، من حيث طرق التمثيل ، وأبعاد الجودة ، وكذا أنواعها
أ‌- طرق التمثيل
ولمعلومات الأزمات – كما للمعلومات بصفة عامة – صور عرض شتي فالمعلومة قد تكون في شكل جدول أو رسم بياني أو فقرة في نص مكتوب ، وتختلف وتتباين اتجاهات متخذ القرار فيما يتعلق باستعداده لتقبل شكل معين للمعلومة فهناك متخذ القرار الذي يفضل الرسوم البيانية والآخر الذي يفضل التعامل مع الأرقام ، الأمر الذي يشير إلي أهمية أن تأتي المعلومة في أكثر من نسق لكي يمكن تلبية الاحتياجات المعلوماتية المختلفة لمتخذ القرار .
ب‌- أبعاد الجودة
وتقاس جودة المعلومات بصفة عامة بأربعة أبعاد رئيسية التحديث ، الدقة ، الملائمة ، التوافر والحداثة .
الحداثة : يقصد بالحداثة التحديث الدوري للبيان حتى يتوافق مع المتغيرات والظروف المحيطة .
الدقة : درجة صحة البيان وينبغي أن نلاحظ أن درجة الدقة المطلوبة تختلف من شخص لآخر ومن موقف لآخر ففي حالة تطبيقات الفضاء مثلا فإن الدقة تصل إلي واحد في المليون في حين أن تلك الدرجة من الدقة غير مطلوبة في غيرها من التطبيقات .

الملائمة : يقصد بالملائمة درجة صلاحية بند البيان للموقف محل التقرير.
التوافر : بمعني الحصول علي البيان في الوقت المناسب لأن البيان الذي يتم توفيره بعد انتهاء الحاجة إليه يصبح عديم القيمة وذلك مهما بلغت درجة دقته .
ح‌- أنواع معلومات الأزمة
وتختلف طبيعة المعلومات التي ينبغي توافرها قبل / أثناء / بعد الأزمة .
مرحلة ما قبل الأزمة :
تضم المعلومات التي ينبغي أن تتوافر قبل الأزمة ما يلي الظواهر التي تنذر بقرب وقوع الأزمة - التجارب السابقة المتعلقة بالأزمة سواء علي المستوي المحلي أو علي الصعيد الدولي - البيانات المختلفة المتعلقة بالإدارات المختلفة في المنظمة ،الجهاز الإداري في حالة الأزمات التي ينجم عنها خسائر بشرية ومادية - الإجراءات النمطية الموضوعة لإدارة الأزمة - عوامل النجاح الحرجة لإدارة الأزمة - الخبراء الذين لديهم باع في إدارة والتعامل مع الأزمة - غيرها من الموارد الفنية والتكنولوجية من أجهزة حاسبات ونظم اتصالات وغرف اليكترونية لاتخاذ قرار ).
مرحلة أثناء الأزمة :
تلعب المعلومات المتوافرة أثناء الأزمة دورا كبيرا فيما يتعلق بإدارة الأزمة فكلما كان هناك تدفق واضح ومستمر لمجموعة من البيانات الدقيقة المحدثة والملائمة والمتوافرة عن الأزمة تطورها كلما كان هناك تصور واضح وشامل عن الأزمة محل البحث والدراسة . وتشير تلك الأهمية القصوى للمعلومات أثناء الأزمة إلي أهمية وجود ما يطلق عليه بضابط الاتصال والذي يقوم بدور حلقة الوصل مابين الخبير ومواقع وقوع الأزمة والذي يضمن ذلك التدفق المستمر للمعلومات ، ولا يقل دور ضابط الاتصال أهمية عن دور الخبير بل أن البعض قد يذهب إلي القول بأن دور ضابط الاتصال أكثر أهمية في حالة الأزمات التي تتكرر لأنه في هذه الحالة مجرد توفير المعلومات عن الأزمة واستخدام الإجراءات التي سبق إتباعها في الأزمات السابقة سيقل إلي حد كبير أهمية الدور الذي يلعبه الخبير ومن ثم يكون الدور الرئيسي لضابط الاتصال ، ويكون دور الخبير في هذه الحالة مجرد صياغة جديدة للإجراء السابق إتباعه في حالة الأزمات المماثلة لكي يتمشي مع الظروف المحيطة للأزمة الجديدة .
