أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليمان- هيوستن - تسخين الشمس- فاعلات ليلية للشاعر المصري اشرف عامر















المزيد.....

تسخين الشمس- فاعلات ليلية للشاعر المصري اشرف عامر


حسين سليمان- هيوستن

الحوار المتمدن-العدد: 1191 - 2005 / 5 / 8 - 07:47
المحور: الادب والفن
    


في كل الأحوال هناك علاقة غامضة بين الجسد الشعري المعاصر وبين رؤى الشاعر التي قد تتطابق مع هذا الجسد أو تختلف معه. وتلعب هذه العلاقة على محورين رجراجين فمرة تغّيب الشاعر ومرة تبرزه في الساحة الأدبية المعاصرة. إنها مسألة ذوق الشاعر وهمّه، تركيبه الروحي الذي يتسق مع خطى الوعي الخفي وهذه كلها مجتمعة ما تجعل الشاعر حاضرا بقوة أو غائبا كي يحسب جيله إنما غيابه كان- ربما، من دون رجعة.
إنها الأرض التي تتكور على منحنيات وهضاب وإننا سنشير إلى المتقدم المرئي على أنه الأول لكننا لا نرى من توارى وراء الهضاب: المشهد الخفي الليلي الذي نصفه سحر أما نصفه الآخر فتصوف وغموض إلهي لا تلمسه أحاسيس العصر.
يأخذ النص الشعري- الكتابة- تأخذ شكل وعاء (نهر) فتتراكم اللغة والأحرف فيه كي تشكل التمثال statue الذي يطوف مجسما أمام العين المعاصرة. فتقبله. يقف بأبعاده الرباعية امام قارئ يرى به حد المسافة وحد الزمان الكلي الذي يشد المتفرج- القارئ- إلى مصيره الحاضر: تكثيف الزمان عن طريق حضور وهمي للمكان الذي لا يكون إلا وجها آخر للزمان وللنبض. يستعير الشعر هنا النبض الكوني كي يقبض على اللحظة الزائلة ذلك كي يحولها إلى مكان. إلى وقوف.
إن الشعر بطريقة أخرى هو قلب لإحداثيات الوجود فيحول المكان إلى زمان والزمان إلى مكان وبهذا فأننا نقبض على وجود سرمدي أبدي. تثبيت فكرة الله في خلق العالم.
هل كان الله شاعرا في لحظة خلق العالم؟
لقد تساءلت الملائكة في خلق العالم لكن الله: إنني أعلم ما لا تعلمون. والتساؤل كان منطقيا وكان إنني أعلم ما لا تعلمون... كان حدسيا له مكانة الشعر وأسلوب رؤيته.
إن المعاصرة في الخلق كانت في خلق الأرض (الاتوموسفير) الملائم لحياة الانسان، خلق الزمان فيها. أما اللا معاصرة فكانت في خلق بقية الأجرام السماوية الحارة والباردة منها والتي تقتل الحياة العضوية. لكنها قائمة، لها زمان آخر، وتبعث بوجودها وبحركتها المتناغمة على توازن الأرض والإنسان. من دونها ينتفي وجود عضوي انساني. لذلك لها القوام غير المباشر للحياة. بها يقرأ الفلك والطالع، استشراف المستقبل.
كل ذلك كي أقول بأن هناك نمطا شعريا (فلكيا) عند الشاعر المصري اشرف عامر لا يستساغ من الوهلة الأولى، وفيه غرابة ورؤى غير مألوفة. وهذه غير المألوفة قد تحمل جانبين له أو عليه.
سوف أقرأ فاعلات ليلية مجموعة شعرية يفتتحها الشاعر بإهداء:
"إلى جدران معلقة في فضاء، أراها...أحاولها!"
ماهو مضمون محاولة الشاعر للجدران؟
رؤية الجدران في الفضاء ثم محاولتها!
المحاولة هنا تأخذ مكانة الإدراك والحضور الذي سيتجاوز مهام الرؤية. فالحضور- المحاولة، هو خلق جدرانا في الفضاء وخلق فضاء مختلفا له صلابة. محاولة لنفي الفراغ ونقل الأرض والمعمورة إلى فضاء أعزل.
هنا يظهر لي أن النفس الشعري يغادر الأرض نحو فضاء لا يصلح لمعاصرة ( أي لزمان الأرض) ولا لحياة عضوية مألوفة بل يصلح لاستكشاف غريب قد يقوم على مبدأ التوازن الكلي. سوف ينقل الشاعر صلابة الأرض إلى الفضاء كي تقوم بين الاثنين علاقة تبادل. فالحياة العضوية (المعاصرة) ليست كل شيء ذلك لأن هناك امتدادا آخر للمعنى.
"مندهش كالماء المتساقط من صنبور فتحوه لأول مرة أتخلل كل تفاصيلي المبهمة" "اطعن في جرأة مملكتي وبراءة شمسي" "من سرق امرأتي من حرض في لفتتها ومض الشهوة" الدهشة في هذا المقطع الشعري قد تكاد تكون دهشة مألوفة لا غرابة فيها، ربما قد قرأنا مثلها لكن ما يبررها هو الصوت مضافا إلى المعنى. وتراصف فقرات المقطع بحيث ينتج عنها الصوت الذي سينداح خارج وعاء الشعر: إنه اندياح له معالم غير أرضية. مثلا الطيران ليس ضد الجاذبية فحسب إنما من دون جاذبية، الطيران غير المقيد إلى الأنظمة المألوفة.
