أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد محمد عبد الفتاح الشافعي - المصري ... أنا














المزيد.....

المصري ... أنا


أحمد محمد عبد الفتاح الشافعي

الحوار المتمدن-العدد: 4169 - 2013 / 7 / 30 - 04:57
المحور: الادب والفن
    


المصـــري .... أنا
هو شاب وسيم لا يجيد القراءة ولا الكتابة، متوسط الإمكانيات.. أحب وهفت نفسه إليها فرُحب به على مضض وتزوج ، فكان عليه أن يقوم بمطالب العروس الجميلة، ويلبي طلباتها .. حملت سريعا وأنجبت .. كل عام تنجب طفلا، حاول أن يكون أبا لم تستطع إمكانياته أن تجعله رجلا، فرحل إلى هناك، والتحق بعمل متواضع يتناسب مـع امكانياته، حارس في محطة على ماكينة تحلية مياه الخليج، قام بعمله خير قيام، وكان عائده قليل يرسل بمعظمه إلى زوجته ونجليه الوليدين .. تتواصل الحياة حتى أنه تعلم كل فنيات تشغيل الماكينة، طلب بعد رحيل الفني أن يقوم بعمل الفني بجانب حراسته للماكينة ويتقاضى نصف أجر الفني زائد أجر الحراسة، وبذلك يوفر لهم من أجر الفني نصفه، فرفضوا لأنه ليس مؤهلا .. كان يتمنى أن تكثر مدخراته ويختصر معاناته ويرحل إلى زوجته وطفليه، أو يأتي بهم في سكنه الخاص الذي يوفرونه له داخل سور المحطة، ولكنهم تعاقدوا مع فني هندي، فتقطعت خيوط التفاهم والتواصل بينه وبين الهندي .. اكتفيا بالإشارة .. مرت السنون وهو لا يبرح محيط الماكينة/المحطة، فلا يعلم من جغرافية المكان سوى محيط الماكينة، ليوفر قدر الإمكان دينارات يرسلها لوليده وزوجه المنتظرة هناك في موطنه، تعاني من الحرمان الذي يفتك بإعصابها ومن المساومات والإغراءات ومن الرغبة الجامحة التي تنادي عليها كل لحظة فهي على بعد أمتار منها، فإشباع أي من الذي يراودها سيكلفها سمعتها، بل حياتها، ففي بعض الوسائل ما يغنيها عن الرذيلة أو سوء السمعة، فأحاطت نفسها بسياج من الفضيلة المصطنعة .. معانات وتناقضات، وضمير يستيقظ أحيانا ويموت كثيرا، فالأمر لا يسلم من بعض التحرشات والقبلات المختطفة والمسروقة من صديق للأسرة وقريب كان حريصا ألا يوقعها أو يوقع نفسه فيما يحرجهما أو يجرحهما، وهو هناك يعاني هو الآخر ، ولكنه يعيش بمعزل عن كل الإغراءات، فكانت معاناته أقل كثيرأ، كان كل عامين يوفر مبلغا ليركب الطائرة يسبقه قلبه ليصل إلى زوجته وأولاده قبل أن يصل جسده ، فتجلس خلف الباب تنتظره حتى يطرق الباب، فتتلقاه في أحضانها تتنازعها مشاعر الحب والكراهية، والرغبة الحلال ووسامته، فلا تطلق سراحه إلا بعد أن يهدهما بكاء الشوق والفرقة .. ويمكث معها شهرا، فيه تنحدر شلالات الدماء في عروقهما، وتحمر جلودهم بعد صفرة، كأنها صفرة الموت .. ولكن مرض السكري وضغط الدم تسلل أولا إلى الزوج، وبعد سنوات اعتل القلب، كنت حين أراها في أحد أفراحنا تشتعل رغبة الشوق المحرمة إلى قبلة من شفتيها المكتنزتين المختلجتين الرائعتين، فكانت تحس بنظراتي الكاوية فتبتسم والغمازتين تطير ببعض عقلي فيتفصد وجهي بالدماء، فسلمت وانحنيت ألثم أطراف أصابعها، فتقول: على رسلك لا تنسى نفسك نحن في قرية وليس في المدينة .. كان جمالها يفضحني فتجرني زوجتى ، وتلكزني: اعقل احترم وجودي وشيبتك .. وتمرض هي الأخرى ، ولكن مرضها كان عضالا فتصاب باللوكميا .. وتمر بضع سنوات وتموت، أجمل امرأة ريفية رأتها عيني في سنوات شبابي وشيخوختي .. كانت تتمنى أن تموت على صدر رجل تحبه، ويحنو عليها، وتمر السنون بولديها التي تركتهما في الدنيا يكبران وحدهما دون أب أو أم، في بيتهما التى بنته بميراثها من أبيها، وبمدخرات زوجها الغريب خلف سهوب العتمة والضياع في صحراء قاسية رمالها تتقد تحت أشعة وحرارة شمس لا ترحم، لم يكن لهما في دنياهما إلا من أحب أمهما وشاركها أيامها الإخيرة حين كان يصطحبها إلى المستشفى لتتعاطي جرعات العلاج الكيماوي الذي امتص رحيق الحياة من جسدها وواراها التراب .. وهناك في البعيد القصي أبوهما الذي مرض واشتدت عليه علة القلب فأودعته جهة عمله في المستشفى وحيدا ، لا مواس له في علته ، أو يد تحنو عليه ... لا أهل ولا ولد، وقضى نحبه وحيدا دون أن يلقنه أحد الشهادتين ، ويدفن هناااااااااااااااااااااااك بعيدا دون أن يزور قبره أحد ، أو حتى لو أراد أحد أن يزوره لن يعرف له قبر .. هكذا رحل عنا نجيب منذ ربع قرن، وهكذا مات نجيب من منذ بضع ساعات .. فلن يعيده البكاء والعويل أو تعيدها الدموع، فليرحمهما الله .....
أحمد الشافعي القاهرة 26 / 7 / 2013



#أحمد_محمد_عبد_الفتاح_الشافعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معاناة الإنسان المصري الأبدية
- أنا وهي والفيس بوك


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد محمد عبد الفتاح الشافعي - المصري ... أنا