أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم هداد - سعدي الحلي لا يغني ...!














المزيد.....

سعدي الحلي لا يغني ...!


عبدالكريم هداد
(Abdulkarim Hadad)


الحوار المتمدن-العدد: 1191 - 2005 / 5 / 8 - 07:50
المحور: الادب والفن
    


يعرف سعدي الحلي, مطرباً شعبياً , له صيته الواسع في الاوساط العراقية لإمتلاكه رخامة الصوت وقوته الصداحة والمستقرة في مساحته المتميزة في أداء ينفرد به ( لأطوار الأبوذية المسحوبة على النكهة الملائية , ودخل اذاعة بغداد عام1964..) إلا أن أغنيته لم تمارس خطى حداثة الاغنية العراقية المتطورة بمعية الأصالة منذ أواسط عقد ستينات القرن الماضي, وإن استثنينا أغنياته الممتلكة للمواصفات الفنية الغنائية من ناحية الكلمة واللحن والاداء كأغاني ( عش? أخضر , ليلة ويوم , يامدلولة , ماني نادم ...) وهي تمتاز بالمراوحة وفطرية الجملة الموسيقية الريفية المتوارثة . إلا أن صوت سعدي الحلي الغنائي ما زال يجمع بين روح مدينة الفرات العراقية ونكهة جمالية التلون الغنائي للريف العراقي الزاخر بتنوع أشكاله الموسيقية المتعددة , خصوصاً طرائق غناء المواويل والابوذيات والأشعار التراثية العراقية اللصيقة ويوميات هموم الفرد العراقي , وإن بدت خالية العمق الفني , لدرجة السذاجة أحياناً , حيث يبقى الواضح الملموس في كلمات أغاني سعدي الحلي وطابعها العام , هي صيغة التذكير لضمير المخاطب , خاصة في أغانيه الغزلية , والتي أعتقد إنها صيغة موروثة منذ عصور الجاهلية العربية , في عدم التشبيب, فما زالت - صيغة التذكير - تمارس في كتابة الأغاني العراقية الى الآن , ولم يتمرد عليها كأسلوب إلا القليل من الشعراء وبالأخص الشاعر المبدع ( أبو سرحان ) .
لكن الملفت للنظر , إن شعبية سعدي الحلي , باتت تجري بعيداً عن الغناء , لتصبح صورته الرائجة في دفاتر يوميات كل عراقي , وقد ترسخت بملامح مشتركة لدى الجميع , مع إضافة ملامح لتركيبتها ,كي تكون صورة لشخصية مشبعة بخواص كاريكاتيرية لينة , يمكن تطويعها بأبعاد سياسية و ترفيهية معاً , ليروى عن لسانها وبشكل يومي العديد من المشاهد والتعليقات على أحداث وتطورات جارية في الساحة العراقية , وكذلك عربياً ودولياً .
وما هذا الانتحال لصورة شخصية سعدي الحلي , إلا دليل ذكاء الذاكرة العراقية في خلقها وصياغتها على نحو ساخر , نظراً لتكامل جاهزيتها الشعبية عند ذاكرة الناس اليومية , لتأخذ دور ( جحا أو البهلول ) في إنسيابية تحركها وسهولة تخطيها لحواجز الأماكن والقصور واجتماعات رجال الحكم في بغداد , مع التفاوت الواضح في دهاء صنّاع ما راج من مشاهد كوميدية بسخرية لاذعة , وهي تحاول إعادة تشكيل الحزن الى ضحكة مدوية تعبيراً عن الرفض الجماهيري لطغيان السلطة .
إن ارتفاع وتيرة النكتة والمزحة والتعليق الفكاهي لدى قطاعات الشعب العراقي , هو نتيجة طبيعية لأجل الموازنة مع واقع مؤلم , ترتفع فيه أساليب إرهاب السلطة الدموي ضد حقوق وحريات نادت بها الأديان والشرائع السماوية والمحافل الدولية .
ومما أنتجته الذاكرة العراقية من حكايات وقفشات , حول شخصية سعدي الحلي الكاريكاتورية , يبقى تعبير فطري لأجل إسترداد ما سلبت , لتجنح المخيلة حتى الى الجنس كأداة سهلة وسريعة التنبيه والوقع والطعن والإضرار بذات الحاكم . ولن يخفى إن بعض ما يتداوله الناس , هو من تأليف قسم الدعاية والإشاعات في جهاز الدولة العراقية , أما لأجل التنفيس عن حالة الغليان أو لقياس مسارات حركة التداعي عند العراقيين . وخلال أيام الحــرب الـعـراقيـة – ا لايـرانـية ، أشيع حينها , بأن سعدي الحلي قد غنى :
دَنِـک يـا حِلو َلا يْـلوحَـكْ القَـنّـاصْ
إمَـكْ جـابِـتَـك وِإبْـتِـلَتْ بـيك الناس
شِـلَّـكْ بِـالقـادِسـيَة ودوخَـتْ الـراس
وما زالت ذاكرتي تحمل صورة دمار حرب الخليج الأولى , وكذلك صورة سعدي الحلي , حين تسابق أغلب المطربين لتصوير أغانيهم التعبوية الجانحة في غسل الذاكرة العراقية من وطنيتها الحقيقية وتدمير صور ماضيها ,لتكون محشوة برؤية أحادية لأفكار وأهداف نظام لا وطني , مع تأليه حاكم جائر . أولئك المطربون , من تزاحموا على إرتداء أزياء الحرس الجمهوري والطيارين وقادة الصنوف العسكرية الأخرى , ليظهر سعدي الحلي وحده ، وهو يرتدي بدلة لــ( رئيس عرفاء ) في أغنية لا تختلف عما ما ذكرناه . هل الذي حصل مصادفة وقدره الذي لا حيلة له فيه وصورة السخرية , أم إن المخرج التلفزيوني لم يجد ما ( فَرهَدَه ) المطبلون من بدلات تأنقت لطبول الحرب وزهو بياناتها العسكرية الخاسرة , تلك الأغاني السلطوية بديماغوجيتها وحبرها الإنتهازي , والتي يسميها البعض ( أغاني وطنية ) .



#عبدالكريم_هداد (هاشتاغ)       Abdulkarim_Hadad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خايف
- أمريكا لن تمثل حلمي ...!
- من أولها...تجاوز أعضاء الجمعية العراقية قانون إدارة الدولة . ...
- أردناً حصاناً لجرِ العربة ، فتخاصموا على ركوب الحصان
- إهزوجة عراقية - شعر شعبي عراقي
- قصيدة - نشيد الله
- لا نريدها هكذا ..، ياسيادة وزير الثقافة العراقية.. !
- لماذا لا يعلن الأخوة قادة الأكراد حقهم الشرعي في الأستقلال . ...
- وعاد المغني..!
- قصائد لأمرأة
- قصيدة شعر شعبي عراقي
- شباط يا أتعس شهر - للشاعر الراحل طارق ياسين
- هل يجوز تناسي الضحية تحت مظلة المصالحة ومكافئة الجلاد وفكره ...
- اغنيات نحو الوطن
- إنفعال وضرب النعال
- أين الولاء للوطن...؟
- إِمْْشابَهْ البابْ...!
- ليس مطلبنا قانوناً يوزع على طاولة الـ (25) كرسياً فقط !
- بيدَكْ شمس الولاياتْ
- سِوالِفْ عِراقيَة


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم هداد - سعدي الحلي لا يغني ...!