"من حرض في لفتتها ومض الشهوة" هناك بالطبع تداخل بين غاية المحرض (السارق) واللفتة التي فيها الشهوة حيث أن كلا منها يوّلد الآخر. أن اللفتة كانت عن شهوة مضمرة. فلا إلتفات من دون شهوة- سارق.
الدهشة كالماء ثم طعن الجرأة وبراءة الشمس وسرقة المرأة ثم الشهوة. هذه المعاني حين تجتمع لا تخلف سوى صوت يحمل بذاته معنى آخر يختلف عن المعاني مجتمعة ومترجمة ترجمة لغوية.
المقاطع الشعرية تدور في مضامين لا تحضر عند الباب بل تحضر متوارية في الساحة الخلفية: كيف يمكننا أن نشير إلى العالم الآخر بلغة عالمنا؟
لا ينهر الماء في جرفه بل على السطح فأراه ينداح وينسكب في مشيته على أرض لا تعرف ماهو النهر. يتشكل الصوت، الماء الذي يحمل المعنى الكلي.
" إياي والنهر المسافر خبأتنا غيمةُ فاكتشفنا الموت في لغةٍ وفي صمتٍ"
"مد العصا نحو السماء اليابسة ليكون برد ثم برق ثم نار حارقة كل الحقول غريبة عن غيثها"
قراءة القصائد في المجموعة ترجع في ذهن القارئ الصوت الذي يقرع خارج الكلمات وخارج المعاني. لذلك فأن محاولة ترجمة القصائد إلى معان تفسرها اللغة هي محاولة قد تسيء برأي إلى مستوى العمل الشعري. هناك معان تنتج عن صوت القصيدة، عن التلاقي. اصطدام الكتل الذي صوتها، وصورها السريعة المباغتة، هو المعنى الآخر. "السماء يابسة والحقول غريبة"
"ها أنا جئت بذراعين فضائيين وقلب عار مشحونا بالصحراء كناقة" " أمي.. إن الذنْبَ الليليّ يحاصرني والفتيات جميعا يتقاسمن رمالي"
فورة وفيضان في الجملة الشعرية وهذا ما يسبب تضارب تيارات مختلفة الكثافة لكن المشهد العام هو –على كل حال، ثورة ونداء طاغ بعيد بعض الأحيان، له النمط الصوفي المبطن الذي يسعى نحو الفتح. فتح يريد الخلاص من بؤرة الزمان العربي الآني.
فالسماء اليابسة لن تشرق فيها شمس ولن يضئ فيها قمر، حيث لا ليل ولا نهار في زمان اليوم سوى لحظة كانت قد قتلت الحياة فصارت جمادا. وحيث السماء بالمعنى النفسي هي الزمان أما الأرض فهي المكان لذلك لقد توقف تقريبا الزمان نحو يباس ومكان أرضي. إنه استجرار للسماء كي تنزل وتصبح أرضا. لكن هذا الاستجرار هو استجرار صوتي يحتوي ويغلف المعنى اللغوي. حين تتفوق أنفاس الشاعر على اللغة ذاتها تصبح اللغة رموزا لشدة النَفس تعلو فوق المعنى الشائع. هكذا تنداح مياه اللغة فتخرج عن نهرها كي تتفاعل مع أرض وثمر جديد.
في قصيدة كراسة التفاصيل يقول الشاعر "ولتفلح الريحُ، والنوافذ، والمدى أما أنا.. فلتفلح الجرداءُ، فلتبن لها فيئا وعصفورا وبيتْ" "الرحلة ابتدأت من الأعلى، من شمالٍ قد أُسميه الوطن أو قد.." "نسيتُ الآن بعضا من تفاصيل الندى: ..."
في القصيدة أشرعة مفتوحة فالريح والنوافذ والمدى أشكال مفتوحة للآخر "أما أنا" أنا المهاجرة نحو الفيء والبيت، الأنا التي أفلحت في الانجذاب بعد أن نسيت تفاصيل الندى.
"نسيت الآن بعضا من تفاصيل الغضب: فرح الشوارع يعتلي عرش البساتين ويقطف وردة أولى" ثم يقول " النيلُ يهتف والنساءُ، ونخلة الأرباب.. والصمتىُ، والشمسىُ من زمن الغياب يجيء.. أو سيجئُ.. أو"
نسيت الآن بعضا من تفاصيل الغضب ثم يقول فرح الشوارع. تفاصيل الغضب وفرح الشوارع هما مثال حدي الاستقطاب اللذين يفعّلان عالم القصيدة عند الشاعر اشرف عامر.



#حسين_سليمان-_هيوستن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النبي المسافر
- الأدباء العرب هم اخر المدافعين
- عودة متعب الهذال
- صوت الأبجدية - قراءة في تقويم للفلك لأدونيس
- النيل الذي لا يكف، إلا أن يجري ولو متأخرا - قراءة في قصيدة ك ...
- ليليت لن تعود- قراءة في الثقافة العربية
- كوة الحائط العالي حد الدنيا
- رسالة إيميل- بعدما انتهى عيد الحب
- اجنحة ماركيز المقلوبة
- عن الحب فقط- مدن الحب
- الأم في العام 1905
- المرأة ذات الوجه الأبيض- 2
- المرأة ذات الوجه الأبيض
- حب إيــه بعـــد ثلاثــين عـامـا
- الجنِِــة جيدة- قصة مكتوبة على حائط مهمل
- طالعة من بيت -أبوها-
- حبي لها كان كاذبا
- ما حال القصيدة إن انقطعت الكهرباء
- تترك قلبها على ظهر حصان يركض
- لعبة ورق


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليمان- هيوستن - تسخين الشمس- فاعلات ليلية للشاعر المصري اشرف عامر