مرحلة ما بعد الأزمة :
يقتضي الشرط الخاص بضرورة الرجوع إلي الأزمات المماثلة أن يكون هناك نشاط لاحق للأزمة تتمثل في التوثيق بغية الخروج بالدروس المستفادة ، والتوثيق هنا يعني صياغة تفصيلية للأزمة وقت حدوثها والظروف المحيطة بها من ناحية وكافة الإجراءات التي تم إتباعها في سياق إدارة الأزمة ، وكذلك ينبغي أن ينطوي التوثيق

علي تقييم لفعاليات منهجية إدارة الأزمة من حيث حجم الخسائر المادية والبشرية فكلما كانت منهجية إدارة الأزمة تتسم بالنجاح كلما تدنت الخسائر .
وحتى يتسنى توفير كافة البيانات والمعلومات بالخصائص المواتية المشار إليها سابقا يظهر الاحتياج لبناء قواعد البيانات ونظم المعلومات، وهذا يهدف إنشاء قواعد البيانات ونظم المعلومات لإدارة الأزمات إلي توفير المعلومات لصانع القرار في إدارة موقف عمليات أو أزمة أو كارثة لتقليل الخسائر الناجمة عنها
وبصفة عامة فإن المعلومات ليست هدفا في حد ذاتها وإنما هي وسيلة في اتجاه القرار ، ومن ثم فإنه لا يمكن استعراض دور المعلومات في إدارة الأزمات بدون أن يستتبع ذلك إيضاح مفصل لدور المعلومات في اتخاذ القرار ، باعتباره أهم مراه غدارة الأزمة ، لذا سيقوم الباحث في الأجزاء الباقية من ذلك المبحث بعرض ماهية المتطلبات المعلوماتية لاتخاذ القرار في ظل الأزمة ودور المعلومات في صناعة واتخاذ ذلك القرار.
5- دور المعلومات في إدارة الأزمات :
1- أن قمة النجاح هو منع حدوث الأزمة .. وإذا يحدث ذلك فلابد أن يكون لدينا من الإجراءات والتدابير التي تجنبنا تداعياتها من حيث المفاجأة وضيق الوقت وكذا تقليص المخاطر والتهديدات الناشئة عنها . وباستعراض ما سبق فإنه يمكننا استخلاص دور المعلومات في إدارة الأزمات علي النحو التالي :-
أ‌- مرحلة ما قبل الأزمة :
1- المساهمة في تحديد الأزمة السياسة العامة والأهداف .
2- المساهمة في التقدير بالمخاطر والتهديدات المحتملة .
3- المساهمة في تحديد الأزمات المحتملة .
4- بناء قواعد المعلومات المناسبة لكل من هذه الأزمات .
5- المساهمة في إعداد ما يلي :
- المؤشرات والشواهد التي تنبئ بحدوث الأزمة .
- إعداد السيناريوهات والخطط لمواجهتها .
6- استشراف ( التنبؤ ) بالأزمة .
7- تنشيط عناصر جمع المعلومات وتحليلها وإعداد التقديرات لتحديث أو تعديل أو تغيير السيناريوهات والخطط لمواجهة الأزمة .
8- الإنذار في التوقيت المناسب بالأزمة .
ب‌- مرحلة الأزمة :
1- الحفاظ علي متابعة تطور الأحداث وتزويد طاقم إدارة الأزمة باحتياجاته لتطوير أو تغيير السيناريوهات المعدة ...وإعداد البدائل .. لصالح اتخاذ القرار .. ومواجهة التداعيات وردود الأفعال في الأزمة .
2- الاستخدام كأحد الوسائل للتأثير علي الخصم .
