أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - برهان غليون - لا يستحق جنيف أن يكون سببا في انقسام المعارضة















المزيد.....

لا يستحق جنيف أن يكون سببا في انقسام المعارضة


برهان غليون

الحوار المتمدن-العدد: 4175 - 2013 / 8 / 5 - 07:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يشكل الموقف من مؤتمر جنيف موضوع خلاف رئيسي بين المعارضين السوريين، ويهدد بتقسيمهم كما فعلت مس التدخل العسكري الخارجي في المرحلة الماضية. وكما أن الانقسام الذي أثارته مسألة التدخل هو الأمر الوحيد الذي بقي من تلك الفترة أما التدخل فلم يكن في الأصل واردا عند أحد، باستثناء حلفاء النظام، على الأغلب لن نحصد من مؤتمر جنيف سوى الانقسام والاختلاف ايضا.

والسبب أننا تعودنا في فترة الفاشية الطويلة أن نخلط بين الكلام والفعل، كما كان يفعل النظام، ولا نميز بين الدبلوماسية والسياسة. هدف الدبلوماسية التوصل إلى تفاهمات أو تدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر، وهذا يعتمد على حسن التناول للمسائل، وتجاوز التناقضات في المواقف، بل رش السكر على الموت في معظم الأحيان لامتصاص التوترات أو تأمين التحالفات أو تحييد القوى. الخطاب أو الكلام، وكل ما يقرب بين الأطراف، من مساعدات واتفاقيات اقتصادية وغيرها، هي عده الدبلوماسية ووسائلها لربح الرهان الدبلوماسي.

بالعكس تماما من ذلك تنتمي السياسة أساسا إلى ميدان الفعل. فهي تنظيم للجهود والمبادرات في اتجاه تغيير الوقائع. ولا قيمة لكلام لا أثر له مباشر على الأرض ولا يتبعه فعل. هي تنظيم وتحشيد وتدخل عملي، (تنظيم، تأهيل، تدريب عناصر، حشد، تظاهر، اعتصام، مواجهة او منازعة) هدفه قلب ميزان القوى أو بناء ميزان قوى جديد.


جنيف حتى الآن فكرة سياسية لم تتحول بعد إلى فعل، ومن المحتمل أن تبقى في إطار الدبلوماسية، يستخدمها كل طرف، روسيا وأمريكا من جهة، والمعارضة والنظام من جهة أخرى، لشرعنة السياسة التي لا يزال محورها المواجهة والحرب عند البعض، والهرب من المسؤولية الدولية والأخلاقية عند البعض الآخر. ففي الوقت الذي أعلن فيه النظام الفاشي قبوله بجنيف كان يعد لأوسع وأعنف هجوم عسكري شنه خلال سنتين ونصف على مواقع الثوار بهدف تصفية الثورة كلها. وفي الوقت الذي كانت فيه موسكو تطالب المعارضة بقبول جنيف وتلح عليها فيه، كانت تضاعف مساعداتها العسكرية للنظام، ولا تتردد في تأكيد دعمها السياسي والعسكري له، وأملها، بل فرحها بانتصار،ه وحماسها لمعاركه ضد المعارضة.

جميع هذه الأطراف لا ترى في جنيف إلا وسيلة لشرعنة سياستها الفعلية، تحت مظلة الحل السياسي الذي ليس له بعد أي أساس واقعي واضح. يستخدمه النظام للتغطية على التصعيد العسكري، وموسكو لتبرير دعمها المستمر اللا أخلاقي للنظام، وواشنطن وأوروبا عموما، لتبرير الهرب من المسؤولية وغياب أي سياسة فعلية قوية، تنسجم مع الالتزامات الدولية، في الشأن السوري. هنا تشكل جنيف جزءا من الخطط الدبلوماسية للأطراف، لا أكثر ولا أقل. دبلوماسية شرعنة الحرب هنا، والتغطية على التخاذل ببيع أوهام الحل السياسي للسوريين وللمعارضة هناك..

بهذا المعنى جنيف ٢ بهذا المعنى يمثل جنيف فخا منصوبا للمعارضة والثورة يثير الشك والقلق والخوف لدى معظم قواها المتحركة على الأرض. وهو فخ بالمعنى الحرفي للكلمة لأنه مهما كان الموقف منه ستكون المعارضة هي الخاسرة. فإذا رفضته قدمت هدية مجانية للنظام وحلفائه لشرعنة سياسة استمرار القتال، ووضعت نفسها موضع المتهم والمسؤول عن استمرار المذابح والحرب التي يشنها النظام على الشعب بكل الأسلحة، وغطت على هرب واشنطن من التزاماتها تجاه شعبنا. بل إن مثل هذا الرفض سوف يخسرها تأييد قطاعات واسعة من الرأي العام السوري التي تدفع إلى اليأس بسبب عنف النظام وتردد المجتمع الدولي، وتبحث عن الخلاص وتريد الخروج من المحنة باي ثمن. مثل هذا الخيار يشكل إذن خطأ دبلوماسيا كبيرا من دون شك..


