أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نبيل محمود - رئيسان وراء القضبان! والشعب في الشوارع..














المزيد.....

رئيسان وراء القضبان! والشعب في الشوارع..


نبيل محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4166 - 2013 / 7 / 27 - 19:54
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


إن التمييز بين الأبيض والأسود، وظيفة البصر الأساسية، أمّا قراءة الرمادي فهي مهمة البصيرة والعقل الجوهرية!. لم يحدث في تاريخنا (بما تسعفني به معلوماتي) أن كان هناك رئيسان، في الوقت نفسه، وراء القضبان، في أكبر دولة عربية. والأهم هو أنهما انتهيا إلى هذا المصير بقوة الإرادة الشعبية، وليس بمناورات أو مؤمرات خصومهم السياسيين فحسب. إننا هنا في ((لحظة)) فارقة من لحظات الوعي لدى الإنسان، لحظة تطور نوعي وانتقال جذري في الوعي. لقد حُبس العقل وحُجِر عليه في تاريخنا وثقافتنا طويلا في قفص اسمه ((الإجماع)) وعدم الخروج على الحاكم و((النص))، وهي بنية ذهنية تلائم كثيرا الشعوب التي يُنظر إليها، وتنظر إلى نفسها، باعتبارها ((رعايا)) وليس كمواطنين في دولة حديثة، خاضعة لنخب سياسية وفكرية هي التي لها حق التقرير والتفكير ((أهل العقد والحل)). هذا الخروج الجماعي للأفراد بمصر يؤرخ عصرا مجيدا لإنسان منطقتنا وتطورا نوعيا لوعيه بضرورة المشاركة في قضايا الشأن العام، وعدم ترك الأمور وتصريفها لنخبة أو قائد.

نعم انها لحظة شديدة التعقيد والالتباس وتصاحبها الكثير من التضحيات والدماء، وما ذلك إلاّ لأنّ المجتمعات لم تتوصل بعد إلى آليات تطوّر خارج إطار المآساة! ولأنّ تصفية الحساب مع الماضي (والأحزاب الدينية هي خير ممثل للماضي) هذه المرة جذرية. إن قيم الحداثة والدولة الحديثة في منطقتنا كانت تتم لحد الآن بصورة نخبوية، وها أن الأفراد يكتشفون كم كان هذا مكلّفا ومخيّبا للآمال، ما أن نتقدم خطوة حتى ننكص خطوات. ولكن لماذا مصر؟ ان العامل الديموغرافي المهم الذي بات فيه الشباب يمثلون أغلبية المجتمع هو من أهم العوامل التي تساهم في حدث اليوم.

إن التحالف الحالي بين الجيش وأوسع الفئات الاجتماعية وخاصة الشباب ضد القوى الماضوية ليس اعتباطيا في هذه المرحلة. فمؤسسة الجيش (بمفهومه الحديث) هي من مؤسسات الدولة الحديثة، فيما الأحزاب الدينية بفكرها الماضوي المنتمي إلى الماضي لا ترى في الجيش إلاّ تلك المؤسسة المنتمية إلى دول القرون الوسطى، عندما كانت الجيوش إقطاعا للأمراء (أمراء الحرب) التي تسند سلطة قروسطية انقضى اوانها، فالجيش اليوم ليس جيش (أمراء) بل جيش (جنرالات)! وعلاقته بالدولة تختلف كليا عن دور الجيوش القديمة. فالحاكم القديم كان يقطع (أمراء) جيشه اقطاعاتهم ويمنحهم مزاياهم، أما الدولة الحديثة فمحكومة بقوانين أخرى وتراتبيات مختلفة ومنها مؤسسة الجيش. هذا ما لم ولن تفهمه الأحزاب الدينية بحكم ايديولوجيتها المتخلفة عن قوانين العصر الحديث ومتغيراته، حيث تقف مذهولة أمام هذا التحالف الواسع الذي نهض ضدها، وهذا ما يمكن أن يدفعها إلى ارتكاب حماقات كارثية، ولن تنسحب من المشهد إلاّ وقد كبّدت مجتمعاتها أثمانا باهظة، وأنهارا من الدم.

وأخيرا هل يعني هذا أن لا تناقضات بين (الجنرالات) والقوى المدنية في المجتمع؟ بالتأكيد إنها منتهى السذاجة لو تم النظر إلى الأمور بهذا الشكل. فالتناقضات موجودة وكثيرة، ولكنها محتجبة اليوم وراء محور الصراع والتناقض الرئيسي، وما أن ينتهي حسم الصراع الحالي، حتى ستتضح التناقضات بين الرؤية التقليدية ل(الجنرالات)، وبين الرؤية العصرية الطموحة لفئات الشعب وأهمها هي فئة الشباب. ولكن ليس من الإعتبارات الموضوعية أو (البريئة!) في المرحلة الحالية من الصراع، التنديد بالجيش وتحركه، والتخويف منه وتصويره على أنه (انقلاب)، مادامت مؤسسة الجيش تسهم حاليا في الصراع متحالفة مع قوى التقدم ضد قوى التخلف والظلام. ولا خوف ابدا بعد اليوم على شعب تعلم أفراده أن يغادروا حالة (الرعايا)، إلى المطالبة بكون جميع أفراد الشعب (مواطنين)، سواء كانوا حكاما أو محكومين. ودليل حيوية ووعي هذا الشعب أنه قد أرسل إثنين من رؤوسائه إلى وراء القضبان وبوقت قياسي!!! أن شعبا كهذا سيكون قادرا حتما أن يوضّح ل(جنرالاته) حدودهم ويكبح طموحاتهم، أيضاً، ويضع حدا لتجاوزهم إن بدر منهم تجاوز ما في المستقبل!

فالأفراد الذين خرجوا على ((النص)) لن يعودوا إلى أقفاصهم بعد اليوم. إنّ الشعب بوعيه يرتقي اليوم درجة نوعية، والحكّام والنخب يهبطون درجات!



#نبيل_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصف الأشواق
- عَشَرات
- جدل الشوق والشقاء
- بعد البحر دخلنا الدغل
- ديمقراطية الميادين!
- صروح وجروح
- الموت السعيد!
- مأزق الربيع العربي
- شجرة التوت
- فائض القهر
- الخيول الحمر
- ما فضّ عشقكَ مثل شِعركَ
- بغداد
- أنتِ والمطرُ
- حُلُمٌ يمصّ حَلَمَةَ الليل
- قهوة وخمر !
- ناظم حكمت... الأجمل يصل وطنك أخيراً !
- الجمال والايروس والحياة
- الفردوس البشري
- السماء في مدينتي


المزيد.....




- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-
- تظاهرات لعائلات الأسرى الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو الخاص ...
- جامعة كولومبيا تعلق المحاضرات والشرطة تعتقل متظاهرين في ييل ...
- كيف اتفق صقور اليسار واليمين الأميركي على رفض دعم إسرائيل؟
- لا مناص من نضال جماهير النساء لفرض قانون أسرة ديمقراطي يكرس ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نبيل محمود - رئيسان وراء القضبان! والشعب في الشوارع..