ح‌- مرحلة ما بعد الأزمة :
الاستمرار في متابعة الأحداث لاستعادة الأوضاع واستخلاص الدروس المستفادة في أزمات مستقبلية مشابهة.
3- العلاقة بين أجهزة المعلومات ومراكز إدارة الأزمات :
تقوم أجهزة المعلومات بدعم مهام مراكز إدارة الأزمات علي النحو التالي :
- مرحلة ما قبل الأزمة :
( إعداد التقديرات حول التحديات والمخاطر والتهديدات المحتملة - المساهمة في تحديد السياسة العامة والأهداف "الداخلية – الخارجية " - تزويد مراكز إدارة الأزمات بالمعلومات الأساسية مع الحفاظ علي استمرار تحديثها في التوقيت المناسب – المشاركة في وضع السيناريوهات للأزمات المحتملة وخطط المواجهة - التنبؤ بالأزمات "رصد المؤشرات والشواهد والإنذار بها " - إعداد الأطقم ذات الخبرة والتدريب على الأزمات ).
- مرحلة الأزمة :
( الحفاظ علي تدفق المعلومات لمراكز إدارة الأزمة لاتخاذ القرار ومواجهة ردود الفعل - توفير الخبراء والمستشارين وفقا للتخصصات المناسبة لنوعية الأزمة - المشاركة في تعديل الخطط والسيناريوهات المعدة من قبل وفقا للواقع وتطورات الأحداث للأزمة - المشاركة في إعداد البدائل وتحديد أنسبها لاتخاذ القرار ).
- مرحلة ما بعد الأزمة
( المشاركة في تحديث قاعدة المعلومات الأساسية كمركز إدارة الأزمة - المشاركة في تحليل الأزمة والخروج بالدروس المستفادة - الاشتراك في تحديث السيناريوهات والخطط الخاصة بمواجهة أزمات مستقبلية مشابهة).
خ‌- دور المعلومات في اتخاذ القرار كمرحلة أخيرة في إدارة الأزمة :
أولا : طبيعة صنع القرار في فترات الأزمات :
أن موقف الأزمة بما يتميز به من ملامح خاصة ( تهديد – مفاجأة – ضيق الوقت المتاح ) يجعل عملية صنع القرار وقت الأزمة يختلف عن صناعة القرار في الفترات الطبيعية وذلك علي النحو التالي بيانه.
1- تزيد الأزمة الدولية من سلطات صانع القرار الرئيسي في اتخاذ القرار تجاه

موقف الأزمة نتيجة لتعاظم درجة تأييد الرأي العام لصانع القرار تعبيرا عن التضامن القومي لمواجهة موقف الأزمة.
2- إن موقف الأزمة بسماته ينتج ظروفا تتطلب سرعة في اتخاذ القرار ودرجة عالية من السرية ، وهو ما يدفع بمجموعة صنع القرار إلي التضاؤل لتحقيق عنصري السرية والسرعة في نقل وتحليل المعلومات ، وبالتالي اتخاذ القرار وصناعته في موقف الأزمة يتم من خلال مجموعة قراريه صغيرة ومحدودة .
3- موقف الأزمة يتيح مساحة أكبر من حرية الحركة لرئيس الدولة ، حيث تكون سلطته في تشكيل المجموعة القرارية المعاونة له مطلقة ، فهو الذي يقوم بفرز مجموعة صنع القرار ويحدد دور كلا منهم في عملية صنع القرار فيزداد دور البعض ويتراجع دور البعض الآخر بغض النظر عن التوزيع الرسمي للأدوار، وهذه المجموعة يطلق عليها البعض " تفكير المجموعة " .
4- لا يشترط أن تتكون مجموعة صنع القرار خلال الأزمة من الرسميين العاملين علي أمر مؤسسات الدولة .فقد يلجأ الرئيس إلي الاستعانة بخبراء ومختصين وأحيانا أهل الثقة من خارج هيكل السلطة الرسمي ، كما لا يلتزم رئيس الدولة بالتمسك بالتسلسل الهرمي الرسمي لهيكل السلطة في الأوقات العادية عند تحديده لعناصر تلك المجموعة القرارية . إلا أن عدم التزام رئيس الدولة بإشراك المؤسسات ذات الصلة بموضوع الأزمة في المجموعة القرارية لا يعني انقطاع مسئوليها تماما عن العمل والمشاركة في موقف الأزمة .
