أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية من - كليلة ودمنة - 6














المزيد.....

حكاية من - كليلة ودمنة - 6


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4156 - 2013 / 7 / 17 - 23:52
المحور: الادب والفن
    


يقال، أن درويشاً رث الهيئة وغريب الأطوار قد ظهرَ ذات يوم في سوق المدينة، دونما أن يتمكن أحد من تقدير عمره أو تحديد موطنه الأصل. اختار الرجلُ مدخلَ المسجد مستقراً له نهاراً، فما أن يحلّ الغروب حتى يتجه هوَ إلى خارج الأسوار فلا يلبث أن يذوب ثمّة في العتمة المتكاثفة، البهيمة. وإذ اهتمّ أهلُ الفضول بمعرفة أصل وفصل هذا الدرويش، الملتحف خرقة الصوفية، فإنهم حاولوا أيضاً تقصّي مكان مبيته الليليّ. ولكن، عبثاً كانت جهود هؤلاء الناس اللجوجين.
" من يجعلني وريثه، فإنني سأقاسمه كنزي..! "، هكذا دأبَ الدرويش على القول في كلّ مرة. وكان المتصدقون يتبسّمون بخفة، عندما يخاطبهم بذلك القول الغريب. الحق، فلم يكُ الرجل يمدّ يده للناس متسوّلاً، بل كان يقبع في مكانه متهالكاً على أعضائه الهزيلة. حتى جاء أحد الأصباح، فمرّ من أمام مسجد السوق محتسبُ الولاية لكي يشرف بنفسه على أعمال الخلق من تجار وباعة وحمالين ومتسوقين. حينما تناهى إلى الفارس ذاك، العظيم الشأن، القولُ المتعلق بالكنز المزعوم، فإنه شدّ أعنة الخيل ثم راح يلقي نظرات فضولية على صاحبه.
ثمّة، في قصر السلطان، عمّ الهرج والتندّر بين الحاشية ما أن نقلَ المحتسبُ ما سمعه بأذنيه في السوق. عاين المجتمعون علاماتِ الاهتمام على ملامح مولاهم، فلم يكن منهم إلا الخلود للصمت وتصنّع الوقار. دمدمَ السلطان بنبرة جديّة، تفصح ولا شكّ عن مدى تأثره بالحكاية: " ولكن، أيها الموقرون، خزانتنا شبه فارغة ونحن بحاجة ماسّة للأموال ". والي الحسبة، رفع رأسه شامخاً، وهوَ من كان يشعر قبيل هنيهة بأن بعضَ أهل البلاط قد أهان كرامته. على ذلك، تجرأ وقال مؤيداً مولاه " لعمري، فإنني قرأت في صفحة وجه ذاك الدرويش، المجذوب، ما يدلّ على صدقه.. "
" وإذن، ما عليك أيها المحتسب سوى أن تقبض عليه حالاً، لكي يقرّ عن مكان الكنز! "، خاطبَ السلطان تابعَهُ في نفاد صبر. بيْدَ أن المأمور، حسبما ظهرَ من الضيق في قسماته، لم يكن متحمّساً لهذا الإجراء. وها هوَ يبالغ في ثقته بنفسه، فيقول لمولاه معترضاً " أيها المليك، العظيم! لتأذنوا لي بلفت نظركم إلى مسألة هامة. فبحسب تجربتنا الطويلة في إقرار المشبوهين وإجبارهم على الاعتراف، فإنني لحظتُ أن بعضهم يعتقدُ بأنه لا يخسر شيئاً حينما يقضي في التعذيب أو على النطع. وهذا الشخص المجذوب، هوَ من ذات الصنف، الموصوف "
" وهل تريدني، إذن، أن أجعله وارثي..؟ "
" أعوذ بالله، يا مولانا! "، أجاب والي الحسبة بنبرة خضوع وخشوع ثمّ استطرد بالقول " بل نأتيه بالحيلة؛ كأن تقسم له، مثلاً، بأنك موافق على شرطه ". حدّق السلطان ملياً في ملامح تابعه، وقد بدا على حيرةٍ بيّنة مما يسمع. هنا، بادر الآخرُ إلى توضيح فكرته " ستقسمون له، يا مولانا، بأنكم ما دمتم سلطاناً فلن تحنثون بوعدكم في جعله وريثاً. قبل ذلك، نكون قد دبرنا الأمرَ بحيث يستلم أمير الجند منصبَ السلطنة مؤقتاً ليوم أو نحوه ". ما أن سمعَ المليك باسم الأمير المعنيّ، حتى أشاح وجهه وقد اعتراه مظهرُ السخط والتبرّم. أخيراً، وبعد طول تفكير، وافق السلطان على الخطة مشترطاً بدَوره أن يكون المحتسب هوَ الحاكم المزعوم، الصوريّ.
رواة الحكاية، اختلفوا فيما يخصّ خاتمتها. ولكن رواية أحدهم هيَ الأقرب للحقيقة، بما أنها الأبعد عن المنطق. إذ يجزم هذا الراوي، بأن المحتسب قد صارَ سلطاناً شرعياً على البلاد والعباد إثرَ واقعة اكتشاف الكنز. وبحسب تلك الحكاية دائماً، كان المحتسب يعرف سلفاً بأن السلطان لا يثق بأيّ من أمرائه؛ وأنه لهذا السبب، تحديداً، قدّم ذلك الاقتراح بخصوص تزوير القسَم.
من جهته، يبدو أن الدرويشَ، المجذوب، كان قد أصرّ على أن يصطحبَ السلطانَ إلى كهفٍ في قلب الجبل، ثمّة أين من المفترض أن يكون الكنز الموعود مخفياً. كوكبة من أشداء الحرس، كانت تحيط بالموكب السلطانيّ حينما وصلَ إلى المكان المطلوب. فما أن ترجلَ الرجال قدّام باب المغارة، حتى فاجأ المجذوبُ مولاه، حينما طلبَ بنبرة حاسمة أن يدخلا لوحدهما للتنقيب عما دعاه " صندوق قارون ". إثرَ وهلة تردد، وافق السلطان على الطلب ثمّ ما عتمَ أن رافق الآخر إلى مجاهل الكهف.
تلك، كانت المرة الأخيرة، التي سيقدّر فيها لأحد أن يَرى صاحبَ المُلك أو وريثه.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية من - كليلة ودمنة - 5
- حكاية من - كليلة ودمنة - 4
- صورة الصويرة؛الضاحية2
- حكاية من - كليلة ودمنة - 3
- العقلية المشتركة للسلطة والمعارضة
- حكاية من - كليلة ودمنة - 2
- صورة الصويرة؛ الضاحية
- صورة الصويرة؛ الحاضرة 2
- صورة الصويرة؛ الحاضرة
- مَراكش؛ جبل توبقال 2
- مَراكش؛ جبل توبقال
- بشار ابن أبيه
- موت ممثل صغير
- الغرب يسلّم سورية للملالي
- حادثة قديمة
- مَراكش؛ بواكٍ، أبوابٌ، بئرُ
- توم و جيري: اوباما و بشار
- مَراكش؛ أسواقٌ، أعشابٌ، بذرُ
- العودة إلى المربّع الأول
- القدم اليتيمة


المزيد.....




- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية من - كليلة ودمنة - 6