أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر حسين - سقوط المثقف ، نهوض الجلاد !















المزيد.....

سقوط المثقف ، نهوض الجلاد !


جابر حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4166 - 2013 / 7 / 27 - 00:34
المحور: الادب والفن
    


" ليس الإنساني هو من يشفق فقط علي الضحية البائسة ، ويتحسر علي ان القتل يوجد علي الأرض ... ، وإنما الإنساني هو من يساعد علي إبعاد يد القاتل ، وإنتزاع إمكانية الإضرار من أرادته " !
- شولوخوف -

1 :
إبراهيم أسحق إبراهيم ، أحد أبرز الوجوه في القصة والرواية في السودان . ولد بقرية
" ودعة " في محلية " كلمندو " بولادة شمال دارفور العام 1946 . هو إذن من أهل دارفور في غرب السودان ، ذلك الأقليم التعيس الذي تقصفه الآن طائرات النظام الحاكم بصورة وحشية ومنتظمة فتشرد الآلاف منهم في الشتات والمسغبة ، نفس هذا النظام الديكتاتوري الدموي هو الذي قضي بانقلاب عسكري علي الديمقراطية العام 1989 ، ولايزال يسوم الشعب السوداني الفقر والجهل والمرض ويقهره بآلة القمع الرهيبة في سجونه وزنازين أمنه التي سماها الشعب " بيوت الأشباح حيث يمارس التعذيب فيها بأبشع الصور وأكثرها نذالة وخسة ، ورئيسه هو نفسه المطلوب للعدالة الدولية بتهمة أرتكاب جرائم حرب في ذات الأقليم ، تلك الجرائم المهولة التي شاهدها العالم كله ووثقتها تقارير دولية ومنظمات الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية !
نال القاص والروائي أسحق دبلوم المعلمين العالي العام 1980، والماجستير في الفلكولور العام 1984 من جامعة الخرطوم التي سبق وتخرج فيها . ثم أصبح لفترة محاضرا بالجامعة الأسلامية بأمدرمان ، ثم هاجر إلي السعودية ليقوم بالتدريس في الثانويات السودانية هناك ، وصار مسئول الأصدارات في مجلة " عالم الكتب " ، وعاد للسودان ليصبح رئيس اتحاد الكتاب السودانيين العام 2008 ، تلك المؤسسة التقدمية المحترمة ذات الدور الثقافي والفكري المشهود في المشهد الثقافي ، وكان الأتحاد – من ضمن اتحادات ونقابات ومنظمات وأحزاب عديدة – قد حلت ومنعت أنشطتها وطوردت وعاني أعضائها السجون والمعتقلات ، ومن بعد ،
أصبح أسحق عضوا ب " مجلس تطوير وترقية اللغات القومية " ، وهو ، في الواقع ، مجلسا لأقرار تصور الأسلاميين الغلاة في حياة وثقافات شعوب السودان ، ويتبع المجلس لرئاسة الجمهورية !
إبراهيم أسحق ، قاص وروائي مبدع ، وله مؤلفات مرموقة منها :

مؤلفاته في الرواية:[
- حدْث في القرية، صدرت عن إدارة النشر الثقافي، وزارة الثقافة والإعلام، الخرطوم، عام 1969م.
- أعمالُ الليلِ والبلدة، عن دار جامعة الخرطوم للنشر، عام 1971م.
- مهرجانُ المدرَسَةِ القديمة، عن إدارة النشر الثقافي، وزارة الثقافة والإعلام، الخرطوم، 1976.
- أخبارُ البنت مياكايا، نشرت كاملة في مجلة الخرطوم عام 1980، قبل أن تصدر أخيراً (مايو 2001) عن مركز الدراسات السودانية – الخرطوم / القاهرة.
- وبال في كليمندو، نشرت في جريدة الخرطوم عام 1999، قبل أن تصدر أخيراً (أكتوبر 2001) عن مركز الدراسات السودانية – الخرطوم / القاهرة.