5- خلال موقف الأزمة يتخطي صناع القرار الإجراءات الروتينية والبيروقراطية في اتخاذ القرار لمحدودية الوقت المتاح للتصرف .
6- يتأثر صنع القرار وقت الأزمة بالإستراتيجية العامة للدولة في التعامل مع الأزمات ، فإذا كانت الدولة تعتمد علي إستراتيجية الإدارة بالأزمات ،
أي أن الدولة تخلق أزمة وتخطط لإثارتها بهدف التعامل مع الدول الاخري
فإن عملية صنع القرار في هذه الحالة تميل غلي العقلانية بدرجة كبيرة حيث تزداد احتمالات رشد وسلامة العمليات القرارية ، وكذلك الحال إذا استطاعت الدولة استشعار هذه الأزمات قبل وقوعها ، غيرها من استراتيجيات إدارة الأزمات المشار إليها سابقا .
7- إن موقف الأزمة قد يؤدي إلي خلق مؤسسات وهياكل جديدة للتعامل مع القضايا التي تفرضها الأزمة وتكون هذه المؤسسات علي درجة عالية من التخصص والحرفية في هذه المجالات .

8- تتأثر عملية صناعة القرار خلال الأزمة بمجموعة من العوامل والمتغيرات وتشمل عوامل إدراكية ومعرفية ومتغيرات سلوكية وعوامل بنائية أو هيكلية ، لكن توافر قاعدة سليمة من المعلومات وقواعد سليمة لتحليل البيانات يضعف من هذه الضغوط ويزيد من احتمالات سلامة ورشد العمليات الإدارية .
ثانيا : دور المعلومات في اتخاذ القرار :
المعلومات أهم مدخلات النظام السياسي في عملية صنع القرار ، وتتخذ المعلومات أهمية قصوى وقت الأزمات لأهميتها في تحديد الموقف وإزالة الغموض أمام صانع القرار بشأن موقف الأزمة حتى يكون قراره سليما ، فمن المسلم به أنه بدون الحقائق الأساسية التي تبني عليها قرارات السياسة الخارجية تصبح هذه السياسة وكأنها بلا أساس وقد تكون قرارات جوفاء وهشة .
فالمعلومات هي أساس التحرك خلال المراحل المختلفة لعملية صنع القرار سواء في تحديد المشكلة أو في تحديد البدائل واحتمالات كل بديل وكذلك في عملية اتخاذ البديل المناسب للتحرك خلال موقف الأزمة ، لذلك فإنه خلال المرحلة السابقة علي اتخاذ القرار تثار مسألة ندرة أو وفرة المعلومات.
حيث أن قضية المعلومات ثلاثية الإبعاد :
1- بعد كمي يتعلق بكمية المعلومات المتاحة لصانع القرار .
2- بعد نوعي ويتعلق بطبيعة المعلومات ونوعيتها ومدي ارتباطها بموقف القرار .
3- بعد زمني ويتعلق بالوقت الذي تصل فيه المعلومات إلي صانع القرار .
فالمعلومات قد تكون متوفرة وكافية لتحديد الموقف واتخاذ القرار بشأنه كما قد تكون نادرة تستعصي علي صانع القرار تحديد الموقف وبالتالي اتخاذ القرار بشأنه .

1- كذلك فإنه قد يتوافر لدي صانع القرار كم هائل من المعلومات بعضها يتعلق بموضوع القرار بشكل مباشر والبعض الآخر بشكل غير مباشر بينما البعض الآخر قد لا يكون له أي صلة بالموضوع وبالتالي يستبعد ، فالمعلومات يمكن تقسيمها إلي فئات ثلاثة حسب موقف القرار .
