أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يوسف الفتوحي - العفو الملكي: الخلفيات والآفاق














المزيد.....

العفو الملكي: الخلفيات والآفاق


يوسف الفتوحي

الحوار المتمدن-العدد: 4175 - 2013 / 8 / 5 - 03:40
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


كوننا نعيش تحت دولة الاستبداد وليس دولة الحق ليس أمرا استجد في اللحظة التي ذاع فيها خبر العفو الملكي عن المجرم الاسباني الجنسية مغتصب 11 طفلا مغربيا، ولا كان أمرا خفيا تكشف بغتة وصدمنا بحقيقته المرة. ما استجد هو أن تراكمات عدة انضافت إلى بعضها فجعلت هذه الحقيقة بادية بجلاء حتى أمام أعين عامة الناس الذين كان ينطلي عليهم وهم الأبوة الملكية الحانية الراعية، وهم كان يجعلهم يقايضون كرامتهم كمواطنين بعبوديتهم كرعايا. دولة الحق هي إطار سياسي تقع كرامة الإنسان –باعتباره غاية في ذاته- في مركزه من حيث هي القيمة العليا المعيرة لكل القيم الأخلاقية ولكل النصوص القانونية والتدابير السياسية. ودولة الاستبداد هي الإطار السياسي الذي تقع إرادة ومصلحة المستبد في مركزه ويشكل تقديس هذه الإرادة قيمة القيم. ومن ثم فكل الرعايا القابعون تحت سلطان الحاكم/الإله أدوات وأشياء مسخرة كقرابين لإرضائه وتجنب غضبه و حمد منته، فهو "مالك البلاد والعباد"، خصوصا وأن هذه القداسة متلبسة بلبوس دينية ضاربة بجذورها في الخلفية الروحية للرعايا. الآن بدأ قطاع من الشعب المغربي – يتسع مداه تدريجيا – في الاستفاقة من هذه السرنمة. مؤشر ذلك أن الاحتجاج الجماهيري لم يعد مقصورا، منذ بداية الألفية الثالثة، على نخب طليعية (طلبة، معطلون، حقوقيون، شرائح منظمة من الطبقة العاملة..) بل أصبحت الاحتجاجات الاجتماعية تنبثق من كل صوب حتى من الثغور النائية من خريطة البلاد، التي تحتج ساكنتها في مسيرات، لكن مع رفعها للصور الملكية وهتافها بحياة الملك، باعتباره الملجأ الأخير، الذي تعتقد أنه سينصفها من صلف وجور المسؤولين. جاءت حركة 20 فبراير فكانت محطة التحم فيها، نسبيا، وعي الفئات الشبيبية المسيسة بالجماهير غير العابئة في الأصل بالشأن السياسي، تحت شعارات تصل إلى ملامسة مساءلة السلطة الملكية نفسها، لكن دون أن تكون هذه الجماهير قد استدمجت بشكل واع وواضح كنه هذه الشعارات، بل كان ترديدها لها تعبيرا عن جو تمردي ذو طابع اجتماعي غير جلي الرؤية. ورغم أن الحركة خفت لهيبها إلا أن إنجازها الجوهري كان هو المساهمة في تحرير جزئي لوعي قطاع من الجماهير من هالة القداسة ولو بشكل كامن(شعارات:" تقاد ولا خوي البلاد"...والنقاش العمومي الموسع للشأن العام داخل الفضاءات الخاصة والعمومية). الآن وبفعل حدث "العفو" المفجر هذا، خرج الكامن إلى العلن، وأصبحت الحقيقة التي لم تفلح الشعارات في إجلائها واضحة جلية، حقيقة أن الرعايا ليسوا إلا وسائل لا غايات، خصوصا أن الأمر يتعلق بشكل مركب بفلذات الأكباد وبالكرامة والشرف(لابد هنا من استحضار المثل المغربي"الواحد كيموت على ولادو ولا على بلادو) والشعور بالأمن والأمان، وهي الأمور التي يعتبر الملك ضامنا وحاميا لها في التمثل الذهني والعاطفي لعموم الشعب. وقد انسجم تصريح وزارة العدل مع تلك النظرة الأداتية للحاكم تجاه المحكوم، حين استحضرت، كمطية