مؤلفاته في القصة القصيرة:
- ناس من كافا- مجموعة قصص- مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي- العام 2006م- الخرطوم.
- عرضحالات كباشية- مجموعة قصص- هيئة الخرطوم للصحافة والنشر - العام 2011- الخرطوم.
- حكايات من الحلالات.
هذا أضافة إلي العديد من الدراسات والكتابات النقدية ، أسحق ، إذن ، روائي وقاص ومثقف فاعل في الحياة الثقافية في بلاده . يقول عنه أديب السودان الكبير الراحل الطيب صالح :
" إبراهيم اسحق‏ كاتب كبير حقا‏,‏ رغم أنه لم يعرف بعد على نطاق واسع‏,‏ وقد اكتسب سمعته الأدبية بعدد قليل من الروايات الجميلة مثل روايته حدث في قرية ومهرجان المدرسة القديمة وحكاية البنت مايكايا وهي روايات قدمت لأول مرة في الأدب السوداني‏,‏ صورا فنية بديعة للبيئة في غرب السودان‏,‏ وهو عالم يكاد يكون مجهولا لأهل الوسط والشمال‏.‏صمت إبراهيم اسحاق زمنا طويلا واختفى عن الأنظار‏,‏ وقد لقيته منذ ثلاثة أعوام في الرياض في المملكة العربية السعودية‏,‏ حيث يعمل مدرسا وجدته إنسانا دمثا طيبا مثل كل من لقيت من أهل غرب السودان‏,‏ وواضح من روايته هذه وبال في كليمندو أنه لم يكن خاملا‏,‏ بل كان يفكر ويكتب طوال فترة صمته الممتدة‏.‏إنني لسوء الحظ‏,‏ لم أعرف غرب السودان كما يجب‏,‏ أبعد نقطة وصلت إليها كانت الأبيض عاصمة إقليم كردفان‏,‏ وزرت جبال النوبة منذ أمد بعيد‏.‏ لذلك حين أقرأ روايات إبراهيم اسحق‏,‏ وأيضا القصص القصيرة الجميلة للمرحوم زهاء طاهر‏,‏ أحس بالحسرة لأنني لم أتعرف أكثر علي ذلك العالم البعيد العجيب‏".
هذه شهادة كبيرة في حق أسحق ، لا شك يستحقها ، فهو قاص وروائي ممتاز علي أية حال !

2 :
قصدت بهذه المقدمة التعريف بالروائي والقاص لدي من يجهلون قدره الثقافي والمعرفي ، ولو كان ضئيل الشأن فيهما ما ألتفتنا إليه ! وبعد ، فماذا جري من هذا المثقف والمبدع الكبير؟ سأحكي ما أحزنني ، وكان مصدر " بلبلة " وتساؤلات شتي في الوسط الثقافي في السودان :
يوم 32/7/2013 تم بالعاصمة السودانية الخرطوم تكريم إبراهيم أسحق بواسطة رئاسة الجمهورية في أطار مشروع " تواصل " الذي أبتدرته السلطة الديكتاتورية لإستمالة المثقفين وتأطيرهم في نهجها الأقصائي العنصري وفق رؤياها للثقافة والمثقفين المشروع تحت رعاية النائب الأول علي عثمان محمد طه أحد أبشع وجوه المتأسلمين في النظام ، ويشرف عليه
د . المختار حسن حسين وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء . أما وجهاء النظام من الحضور ، فقد كان منهم : التجاني السيسي رئيس السلطة الأنتقالية لأقليم دارفور ،
د . عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم ، د . أمين حسن عمر وزير الدولة برئاسة الجمهورية، محمد بشارة دوسة وزير العدل ، د . محي الدين تيتاوي رئيس أتحاد الصحفيين السودانيين ، والممثل علي مهدي . أما من تحدثوا في المنصة فهم : شاعرة النظام بإمتياز
روضة الحاج ، والخادم الصحفي محمد محمد خير الذي كأفاه النظام بأن جعله ملحقا ثقافيا بأحدي سفارات السودان ، والكاتب المسرحي عبد الله حمدنا الله ، والمهندس آدم عبد الرحمن ممثلا لأسرة أسحق ! كل هؤلاء هم من الوجوه القميئة للنظام ، مشهود لهم بالخدمة
" الممتازة " للنظام في الحقل الذي يدعون أنهم منه ، حقل الثقافة والإبداع ، وهم يحملون إليه نصالا مسمومة يطعنون بها جسد الثقافة ، ويشوهون واقعها وجديدها الذي هو في النضال ضد الديكتاتورية وتشويهها عقول الشعب بادعائها التدين الكاذب ، هم نفس أخوان مصر الذين رفضهم الشعب المصرعة وأعلن الثورة ضدهم ، وهم نفسهم الذي يناضل الشعب السوداني لأكثر من عقدين ضد نظامهم وسلطتهم الدموية الفاسدة !
أعرب ، في ذلك التكريم ، أسحق عن : " تقديره لما تقوم به الحكومة من تكريم للمبدعين
والإبداع ، ومشيرا أن وزارة الثقافة كانت قد نشرت له ثلاث كتب ، مشيرا للمساندة الكبيرة التي وجدها من الشخصيات والمؤسسات في هذا الصدد ، مضيفا إلي أن الإبداع هو صناعة علم موازي للواقع ويعبر عن وجدان الشعب " ! *

