أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مالوم ابو رغيف - الدين والزمن الجميل














المزيد.....

الدين والزمن الجميل


مالوم ابو رغيف

الحوار المتمدن-العدد: 4160 - 2013 / 7 / 21 - 21:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الزمن الجميل تعبير يدل على الماضي غير البعيد، ونقصد بـ (غير البعيد) تلك الفترة التي عاشها الناس او تاثروا بها ولا تزال اثارها واطلالها غير مندرسة في خيالهم ولا في تصوراتهم. فلا زال عبد الحليم هو العندليب الاسمر ولا زال الناس تغني لمحمد عبد الوهاب وتعشق عيون زبيدة ثروت وتهيم بصوت ام كلثوم وتستذكر الشوارع القديمة وتسير على ارصفتها في نزهات الذكريات.
تعبير الزمن الجميل هو نوع من nostalgia، اي الحنين الى الماضي، هو ليس رغبة او تمنيا للعودة لايام الشباب، انما حنين الى زمن ليس محددا بالسنوات انما مميزا بالشخصيات الثقافية والسياسية وبموسيقاه وبعلاقاته العاطفية، انه حنين يحمل معه احباطا وتغربا وحزنا يصل بالناس الى الكأبة الاجتماعية العامة التي قد تجد اعراضا لها في اللا ابالية المفرطة تقترب من السكون والخمول او ما يسمى بـ: الـ inertia. انه نوع من فقدان لاهتمام عندما يكون التقهقر الى الوراء بدلا عن التقدم هو عنوان المرحلة كما يحدث في العراق. المنطق يفترض بان الانسان تتراكم خبراته وتتكاثر معلوماته ويتطور وينجز ويبدع ويبني ويعمر مع مرور الزمن، ليس العكس كما يحدث في معظم الشرق الاوسط، في العراق مثلا، أعتبرت حتى المقاهي اماكن لاثارة غضب الله الذي لا تثيره لا السرقات ولا الاختلاسات ولا التزوير ولا الارهاب انما اماكن تجمع الشباب.
حتى الناس في بلدان الخليج، فان بعض الاعمال الدرامية تعكس حنينا واضحا لزمن اخر يختلف كليا عن الزمن الحاضر لا تجد في اي عمل درامي اثر لرجل دين ولا لتاثيراته كما هي حالهم اليوم، ومع ما لحاضرهم من لمعان وبهجرة، اذ ان مظاهر التطور الحاصل في بلدان الخليج ليس نتاج السكان، هو غير متطور عنهم، فاقد الصلة بهم، طاريء ومقحم عليهم.
الخليجيون يعيشون في اغتراب ولا يفهمون من كل هذه المباني الضخمة سوى التخمة: تخمة المعدة وتخمة الجنس وتخمة الدين.
ليس هناك فترة زمنية بعينها يمكن ان تؤشر الى بداية الزمن الجميل، اذ ان ذلك يعتمد على ذاكرة الافراد وعلى عمق التاثيرات عليهم وعلى مجتمعاتهم، فذاكرة الفرد لا يمكن فصلها عن ذاكرة المجتمع. لكن ليس من الصعب تحديد فترة تشير الى بدايات نهايته والتي يعتبر الحاضر المعاش امتدادا لتلك النهاية.
ومع ان لكل شعب زمنه الجميل المتميز الخاص، لكن يمكن القول بزمن جميل مشترك لشعوب متعددة تتميز بخصائص اللغة والثقافة والذوق العام كتلك التي تشترك فيها الشعوب في الشرق الاوسط، خاصة وان التغيرات التي تطرأ في دولة من دوله سرعات ما تجد لها تاثيرا على سائر المنطقة.
كما ان الكتب والصحف والفن والراديوا والسينما والاذاعة والتلفزيون والاغاني والنشاطات والفعاليات السياسية تشترك في تشكيل الذوق العام لمجموعة كبيرة من الشعوب، وما الحضارة الا ذلك الذوق المدني العام الذي يتجسد عبر فعاليات وتصرفات وسلوك وتعاملات وعلاقات اجتماعية جوهرها حرية الاختيار التي يعبر عنها بشكل علني بحيث تشكل العرف العام لمجتمع ما.
لذلك لا يمكن الحديث عن حضارة اسلامية، اذ ان الدين لا يعكس اخلاقيات المجتمع الارادية الحرة، بل يعكس حجم النفاق ومقدار الخضوع لقوانين ولاوامر واجبة الطاعة ملزمة التقيد، ان سيطرة الدين على اي مجتمع يمكن اعتبارها بداية لنهاية اي زمن جميل. والتحرر ان لم نقل التخلص من تاثيرات الدين ومن وصاية ممثليه، احزاب او مرجعيات، هي بداية لكل زمن جميل. لنا ان نطمح بان احداث مصر هي مؤشرات لزمن جميل قادم.
الزمن الجميل هو نتاج للذاكرة الشعبية، اذ ان من ميزاتها الديمومة والانتقال من جيل الى اخر. واذ جاز لنا القول بـ خاصة الناس وعامتهم، فان الزمن الجميل هو ذاكرة عامة الناس ، فالخاصة لا يشتركون في تكوين الذاكرة العامة ناهيك عن ذاكرة الحنين للزمن الجميل. طبقة الخاصة حدث عابر، جمرة انطفأت واستحالت الى رماد خافت لا يملك حرارة او دفأ الذاكرة.
وعندما يتوارد على الخواطر اسماء الفنانين والفنانات والمغنين والمغنيات والكتاب والصحفين وحتى اسماء العاهرات والمومسات والبارات ودور السينما والملاهي والمسارح وحكايات المقاهي وقصص الحب والعشق وقصائد الشعر ، فان القلوب ستهفو بشيء من السعادة والرضا قد تجدان طريقهما الى الشفاه ليزهران عن ابتسامة حنين حلوة، وربما تترنم الشفاه بشدو اغنية قديمة، لكن ان حدث وخطر على الذهن اي من اسماء طبقة الخاصة، ملوك وروؤساء وامراء ومراكز عليا في الدولة وزراء وقادة وسفراء او رجال دين وتذكرت خطبهم ونهاويهم ونفاقهم، فان ذلك لن يثير احساسا بالانسجام مع الذاكرة ولا شعورا بالرضا والغبطة، هذا اذا لم يثر احساسا بالقرف والاشمئزاز.
اذ لم يحدث اطلاقا ان اشتملت ذاكرة الزمن الجميل على صور المعممين بلحاهم المصبوغة بالحناء ولا على صور نساء منقبات محجبات ولا على دعاة الفتنة وخطابات الحقد التكفير وحروب الطوائف ولا على مواكب الحزن والبكاء.
الزمن الجميل هو تلك الصورة المطبوعة في الذهن عن اشكال التحرر من قيود الدين والمجتمع و سلطات راس المال والدكتاتوريات.
ان تعبير الزمن الجميل هو بنفس الوقت ازدراء للزمن الحاضر المعاش، اذ لو كان الزمن الحاضر جميلا لما تشكلت ذاكرة الحنين الشعبية، ولخلقت ذاكرة اخرى هي التي ستحضى بالصدارة، ذاكرة تسجل اي حدث او ابداع مهما كان صغيرا في بدايات التطلع والشوق الى مستقبل يراد به ان يكون اجمل وافضل.