معلومات أساسية ترتبط بالموضوع ، معلومات ثانوية أو هامشية ومعلومات غير ضرورية لموضوع القرار
كذلك فإن المعلومات قد تصل في الوقت المناسب لاتخاذ القرار كما قد تصل بعد فوات الأوان وعلي هذا يمكن القول بأن صدور قرار سليم بنسبة 50% في الوقت المناسب أفضل كثيرا من صدور قرار سليم 100% بعد فوات الأوان حتى ولو اضطر صانع القرار إلي اتخاذه منفردا دون الاستماع إلي أحد مستشاريه طالما أن هؤلاء غير

قادرين علي توفير المعلومات اللازمة لإصدار قرار سليم .
وهكذا فإنه لابد وأن تتوفر في المعلومات الأركان الثلاثة أي أن تكون معلومات كافية وغير مشوهة ومرتبطة بالموضوع ، وتصل لصانع القرار في الوقت المناسب .
وتتداخل في قضية المعلومات مراحل ثلاثة هي
1- مرحلة جمع المعلومات
2- مرحلة نقل المعلومات
3- مرحلة تحليل وتفسير المعلومات
ففي مرحلة جمع المعلومات تقوم مجموعة من الأجهزة المعاونة لصانعي القرار بجمع المعلومات اللازمة عن الموقف بالإضافة إلي نشاط المشورة باللجوء إلي المختصين والخبراء ، ويتم جمع المعلومات عن البيئة الداخلية والبيئة الخارجية ، وفي هذا المجال لابد من الانتباه إلي ضرورة عدم الخلط بين الإخبار والمعلومات ، فالأخبار معلومات غير مؤكدة ، ومهارة الأجهزة المتخصصة هي في انتقاء المعلومات وتحويل الأخبار إلي معلومات تبعا للقواعد التي تنظم هذه العملية فيما يسمي " بدائرة الحصول علي معلومات " .
وترتبط بمرحلة جمع المعلومات مرحلة نقل المعلومات إلي أجهزة اتخاذ القرار .
والمشكلة الماثلة هنا هي مشكلة العلاقة بين أجهزة جمع المعلومات وأجهزة اتخاذ القرار الخارجي ، فما هي انسب الأشكال التي تكون عليها هذه العلاقة ؟ هل تكون مهمة أجهزة جمع المعلومات هي مجرد جمع المعلومات فقط دون إبداء الرأي بشأنها أم أن مسئولية هذه الأجهزة هي تقديم تلك المعلومات في إطار تفهمها لطبيعة المشكلة التي تجمع المعلومات بشأنها ؟
هناك اتجاهان :- الأول : يري أن تقتصر وظيفة أجهزة جمع المعلومات علي تقديم الحقائق المجردة ضمانا لحيدتها وموضوعيتها . الثاني : فيري انه ما لم تكن أجهزة جمع المعلومات علي دراية كاملة بأبعاد المشكلة فإن الحقائق التي تجمعها عنها ستكون غير مرتبطة بها ويمكن حل هذه المشكلة بالجمع بين الاتجاهين بمعني أن تقوم أجهزة المعلومات بجهد مزدوج فهي من جانب تجمع البيانات والمعلومات عن الحقائق مجردة ، ومن جانب آخر طرح وجهة نظرها بشأن الموضوع في جزء منفصل ، وعلي صانع القرار تقدير الأخذ بوجهة النظر هذه أو الأخذ بالحقائق المجردة
أما المرحلة الثالثة فتتعلق بتفسير تلك المعلومات بمعني إعطاء المعلومات ، معني معين في موقف معين ، وهنا تتداخل في التفسير متغيرات عديدة مثل إدراكات صانع القرار وعقائده الذاتية وتصوراته الخاصة ، فصانع القرار يؤثر في المعلومات التي تتناقض مع نسقه العقيدي بالطرق التالية :
( تجاهل المعلومات التي تتناقض مع نسقه العقيدي - الطعن فى مصدر المعلومات التي لا تتفق مع نسقه العقيدي - البحث عن معلومات جديدة تتوافق مع نسقه العقيدى - إعادة تفسير المعلومات المتناقضة مع النسق العقيدي تفسيرا يجعلها تتوافق مع النسق العقيدي - التقليل من أهمية المعلومات المتناقضة من النسق العقيدي - تقسيم المعلومات المتناقضة مع النسق العقيدى إلي فئات فرعية يتواءم بعضها مع النسق العقيدى- إحداث تعديل محدود في النسق العقيدى بحيث يتوافق مع المعلومات المتناقضة الجديدة) .
