أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - أكبر من مؤامرة .. وأكثر من تدخل عسكري خارجي















المزيد.....

أكبر من مؤامرة .. وأكثر من تدخل عسكري خارجي


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 4159 - 2013 / 7 / 20 - 15:23
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


مع استمرار وتوسع الأحداث السورية الكارثية ، التي تجاوزت الربع الأول من عامها الثالث ، نوعاً ومساحة ، وانفضاح دور الخارج الامبريالي والعربي الرجعي في تفجيرها وتسعيرها وتوظيفها في خدمة مخططاته الصهيو ـ امبريالية ـ رجعية . ومع توسع حجم الدمار في البنى التحتية والعمران ، بصورة يصعب فيها ، كم تريليون ليرة سورية خسارة الوطن . ومع ارتفاع أعداد القتلى ، والشهداء ، والضحايا ، إلى مستويات مرعبة ومفجعة . ومع استباحة الأرض السورية والإنسان السوري من قبل الإرهاب الدولي ، وذئاب المجتمع الدولي ، كبديل عن التدخل العسكري الخارجي ، الذي حالت دونه متغيرات دولية جديدة .. تتسع دائرة الضوء ، لتكشف ، حتى للصم والبكم في السياسة ، بعد أن تم تجاوز الغايات الشعبية الديمقراطية الأولى ، أن ما يجري في سوريا ، بصرف النظر عن تقييمات النظام السوري وإعلامه ، هو أكبر من مؤامرة وأكثر من تدخل عسكري خارجي ..

وأنه لم يعد للتغيير الوطني الديمقراطي أي اعتبار ، ولم يعد حتى لشعار " إ سقاط النظام " كمقدمة لنظام بديل ’يعول عليه ، أن ينشر الحرية والتعددية السياسية تحت سقف الوطن ، لم يعد له أولوية ، أو وارداً ، في زحمة السلاح ، وفي زمن تتبوأ فيه قيادات الإرهاب ومراكز الامبريالية والرجعية العربية ، مكانة الريادة ، والقيادة ، والقرار ، ولم يعد للوجود الجغرافي السياسي للدولة السورية ، أي قدسية أو احترام ..

وأن معظم أصحاب المشروع الوطني الديمقراطي ، صاروا جزءاً من مشروع آخر ، إقليمي ودولي ، يجعل من سوريا سوريات ، ضمن إطار أقل من كونفدرالية شرق أوسطية ، عاصمتها تل أبيب بالشراكة مع واشنطن وعواصم امبريالية أخرى ..
وأن الذين يدعون للحفاظ على الوطن ، ووحدة الوطن ، صار ’ينظر إليهم ، بعداء ، ونكران ، وتهديد ..
وأن الحالة السورية الفاجعة ، تقدم يومياً مشهداً بشعاً ، قد ’حفر في الذاكرة الشعبية والتاريخية ، وقد لا ’ينسى عبر توالي سنين طويلة ، مشهداً يظهر فيه " الثوار " يحتلون البيوت ، ويطردون سكانها ، ويستولون على أهم ما فيها ، لاستخدامها في حربهم ضد جيش الدولة ، ويأتي جيش الدولة ليحرر هذه البيوت فيدمرها شر تدمير . وملائكة الموت باتوا عاجزين عن أداء مهامهم في سحب الأرواح من الأجساد المتساقطة بالسرعة المطابقة ، فرصاص ، وصواريخ ، وقنابل ، المقاتلين ، المدعومة بالتكنولوجيا الفضائية ، والفتاوى الإلهية ، هي الأسرع ، والأحدث ..

ما أحاطته هذه الإضاءة يقدم معطى بالغ الأهمية ، وهو أن سوريا اصبحت لغزاً عالمياً في الحرب والسياسة معاً ، يمتزج فيه الإرهاب والتدمير بالديمقراطية ، والخيانة بالوطنية ، والمذابح الجماعية بحقوق الإنسان . وأن سوريا صارت حقل تجارب ، للحروب الدولية بالوكالة بعد اهتزاز القطبية الدولية الأحادية ، ولتطبيقات تجارب معادلات اللامنطق ، واللاعقلانية ، واللاأخلاقية الإقليمية والدولية ، في خداع الشعوب ..
كبير صانعي اللغز السوري الرئيس أوباما ، هو من يتولى الريادة في في صناعة اللغز السوري وتطبيقاته . فهو قد أقنع نفسه ، ويحاول أن يقنع الآخرين ، وخاصة ضحاياه السوريين المستهدفين ، أن إرساله الأسلحة والإرهابيين مباشرة أو بالوكالة الإقليمية إلى سوريا ، هو من صميم مبادئه في حربه على الإرهاب الدولي ، وأن تحالفاته ، وتكامله في الحرب السورية ، مع أنظمة عربية رجعية قروسطية ، هي مستمدة من جوهر القيم الديمقراطية ، التي تحفز رغبته الجامحة ، لمنح الشعب السوري عهداً جديداً ديمقراطياً ..

