أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الرزاق صطيلي - سحابة سكن عابرة














المزيد.....

سحابة سكن عابرة


عبد الرزاق صطيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4173 - 2013 / 8 / 3 - 21:06
المحور: كتابات ساخرة
    


أمواج و جحافل من الناس تجري في كل اتجاه ، أينما رحلت و ارتحلت فانك لا تسمع سوى نفس الحديث ،حركة دؤوبة عند الكتاب العموميين ، ازدحام فازدحام و طوابير لا تكاد تنتهي حتى تبدأ من جديد ،داخل البلدية و عند الباشويات و وفي قلب دار الضريبة...
يبدأ المشوار عند مؤسسة العمران لاستلام نسخة من طلب اقتناء المنتوج المقترح و الذي يدعوك إلى أن ترفق به نسخة من بطاقة التعريف الوطنية و أخرى للزوجة إذا كنت متزوجا، إلى جانب شهادة عدم أداء الضريبة،هذه الأخيرة بدورها تأخذك في رحلة قصيرة إلى الباشوية و طوابيرها ،أمام موظفين منهكين و متفاجئين بهذه الأفواج المتعاظمة من الناس، لكي توقع التزاما أو تصريحا بالشرف تبين فيه أنك لا تملك سكنا ،أو بأنك عالة على والديك أو أحد من الأقربين،أو أنك متلبس في حالة اكتراء.
بعد إتمام هذه الوثائق يتجه "الباحثون عن السكن" صوب دار الضريبة لأخذ شهادة عدم أداء الضريبة، نفس الاندهاش تجده عند الموظفين بهذه المصلحة،أفواج من الناس تتدفق كسيول جارفة ، منذ الصباح حتى مشارف العصر،آثار انتباهي مشهد موظف من طول اشتغاله على هذه الملفات لم يستطع التوقف على رجليه من شدة التعب،كان هؤلاء كمن ينجز فروضا من العقوبات التي ينجزها التلاميذ بالمدرسة .
بعد تسليم الوثائق للمكلف بذلك يطلب منك الرجوع في الغد الموالي لاستلام الوثيقة المطلوبة، لتبدأ رحلة أخرى في اتجاه مؤسسة العمران،حيث لا ينفعك هناك إلا التخلص من إغراء النوم ساعات الصباح ،فلا بد لك للظفر بالرقم الترتيبي، الذي يخول لك الدخول لدفع ملفك للجهة المسؤولة، أن تحج إلى حي القدس قبل الثامنة أو بعدها بقليل لتتسلم رقمك في ورقة صغيرة، ثم تنتظر بعدها تحث شمس حارقة دورك، الذي ربما سيأتي أو لا يأتي حتى الظهر، مع إدخال الوقت بدل الضائع في هذه المعادلة، خصوصا حين يأتي أحدهم و يهم بالدخول دون احترام الدور، أو أن يكون من أؤلئك الذين يحملون معهم أدوارهم في جباههم أو "سناطيحهم" لتبدأ معه المناوشات و المشاورات لإقناعه بضرورة احترام الصف و العدول عن " جرمه" في حق هؤلاء،لا يكترث مثل هذا النوع من الناس لا بشعبان ولا برمضان و ضرورة احترام خصوصيته ، فهم مستعدون ليكشروا عن أنيابهم و ينهلوا من معاجيم السفاهة و المواخير،في سبيل تحقيق مآربهم وفرض آرائهم، فالإنسان من هذا "الصنف" عبد أرعن لمصلحته .
كانت هذه صورة للمسار الذي اتخذه مئات إن لم نقل آلاف من الكلميميين للظفر بشقة في حي الفتح ، الذي كان إلى حد قريب حيا غير مرغوب فيه عند ساكنة كلميم، لكونه يتواجد بمنطقة منحدرة بالنسبة للمدينة و بالتالي مهددة بالفيضانات، غير أنه يبدوا أن الناس ضاقوا ذرعا بأزمة السكن و الكراء التي عرفتها المدينة مؤخرا ، خصوصا بعد استقطابها لأفواج من الطلبة بعد إنشاء المدرسة العليا للتكنولوجيا و كلية الاقتصاد.
