أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مفيد بدر عبدالله - لصوص الليل والنهار














المزيد.....

لصوص الليل والنهار


مفيد بدر عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4173 - 2013 / 8 / 3 - 15:59
المحور: المجتمع المدني
    


اعتدت في كل رمضان أن أهب مبلغا لمن اعتقد بأنه من المحتاجين ، وكانت وجهتي هذا العام إلى رجل مقعد يتنقل بكرسي متحرك يعمل في بيع الحلويات أمام أحدى المدارس ، وصلت كوخه المتهالك وعرضت عليه ما عندي فأبى أن يأخذ قائلا ( أعطها لمن يستحق ) وشكرني كثيرا ، غادرته ولم تغادرني الدهشة والذهول وبدأت تجول في مخيلتي الأفكار والصور بتسارع شديدا وصرت أقارن بين أصحاب الفضائل وأصحاب الرذائل ، فعدت بذاكرتي إلى ما قبل أعوام ، حينما كنت في طابور طويل للمراجعين أمام أحدى الدوائر الحكومية حينها لمحت احد المرتشين مرتبكا متلعثم الكلام ينظر يمينا وشمالا كالسارق ، يحاول جر ضحاياه لتقاضي ما يسميه بالإكراميات في دورة المياه او في غرفة مظلمة لجمع القمامة وكأنه حشرة أو جرذ من الجرذان التي غالبا ما تستوطن تلك الأماكن القذرة (فتأكد لي بانه عارف لقدر نفسه ) وقيل انه كان يضع المبالغ في حذائه خشية تعرضه للتفتيش ليأخذ السحت الحرام موضعه الصحيح ( في الحذاء ) فيكسبه رائحة نتنة . ما كان يزيد من غلياني وسخطي عليه انه من الميسورين وضحاياه من المعدمين والبائسين فيسرق في وضح النهار بعضا من قوت أبنائهم وفرحتهم ويرسم الظلام لمستقبلهم ، فاسمع من بعضهم عبارات عدم الرضا ودعاء عليه بان تكون دنانيرهم سما زعافا وينعتوه بأشنع الأوصاف بأصوات تصله أحيانا ولكن الجرذان لا تابه و ليس لديها ما تخسره فهي الحضيض , كم اتمنى اليوم وبعد اعوام ان يقف ولو للحظات امام المعاق ذي النفس الأبية عله يخجل ولكن هيهات فالجرذان والحشرات لا تعرف هذه المعاني ولا ترتقي لها وانحدرت لما هو أدنى فما أقبح من يجني أحدهم ثروته من جيوبنا دون خجل فلا يندى له جبين ولا تطرق استغاثات البائسين ابواب ضميره فكل ما يعنيه أن يكنز من السحت ويتسلق تاركا من خلفه الحفاة والجياع ويحيل مبالغ ألبستهم وطعامهم إلى مساكن وسيارات فخمة لتكون شاهدا على قذارته وبعده عن الله والضمير، المضحك أن بعض هؤلاء من مصلي الصف الأول ويجيدون التمثيل وجلجلة الكلام فيصفون ماضيهم كما يشاؤون ويتملقون لكبار المسؤولين في كل زمان ويلاصقونهم كالظل ( رغم أن الظل يكون أحيانا تحت الأقدام ولكنهم هم من يريدون ) ويتحدثون عن أتفه ما يفعلون بخطب حماسية وكأنهم قادة لأكبر وانجح الثورات وأعظمها، هؤلاء هم أعداؤنا الحقيقين ، فجعلوا بلادنا في المراتب المتقدمة للفساد في الإحصائيات العالمية ولم تفلح معهم كاميرات المراقبة ووسائل الرصد الأخرى التي لم تجد لها سندا اجتماعيا حقيقا يدعمها فأصبحت الإكراميات في بعض الدوائر الحكومية للأسف الشديد جزءا من ثقافة المجتمع لتزيد البائسين بؤسا والفقراء فقرا والتافهين غنى رغم صيحات المنابر ووعظ الواعظين . إن الأجهزة الرقابية لا معنى لها ما لم تجد سندا اجتماعيا يدعمها وينيرها ، وليكن كل منا النور الذي يعري أفعال هؤلاء الجرذان ولا تأخذنا فيهم رأفة ولا شفقة لأنهم هم من يجرونا إلى الوراء وينخرون جسد بلدنا الجريح وهم ويقتلون ويفجرون فالأخلاق لا تتجزأ وهم بعيدون عنها . أتذكر عبارات قرأتها وهي أن الآثام غالبا ما تذكر بعد وفاة الاشخاص والتي تصل حد اللعن والسب مثلما تذكر للنبلاء الفضائل قبل وبعد مماتهم ، وقد يكون هذا ما دعاني لئن أقف عند سلوك المعاق واتحدث عنه للملأ مثلما يتحدث آخرون عن افعاله الطيبة فهو لا يحتمل أن يرى دمعة طفل فقير ينظر لحلوياته التي يبيعها فيصيح به خذ بني فالمال ونحن ملك لخالقنا ، هل تعرف الجرذان هذا لتكف عن جني الملايين من الدنانير في الدنيا والآثام للآخرة .



#مفيد_بدر_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنتعلم من الصبور
- جسر المقام نهاية حلم
- سهرة لا تنسى
- ملايين البصريين ينتظرون جواب الشرط من مجلس المحافظة
- مراعيهم ومزابلنا
- من يمسح دمعة البصريين
- انقذونا من ملائكة الرحمة
- مهندس في الصباح حمال في المساء
- في معرض الزهور ذكرى لبوسطن وبغداد
- عزيزه وصلت البرلمان
- مقتنيات الحاج خنياب تدخل موسوعة جينيس
- لن تعود لزوجها الا بقرار سياسي
- اوباما للبيع
- حريق نهر
- مهندسا في الصباح حمّالا في المساء
- رجل بحاجة لحرب عالمية ثالثة
- هم ليسوا اغبياء
- مد ايدك للسمه اكرب
- لن اصفق لافتتاح المجسرات
- دولة سيد فرج


المزيد.....




- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مفيد بدر عبدالله - لصوص الليل والنهار