أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - على شيوعي الطبقة العاملة ان يطرحوا خارطة طريق الثورة!















المزيد.....


على شيوعي الطبقة العاملة ان يطرحوا خارطة طريق الثورة!


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4155 - 2013 / 7 / 16 - 04:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ملف 30 يونيو، الآفــاق والتحديات!
يوم 30 يونيو، كان حدث تأريخي قل نظيره في التاريخ البشيري، وكان احد اهم المراحل الثورة المصرية منذ يناير 2011. وخلال التجمع الاسطوري الذي تجاوز 17 مليون مواطن في جميع محافظات ومدن مصر و لمدة اربعة ايام ، هزت عرش حكم الاسلام السياسي وسقطها . ولهذا رأينا من الضرورة باجراء حوار مع مجموعة من الشخصيات الشيوعيية والقادة العماليين حول هذا الحدث التاريخي والمهم. تتمركز الاسئلة على اهمية هذا الحدث، دور الجيش، سيناريو المعارضة البرجوازية، المهام والوظائف التاريخية الملقاة على عاتق جماهير مصر والطبقة العاملة لمرحلة القادمة. نطرحها كل شكل اسئلة، راجين من رفاقنا الاعزاء المشاركة الجدية في هذا الحوار.


سايت الحزب: تحقق هدف الاول للثورة وهي اسقاط مرسي و نظامه الاخواني. وتم ايقاف العمل بالدستور ومنح سلطة مؤقتة للمحكمة الدستورية. كيف ترى هذا الحدث؟ هل هو انقلاب ام ثورة؟ هل هو استمرار لنضج وتطور الثورة وتصحيح مسارها بشكل عام؟ ام هو رد فعل جماهيري لسوء اداء الاخوان المسلمين للدولة في فترة حكمهم او قلة تجربتهم؟

فارس محمود: لقد وضحت بالتفصيل في مقالة لي بعنوان "حول ثورة مصر" مسالة هل هو انقلاب ام ثورة. ما اود ان اقوله هنا هو برايي ان صاحب اليد الطولى في تقرير المصير السياسي للبلد وسلطته كان ولازال هو الجيش. ان هذا ليس وليدة اليوم، بل منذ اكثر من 6 عقود. وان من حكم مصر خلال هذه العقود هو جنرالات الجيش: عبد الناصر، السادات ومبارك.

بيد ان الجيش، وبسبب خبرته وتجربته، تعامل بصورة براغماتية الى ابعد الحدود مع الثورة ومنعطفاتها. لقد اتخذ موقف الحياد امام ثورة 25 يناير وترك مبارك يرحل لانه راى انه ليس من المناسب ولا الصحيح ان يربط مصيره بمصير مبارك الزائل جراء الغضب الجماهيري. لهذا اتخذ موقف الحياد في وقته وكسب سمعة وتقدير واسع وكبير (قل اوهام!) على صعيد جماهير مصر، سعى بعد ذلك الى الابقاء على السلطة بيده، اتاه الانذار من الجماهير بشعارات "ارحل طنطاوي!"، وتساقطت الاوهام تدريجياً حول الجيش ومؤسسة الجيش والهالة المقدسة حولهما. مما اضطره الى البحث عن سبيل انجع لؤاد الثورة، فكان السبيل هو الانتخابات ومجيء الاخوان ومرسي للسلطة بمباركة امريكية ودعم سعودي-قطري وخليجي واضح.

لم تقف الجماهير مكتوفة الايدي تجاه مرسي والاخوان، ولم تابه لما يسموه بالشرعية والانتخابات وغيرها، فادامت ثورتها ضد مرسي والاخوان وذلك لسياساتهم بما يسمى "اخونة الدولة" والهجوم على مدنية المجتمع من جهة، ومن جهة اخرى جراء تنكر مرسي والاخوان للمطاليب الاقتصادية والسياسية للاغلبية الواسعة التي انتفضت من اجل تحسين اوضاعها الحياتية والمعيشية والسياسية، وترديها المتعاظم.

امام هذا الزحف المليوني الذي وصف باكبر تظاهرات وتجمعات حدثت في كل التاريخ الانساني وامام مابقارب من 25 مليون توقيع يطالب رحيل مرسي، لم يكن للجيش بد سوى القيام بخطوته هذه، انذار مرسي والاخوان، وبالتالي تنحيتهم من السلطة واعتقالهم.

ولهذا، فان من اطاح بمرسي والاخوان، وقبل ان يكون الجيش والسسي، فهي جماهير مصر الغاضبة نفسها. انه استمرار ودوام الثورة. ان الاطاحة بمرسي هي مرحلة من مراحل الثورة.

