أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام آدم - ما الغاية من حياتنا وما الهدف منها بلا دين؟















المزيد.....

ما الغاية من حياتنا وما الهدف منها بلا دين؟


هشام آدم

الحوار المتمدن-العدد: 4163 - 2013 / 7 / 24 - 18:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كثير من المُتدينيين يُمارسون نوعًا من الشفقة والرثاء المُصطنع ضد اللادينيين والمُلحدين، على اعتبار أنَّهم يعيشون على هامش الحياة، ولم يفهموا الهدف السَّامي من وراء وجودهم أحياء على ظهر هذا الكوكب. يروننا كائنات بعيدة عن "الله" وعن مُتعة القرب منه، وعوضًا عن اختيار هذا الهدف النبيل، وهذه القيمة الإنسانية السَّامية-;- قرروا أن يعيشوا ليأكلوا ويشربوا ويموتوا تمامًا كما تعيش البهائم دون أن تُدرك القيمة الحقيقية لهذه الحياة أو أن تستبصر الخطة الإلهية المرسومة لنا من أجل أن تمنحنا حياةً أبديةً وسعيدةً قريبًا منه ومن قداسته. في هذا المقال سأحاول كشف النقاب عن هذه الغائية وهذا الهدف المزعوم، لنعرف أيُهما يجدر به أن يشعر تجاه الآخر بالرثاء والشفقة: المُتدينون أم اللادينيون.

الحقيقة البديهية التي لاريب فيها أنَّ حياتنا هذه هي مُجرَّد صُدفة جميلة ولن تتكرر، كما يقول أحد أصدقائي، ومن العبث والسَّذاجة أن نفترض الغائية من وُجود شيء لم يُوجد إلا بالصدفة المحضة، ولكنها دوائر الوهم التي يُحب المُتدينون العيش داخلها لأنَّها، بطريقةٍ ما، تُشعرهم بالسعادة والأمن والامتياز. وفي سبيل توصيل فكرتي بشكلٍ أكثر دقة، سوف اضرب مثالًا تمثيليًا لتقريب الصورة إلى مستواها الحقيقي.

ياسر شابٌ في مُقتبل عمره، كان يعشقُ فتاةً تسكن في ذات العمارة التي يقطن فيها. تبادلا نظرات الحب والغرام، وتقابلا سرًا بعيدًا عن أعين الوشاة. تعاهدا على الزواج، ورسما الخطوط العريضة لحياتهما، وقررا أن يُنجبا طفلين: ذكرًا وأنثى، واتفقا على تسميتهما: أحمد ومنى، وكان سعيدًا حتى ذلك اليوم الذي تفاجأ فيه بزواج حبيبته من رجل غني ورحيلها معه إلى عالمه. عانى ياسر من صدمةٍ عاطفيةٍ قويةٍ جعلته يكره كل الفتيات ويتعامل معهن بطريقةٍ لم يعتد عليها من قبل.

بعد مرور عامين تعرَّف على فتاةٍ أخرى استطاعت أن تجعله ينظر إلى الحياة بتفاؤل مُجددًا. تسللت هذه الفتاة إلى قلبه بخفقةٍ مُدهشة، ولم يمض وقتٌ طويلٌ حتى تزوجا وعاشا معًا واتفقا على أن يُنجبا طفلين: ذكرًا وأنثى، واتفقا على تسميتهما: أحمد ومنى. ومرَّت حياتهما هادئةً بلا شيء يُكدِّرها على الإطلاق.

إذا افترضنا أنَّ ياسرًا وزوجته كانا سليمين وبإمكانهما الإنجاب فعلًا، وإذا افترضنا، كذلك، أنَّ نتاج المُعاشرة الزوجية الناجحة سيكون مولودًا ذكرًا، وليس أنثى أو زوجًا من التوائم، فإنَّه ولاشك سيُسمَّى (أحمد)، ولكن كيف سيأتي أحمدٌ هذا؟ من المعلوم أن الرجل السليم عند القذف أو مرحلة الشبق Orgasm يُخرج ملايين الحوينات المنوية التي تنطلق من مكانهما في الخصيتين عبر القضيب لتأخذ طريقهما داخل مهبل المرأة في صراعٍ محمومٍ بين ملايين الحوينات المنوية لتخصيب بويضةٍ واحدة. وإذا افترضنا أن عدد الحوينات المنوية التي سوف تنجح في الوصول إلى البويضة لتتنافس على تلقيحها هي 1000000 حوين منوي، فإنَّ احتمالية نجاح حوين واحد في اختراق جدار البويضة وتخصيبها هو 1/1000000 وهي نسبةٌ ضئيلةٌ جدًا، ولكن ضآلة هذه النسبة لا تعني العدم أو الاستحالة فدائمًا هنالك حوين منوي ينجح في هذا الصراع المحموم باختراق جدار البويضة وتلقحيها.