3 :
تري ، ما الذي يجعل مثقفا ، قاصا وروائيا في السابعة والستين من عمره ، بعد هذه الرحلة الطويلة في الكتابة والإبداع ، أن يضع يده مصافحا الجلاد ، بيديه الملطختين بالدم والحقارة والأجرام ، ما الذي يجعله يكون وسط هؤلاء الأوغاد فيتلقي منهم التكريم ؟ لست أدري ما منحوه له ، لكن هذه اللوحة التي يظهر في الصورة يتلقاها من رئيس النظام ، هي وحدها لتصور كيف كرموه ، ولم كرموه ! هي التي جعلتني في الحزن علي موقف مثقف كبير يشأ أخيرا أن يضع يده في يد الجلاد ، يتلقي تكريما منه ، وتجعلهما الكاميرا المحايدة معا ، ومن ذم يمتدح نظام الديكتاتورية الذي " يكرم المبدعين والإبداع " ، والمعروف لكل شعب السودان ، وللعالم أيضا ، أنه ما مر ، علي طول تاريخ السودان ، نظاما أجحف في حق الثقافة والمثقفين وأدوات الثقافة والإبداع بأكثر مما فعل هذا النظام ! نطرح السؤال هنا إلي الملأ ، ولا نقول في أسحق إلا ما شهاده الجميع وعرفه ، وأحتار منه !

4 :

ليست هنالك وقتا كافيا لنضيعه
المعذرة يا إبراهيم
ليكن الرب معك
وأنا أرجو أن يكون كذلك
عسي أن يكون
أنها ليلة مغلقة بسوادها ،
دبقا كالصمغ ...
ليس فيها قمر
والأشجار تجعل ظلالها سوداء
والسبت أسود
والثقافة في ضمير بعض الناس
سوداء
وذاك المنبر- في حفل التكريم -
أسود
والديكتاتور أسود
و ... يده سوداء ... سوداء !
إبراهيم أسحق إبراهيم :
وداعا !
---------------------------------------------------------
* حديث إبراهيم نشرته : وكالة السودان للأنباء / سونا ، الحكومية يوم
الأربعاء الموافق 24/7/2013 في نشرتها وفي موقعها بالنت .



#جابر_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العفيف : هل يموت من كان يحيا كأن الحياة أبد ؟
- تحب الجوري و... يحبها !
- الشاعرة في تشكيل الرؤي ونسج اللغة ...
- كيف تراه الشعر ، سألتني ؟
- أطوارها سريالية ...
- جسديات ... 4
- ثلاث آهات في الألم ...
- إلي شاعرة ...
- كيف قتل ألتوسير زوجته هيلين ؟
- أيكون سرابا حبها ؟
- وجع المساءات ... !
- عودة الرسام إلي حبيبته ...
- العفيف الأخضر ، هل حقا أنتحر ؟
- جسديات ... 3
- الحب والزيجات عبر الأنترنت هما الأكثر سعادة ...
- فينوس منحتها وجهها ...
- في عناقها ...
- رامبو ، قديس في الشعر ، تاجر في الحياة !
- أنا و ... أمي !
- في رسائلنا زهور ...


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر حسين - سقوط المثقف ، نهوض الجلاد !