أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلف علي الخلف - دروس في الاختلاف من ذاكرة مهشمة














المزيد.....

دروس في الاختلاف من ذاكرة مهشمة


خلف علي الخلف

الحوار المتمدن-العدد: 1194 - 2005 / 5 / 11 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


1


عندما كنا صغارا كان يتردد الى منزلنا بحكم علاقات عمل وتشارك في الزراعة عائلة أرمنية مسيحية حينها لم نكن نعرف الفرق بين المسيحية والاسلام ، لان أبو نازار (رحمه الله ) عندما كان يريد من شخص ان يؤكد كلامه ، يسأله : بصلاة محمد؟؟ وهي طريقة تأكيد للكلام ونفي الكذب شائعة في منطقتنا . وكان أحياناً عندما يسمع الاذان وهويروي حديثا لوالدي أو للحضور ويريد تأكيده غالبا ما يقول : أي وحات هل الاذان(أي قسماً بهذا الاذان ) ، ومرات كثيرة كان يردد مع المؤذن ككل الحاضرين ... هذا كان الدرس الاول الذي تلقيته في قبول الاخر المختلف دينيا ويحبنا ونحبه


2


الدرس الاخر تلقيته في الصف العاشر ، إذ كنت في زيارة لاحد الاصدقاء ، وجدت لديه مجلة فنية فيها صفحة التعارف التي تعرفونها ، ووجدت في هذه الصفحة صورة وعنوان لفتاة لبنانية : تهوى المراسلة والرقص الغربي والموسيقى والحفلات , كانت بيروت تحترق حينها فامسكت بقلم وورقة ، إذ لم يكن الانترنت قد وجد ولا الهواتف النقالة (إنه زمن سحيق كما يبدو ) ، خططت لها رسالة عنيفة أملاها علي الحس الوطني القومي العارم في ذلك الحين : بيروت تحترق وانت ترقصين و..... لم اشتمها ، و يبدو لي أن هذا فقط من أجل اعادتها إلى جادة الصواب ( كما يفعل بعض الدعاة الأسلاميون هذه الأيام ) ولكن جردتها من اي انتماء او حس بالوطنية.....الخ
المفاجئة انها ارسلت لي رد تشكرني فيه على مراسلتها وتقدر حماسي كشاب غيور (وكنت ولد حينها) وشرحت لي اهمية الفن والموسيقى وذكرت لي بعض المسرحيات ولأغاني ..... الا انها سالتني في اخر الرسالة سؤال لازال يرن باذني : ثم انك يا اخي تتكلم عن الوطن والوطنية من بعيد هل تراك حاملاً سلاحك وتقاتل لتحرير الجولان وهو كما تعلم أرض محتلة .....
امتشقت قلمي وكتبت ردا حاسما وعاجلا في الوطنية وو.......الا اني اعدت قراءة الرسالة عدة مرات وتبين لي انها محقة ومن يومها لم اعطي اي درس في الوطنية لاحد ولم اتهم احد في وطنيته او انتمائه الوطني او القومي ولم اعد استخدم مفردات من مثل العمالة والتخوين........


3


الدرس الثالث تلقيته في الصف الثاني الثانوي وكنت حينها أدرس في الصيف منهاج البكالوريا وفي المنهاج درس عن القصة وعناصر القصة......، وكوني قارئ قصص لا يشق له غبار في ذاك الوقت ، وبعد ان حفظت الدرس كاملا قررت ان اصبح ناقدا وكان امامي قصة لكاتب معروف ويحمل الدكتوراة في الادب العربي(قلت ليكن انا حفظت درس القصة فانا أصبحت افهم في هذا الموضوع جيدا وربما اكثر منه) بدأت في نقد القصة بموجب الدرس الذي حفظته ، اذكر اني كتبت حينها : اين العناصر ... أين الحبكة ...أين ..... أين... وكنت اضع وراء كل أين عدة علامات من الاستفهام وخلفها علامة تعجب دلالة على استنكاري الشديد لهذا لأمر ، وجزمت في النهاية ان هذه ليست قصة ...
نُشرت (مقالتي النقدية العظيمة) في صفحة للردود إلا أن حظي السيء (كما كنت انظر للامر في ذلك الوقت ) جعل المجلة تنشر بجانب (مقالتي ) رداً آخر يشيد بالقصة!!! وهي قصة اذكر الان انها كانت تعتمد على التداعيات النفسية لتصوير حالة فرد اعزل.
في البداية استغربت أن هناك (بني آدم ) يشيد بهذه القصة التي لم افهما انا (رغم فهمي وحفظي لدرس القصة في منهاج الثانوية ) بعد تلك الكارثة النقدية لي ، تعلمت ان وجهة نظري ليست وحيدة ولا مقدسة وان هناك اخرين لا يشاطروني الرأي وعلي قبول ذلك وأن فهمي ربما كان قاصرا