#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البعدين الطبقي والجنسي لنِكاحيً المتعة والمسيار
- ثورة ميدان التحرير وردة ميدان رابعة العدوية
- النقيض الاسلامي الكلي للديمقراطية!
- الثورة المصرية: التناقض بين الديمقراطية وبين الاسلام السياسي
- مع الدكتور جعفر المظفر: هل يخلع حسن نصر صاحبه مثلما يخلع الخ ...
- السعار الاسلامي في مصر ونموذج الثورة السورية
- اللهم اعز الاسلام بصوت المغنية احلام
- سوريا: ثورة ام حرب اجرامية؟!
- القرضاوي في اخر مراحله
- القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا
- البحث عن جثة صحابي
- الاسلاميون اذا دخلوا ثورة افسدوها!!
- الدول الغربية ترفع شعار الاسلام هو الحل.
- دولة الاغلبية الشيعية!!
- عراق بلا دين عراق افضل، عراق اقوى واجمل.
- مهمات الشيوعيون العرب
- نظم الاخلاق الدينية وتناقضاتها مع القيم الانسانية
- فوضى الحرية
- التثقيف الاسلامي من اهم عوامل التحرش الجنسي
- لماذا لم تحدث الثورة في البلدان الرأسمالية لحد الآن؟


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مالوم ابو رغيف - الدين والزمن الجميل