|
حسن الكتاني السلفي الذي يمس بثوابت الشعب المغربي .
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 4163 - 2013 / 7 / 24 - 07:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وضعت الأزمة السياسية التي فجرها عزل مرسي من رئاسة مصر بسبب تغوّل الاستبداد الإخواني ، موقف التيار السلفي من ثوابت الشعب المغربي تحت المجهر ، كما وضعت مسألة المراجعات التي سبق وأعلنها شيوخه ، من داخل السجن كما من خارجه ، موضع السؤال عن حقيقتها ومداها . فأن يعلن أي تيار سياسي أو إيديولوجي موقفه السياسي المؤيد أو الرافض لعزل مرسي ، أمر يكفله الدستور والقانون الجاري بهما العمل في المغرب . لكن أن يتجاوز الأمر حدود التعبير السياسي ليمس بثوابت الشعب المغربي الذي أجمع عليها بمختلف قواه السياسية والمدنية ، فمسألة تستدعي الحذر وإعادة النظر في طريقة التعامل ، سياسيا وقانونيا ، مع الأصوات النشاز التي تشكك في الثوابت وتجعل منها مدخلات للفتنة الطائفية والمذهبية التي عصفت بوحدة كثير من شعوب الشرق الأوسط . مناسبة هذا الحديث ما صدر عن الشيخ حسن الكتاني من تغريدات تثبت موقفه الحقيقي من الديمقراطية كنظام سياسي ومشروع مجتمعي أجمع عليهما الشعب المغربي بكل قواه الحية . فقد كتب "الديمقراطية نظام علماني و لا يصلح للمسلمين".ومدلول هذه العبارة وأبعادها يمسان مباشرة بالدستور المغربي الذي يمنع ، في فصله السابع ، المساس بالمبادئ الدستورية والأسس الديمقراطية . وما يزيد من خطورة موقف الكتاني هذا ، أن الرجل عضو قيادي في هيئة سياسية ـــ حزب النهضة والفضيلة ـــ ورئيس "جمعية البصيرة" . لو أن التصريح بمعاداة الديمقراطية صدر عن مواطن عادي يمكن التغاضي عنه لانعدام تأثيره على النظام العام ، لكن أن يصدر عن عنصر قيادي في حزب سياسي تأسس وفقا للدستور ويشارك في الحياة السياسية وينافس من أجل العضوية في المؤسسات التشريعية والتنفيذية ( البرلمان والحكومة ) ، فالمسألة تستدعي تحركا عاجلا من أجل المساءلة والاستفسار ، تقوم بهما جهتان رسميتان : الأولى هي الهيئة الحزبية التي ينتمي إليها ويحتل العضوية في هرم قيادتها ، باعتبار أن تصريحاته تضع الحزب في حالة صدام مع الدستور وثوابت الشعب المغربي . إذ كيف لهذا الحزب أن يقبل في عضويته أشخاصا لا يؤمنون بثوابت الشعب ولا يحترمون مبادئ الدستور . فإما أن الحزب يوافق الكتاني في مناهضته للديمقراطية ، وفي هذه الحالة يضع الحزب نفسه وهياكله خارج الدستور وفي صدام وخرق للقانون ،الأمر الذي يستدعي حلّه ؛ أو أن الحزب لا يوافق على قناعة عضوه القيادي حسن الكتاني ، وفي هذه الحالة يتوجب إتباع المساطر التأديبية التي ينص عليها القانون الداخلي للحزب . ولحد كتابة هذه السطور لم يصدر عن قيادة الحزب أي رد فعل تجاه تصريحات الكتاني . أما الجهة الثانية المطالَبة بمساءلة الكتاني وهيئته الحزبية ، فهي وزارة الداخلية باعتبارها الجهة المسئولة عن الترخيص للأحزاب ومراقبة مدى التزامها بمقتضيات القوانين وبنود الدستور . ذلك أن تصريح الكتاني في موضوع الديمقراطية يمس مباشرة ، ليس فقط بثوابت الشعب المغربي ، بل بهيبة الدستور والدولة ويطعن في الدور الدستوري لإمارة المؤمنين في حماية الملة والدين . فالدولة التي لا تصون دستورها وقوانينها من الطعن والتسفيه والمساس بها علنا من طرف شخصية حزبية مسئولة ، هي دولة فاقدة للهيبة أو على وشك ذلك. وإذا كان الكتاني دعا