أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - جدّي / قصة قصيرة














المزيد.....

جدّي / قصة قصيرة


مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)


الحوار المتمدن-العدد: 4166 - 2013 / 7 / 27 - 20:25
المحور: الادب والفن
    


جدّي

إنني من عائلة جبلية اشتهرت بحبها للطبيعة ، واتخذت من تربية المعز الجبلي مهنة لها ولا تذكر عائلتنا حتى يذكر جدّي وحكاية تيسه العملاق ليس لحجمه فقط بل لسلوكه الغريب أيضا ، ففي مواسم التزاوج كان يتسلل ليلا إلى ماوراء الجبل للقاء ما أتفق من المعيز والرجوع ثانية في نفس الليلة ، وكان جدّي يتفاخر به ولا يبيعه أو يقايضه ولو بقطيع كامل كما كان يقول دائما ، ولكن مضى على ذلك سنين عدّة هرم التيس ومات ، وبقيت حكايته تروى بروح مرحة أما جدّي فلا يزال يحتفظ بجلد التيس للذكرى ، وفي أيام الربيع يقول مازحا : " لا أزال أشم فيه بعض من رائحة الشباب وطيشه " .
في الجبال نتخذ من الكهوف مأوى لنا وهناك كهوف صيفية تقع في الأعالي وهي واســــعة ذات ممرات هوائية أما تلك التي تصلح للسكن فيها شـــتاء فتقع في الوسط وقد آوينا إلى الكهف المفضّل لدي هذا الشتاء وهو كبير وذو حافة تمنع دخول المطر والثلج إلى داخله ، ونسَميه بكهف "جـدّو" ، وهذه أيضا إحدى ميزات عائلتنا حيث نطلق على كل شيء بارز المعالم ومهم في الجبل أســـــما معينا للإســـــــتدلال عليه لاحقا وإذا ما سألنا جدّي عن أحوال الكلأ أو المكان الذي ذهبنا إليه للرعي نســمّي المكان بإسمه الجديد الذي أطلقنا عليه فيهز رأسه إيجابا وقد عرف المكان تماما .
هذه حياتنا نركض خلف المعيز ونتسلق أعلى النتوءات والصخور ولا نتعب من ذلك ربما لأننا نلهو ونمرح كثيرا وقد تتســـّــلق معزه إلى مكان عصيّ ولكن بصرخة من أحدنا تعود أدراجها وإلا أرغمناها على ذلك برميها ببعض الحجارة . كل يوم نعيش مغامرة جديدة . نكتشــــــــف أماكن ونتعرف على نباتات وأزهار لأول مرّة ونذكر لبعضنا مواقف نضحك منها فقد خلقنا لنمرح ولاشـــيء يغصّ علينا حياتنا ، وعندما تنفد منا الطرائف والنكت ولانجد مانتحدث عنه نذكر موقفا لجدّي أو حكاية طريفة من حكاياته العديدة والمفعمة بالحياة ففي جعبة كل واحد منا عدد من تلك الطرائف التي تخصّه ، فمثلا قبل عدّة أيام كنا ننشد دفء الشـــمس أمام باب الكهف وننتظر أمي أن تقدم لنا بعض الطعام بعد أن تنتــهي من إعداده قال جدي بغتة " لقد أتوا مبكرين.. " ! كنت أظنه يقصد أبي وعمّي وشقيقي الأصغر وهم يســـرحون بالقطيع في القمة حيث بقايا أوراق شجر البلوط إلا أنه بعد برهة قال أيضا : "أجل لقد أتوا مبكرين هذه الســـــنة " فنظرنا إلى بعضنا بإستغراب وقلت له : "من يا جدّي " فردَ عليّ قائلا : " المزارعون " رسم كل واحد منَا ابتســـــامة على شفتيه ، فربّما هي إحدى مداعباته لتمضية الوقت ولكنه أردف قائلا " أيها العميان ألا ترون التراكتور الأخضـــر .. ها .. ماذا دهاكـم ألا تطعمكم أمهاتكم الســمن .. ها .. أنظروا إليها " وأشار بسبابته إلى اتجاه معين صوب البريــــة فبدأ الجميع يبحثون عن التراكتور المزعوم ولكني نظرت إلى عيون جدي وتبينت مسار نظره ثم نهضت من مكاني بهدوء وأمسكت بين أصابعي ماســـــــكة ملابس بلاستيكية خضراء كانت أختي قد نسيتها معلقة على حبل الغســــيل الممتد على طول باب الكهف وقلت مبتســما " أهذا ما تقصده يا جدي " قهقه عاليا كعادته وكأن الأمر لا يعنيه . هذا هو جدّي وهؤلاء نحن أحفاده وأولاده لا نزال نسكن الجبال ونركض خلف المعيز ونتخذ الكهوف مسكنا وإذا ما اجتمعنا فتكون حكاية جديدة .



#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيرة الذاتية للأكتع
- سبعة أيام في الجحيم
- بيوت من طين
- بتلات الورد 40
- رسائل (3) رسائلك
- رسائل (2) رسالة إلى أنثى
- رسائل (1) رسالة من أنثى
- الطمع واليأس
- العصفورة
- ولا أزال أبحث عنك
- لأنك غجرية
- ثرثرة حرة
- روحي وقلوبي السبعة
- نعم للغزل لا للتحرش
- البداية
- العزاء
- ابن الحكيم
- زهور من شنكال
- المفكرة
- شتاء الحبّ


المزيد.....




- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مراد سليمان علو - جدّي / قصة قصيرة