وإذا رقمنا الحوينات المنوية من 1 إلى 1000000 فأي هذه الحوينات يُمكن التكهن بنجاحه في تخصيب البويضة؟ لا أحد بإمكانه التكهن أبدًا، ولكننا فقط نعلم أن حوينًا واحدًا فقط هو من سينجح في ذلك، وطالما أنَّنا استبعدنا في مثالنا هذا إنتاج مولود أنثى، وحصرنا مثالنا هنا في إنتاج مولود ذكر، فإنَّنا سوف نصل إلى نتيجةٍ مُفادها أنَّ هنالك 1000000 أحمد مُرشح في هذه العملية، لأنَّ سمات كل مولود سوف تتحدد بناءً على نوع الحوين المنوي الذي سوف ينجح في تخصيب البويضة، والناتج أنَّ الحوين المنوي رقم 7441 لو نجح في اختراق البويضة سوف يُنتج لنا مولودًا مُغايرًا عن المولود الذي سوف ينشأ عن تلقيح البويضة بواسطة الحوين المنوي رقم 112 أو 902 أو 882 أو أيٍّ من الحوينات المنوية في هذه العينة المكونة من 1000000 حوين منوي.

وإذا افترضنا أنَّ الحوين المنوي رقم 1023 هو من نجح أخيرًا في تلقيح البويضة، ونشأ عنه مولود ذكر، هو في آخر الأمر (أحمد) المُنتظر، فإنَّ ذلك سيكون قد حدث بالصدفة المحضة، لأنَّ هذا الأحمد بهذه السِّمات التي أصبح عليها كان من المُحتمل جدًا ألا يكون، فقط إن كان والده ياسر قد تزوَّج من الفتاة الأولى أو أيّ فتاةً أخرى غير تلك التي تزوَّجها، والأكثر من ذلك أنَّه ما كان له أن يكون لو لم ينجح الحوين المنوي رقم 1023 تحديدًا في تلقيح تلك البويضة تحديدًا، فأي صدفةٍ عظيمةٍ ونادرةٍ تلك!

عندما يكبر أحمد ياسر لأبوين مُسلمين أو مسيحيين أو هندوسيين، سوف نجده يستخدم حجة الغائية والهدف السَّامي من وراء وجوده، دون أن يفطن إلى أنَّ وجوده نفسه كان صدفةً مُدهشة كان من الممكن لها جدًا ألا تكون، وأنَّ احتمالية وجوده كانت تقترب من العدم والاستحالة. ولكن هل هذا يعني أنَّ حياتنا بلا معنى وبلا هدفٍ فعلًا؟

الحقيقة، أنَّ كل واحدٍ فينا بإمكانه أن يرسم أهدافه في هذه الحياة كما يُريدها هو، وليس كما خُطط لهامُسبقًا، وسوف تكون هذه الأهداف مبنيةً على ميولنا الشخصيَّة ورغباتنا الذاتية، كُلٌ فيما يبرع فيه، ومن المُعيب فعلًا أن يكون هنالك إنسانٌ بلا هدف في هذه الحياة. ولهذا أقول-;- أحبوا أنفسكم، اشتغلوا عليها، وطوروا مهاراتكم. كونوا نافعين لعوائلكم ومُجتمعاتكم. ساعدوا الفقراء، أحبوا زوجاتكم، وربوا أطفالكم جيدًا ليكونوا، أيضًا، صالحين لمُجتمعهم، ذلك خيرٌ من أن تغرقوا في الوهم، وتعتقدوا أنَّ الهدف من حياتكم هو ليس الحياة هنا وإنَّما الحياة في مكانٍ آخر بعد الموت! فهذا لهو السخف بعينه. نحن الذين نخلق أهدافنا لأنفسنا، ومن يعتقد أنَّ المُلحدين أو اللادينيين يعيشون بلا هدف واهمون مرتين: فمرَّةً عندما ظنّوا ذلك، ومرةً عندما ظنوا أنَّ التعلق بأستار الوهم قد يكون هدفًا ساميًا ونبيلًا، وفي المرَّة القادمة، عزيزي، المُتدين، عندما تتهم مُلحدًا بأنَّه بلا هدف في هذه الحياة، تذكر أنَّك تتكلَّم عن نفسك، فالمُتدينون هم الذين لا يُخططون لأيّ حياةٍ في هذه الحياة لأنَّهم مُنهمكون في التخطيط لحياةٍ يعتقدون بوجودها بعد الموت، كم هو مُحزنٌ ذلك، ومُثيرٌ للشفقة في الوقت ذاته.



#هشام_آدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هولي بايبل يحرق مراكب العودة - 2
- بين محمَّد ومُسيلمة الكذاب
- هولي بايبل يحرق مراكب العودة
- دردشة فقهية: حدّ الرِّدة في الإسلام
- عن العلمانية مرَّة أخرى
- الحواس التوأمية للإنسان
- انفجار .. فجأة .. صدفة .. تطوّر
- السَّببية مقبرةُ الإله
- فنتازيا التطوُّر
- دردشه فقهية: تعدد الزوجات
- خرافة التكليف الإلهي للإنسان
- كوانتم الشفاء
- شرح وتبسيط لنظرية التطوّر
- لا تناظروا المسلمين حتى ...
- العلم من وجهة النظر الدينية
- في الرد على د. عدنان إبراهيم - 3
- في الرد على د. عدنان إبراهيم - 2
- في الرد على د. عدنان إبراهيم - 1
- بين موت المسيح وقيامته
- تفسيرٌ غير مُقدَّس لنصٍ مُقدَّس


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام آدم - ما الغاية من حياتنا وما الهدف منها بلا دين؟