أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد سعد - عالبروة رايحين!














المزيد.....

عالبروة رايحين!


احمد سعد

الحوار المتمدن-العدد: 1192 - 2005 / 5 / 9 - 11:38
المحور: الادب والفن
    


"أم صلاح" آمنة الشطاوي لا تزال وردة مفتحة لم تستطع اعاصير النكبة حنْيَ قامتها المنتصبة او ازالة بريق جمالها الفتان الذي جنّن فيما مضى شباب بلدنا المهجرة. مروتها خفيفة ولسانها عسل مع الحق ولسعة دبور وعر مؤذية مع الباطل. متطوعة دائما في مساعدة الجارات في الطبيخ والنفيخ، لا منافس لها في سرعة رق العجين، الشوبك يتراقص بين يديها مثل آلة موسيقية، تنافس اليركاويات في سرعة خبيز خبز الصاج الملوّح، محبوبة من جميع نساء القرية الا من "خديجة الطه" تكرهها على العمى وتلقبها "بالكوبرة" فآمنة من كويكات وتزوجت في البروة، وكوبرة اختصار مدموج للكلمتين، وخديجة لقبتها بالكوبرة، الحية السامة، لان آمنة غسلتها بهدلة على قد المقام في "بيت المسنين"، حضر مسؤول من قسم الرفاه الاجتماعي، اخذت خديجة تتشخلع امامه، وتتمايع في حديثها، تغمز باعينها، وتترقوص بلباسها المزلط مع انها تجاوزت السبعين عاما وتسبح بحمد الحكومة على رعايتها للعرب والمسنين.
لم تتحمل ام صلاح خلاعتها همست بصوت يسمعه الاطرش "شايبة وعايبة وعينها زايغة، من برة هللّه هللّه ومن جوّه يعلم الله، عايشين في النعم يا موجهنة"!! سمعتها خديجة وانطلقت مثل الشلقة تردح لآمنة من الزنار وتحت، ومن يومها حكم العداء والكره بينهما.
لم افاجأ عندما وجدت ام صلاح تحتضن بارجلها طبلية العجين والشوبك يتلاعب بين يديها محولا قطع العجين الى قرص مدور عالبيكار. جاءت لمساعدة زوجتي في تحضير المناقيش بالزعتر، فزغاليلنا كبرت وطيّر ريشها وطارت طلبا للعلم في المشرق والمغرب. وزوجتي حضرت عجنة تطعم مناقيشها فرقة كاملة من الجيش. وزوجتي يرتاح بالها برفقة ام صلاح، عندما تلتقيان تنفتح قريحتهما على طزع الحكي دون اخذ نفس، لو كان لسان كل منهما يتمتع بحقوق المواطن لطلب من العدالة انصافه بحق الراحة والاستراحة من الارهاق.
كعادتها سألتني عن اخبار الدنيا، لاحظت ان عقلها شارد بعيدًا غائبة في دنيا بعيدة، سألتها على أي شاطئ رسيت يا شطاوية؟ هرّت الدموع من عينيها مثل حب البرد، وبعد ان مسحت بكمة جلبابها دموعها، قالت، اتشاءم يا ابن بلدنا من ايار النحس، ما شفت منه الا المصائب. في شهر ايار يوم ما وقعت حنيفة النجم عن ظهر سطح دارهم وانطرشت غرق ابني سعيد في بحر عكا وكان عمره عشر سنوات، تخاصمت مع زوجي وطلقني. تزوجت من محمود العبدالله، رزقنا بذكر سميناه صلاحا عّل العلي القدير يصلح حالنا وببنت سميناها "أمل" ضيعنا امل في شهر أيار المصائب، حصدها المرض الخبيث، ماتت يوم ما انتقم جيش الانجليز من ثوار بلدنا بتقطيع الصبر ووضعه على صدورهم العارية والتخفيش على اجسادهم ببساطيرهم. ومصيبة المصائب يا ابن بلدنا كان ايار النكبة يوم ما هججونا من البلد وهدموا البروة، ربنا ينتقم من الصهاينة، هججونا قبل عرس ابني صلاح، بشهر واحد، كنا مجهزين كل شيء للفرح، البرغل للكبة والرز للاوزة وعشرة مخاصي من الماعز وعلول بقر للمعازيم، وحتى كنا رابطين على حادي بلدنا وفلسطين، اسعد عطا الله لتعمير صف الحدادي، حرمونا الفرحة، الله يحرمهم من يوم فرحة.
– عهدي بك يا ام صلاح قوية وايمانك راسخ بان الحق لا يضيع "مالك اليوم راكبك قرد التشاؤم وولولة الضعيف!
- صحيح ان ملاكك عجول يا ابن بلدنا، لو بصبر الانسان بستغني، بيني وبين نفسي دائما اقول يا آمنة فقدت ابنتك امل ولكن لن تفقدي ابدا الامل يوما بانتصار الحق والعدل، واهلك بعدهم عايشين يا بروة، على المحطات منتظرين، صحيح مشتتين ولاجئين ومهجرين، لكنهم براونة للابد، والحق بالوطن لا يفرط به. ونحن على موعد معك يا بروة في ذكرى النكبة وحتى يوم العودة.
- يعني رايحة السنة كمان على البروة، صحتك تسمح لك المشي في الهشير يا ابنة الثمانين!
- نسيم البروة يشفي العليل، عالبروة رايحين وان شاء الله راجعين، ولعلمك يا اسمر اللون سأشارك مع اخوتنا المهجرين في مسيرة العودة الى هوشة والكساير، وانت رايح.
- كلنا يا ام صلاح على البروة وهوشة والكساير رايحين يوم الخميس المقبل.



#احمد_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في أول ايار 1958: الشيوعيات الكفرساويات يخترقن الحصار!
- رسالة شارون في -عيد الحرية- عبودية!
- خطة شارون – نتنياهو الاقتصادية عمّقت فجوات التقاطب الاجتماعي
- مدفع نمر وصمدة ذيبة
- طَرْش العنصريين وصمة عار للرياضة
- رمانة أم الفهد عصيّة على الموت
- في ارجوحة المخططات التآمرية التصفوية: ألصراع على الحق بالوطن
- يوم الأرض مش يوم خبيصة
- ماذا تمخّض عن قمة الجزائر؟
- بعد سنتين من احتلال العراق: لا بديل لإنهاء الاحتلال الانجلوا ...
- الصمود والوحدة والتضامن
- عنزة ولو طارت
- على ضوء لقاء الاحزاب الثلاثة في عمان: مبادرة الانطلاقة
- حين يلعب الاحتلال بالقانون الدولي!
- ألقاموس الثقافي- لاستراتيجية الهيمنة الامريكية – الاسرائيلية
- المجلس القطري للحزب الشيوعي الاسرائيلي: قضايا ومهام من منتج ...
- لإزاحة غمامة الشؤم الكارثية من سماء المنطقة
- هل تخرج جريمة اغتيال الحريري من اطار مخطط العدوان الاستراتيج ...
- في مؤتمره السابع عشر ألحزب الشيوعي اليوناني يطرح استراتيجية ...
- ألانتخابات العراقية في موازنة الواقع وآفاقه


المزيد.....




- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 67 مترجمة على موقع قصة عشق.. تردد ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد سعد - عالبروة رايحين!