4


الدرس غير الأخير تلقيته في الجامعة فقد كانت تقام على أيامنا امسيات وندوات ومهرجانات أدبية ...
في احد الامسيات وقفت طالبة صغيرة(مستجدة ) في السنة الاولى ( و كنتُ في السنة الثانية !!) تقرأ ما ورد تحت بند الشعر وكان هذا( الشعر) محاولات بائسة
وأمام هذا انبريت (عندما فتحوا باب النقد ) لتهشيم هذه المسكينة دفاعا عن هيبة الشعر ، وكنت أحس بالتألق كلما قللت من شان ما قرأتَه ، قلت في ختام مداخلتي : إن هذه المحاولات البائسة لا ترقى الى مواضيع إنشاء لطالب في المرحلة الابتدائية. وصفق الجمهور لي كثيراً فهو مثلي ايضا يتلذذ بتهشيم الأخرين .

التقتني بعد ايام وكانت تغطي وجهها ، سلمت علي لم أعرفها ذكرتني بنفسها ، تذكرتها وقلت أهااااا أنت التي قرأت التين والعنب في أمسية كلية ....
قاطعتني سائلة : لمَ فعلت بي هكذا؟ كان عليك ان تقدر سني وبيئتي المحافظة التي لم تتح لي الاحتكاك لا بالعالم ولا حتى بالكِتاب......
شعرت بذنبٍ لازمني طويلاً وإلى الان ، من يومها أصبحت اقدر ما ذكرتْ وكلما ركبتني شهوة تهديم احد تذكرتها وقمعت الرغبات غير النزيهة التي تنتابني لتلطيخ الاخرين وتهشيمهم وآمنت أن اقدر الظروف التي تحيط باي موضوع كاملا


5


ربما لم استفد ما يكفي من هذه الدروس ، لكنها رسخت لي على الأقل قبول الاخر الذي لا يشبهني و وعلمتني قبول اختلافي معه وعنه ، وأن اتيح له ان يقبل ذلك فيّ ايضا



#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رغد وعبد الباري وعمي صدام
- المبادرة السورية لانقاذ مايمكن انقاذه
- رسائل سورية للعالم والإنقلاب الأبيض
- السيرة الإباحية لشاعر مكبوت
- إعلان توبة وطلب غفران
- أنا سبب هزائم الامة العربية
- أمريكا والذهنية العربية الجهادية
- نجلا بح والقرضاوي: وجهان لعملة واحدة
- القبر التاسع : ليكن للقتلة
- سوريا ولبنان امام استحقاقات اغتيال الحريري
- مذبحة في عيد الحب و تساؤلات محيرة
- احتلال الدول المتخلفة هل هو الطريق الوحيد للخلاص
- أيها اللبنانيون كفوا عن إيذائنا
- جَمَل غــيدا
- الفردوس اليباب ليلى الجهني : تحت الحصار
- لمن لايعلم: الامة بخير ولنردد الشعار
- العنصرية العربية البينية : التجلي الاجتماعي لفكرة القومية ال ...
- الملعون
- من آشور إلى إشبيليا
- الجسد ..........سؤال اليابسة


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلف علي الخلف - دروس في الاختلاف من ذاكرة مهشمة