هل الامر مرتبط بسوء اداء الاخوان او قلة التجربة؟ المسالة تتعلق بامر ماذا ينبغي ان يكون عليه المجتمع. المجتمع والاغلبية الساحقة تريد شيء، واهداف مرسي والاخوان شيء اخر. لم تنتفض الجماهير من اجل اسلمة المجتمع. انها انتفضت من اجل الحرية والرفاه وحياة مرفهة، بيد ان اولويات مرسي والاخوان هي شيء اخر يختلف جذرياً عما تنشده الجماهير الثورية في مصر. ان هذا اساس القضية، وليس سوء ادارة او قلة تجربة. ان هذه كلمات عامة لاتتناول جوهر المسائل والقضايا في مجتمع يفور بالثورة.


سايت الحزب: البعض يرى خطوة الجيش انقلابا على "الشرعية" وعلى حكومة ورئيس دولة منتخب، ويتهموا من دعموا الجيش او ايدوه بوصفهم معادين للديمقراطية؟ ماهي مكانة هذا النوع من التناول عندكم؟

فارس محمود: وفق منطق فكري وسياسي معين، يعد ما تقوله امراً صحيحاً. وفق منطق "الانتخابات" والبرلمانية البرجوازية وغير ذلك، يعد الامر صحيحاً. بيد ان منطقي هو منطق اخر. لا الانتخابات البرجوازية للرئيس او للبرلمان ولا الاستفتاءات التي نراها حول الدستور مثلا ولا الشرعية البرجوازية كانت يوما ما معيار لي ولانسان اشتراكي وشيوعي من مثلي. ان الحركة الشيوعية في نقد جدي وحازم لهذه المنظومة. ولدينا تلال من الابحاث حول نقد الديمقراطية بوصفها التفسير البرجوازي للحرية.

لقد اكدنا مراراً ومراراً ان الديمقراطية البرلمانية والانتخابات البرجوازية هي وسيلة لا لتعبير الجماهير عن خياراتها الواقعية والحقيقية، بل وسيلة واطار لانتزاع قانونية و"شرعية" شكلية من الجماهير. انه حكم الجماهير كل 4 او 5 سنوات باسم الجماهير ودون ان يكون لها راي وفي اغلب الحالات بالضد من ارادتها ورايها. فمن الذي اعطى تفويض لمرسي ان يغير مدنية المجتمع؟! من الذي اعطاه اثقال الجماهير الراسفة بالجوع والفقر بقروض وقروض يدفع ثمنها الاغلبية العاملة والكادحة والمحرومة؟! وبنفس الوقت من الذي خول بوش ان يشن الحرب على العراق ودعمه للاحتلال والعنجهية الاسرائيلية والرجعية في المنطقة؟! انها ليست حرية المرء في الاختيار، بل مسخ خيار الانسان. انه خيار وضعته طبقة معينة ذات اهداف معينة الا وهي قولبة الجماهير بين مجموعة بدائل للطبقة الحاكمة نفسها. في حالة مصر مثلا، بين مرسي واحمد شفيق!! هل تعبر هذه الثنائية عن اي صلة او انعكاس للجماهير في هذه الثنائية. احدهما فلول النظام السابق والثاني اخوان المسلمين؟!! هل ثارت الجماهير كي يحكمها احد هذين البديلين؟! او في حالة العراق: المالكي او علاوي!!

ولهذا فان هذا الميدان كله، ميدان الانتخابات والبرلمان والشرعية البرجوازية ليست ساحتي وليست من منظومتي الفكرية والسياسية ولاساحة ومنظومة انسان شيوعي. ان جماهير مصر، لم تشتري هذا المعيار بفلس. مضت للشارع، وداست على كل هذه المنظومة، وهرعت لثورتها وللاطاحة بمرسي دون ان تفكر بمثل هذا البحث ثانية واحدة. ليست ثمة قانونية او شرعية بقدر قانونية تعبير الجماهير المليونية لنفسها في الميدان. ان هذا اكبر تعبير عن "الديمقراطية" واكبر تعبير عن "الشرعية" التي يتحدثون عنها.

