أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع العبيدي - ثقافة الاعتذار السياسي















المزيد.....

ثقافة الاعتذار السياسي


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4168 - 2013 / 7 / 29 - 15:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الاعتذار.. لغة صعبة في القاموس العربي، وتزداد صعوبة مع علوّ المركز أو عقدة تضخم الشخصية.
وتكمن صعوبة فكرة الاعتذار، في تعارضها مع فكرة الحق الشخصي [عقدة البرّ الذاتي!]. وليس الفرد في ذلك، غير ضحية ثقافة غير صحيّة. ثقافة قائمة على اليقينيات والجزم والرأي الواحد والاتجاه الواحد. واللغة العربية، هي بنت هذه الثقافة، لغة الأسود والأبيض [إمّا ..أو..!]، لغة الأنا الجمعي [فرد يختزل الجماعة ويختصرها في ذاته!، كما تختزل الجماعة الفرد وتختصره في ذاتها!].
وكما أن الجماعة –نواة القبيلة- مدينة في تمثلها للأب.. بطرك العائلة/ زعيم القبيلة/ أمير الجماعة، فأن الفرد/ الزعيم/ الأمير، هو ممثل للأله في وصايته على الجماعة/ الأمة.
فكرة الوكالة الالهية في شخص الزعيم/ الملك قديمة، قدم التاريخ، تعود إلى أيام الفراعنة والبابليين وأباطرة الفرس والرومان واليابان، وليست خاصة بقوم أو ثقافة دون غيرها. وليست فكرة النبوة -تاريخيا- غير تنويع وتنغيم على وتر السلطة الالهية (الغيبية) هذه!. وفي ضوء هذا المنظور يمكن فهم ازدواجية السلطة [السيادينية] على مدى التاريخ، واتحادها في صورة الدولة/ الخلافة الاسلامية، وصولا إلى اصطراع السلطتين في العهد الوسيط للرومان، والذي أسفر عن ظهور الدولة المدنية (اللادينية) الحديثة مع عصر النهضة، وانحسار الدور السياسي لبطاركة الدين.
لكن العرب، الذين يصفهم فيليب حتى بانقطاعهم في قلب الصحراء، إلى درجة عدم ظهور رغبة لدى امبراطورية الرومان بمدّ نفوذها السياسي نحوهم، بقوا خارج نطاق التأثر بحركة الأفكار والتغيرات الزمنية، في الزمن القديم، كما في الزمن الراهن. وهذا ما يزيد في تشوش صور الأشياء في المرآة العربية، على القارئ والمشاهد اليوم.
فالثقافة العربية، كخطاب وتقنيات، مصدر ومستلم، لم تفك الارتباط بين الديني والمدني في أبسط مفاتيح الأشياء والأدوات والمعاملات. وما يزال الوعي الديني -الغيبي- يقود العقل العربي مهما ادعى من علمانية ومدنية أو فرنجة أو حتى –الحاد-!. ولكن الفرد العربي، الخاضع في اصداراته للعقل الباطن أكثر من عقله الواعي، ولازداوجيته أكثر من استقلاليته، وللمشاعر والأمزجة أكثر من الاستقرار النفسي وسلطة العقل، هو شخص محتار، بين عجزه عن تشخيص إشكالية التباساته البنيوية، وبين عجزه عن الاعتراف بالعجز وفك الالتباس.
هذا ما يجعل أساتذة اللاهوت في أكسفورد يعملون في نقد ومقارنة الأديان، بينما ينشغل دكاترة الفيزياء والطبيعيات العرب في تأكيد الاعجاز العلمي والطب القرآني.
هذا أيضا ما دفع دكتور فيزياء مصري [خريج جامعة أميركية] يخاطب أفراد الجيش المصري باعتباره رئيسا لمصر وقائدا عاما للقوات المسلحة بعبارة [أبنائي..!]. على رغم التناقض والالتباس الذي يكتنف الصورة والخطاب.
هذا الالتباس والتناقض، هو نفسه، الذي يجعل غير قليل من حملة الدكتوراه والتخصصات الأكادمية، أعضاء في جماعات الاسلام السياسي، وتتصدر حروف الدال أسماءهم ومناصبهم الدينية دون الشعور بأيما حرج أو تناقض. ودون أن تشعر المؤسسات العلمية المانحة إياها هذه الالقاب، للشعور بالخجل أو الحرج، أو تبادر للتراجع أو سحب درجاتهم العلمية أو التبرء منهم على الأقل.
هل يوجد تناقض بين المفهوم الديني والمدني، بين العلمي والغيبي(*)، أم لا؟؟!!..
هل نشعر بمثل هذا التناقض وضرورته، أم أن هذا مجرد ترف فكري، لا مبرر له؟؟..
ان مجتمعاتنا، وأطفالنا، ومستقبلنا، ونظرة العالم إلينا، كلها رهينة هذا التناقض الذي لا نريد الشعور أو الاعتراف به!!..