الرئيس المصري المعزول بالضرب، بكل قوة وحزم ،على أيدي "الذين يسقطون هيبته من قلوب الناس، لان الدول تقوم بالهيبة و ذهاب الهيبة هو ذهاب للدولة كلها" ، فإن تغريدات الكتاني نفسها تمس بهيبة الدولة ومؤسساتها الدستورية ؛ بل تتجاوزهما إلى الطعن في عقيدة المغاربة ووظيفة إمارة المؤمنين . ذلك أن الحكم بأن "الديمقراطية نظام علماني و لا يصلح للمسلمين"، فيه اتهام صريح للمغاربة بقبولهم التخلي عن عقيدة الإسلام لصالح النظام الديمقراطي . وهذا استهجان للمغاربة واستخفاف بمشروعهم المجتمعي الديمقراطي الذي توافقوا عليه والتزم الملك بالدفاع عنه وإرساء دعائمه . كما أن موقف الكتاني من الديمقراطية هو تطاول بالطعن والتسفيه في حق إمارة المؤمنين نفسها من حيث كونها تدعم الديمقراطية وتشيعها نظامها "العلماني = الكافر" في مجتمع مسلم تتعارض عقيدته الدينية مع هذا النظام . وكأننا بالشيخ السفلي يتهم الملك ، بصفته السياسية (= رئيس الدولة ) وبصفته الدينية (= أمير المؤمنين ) بإفساد عقيدة الشعب المغربي عبر نشر قيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان واستنباتهما في بيئة إسلامية تتعارض عقيدتها مع تلكم المبادئ . وتصريحات الكتاني هذه تفتح بوابة أخرى أمام الاستبداد المتوحش الذي لا يؤمن إلا بالبطش والقتل ضد كل أشكال المعارضة . فالحاكم الذي يريده الكتاني ويدعو له هو الذي" يجب أن يكون حازما ، قويا ، ولذا شرعت الحدود الشديدة لردع الجناة و ترهيب غيرهم". وهذا دليل آخر على كون مراجعات الشيخ الكتاني لم تمس عقائده المتطرفة التي لازال مخلصا لها .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشرعية الثورية أصل كل الشرعيات .
-
مرسي لم يقرأ ميكيافلي ولم يستوعب نصيحة مانديلا.
-
القانون الجنائي المغربي يكرس التمييز ضد المرأة.
-
خلفيات وأبعاد انضمام السلفيين إلى حزب النهضة والفضيلة .
-
حكومة العجز والتأزيم
-
حتى لا تحرق نار المذهبية مغربنا .
-
ثبان بدوان أقصر من ثبان جيسي ولا إحراج .
-
التفكير زمن التكفير .
-
حروب الردة تدق طبولها في المغرب .
-
المغاربة لسانهم مع الديمقراطية وقلبهم مع قوانين الشريعة .
-
ذكرى 16 ماي وأجواء الشحن الإيديولوجي .
-
فتوى قتل المرتد عنوان الردة الفكرية والثقافية .
-
طالبان بين ظهراني علمائنا فلا تبحثوا عنها هناك .
-
سعيد الكحل - باحث في قضايا الإرهاب والإسلام السياسي- في حوار
...
-
الإسلاميون مفترون.
-
أين المغرب من روح خطاب تاسع مارس ؟
-
سقطت الأنظمة فسقطت الأقنعة .
-
الذكرى الثانية لحركة 20 فبراير : نجاح أم إخفاق ؟
-
الزحف الأصولي وخطر تكميم الأفواه .
-
شاكر بلعيد يفدي تونس بروحه.
المزيد.....
-
“العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج
...
-
الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق
...
-
أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم
...
-
رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا
...
-
مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
-
مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع
...
-
ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة
...
-
تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب
...
-
ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر
...
-
اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|