ان اغلب من يتباكى على سحق الشرعية، هم الاخوان انفسهم في حالتنا هذه، وضيقي الافق والرؤية من ابناء الطبقة البرجوازية الحاكمة نفسها. ان الاخوان طرف ليس له اي صلة بالحرية وخيار الانسان، انه طرف استبدادي ديكتاتوري الى ابعد الحدود، وآفة على المجتمع. ان التيارات السياسية البرجوازية ليست امينة لمبادئها. انها امينة لمصالحها. لأعطيك مثل ان شخص من مثل عمر موسى، يطالب بالابتعاد عن استخدام مصطلح الانقلاب، وذلك لان خطوة الجيش تتوافق بصورة مباشرة مع مصالحه. ان احد الاشكالات التي وقعت بها التيارات والمفكرين البرجوازيين، بدءا من بوش الى سائر المفكرين الليبراليين والقوميين والاصلاحيين، اذ سقطوا في تناقض جدي عويص مابين هذه الخطوة التي تتطابق مع مصالحهم وبين مقولاتهم الفكرية والسياسية التي كانوا يتعاملون معها مثل الايقونات. انها منظومتهم، وهم احرار بها. بيد ان مهمتنا، مهمة الشيوعيين والطبقة العاملة، هو اشاعة رؤية اخرى ومنظومة فكرية وسياسية اخرى.


سايت الحزب: ماهي الاثار اللاقليمية والعالمية على ماجرى في 30 حزيران، وماهي اثارها على الاسلام السياسي في المنطقة والعالم؟

فارس محمود: لم توجه ضربة للاسلام السياسي في حياته بقدر تلك التي تعرض لها في 30 يونيو-حزيران. لقد جوبه برفض مليوني قاطع قل نظير في اي مكان من العالم. لم تخرج قوى بهذا الحجم الهائل ضد الاسلام السياسي على امتداد تاريخه سيء الصيت. لقد بين هذا الحدث للعالم ان مجتمع مصر هو مجتمع مدني، مجتمع كسائر المجتمعات المتمدنة، لايسير علاقاته الدين، بل ان تعقب ونشدان حياة وعالم افضل هو مايتعقبه وليس الاسلام.

لقد كشفت هذه الاحداث زيف ماتتحدث عن وسائل الاعلام والمفكرين والساسة البرجوازيين بان المجتمع في مصر "اسلامي" وبطلان مثل هذه الادعائات التي يطلقها اناس ذا مصلحة اساسية في اشاعة مثل هذا التصوير. ولهذا فان اول تاثير ل 30 يونيو-حزيران هو سقوط هذا الادعاء وتاكيد حقيقة ان هذا المجتمع هو مجتمع حديث، راسمالي، ذا طبقات ومصالح اجتماعية مختلفة ومتناقضة.

لقد وجهت ضربة لكل الترسانة الاعلامية الكاذبة بان الصراع في المنطقة هو صراع طائفي، سني-شيعي او اسلامي-قبطي. لقد بين للجميع انه صراع طبقات ومصالح وامال اجتماعية مختلفة. تبين للكثيرين سخف ادعاءات ان "الاسلام هو الحل". ليس لدى الاسلام حلاً سوى الحلول التي جربها القوميون قبلهم على سبيل المثال، ليس سوى اقتصاد السوق والليبرالية الجديدة، وهم يشتركون مع مبارك والبرادعي وشفيق وموسى ورئيس الحكومة الجديد، الببلاوي!
وعليه، من الناحية الفكرية والسياسية، سيترك تاثيرا جديا على الاجواء الفكرية السائدة سوى على صعيد المنطقة او الغرب نفسه.
لحسن الحظ، ان هذا الحدث يتزامن اليوم مع تلك الاحداث الجارية في تركيا. ان مجابهة تحرري وعمال تركيا لحكومة اردوغان ومنازلتها في الميدان من اجل الحرية وتحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعدم التطاول على مدنية المجتمع والكف عن سياسات اسلمة المجتمع هو نقطة مهمة وتاريخية في مجابهة الاسلام السياسي. فيالكثر ما تحدثوا عن خرافة "الاسلام السياسي المعتدل"! بوصفه نموذجاً ناجحاً يمكن الاعتماد عليه لطابع الدولة!! وتبين ان المعتدل هذا هو على اتم استعداد لرمي الاطفال من سطوح العمارات والبنايات، على استعداد للقيام بابشع انواع العنف من اجل ردع معارضيه. تبين ان الاسلام المعتدل ليس بعيدا عن الفاشية من حيث التعامل مع مناهضيه، وليس بعيدا عن اتخاذ اشد الاجراءات الاقتصادية المعادية للجماهير. انظر كيف تعاظم الغلاء والجوع والبطالة والازمات الاقتصادية وازمات الوقود والطاقة في مصر خلال اقل من سنة.
ان لازاحة مرسي وتوجيه ضربة جدية للاخوان اثار جدية على مجمل حركات الاسلام السياسي على صعيد المنطقة، بشقيها المعتدل والمتشدد. لقد كانت مصر مركز نشوء وانطلاق الاخوان المسلمين ولها حضور جدي على كل قوى الاخوان في المنطقة، ولهذا فان هذه الضربة هي ضربة بالصميم لهم، وتترك اثار جدية عليهم.