ملوك وأمراء الخليج ، آخر نماذج حكام القرون الوسطى ، هم أيضاً مصابون بثنائية " القناعات " السياسية والستراتيجية ، فهم يستشرسون في دعم الجماعات المسلحة في سوريا ، مالاً ، وعتاداً ، وإعلاماً ، وفتاوى ، وأكاذيب . إنهم متحمسون إلى درجة الهيستيريا وارتكاب الجرائم ، لتوفير أسباب نشر الديمقراطية في سوريا . وعندما يتكلمون عن حق الشعب السوري بحياة ديمقراطية عادلة ، لايهمهم أن يكون هناك من مستعيهم من يبتسم استهزاءاً بهم ، أو يبدون قرفاً من أكاذيبهم ، إنهم ضامنون أن لا أحداً من المستمعين سيسألهم عن الديمقراطية في بلدانهم ، عن أسرهم القبلية الحاكمة ، التي تستعبد مواطنيها والوافدين للعمل في بلدانها ، ويسرقون ويبذرون ثروات الأرض التي منحهم المستعمر حق الولاية عليها ..

شركاء صناعة اللغز السوري المحليين ، هم نموذج قل وجوده في مسارات التاريخ في بلدان أخرى . ليس بينهم زعامات محورية تاريخية ، وإنما " زعامات " ارتجالية زئبقية تتلوى حسب رياح الإغراءات المعروضة . وليس بينهم مفكرون قادرون على الجمع ، والقراءة الموضوعية ، والاستنتاج ، والإيحاء بالقرارات المطابقة ، بل قراء ملخصات وعناوين أبحاث صادرة عن عقول سياسية أجنبية غائية ، مترجرجة , تحاول فلسفة التاريخ المعاصر ، إذ ما تلبث أن تعيد النظر فيما توصلت إليه ، ثم تكرر المحاولة بانتظار نتائج التجربة للرؤى الجديدة على الأرض . وهذا الأسلوب الانتهازي الانتقائي ، في التعاطي مع المستجدات " الفكرية " أوقعهم أسرى هيمنة اللحظة العابرة . ما أدى إلى الارتماء في وعاء الجهالة ، ومن ثم الخيانة ، نتيجة التسليم بمقولة حتمية تلاشي حدود الثقافة والسياسة والوطن ، في فضاء سمة العصر " العولمة " الزاحفة للهيمنة على العالم على امتداد التاريخ المقبل دون منازع .
وهنا يكمن مأزق الشركاء المحليين ، إذ لم يعد بوسعهم ، عملياً وسياسياً ، " وفكرياً " بناء خطابهم السياسي المعارض على أسس وطنية ، لاسيما بعد تنامي المشاعر الوطنية لدى المواطن السوري جراء الإرهاب والتدمير الذي يتعرض له . ولم يعد بوسعهم ، نتيجة لذلك ، التنصل من تبعية السادة الإقليميين والدوليين .

وهناك شركاء آخرون في صناعة اللغز السوري ، هم أكثر حرفية ومهارة في لعبة التمويه في لعبة اللغز السوري ، فقادة حلف " الناتو " الذي يضم الدول الغربية ، يكررون بين وقت وآخر ، أن ليس لديهم خططاً للتدخل العسكري في سوريا ، لكنهم يتدخلون بأسلوب عسكري حديث عبر تركيا أحد اعضاء الناتو ، من خلال إيواء الجماعات المسلحة ، وتدريبهم ، وتسليحهم ، وتزويدهم بالخبراء العسكريين وبأرقى وسائل الاتصال بواسطة الأقمار الصناعية وإرسالهم إلى سوريا . وهذه الجماعات تقوم بعمليات تدمير ممنهجة لاتقل فعالية عن هجوم عسكري تقليدي . فبدلاً من استخدام الطائرات والدبابات ، تستخدم العبوات الناسفة ، والسيارات المفخخة ، والصواريخ والهاونات ، بدقة لاتتحقق بوسائل عسكرية أخرى . ويعلنون مرة إثر مرة ، أن لاحظر جوي من قبل الناتو على سوريا ، لكنهم يسهلون تزويد الجماعات المسلحة بكل ما يلزم ، لتدمير وحصار المطارات السورية العسكرية والمدنية . أي أن التدخل العسكري الخارجي يتحقق بأسلوب متحرر من تبعات وتداعيات ردود الفعل الدولية ، ومن قدرة الدولة السورية على الرد بالمثل ، ومثل هذا التدخل هو أقل كفة على المهاجم مادياً وبشرياً ، وأكثر ضرراً من هجوم تقليدي ، تدميرياً ، واقتصادياً ، وسياسياً . ومثل هذا التدخل لايدمر فقط مقومات الدولة العسكرية والاقتصادية للدولة المستهدفة ، وإنما يدمر أيضاً مقومات وحدة المجتمع ويمزقها ، ويحقق زوال الدولة الضحية ، ويحول دون عودتها مرة أخرى .