للتبرير، مقولة "المصلحة العليا للبلاد". إلا أن "الرعايا" بدؤوا يتحررون من ذهنية العبودية وفهموا أن ليس من مصلحة تعلوا على كرامتهم كبشر مواطنين، ولذلك عبروا، بجميع فئاتهم وبشكل واضح عن رفضهم في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع رغم تعرضهم للقمع. وهي أول مرة تلتقي أغلب فئات الشعب وبهذه الجرأة على توجيه نقد صريح وجماهيري للملك. فلم يجد القصر بدا من ادعاء عدم معرفة العاهل بالأمر. فإلى أي حد سينطلي هذا الادعاء على المحتجين والمسؤولية السياسية واضحة لا جدال فيها مادامت الملكية هي نفسها التي خصت ذاتها بكل الصلاحيات؟ إنه عذر يعمق تآكل مصداقية المؤسسة الملكية بدلا من أن يبرئها، حتى لو قدمت أحد المسؤولين الكبار ككبش فداء.
إن الخلفيات الثاوية خلف قرار العفو، إذن، تتوزع بين خلفية بنيوية وهي النظرة التشييئية الثابتة التي لدى المستبد تجاه رعاياه. وخلفية ظرفية تتعلق بسوء تقدير المؤسسة الملكية لموازين القوى الشعبية. فبعد أن اضطر القصر إلى تقديم تنازلات ضئيلة في خطاب 9 مارس، والتي رسمت نصيا في الدستور الجديد. وبعد خفوت حركة 20 فبراير، وانزياح ثورات الربيع "العربي" صوب مآلات مجهولة، ندمت الملكية على تلك التنازلات واعتقدت أنها لم تكن بحجم ميزان القوى الشعبي. فشرعت في إعادة إنتاج الاستبداد في نسخته الأصلية على مستوى التدبير الحكومي وهندسة الحقل السياسي وتنزيل بنود الدستور الجديد، واتخاذ قرارات جزافية من قبيل قرار العفو هذا. لكن الخطأ الذي وقعت فيه الملكية هو أن الأمر لا يتعلق بحركة 20 فبراير في حد ذاتها، وإنما بمرحلة من تطور وعي الشعب المغربي، تطور لا رجعة فيه. لقد دق قرار العفو المسامير ما قبل الأخيرة في مقولة القداسة والأبوة الملكية المنزهة. لقد تجلت حقيقة الملك كبشر خطاء. وبالتالي لا مناص له من إعادة نظر مزدوجة: من جهة في الرؤية التي لديه عن الشعب وتقديره لوعيه وطاقته التغييرية، ومن جهة ثانية إعادة النظر في صلاحياته المطلقة. هكذا مراجعة لن تستقيم إلا بالأمور التالية:
- تقديم اعتذار صريح للشعب المغربي والتعهد بعدم التكرار.
- التنازل عن كل الصلاحيات القضائية لسلطة قضائية مستقلة.
- التلازم بين مبدأي المسؤولية والمحاسبة في كل المناصب.
هذا ما يقود بالضرورة إلى المطلب الذي رفعته حركة 20 فبراير: الملكية البرلمانية. لكن الملكية لن تقوم قطعا بهذه المراجعة من تلقاء ذاتها، لذلك كان لزاما على القوى الشعبية مساعدتها على ذلك بالنضال من أجل بناء ميزان قوة شعبي قادر على دفعها نحو التغيير الحقيقي.
إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر



#يوسف_الفتوحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركة 20 فبراير وحاجز الخوف
- أكذوبة الشرعية
- تقييم أولي لستة أشهر فبرايرية
- الخوف حامي العرش
- ملاحظات أولية حول الصيرورتين الثوريتين في تونس ومصر
- مشروع نقد للخطاب السياسي -الحداثي- في المغرب
- المذكرة (رقم 73) لوزارة التربية الوطنية(المغرب): -دعم مدرسة ...
- ندى الحزن
- التربية على المواطنة – مقاربة فلسفية
- وعود الفراشات


المزيد.....




- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - يوسف الفتوحي - العفو الملكي: الخلفيات والآفاق