أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل محمود - الرسالة المصرية















المزيد.....

الرسالة المصرية


نبيل محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4170 - 2013 / 7 / 31 - 16:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ 30 يونيو ورسائل الإدارة الأميركية والاتحاد الأوربي تنهال على مصر بشكل سريع ولافت للنظر، ورسالة المبجلة آشتون لن تكون الأخيرة، وهذا يشير الى حقيقة مهمة من حقائق الصراع بمصر اليوم. إن الصراع بمصر اليوم ليس محلياً فحسب، لكنه في صلب الصراعات الإقليمية والدولية، أن الشعب المصري اليوم يدق أكبر مسمار في نعش مشروع ((الشرق الأوسط الكبير)). من هنا نتعرف على حقيقة هذا الفزع الأميركي والهلع الأوربي ومغزى كل هذه الرسائل التي تتوالى على مصر. المفارقة دائما هي الطريق الأقصر والأمثل لكشف الحقيقة! فأية مفارقة أكثر كشفا للحقيقة من هذا التحالف بين ((الغرب الصليبي))- حسب الخطاب الأيديولوجيي للأحزاب والحركات الدينية بكل ألوانها وتدرجاتها في المنطقة-، وبين هذه الأحزاب والحركات ذاتها التي تمثل ((الأرهاب))- حسب الخطاب الأيديولوجي لساسة هذا الغرب-، والذي يكافحه بردّه إلى نحورنا! فأيّ خصمين (إن كانا كذلك فعلاً!) اجتمعا على هوى بئيس وحب آثم؟!

إنّه هوى المصالح إذن، هذا الذي يعصف بالمنطقة وشعوبها، هذا الهوى الذي تمّت صياغته سياسيا وأيديولوجياً وتلخيصه تحت عنوان ((الشرق الأوسط الكبير)). هذا المشروع، وليد الضعف والانهيار، الذي أفرزته الأزمة الأقتصادية التي تعيشها الولايات المتحدة الأميركية وأوربا، خلافا لمشروع ((سايكس-بيكو)) الذي صاغه الدهاء السياسي البريطاني ابان قوته وصعوده الكولونيالي وحققه بالمنطقة في المرحلة التاريخية السابقة. هذا الفارق الجوهري بين المشروعين هو الذي سيقود مشروع ((الشرق الأوسط الكبير)) إلى الفشل والهزيمة. ومن المواقف الأكثر دلالة وإفصاحاً عن الحقيقة، هو مفارقة الموقف ((الأسرائيلي)) وسكوته اللافت، إن لم يكن رضاه، عن الصعود السياسي للأحزاب والحركات الدينية في المنطقة، والتي من المفترض إنها العدو الأشرس لـ((أسرائيل)). إن الموقف السياسي ((الأسرائيلي)) الحالي ينبني على حقيقتين، أولاهما هو مشروعها ((يهودية دولة أسرائيل))، والذي يعزز من فرص نجاحه وتحقيقه وجود طرف سياسي ((ديني)) مقابله. والحقيقة الأخرى هي أن الصعود السياسي لهذه القوى الدينية سيغرق البلدان التي يتسلم فيها السلطة السياسية في صراعات وأزمات، والتي تعجز ((أسرائيل)) بآلتها العسكرية من تحقيقه. والذي كشف لها عن هذه الحقيقة الثمار الكبيرة التي قطفتها من انسحابها من غزة حيث آل الموقف إلى قوة سياسية شطرت القضية الفلسطينية إلى شطرين وهو ما لم تستطع قوة ((أسرائيل)) العسكرية من تحقيقه في عقود!. أما الحليف الآخر فهو الرأسمال الريعي للنفط العربي، الذي تكبد خسائر فادحة نظرا لتوظيفه في أسواق المال الغربية ابان الازمة الاقتصادية، هذا المال العاطل عن العمل! يبحث عن دور ووظيفة، والذي وضع يده بيد الصناعة التركية الناهضة التي سُدّت بوجهها آفاق الأسواق الأوربية، فارتدّ إلى المنطقة باحثاَ عن السوق والأستثمار! هكذا كان الأستثمار ((السياسي)) الأقليمي الأمثل لكل هذه القوى والمصالح، يتمثل بالدعم السخي والتأييد الكبير للأحزاب والحركات الدينية، والذي يصل في حالات كثيرة إلى درجة تزويدها بالأسلحة الأكثر تطورا.