سايت الحزب: في بداية الثورة التي اسقطت مبارك او ما سمي بـ"شباب الفيسبوك" ظهرت الكثير من القيادات الشابة لكنها مالبثت ان اختفت وتركت الساحة الى البرادعي وشفيق ومرسي وصباحي وغيرهم ممن خاضوا الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والان ترى الشيء ذاته على قيادات "تمرد"، ماهي قراءتك لتلك الظاهرة.

فارس محمود: المسالة ببساطة هي ان من يحدد مصير المجتمع هو بالمطاف الاخير السياسة والاحزاب السياسية. ان الجماعات والافراد ليس بوسعهم، بغض النظر عن ارادوا ذلك ام لم يريدوا، ان يديموا حضورهم على هذا الشكل ويكونوا شيء يذكر في رسم معالم المجتمع المقبل. ان الجماعات والافراد سيتم هضمهم بسهولة من قبل القوى والتيارات السياسية الاساسية في المجتمع. ولكي يتدخل طرف ما في الوضعية السياسية وفي رسم المصير السياسي للبلد، لاندحة له من تاسيس حزب سياسي. هذا ما قام به البرادعي مثلا. اذ بوسع حزب سياسي ان يتدخل، والا الجماعات والافراد لايتعدون ادوات ضغط تهدف في المطاف الاخير المشاركة في تحقيق هدف ما، عابر وقتي وغير متجذر.

اوردت حركة "تمرد" على سبيل المثال. انها مبادرة قبل ان تكون تيار مثلاً. سعت الى جمع التواقيع المطالبة بتنحية مرسي واقامة انتخابات مبكرة. ان هذا محور ومجمل حركتها. اي انها لاتتعدى مبادرة مبدعة وجديدة في مصر، ليس لديها ادعاء اكثر من هذا. حتى هناك اعتراض على ممثلي "تمرد" ومفاده "لم يخولكم احد بشيء. انتم وزعتم استمارة باسم "تمرد" تدعوا لانتخابات مبكرة ونحن ايديناها ووقعناها ودعمناها. لا اكثر. لم ننمحكم حق اكثر من هذا. ولهذا برايي علينا ان لانحمّلها اكثر من حجمها.

ان طيف هذا الحركة واسع جدا، اناس بمشارب سياسية واجتماعية مختلفة وعريضة. انها حققت الهدف الذي انشئت من اجله، السؤال المطروح: ماهو برنامجها المقبل؟ ليس لديها برنامج! ماهي قواها؟! قواها تتبعثر، سواء شاءت ام ابت، بعد تحقيق هدفها مباشرة، ازاحة مرسي والاعداد للانتخابات مبكرة. ولهذا فان امكانية ديمومتها تبقى ضعيفة او معدومة، لانها فاقدة الصلة بهدف اجتماعي وقضية اجتماعية مستمرة في المجتمع. فالاطاحة بمرسي هو امر عابر بمعنى ما، هدف "مقطعي" بالنسبة للقوى الاجتماعية. ان من يبقى هو تلك القوى التي لها هدف اوسع وابعد من الهدف هذا، وهو هدف رسم ملامح المجتمع المقبل، وهذا ماتقوم به التيارات الاساسية في المجتمع. ويمكن فهم الحال نفسه مع "شباب الفيسبوك" وما تسميهم بـ"القيادات الشابة"!

القوى التي تبقى في الميدان هي ذات الاصول والجذور الاجتماعية المتجذرة. قوى ممثلة، بصورة تقل او تزيد، لقوى اجتماعية حية وواقعية. على سبيل المثال، النزعات والتيارات القومية، الدينية، الشيوعية والخ. ان هذه تيارات قوى اجتماعية وذات معادل اجتماعي في المجتمع وتنتمي لطبقات محددة وذات ايديولوجيا محددة وتطلعات اجتماعية محددة ترمي الى ارساء نوع من المجتمع يختلف عن نظائره. ولهذا، من السهولة بمكان نسبة الاسماء التي اوردتها الى تيارات اجتماعية واقعية وحية للمجتمع، فيما نعجز عن نسبة حركات "تمرد" او غيرها الى مثل هكذا تيارات.