لا بدّ أن حامل الشهادة العلمية هو شخص بؤمن بالعلم، وإلا لما ضيّع وقته لنيل تلك الشهادة.. ليعلقها على جدار الجامع!!.. وأنه احتراما لعقله ودرجته العلمية عليه أن يفكر بالاعتذار عن مراءاته، وخداعه للناس!..
وبغض النظر عن التناقض بين اسلوب الدمقراطية والايمان الديني القائم على جوهر العبودية، فلا بدّ من ضرورة ماسة للاعتذار عن المراءاة والميكافيللية في تضليل الناس والضحك على ذقونهم!!..
وجود الانسان.. حياته وكرامته.. قيمة عليا واجبة الاحترام والتوقير من الجميع، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو اللون أو الدين أو الطائفة أو الانتماء.. وقد وقع هذا الانسان من المحيط إلى الخليج.. رجلا أو امرأة.. ضحية للامتهان والخداع والاضطهاد ومطية لابتغاء الأغراض السياسية والدينية والتجارية.. وهذا يقتضي من جميع الذين ساهموا في الاعتداء على مفهوم الانسان.. نظريا أو عمليا.. سياسيا أو دينيا.. أو بأية وسيلة أو غاية أو صورة.. التقدم باعتذار واضح وصريح ..
ان أي حديث عن مصالحة أو سلام وأمن اجتماعي، لا يكون جادا ولا حقيقيا، بدون اعتذار حقيقي ورسمي أمام الناس..
والذي يزعم أن يسئ، وهو من أحد تلك الأطر السياسية أو الدينية، يجعل نفسه كاذبا في عيون المجتمع..
ليكن هذا زمن المراجعات والاعتذارات.. زمن يقظة الضمير وعودة الوعي والاستدلال على الصواب..
..
وصف كثيرون جماعة (الاخوان المسلمين).. بالتنظيم والوعي السياسي.. وهي جماعة قديمة.. وفي ضوء المتحقق في واقع اليوم، والأزمة الراهنة، تتحمل هذه الجماعة القسط الأوفر من مسؤولية تدهور الأوضاع، والفتنة الاجتماعية وتدمير الوحدة الوطنية.. ولابدّ.. لهذا الحركة وأفرادها الموصوفين بالوعي، وحملة الشهادات الأكادمية.. العودة إلى الشعب.. إلى الضمير.. والتقدم باعتذار شامل وصريح عن كل الأخطاء.. حتى آخر لحظة..
لقد فشل محمد مرسي في أداء وظيفته التي تقلد مسؤوليتها على مدى عام كامل، ونكث بالأمانة الموكلة بمنصب الرئيس والقائد العام.. وسخر مركزه لخدمة أغراضه الشخصية.. وأغراض جماعته السياسية وروابطه العصبية مع فئات خارج مسروليته ووخارج حدود مصر، وسعى للسمسرة ببلده ومستقبل مصر لخدمة أجندة خارجية، لقاء تتويجه زعيما على كرسي (خلافة وهمية).. وفي ضوء كل هذا وغيره.. واعتمادا على وعيه الوطني وادراكه الخلقي العلمي، هو مدين بالاعتذار من شعبه وناسه ومن وطنه وأهله..
من أجل فتح صفحة جديدة على المستقبل.. وتعويض خسائر الماضي.. والعودة إلى أحضان الوطن.. والتربة التي يعتز الجميع أن يدفنوا فيها ذات يوم.. ولكن بعد دفن أخطائهم وخطاياهم..
من أجل تاريخ جديد.. ومن أجل غد نظيف.. ومن أجل ثقافة قائمة على احترام الانسان وحريته ووطن مستقل معتمد على ذاته وقدرات أبنائه.. لابد للجميع أن يعترفوا بأخطائهم، وأخطاء الماضي.. ويعتذروا لأنفسم وللناس وللحقيقة.. لكي تشرق شمس جديدة.. ويبدأ الجميع بداية جديدة.. ويكون الغد أفضل من اليوم دائما.. وإلى أمام!..



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوات المصالحة الوطنية.. لماذا الآن!!
- تستحق كلّ التفويض أيها القائد النبيل!.
- ازهار حكمة البستاني- مجموعة شعرية جديدة للشاعر والناقد وديع ...
- الدين.. والسيرة (3-3)
- الدين.. والسيرة (2-3)
- الدين.. والسيرة (1-3)
- الدين.. والدراسة / 2
- الدين.. والدراسة/1
- الدين.. والبيئة..
- الدين.. والمحبة..
- الدين.. والاختبار
- الدين.. والاختيار
- الدين.. والاختلاف
- الدين.. والتجارة..
- الدين.. والتبعية!..
- الدين.. والسيطرة*!
- الدين.. والطبيعة
- اللغة والزمن..
- فيزياء الروح وروح الفيزياء
- يسألونك عن الروح..


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وديع العبيدي - ثقافة الاعتذار السياسي