هذه اللوحة المعقدة من التحالفات والتحركات الأقليمية والدولية في المنطقة، تمنح الحدث المصري والرسالة المصرية أهميتها الفائقة وروعتها. عجبي ممن يرنو إلى أعجوبة الصروح الشامخة للأهرامات، ولا يرى وراء إنجازها شعباً عظيماً وشامخاً ارتوى من النيل العظيم! هذا الشعب بوزنه الديموغرافي المؤثر الذي نهض ضد هوى المصالح الذي لا يعبأ بالإنسان وقيمته، هذا الشعب قام ضد بشاعة المصالح وآثامها لينطق بالحكمة العميقة التي تقول: (( أن الانسان هو الرأسمال الأكبر والأثمن))، هذا الشعب أوصل رسالته النقية إلى قلوب كل المقهورين ببلدان المنطقة التي اكتوت واحترقت على طريق مشروع ((الشرق الوسط الكبير))! هذا الشعب بلحظة حدس وكشف جماعية وبلحظة إبداع ثورية، كتب ويكتب الرسالة الإنسانية الأجمل والأبلغ، ليبشرنا أن الانسان قادر على النهوض والوقوف بوجه هوى المصالح ودفع شرورها. فالتغيّر الديموغرافي بمصر أدخل متغيرا جديدا في الحياة السياسية بمصر، وهو النسبة المتعاظمة من الشباب في المجتمع بما يمثله من قوة عمل هائلة، وقد سُدّت بوجهه آفاق العمل، وصار طاقة تجديد للمجمتع يبث فيه روح الشباب وروح المبادرة الخلاقة والقدرة على الفعل والتغيير. وهذا ما تبين من خلال صعود قيادات شابة على كل المستويات، تزاحمها وتقطع عليها الطريق قيادات شاخت وتفتقر إلى روح الإبداع والمبادرة، من هنا كان تعاطف والتفاف الشارع حول هذه الفئات الشابة والجديدة، وانفضاضه من حول القيادات الشائخة. إن العامل الذي أخطأت هذه القوى المروجة لمشروع ((الشرق الوسط الكبير)) بقراءته وأربك كل حساباتها، هو الواقع الأجتماعي المصري الذي يخلو من الأنقسامات المذهبية (كما في الحالة العراقية)، والأنقسامات القبلية (كما في الحالة الليبية). فالمجتمع المصري باغلبيته الحضرية بعيد عن التنظيمات والروابط القبلية. واي ملاحظ محايد يدرك جيدا أن المجتمع المصري بأغلبيته يدين بالتدين الشعبي البسيط المعتدل والمتسامح، مما جعل العزف على نغمة العاطفة الدينية نشازاً، لا تطرب أذنا ولا تلامس قلباً. والنغمة الأعلى التي عزفوها كانت تكفير الآخرين بدعوى العلمانية والليبرالية باعتبارهما كفراُ، وهو ما لم ينجحوا بترويجه لتهافت هذا الخطاب ولعدم انطباق هذه الصفة على الموصوف! فكانت كذبة ملّها المصريون واستسخفوها. لقد فشلت هذه القوى بالعزف على هذه الأوتار لسبب بسيط جدا، لأن هذه الأوتارغير موجودة أصلا بمصر! فالأوتار التي تسود المشهد السياسي المصري هي أوتار سياسية! فيما الصراع الأيديولوجي المذهبي هو المعوّل عليه سياسيا في ((مشروع الشرق الأوسط الكبير)). من هنا كانت أهمية الرسالة المصرية فهي لم تكشف الحقيقة لذاتها فقط، وانما هي حقيقة تقدمها ((هبة)) لكل المنطقة ولشعوبها عساها تقرأها بعمق وقلب مفتوح لتتجنب ما ينتظرها من مآسٍ أشد مما هي فيه.

يا مصر صدق من سمّاكِ بهية ورآكِ أكثر شبابا من الزمان ذاته!((الزمن شاب وانت شابة/ هو رايح وانت جاية)) فمرحى وألف تحية بمقدمك المتألق وشكرا للرسالة المصرية، التي تكشف النقاب! عن وجه مصر الحقيقي، الوجه المرح والباسم والصبوح، بعيداً عن التجهم والعبوس الذي اعتراه لوهلة. الرسالة التي يعلو صوتها على كل رسائل الترهيب والترغيب البعيدة!. هذه الرسالة التي نقرأها كل يوم قراءة عاشق محب، بعيون مزهوة وبقلب ينبض بالفرح، رغم كل ما يثخننا من جروح، عساها تنير كل عقل وتدخل كل قلب، فثمة أمل ينهض في زمن الخيبات هذا، ومصر تشرق لتنير ظلامنا. نعم ستدفعين ثمناً كبيرا لاستعادة روحك التي حاولوا ويحاولون اختطافها، ولكنه لن يكون بأي حال افدح من ثمن السكوت على القهر والصبر عليه، الذي تدفعه شعوب أخرى في المنطقة صباح مساء.
فانت أحكم من يصبر وأفطن من يثور!.
30/7/2013




#نبيل_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رئيسان وراء القضبان! والشعب في الشوارع..
- عصف الأشواق
- عَشَرات
- جدل الشوق والشقاء
- بعد البحر دخلنا الدغل
- ديمقراطية الميادين!
- صروح وجروح
- الموت السعيد!
- مأزق الربيع العربي
- شجرة التوت
- فائض القهر
- الخيول الحمر
- ما فضّ عشقكَ مثل شِعركَ
- بغداد
- أنتِ والمطرُ
- حُلُمٌ يمصّ حَلَمَةَ الليل
- قهوة وخمر !
- ناظم حكمت... الأجمل يصل وطنك أخيراً !
- الجمال والايروس والحياة
- الفردوس البشري


المزيد.....




- مسجد باريس الكبير يدعو مسلمي فرنسا لـ-إحاطة أسرة التعليم بدع ...
- جيف ياس مانح أمريكي يضع ثروته في خدمة ترامب ونتانياهو
- وثيقة لحزب الليكود حول إنجازات حماس
- رئيس الموساد: هناك فرصة لصفقة تبادل وعلينا إبداء مرونة أكبر ...
- لقطات جوية توثق ازدحام ميناء بالتيمور الأمريكي بالسفن بعد إغ ...
- فلسطينيو لبنان.. مخاوف من قصف المخيمات
- أردوغان: الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
- محلات الشوكولاتة في بلجيكا تعرض تشكيلات احتفالية فاخرة لعيد ...
- زاخاروفا تسخر من تعليق كيربي المسيء بشأن الهجوم الإرهابي على ...
- عبد الملك الحوثي يحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من التورط ف ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل محمود - الرسالة المصرية