ان المتتبع لهذا الحدث الذي عرفته المدينة و المتمثل في تسويق مشروع تجزئة الفتح، يندهشمن حجم الطلب الكبير على هذا العرض المحدود ولعل هذا يقودنا إلى استشعار عمق أزمة العقار في مدينة كلميم ،خصوصا أمام تعنت الجهات المسؤولة في الترخيص للوداديات السكنية بالرك الأصفر (طريق القصابي) و الذي يمكنه أن ينفس من وطأة هذه الأزمة الخانقة.
يستنتج كذلك من هذا التهافت المنقطع النظير على هذا المنتوج ، حاجة السكان لمشاريع سكنية اجتماعية كالتي تعرفها أغلب المدن المغربية و التي ساهمت إلى حد كبير في امتصاص مشاكل السكن بهذه المدن ،أما كلميم فلسوء حظ ساكنيها لا تمتلك الدولة فيه هامشا من الأراضي لتمنحها للمنعشين العقاريين، من أجل انجاز عروض سكنية للفئات البسيطة. حيث تتحكم لوبيات قوية تتمثل في أرستقراطية تمتلك أراضي و تتحين أي فرص لزيادة أرباحها، ومن الممكن أن تكون مسؤولة في زيادة هذه الحشود من أجل الحصول على شقق بتجزئة الفتح، حيث نجد بعض أثرياء المدينة يتحايلون على الإجراءات التي اتخذتها العمران لاستهداف الفئات المتوسطة و الفقيرة من هذا العرض، حيث يستقدمون أبنائهم و أحفادهم و "بلطجيتهم كذلك " من أجل رفع حظوظهم في القرعة حتى إذا ما حصلوا على الشقة، سلموها لهم بعد حين . و ربما أعادوا بيعها بأثمان مضاعفة،و لهم ألف طريقة و طريقة من أجل التحايل على كل الإجراءات و المواثيق التي تؤطر الاستفادة من السكن الاجتماعي.
ربما آن الأوان لكل من يشكك في أزمة السكن بكلميم أن يبدد شكوكه بعد "حادثة الفتح"، نعم إنها حادثة سيتم التأريخ لها على صفحات "ذاكرة كلميم" ، فالجميع مندهش و "منزعج" كذلك من الجحافل التي هبت لتلبية نداء لافتات مؤسسة العمران، هب الناس رغم أن الشركة لم تقم بعد بتسويق منتوجها عبر القنوات المعروفة، كالإذاعات و الجرائد و القنوات التلفزية، انتشر الخبر كالبرق في الأسواق والمقاهي و المساجد ،ولقد خاب أملي يوم الجمعة عندما لم يذكره الإمام في خطبته .
إنها مؤشرات غير سارة لكل من يهمهم الأمر ، تفيد بأن الأزمة موجودة ، و عوض الهروب إلى الأمام أو عرقلة التعاونيات و الوداديات التي تشتغل في الميدان – رغم أن بعضها فقد خاصيته الاجتماعية و تحول إلى وكالات تجارية- وجب تشجيعها بمعية جميع الفاعلين في قطاع العقار ، لتسهيل طرق الحصول على سكن لائق مكفول في الدستور المغربي. كما يمكن كذلك التفكير في إنشاء المساكن العمودية ذات الطوابق، لما لهذا النوع من المساكن من فوائد، تتمثل أساسا في الحفاظ على البيئة عبر استثمار الأراضي في إعداد الأماكن الخضراء و المتنزهات، عوض المساكن الأفقية التي تلتهم الأراضي لتؤسس لأشباه مدن يغلب عليها الاسمنت و تفتقد لأدنى جاذبية، ولقد أصبح من الملح تبسيط المساطر و عقد شراكات مع الوداديات و التعاونيات "المواطنة" التي تسعى بجهودها الذاتية إلى تقديم منتوج عقاري يمكن أن يلبي طلب فئات و شرائح كبيرة في المجتمع، مع العلم أنها في مواجهة غير متكافئة مع لوبيات العقار الجشعة التي لا يهمها سوى " زيادة الشحم في ظهر المعلوف".



#عبد_الرزاق_صطيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية الاعتقاد مابين الاباحة في القرآن و التحريم عند الفقهاء


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الرزاق صطيلي - سحابة سكن عابرة