وصفي أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4176 - 2013 / 8 / 6 - 01:00
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
الفقر المدقع سمة الريف
إذا كان أكثر الفلاحين سوء حظ هم (( المساكين )) غير العشائريين و (( الحساويين )) المؤقتين , فإن أكثرية فالحي التربة , المستأجرين العشائريين المشاركين في المحصول , كانوا أيضاً في غاية الفقر . و شكل هؤلاء العمود الفقري للريف , ولكنهم كانوا يعملون ولا يعيشون . وكانت دشاديشهم الممزقة هي كل ما يملكون من بهرج الحياة . وكانوا يبيتون في أكواخ من طين أو من الحصير , مزدحمة , جنباً إلى جنب مع أبقارهم أو جواميسهم , محاطين بالنفايات . وكان الترف الأقصى الذي يحلمون به بعضاً من الشاي و السكر الذي تمكنوا من شرائه لأول مرة بعد الحرب العالمية الأولى , في أوقات كانت أسعار الحبوب عالية , ثم وجدوا صعوبة بالتخلي عنه . وكانت وجبات طعامهم الأساسية تتألف من التمر و العدس المدعوم بالشعير أو الرز . وكان التنويع الغذائي الأفضل من هذا , بالطبع , بعيداً عن متناولهم .
وكان مرض تصلب المفاصل رفيقاً ملازماً أبداً للفلاح . ويقول الأطباء أن هذا المرض يؤدي إلى فقر دم شديد ويقلل من القدرة على العمل . وكان الفلاح يحظى بزيارات تقوم بها العديد من الأمراض التي تترك بلا علاج , إذ كانت مستوصفات الدولة قليلة و بعيدة . و لكن حتى في الحالات القليلة نسبياً التي كان الفلاحون يحصلون على العلاج , الذي يكون بلا فائدة عادةً , لأنهم كانوا يعودون إلى البيئة ذاتها . وقد وصف أحد الأطباء العراقيين هذه المشكلة إذ قال :
(( كان المريض يدخل إلى المستشفى , وبمجرد أن تلقي عليه نظرة عليه تعرف أنه مصاب بالقسط , وهو ما يؤكده فحص البراز . وتصدمك الدرجة القصوى لفقر الدم عنده وحالة الجوع الواضحة . وتجد أن النسبة المئوية للهيموكلوبين هي 20% ..... . وبالنظام الغذائي المناسب وتناول الحديد عن طريق الفم يتحسن وضعه , وخلال شهر واحد ترتفع نسبة الهميموكلوبين عنده إلى 50% ...... ...... . وعندما يشعر المريض بتحسن نسبي في صحته يطلب العودة إلى البيت وإلى عمله , ويكون عليك أن تدعه يعود إلى البيئة ذاتها . وبعد سنة يعاد إدخاله إلى المستشفى )) .
و البؤس الذي كانت عليه حياة الفلاحين كان موجوداً ايضاً في أغانيهم . والبيتان الآتيين كانا يرددان كثيراً في مناطق جنوب دجلة :
(( مالج ييمة جبتيني للظيم
والدنيا بس وياي تمطر بلا غيم )) .
ومصدر بؤس الفلاح الذي كان الفلاح يتحرك في اطاره هو المكافأة الصغيرة التي كان يتلقاها على شكل حصة له من انتاج الأرض . وكان ما يتلقى يختلف من لواء إلى آخر . وكانت عوامل عدة تتدخل في تحديد حصته مثل : طريقة الري و فيما إذا كانت الأرض غنية أم فقيرة وغير ذلك من العوامل .
وصفي السامرائي
#وصفي_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