ومما لاشك فيه أن صانع القرار باستخدامه للطرق الستة الأولي إنما يتلاعب بالمعلومة ويشويها وبالتالي يبني قراره علي أساس غير سليم ، أما الطريقة الأخيرة فإنه قليلا ما يلجأ إليها صانع القرار خاصة هؤلاء ذوي النسق العقيدى الجامد . إلا إذا تعرضوا لضغوط خارجية وداخلية أقوى من قدراتهم علي الصمود ، أما أصحاب الأنساق العقيدية المرنة فمن السهل لديهم تعديل معتقداتهم بما يتوافق مع المعلومات الجديدة .
وعلي ذلك نتبين أهمية المعلومات بالنسبة للقادة لاتخاذ القرار بشأن أزمة دولية معينة ، فلابد وان تكون المعلومات كافية كما وسليمة نوعا وتصل في الوقت المناسب حتى يستطيع القادة تبين الموقف وتحديد أبعاده المختلفة ، خاصة وأن الأزمة تضفي مزيدا من الغموض وعدم اليقين الهيكلي علي الموقف ، وكذلك حتى يستطيعوا تحديد البدائل المحتملة ونتائج كل بديل ثم اختيار البدل المناسب المتحرك .
وعليه ستظل المعلومات هي الدعم الأساسي لصانعي ومتخذي القرار. إن تطور تكنولوجيا صناعة المعلومات والطفرة الكبيرة في أساليب نقلها وتداولها والإمكانيات الهائلة للحاسبات الآلية بمختلف أشكالها، وظهور التطبيقات الجديدة ونظم المعلومات ودعم اتخاذ القرار... كل ذلك سيساعد ذلك كثيرا في الوصول إلى القرار الأفضل في الوقت المناسب للتعامل مع الأزمات والكوارث والحوادث الطارئة.
ثالثا: نظم المعلومات ودورها في صنع القرار :
إن نظام المعلومات يشكل بشكل عام عاملا أساسيا من العوامل المؤثرة علي إدارة الأزمات، وعلي عملية صياغة الإستراتيجية وصنع القرار وتنفيذه. ويعبر نظام معلومات إدارة الأزمات عن مجموعة العناصر ذات الصلة فيما بينها وتتركز مهمته في جمع المعلومات وفرزها وتصنيفها وتحليلها وحفظ البيانات والمعلومات المستخرجة منها ، واسترجاعها عند الحاجة إليها وتزويد صانع أو متخذ القرار أو القيادة السياسية بها في الوقت والمكان المناسبين وبالشكل المناسب وبالكم والنوع المطلوب والمناسب و ضمان تدفق المعلومات المطلوبة بشكل مستمر عن اتجاهات الأزمة وتطوراتها وتفاعلاتها المختلفة لتوجيه وتعديل القرارات المتخذة أو التي ستتخذ لتصبح أكثر فعالية وتأثيرا في إطار الأزمة القائمة والواقع الذي تجري فيه الأزمة ، وهذه المظاهر تسهم في النهاية في رفع كفاءة أداء الدولة أو المنظمة في إطار الأزمة وتحقيق فعاليتها .
ويتم تجهيز نظم المعلومات بالحاسبات اللازمة وبرامج التعامل والتحليل ، وضع الاحتمالات والبدائل ، واستخدام النماذج اللازمة ، ومجموعات العمل .. وقد تزايدت في الوقت الحاضر أهمية استخدام نظم المعلومات في إدارة الأزمات وذلك للأسباب التالية :
1- ازدياد الدور الكبير للمعرفة في المرحلة الراهنة .