أكثر تجليات اللغز السوري الكارثية ، هو أن لاوقت في الأفق المنظور لإنهاء الحرب السورية القذرة . ففي الوقت الذي يزعم فيه الشركاء الكبار في صناعة اللغز السوري حرصهم على إنقاذ الشعب السوري وتمتعه بالحرية ، يرسلون المزيد من الأسلحة والمقاتلين لمواصلة الحرب ، لتحقيق برامجهم الإقليمية ، والدولية ، والجهادية المتعددة . وجميعها تتقاطع حول عدم بقاء سوريا دولة .. أو دولة واحدة ، وتتسابق جميعها لتستحوز على حيز من الأراضي السورية ، لتقيم عليه مشروعها الخاص . أي أن ما يتعلق بالوطن وتفاعلاته ، ومشاريع متغيراته الإيجابية وضعت خلف الظهر وأصبحت من الماضي ، وأن جميع أصحاب مخططات الحرب وحلفائهم الإقليميين وعملائهم المحليين ، ليس بوارد عندهم ، العودة إلى الشعب السوري ، ليقول كلمته ، وليحدد خياراته بديمقراطية وشفافية ، وأن ما يتمسكون به ويوفرون في سبيل تعزيزه بكل وسائل القوة ، هو أن تأخذ الحرب أبعادها القصوى ، لأنها السبيل الوحيد ، للوصول إلى ما يصبون إليه . وهم يفكرون أن الواقع العسكري الميداني يسمح بالانتقال إلى تطبيق مشاريعهم التمزيقية للكيان السوري ، ولم لا ، فهم في بعض المناطق مسيطرين ومستقرين ، ويفرض تواجدهم في هذه المناطق رؤية جغرافية عسكرية للمشهد السوري الراهن .

آخر المعطيات عن سيرورة الانتشار " الجهادي " في الشمال ، تؤكد عزم المجموعات المسلحة في الشمال السوري ، الممتد إزاء الحدود التركية في ريف حلب وادلب واللاذقية والرقة ، على إعلان قيام إمارة إسلامية تسيطر على مساحة لايستهان بها ، وتصلح لإعلانها منطقة " محررة " آمنة تستحق من " أصدقاء سوريا " حمايتها دبلوماسياً وسياسياً وعسكرياً .
ومن الطبيعي أن تكون القوات المسلحة الحكومية ، قد أعدت ما يمكنها من مواجهة هذه الآفاق ، في التعامل الميداني مع قوات المسلحين المدعومين إقليمياً ودولياً . بيد أن سير الاشتباكات على مدار عامين لاتوحي بتحقيق معجزة الحسم العسكري ، والحيلولة دون بلوغ الأزمة السورية هذا المستوى من التدمير الوجودي ، إن لم تتحسن شروط العملية السياسية المواكبة للعمل العسكري .

وهنا تبرز مسؤولية كافة الوطنيين السوريين ، وتستدعي من الجميع إعادة النظر في كل أسباب ومفاعيل الأزمة ، والاستقرار على خيارات بديلة للاقتتال والتدمير .. خيارات سياسية تقوم على الحوار السياسي الوطني ، لتفكيك اللغز السوري المصطنع إقليمياً ودولياً اولاً . أي التصدي لكل أشكال التدخل الخارجي المسلح والسياسي والإعلامي في الشأن السوري .. ووضع حد حاسم للتآمر الإقليمي والدولي ، الذي تجاوز حد الوقاحة إلى ماهو أسوأ منها . وذلك بإعادة اللحمة الوطنية لكل أبناء الشعب السوري .. ولإقرار .. وانتهاج خارطة طريق التغيير الديمقراطي المتكامل ، وطنياً ، واقتصادياً ، واجتماعياً ..



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا بين موازين القوى .. وموازين الدم
- دفاعاً عن ربيع الشعوب العربية
- الحظر الجوي .. والسيادة الوطنية .. والديمقراطية
- سوريا بين الانتداب والحرية
- الوطن أولاً
- أول أيار والبطالة .. والأفق الاشتراكي
- لو لم تقسم سوريا ..
- - هنانو مر من هنا - إلى عشاق الوطن -
- ماذا بعد - المعارضة والثورة - .. ؟ ..
- بقعة الدم
- صانعو السياسة .. والحرية .. والتاريخ الجدد
- القصف الكيميائي جريمة بحق الحرية والإنسانية
- المرأة السورية في يوم المرأة العالمي
- السلطة كسلعة في سوق السياسة
- الإعلام الاحتكاري والديمقراطية
- المهم في هذا الزمان
- الديمقراطية والحرب
- المنشار والشجرة
- نوافذ حلبية
- أتصبح حلب إمارة إسلامية ؟ ..


المزيد.....




- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - بدر الدين شنن - أكبر من مؤامرة .. وأكثر من تدخل عسكري خارجي