بالمقابل إذا قبلنا جنيف كمشروع للعمل الرئيسي وقبلنا به كطريق للحل كما يطالب به الأمريكيون والروس والاوروبيون والمجتمع الدولي عموما، قبلنا بأن نجلس على طاولة واحدة مع قاتل شعبنا، وأدنا أنفسنا بأن نكون طرفا في حرب يريد لها النظام وحلفاؤه أن تكون حربا أهلية لا مخرج منها إلا على مبدأ لا غالب ولا مغلوب، بدل أن نكون ممثلين لشعب وثورة قدمت أعظم التضحيات ولا تزال للتخلص من كابوس نظام دموي مجرم ومدان، وقبلنا بأن نضحي بمفهوم الحق، حق الشعب في تقرير مصيره والثورة على جلاديه، وأن نتقاسم المسؤولية مع قاتل الشعب ومدمر وطنه وحضارته. وبشكل أو آخر نكون قد أضفينا الشرعية على عمل الجلاد وسياساتها الإجرامية. والنتيجة الطبيعية لاستبعاد فكرة الجلاد والضحية هي المساواة في المسؤولية عما حدث، والقبول بالدخول في منطق التسوية التي تريح موسكو وواشنطن وتضمن تفاهمهما، على حساب حقوق شعبنا الأساسية، مع العلم أن التوصل لمثل هذه التسوية يمكن أن يأخذ سنوات، وندخل في مسار قريب من مسار أوسلوا للتسوية الاسرائيلية الفلسطينية. وكما كانت إسرائيل قادرة على تحويل المسار إلى وسيلة لكسب الوقت واستكمال مشاريعها الاستيطانية، يمكن لنظام القتلة الذي يسيطر على أجهزة الدولة ومفاصلها أن يتلاعب ما يشاء بالوقت لتحقيق مشاريعه التصفوية وتكثيف الضغوط الخارجية والداخلية على الثورة والمعارضة .

“لعم” ياسر عرفات التاريخية التي نحتها بعبقريته الدبلوماسية من كلمتي لا ونعم، في ظرف مشابه لظرفنا، لا تفيدنا في شيء، كما لم تفده في شيء، وكانت نتيجتها إخراجه من السياسة بل من الحياة.

الموقف الصحيح هو أن نحدد لمؤتمر جنيف الوظيفة التي أعطيت له من قبل مطلقيه، كورقة للعمل الدبلوماسي، تستخدم ورقته بمقدار وبالقدر الذي يساهم في تحقيق أهداف الثورة وأولها تقيؤ نظام القتلة وتحرير الشعب من الاحتلال الجاثم الداخلي والأجنبي الذي ارتبط به وبسلطته الدموية. في هذه الحالة ليس المهم ما نقوله في جنيف وعن جنيف وإنما ما نقوم به ونخطط له بالفعل، من وراء ظهر جنيف، وعلى مستوى العمل الميداني. والذين يريدون أن يقولوا لا لجنيف من دون أن يعملوا على تغيير الواقع على الأرض، أو يقبلوا بما يحتاجه هذا التغيير من تضحيات، يختارون سياسة جنيف، أي سياسة التسوية، حتى لو ظلوا يرددون بأعلى صوتهم لا لجنيف. وبالعكس، يمكن أن نردد إلى ما لانهاية : نعم نعم نعم، من دون أن يصيبنا بأس، إذا كان سلوكنا السياسي، أي على مستوى الفعل، تغيير الواقع على الأرض، الواقع العسكري، والواقع الإغاثي، والواقع السياسي. لا ينبغي أن نقول لعم، ولكن أن نستخدم اللا والنعم، حيث ينبغي استخدامهما لتحسين شروط علمنا السياسي والعسكري وتقريب ساعة الخلاص. ونقول لهؤلاء الذين يريدون الذهاب إلى جنيف بأي ثمن، أملا في وقف نزيف الدم، أن التراجع أمام غول النظام، لن يزيده إلا استشراسا وطمعا في نصر خالص، وبالتالي جلب المزيد من القتل والدمار. ونقول للذين يستخدمون المزاودة في رفض مؤتمر جنيف، داخل صفوف الثورة والمعارضة، كوسيلة للصراع على القيادة والمواقع والنفوذ، سوريون كانوا أو عربا، إن من الخطأ تقديم مثل هذه الهدية المجانية لنظام بدأ يفقد انفاسه، وهو على طريق الإفلاس السياسي والعسكري، بعد أن سقط في هوة الانهيار الأخلاقي. جنيف لا ينبغي أن يكون موضوع صراع داخل صفوف الثورة والمعارضة، طالما كان هناك إجماع على أنه لا خلاص لسورية وشعبها من القضاء على نظام الجريمة والاحتيال والاحتلال والطغيان.



#برهان_غليون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خالد بن الوليد الشهيد
- عن الاحزاب الكردية والحكومة اللغم
- من أجل تجنب المواجهة مع جبهة النصرة واخواتها
- حمص الاسطورة لا تسقط ولا تموت
- إذا جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا
- خسارة قمة الثمانية في لوخ ايرن ومسؤوليتنا
- حتى لا يكون مؤتمر جنيف للسلام دافعا لتأجيح الصراع وإدامة الح ...
- من المسؤول عن فشل الهيئة العامة للائتلاف في مؤتمر استنبول
- في حتمية انتصار الثورة والتصميم عليه
- لماذا ينبغي أن تبقى سورية واحدة
- حول اتفاق كيري لافروف والمؤتمر الدولي للسلام
- زعيم حزب الله يتوعد السورييين ويهددهم بالتدخل الايراني
- حول موقف الغرب من الثورة السورية ومسؤولية المعارضة
- حذار من الجري وراء سراب اوسلو جديدة
- نحو مرحلة جديدة في مسيرة الكفاح الوطني السوري
- عن العدالة الانتقالية والمحنة السورية
- المسؤولية الدولية في بقاء النظام السوري المدان
- الاتحاد من أجل الحرية
- في خطر التفاهم الروسي الأمريكي على الثورة السورية
- فشل مؤتمر جنيف ٢


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - برهان غليون - لا يستحق جنيف أن يكون سببا في انقسام المعارضة