2- تعقد الأزمات وتداخل العوامل المؤدية إليها .
3- الازدياد في التخصص في المجتمع .
4- ازدياد درجة التغيير في المجتمع .
5- الاتساع الجغرافي للإطار الذي يمكن أن تتفاعل فيه الأزمة .


المهام التي يمكن أن تقوم بها نظم المعلومات خلال إدارة الأزمات :
تهدف نظم المعلومات إلي تحقيق العديد من المهام للقائد الذي يدير الأزمة ومن أهمها ما يلي:
أ‌- تأمين المعرفة المبكرة واللازمة حول الأزمة ، وذلك من خلال إشارات التحذير التي تصدر من داخل الدولة أو خارجها .
ب‌- الحصول علي كافة المعلومات والبيانات الخاصة بالأزمة وصانعيها والقيادات والإدارات التي تتعامل معها.
ت‌- الاستخدام الأمثل والفعال لكم البيانات والمعلومات والمعارف التراكمية من قبل الأجهزة المختصة بإدارة الأزمة
ث‌- الحفاظ علي استمرارية تدفق المعلومات الجديدة والدقيقة من مواقع الأحداث وتحليلها ووضعها في متناول متخذ القرار .
ج‌- توفير وتقديم المعلومات الضرورية واللازمة لاتخاذ القرارات الإستراتيجية بتحليل كميات كبيرة من المعلومات الضرورية وحساب النواتج المتوقعة للاستراتيجيات البديلة .
ح‌- توفير كافة الاتجاهات المناسبة والشاملة للإجابة علي كافة الأسئلة التي يمكن أن تطرح خلال الأزمة من صانع القرار أو غيره ، وذلك في أسرع وقت .

وفي الواقع فإن أهمية نظم المعلومات في علاقتها بالأزمة لا تكمن في جمع المعلومات والبيانات اللازمة وتقديم المعلومات لمتخذ القرار فقط . ولكن أيضا في

كيفية المحافظة علي امن المعلومات وسريتها والحيلولة دون توصل أطراف الأزمة الآخرين لها ، وبالتالي حرية الحركة علي الفعل دون قيود . فنظم المعلومات تجسد مظاهر القوة والفعالية في جميع مراحل إدارة الأزمات ، ووضع الإستراتيجية ، واتخاذ القرار سواء في مرحلة تكوين الصورة الشاملة ، أو في مرحلة التخطيط والتحليل والتطبيق والتقويم والمتابعة . كما يمكن استخدامه كوسيلة لتحقيق ميزة تنافسية للدولة أو المنظمة خلال الأزمة .



#على_حسن_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيسى قلب الاسد للمشهد السياسى المصرى
- أثر التطور التكنولوجي على تداول المعلومات في الحرب الحديثة :
- دور المعلومات في الحياة السياسية
- ملامح الدور الجديد لوزارات الخارجية
- دور المعلومات في الحياة السياسية في المجتمعات المعاصرة
- السيسي يعيد صورة عبد الناصر إلى الأذهان.
- مفهوم الاستراتجية
- نمط التفكير الاستراتيجى
- الإدارة الاستراتيجية في الأجهزة الحكومية
- يوم الكرامة 1973
- سيناء قومية وإستراتيجية
- الأمم المتحدة تدعو إلى نبذ العنف فى مصر
- انجازات الأمم المتحدة un
- - إنجازات الأمم المتحدة فى مجال حماية حقوق الإنسان ، والمجال ...
- أنواع المنظمات الدولية
- فكرة عامة عن الأمم المتحدة
- الرؤية الأمريكية للشرق الأوسط
- ا لصراع الدولي دور الرأي العام والعامل النفسي
- الأستراتيجية الأمريكية في إدارة الصراع إدارة الصراع الدولي ت ...
- رؤية جديدة للسياسة الخارجية الأمريكية تعاظم دور الأداة العسك ...


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - على حسن السعدنى - استراتيجيات إدارة الأزمات السياسية