سايت الحزب: كيف تقرأ ردود الفعل السريعة المؤيدة للاطاحة بمرسي، على صعيد السياسة الامريكية، ومن قبل دول الخليج التي كانت داعما قويا لمرسي حتى اعلان الجيش؟

فارس محمود: ردود الفعل السريعة لامريكا ودول الخليج هي متوقعة. ان تعاملهم واقعي وبراغماتي. يعرفون جيداً ان كل الاوراق ليست بايديهم. وفي الحقيقة ان اغلب الاوراق هي ليست بايديهم. بوسعهم ان يدعموا هذا او ذاك في الانتخابات لياتي للسلطة، (كما حدث مع مرسي). ولكن ماذا بيدهم ان يعملوه وهم يروا جموعا من 20 مليون انسان محتج في الميدان! ان هذا يكبل اياديهم. الجماهير الثورية فقط من بوسعها ان تكبل ايادي كل القوى المناهضة للثورة. ان هذا ماتعرفه امريكا وماتعرفه دول الخليج جيدا.

الهدف الاساسي بالنسبة لهم ليس الاخوان ولا مرسي ولاغيره. الهدف الاساسي هو اجهاض الثورة. لقد دعموا الاخوان ومرسي لا من اجل عيون مرسي ولا الاخوان. دعموه كي يوأد الثورة. وحين فشل في هذه المهمة، لايرفوا جفناً له. ان هدفهم هو اجهاض الثورة، تهدئة الجماهير واعادتها الى بيوتها، واعادة الامن والاستقرار لمصر، امن واستقرار المجتمع الذي هو ضروري لدخول الرساميل وحركة الراسمال والربح. وهم يروا هذا اليوم بصيغة "المصالحة الوطنية"، "اشراك كل الاطراف"، "عدم تهميش طرف من العملية السياسية"، "التحذير من التطاول على مرسي وانصاره". اي ارساء اوسع قاعدة سياسية من قبل القوى السياسية لحكم المجتمع. اي القيام باوسع درجات ارضاء كل اطراف القوى السياسية حتى تاتي للعمل السياسي الروتيني الهاديء، وبالتالي، مضي المجتمع نحو اعادة عجلات الانتاج والارباح الراسماليين، مع بعض الاصلاحات اوبدونها ارتباطا بمقاومة الجماهير وحضورها.

حتى ان مسالة تهديد امريكا بمراجعة المعونة الامريكية لمصر هو اسلوب ضغط على الجيش من اجل ان يخفف من غلوائه بحق الاخوان وغيرهم والتخفيف من شدة مواقفه وممارساته والسعي لتهدئة الامور والعودة بها الى مسارات توافقية، وانتخابات، ورئيس وبرلمان منتخبين والخ.


سايت الحزب: في النهاية ماهي رسالتك موجهة الى جماهير مصر في خضم فرحها بالانتصار والمهام الكبيرة القادمة الملقاة على عاتقها لمرحلة ما بعد سقوط نظام مرسي؟ او تحديدا ماهي المهام التي برايك تقع على عاتق الجماهير والطبقة العاملة في هذه الاوضاع؟

فارس محمود: لقد اطيح بمرسي. ان اي درجة من تراخي قبضة الاسلام والاسلام السياسي على المجتمع هو خطوة في بناء مجتمع اكثر انسانية. ان 30 يونيو- حزيران هو يوم خالد في تاريخ حركة الجماهير الثورية في مصر، ويوم خالد في تاريخ مناهضة الاسلام السياسي. ان ماقامت به جماهير مصر الثورية هو مبعث الهام لكل القوى الثورية الداعية للحرية والمساواة في العالم. بينت هذه الثورة ماهية الاسلام السياسي للعالم اجمع ونفضت اوهام كثيرة حول هذه القوة الفاشية والمعادية لابسط حقوق الانسان.
بيد ان الثورة لازالت في مفترق طرق. لازالت قوى الثورة المضادة هي ذات اليد الطولى في هذه الاوضاع، بالاخص الجيش والتيار القومي. الجيش يحدد خارطة الطريق: يعين رئيس مؤقت، يختار اعلان دستوري جديد، يحدد رئيس وزراء، يضع جدول زمني لانتخابات رئاسية وبرلمانية، والخ. ان هذه هي خارطة طريق الثورة المضادة. السؤال المطروح ماهي خارطة طريق الثورة؟ هل نترك المسارات السياسية يحددها الجيش والاخوان والنور والبرادعي وامريكا وقطر؟! هل نترك قوى الثورة المضادة هذه ترسم مصير المجتمع. ونعود نحن للجوع، الفقر، العوز والحرمان ومصادرة الحريات السياسية وحق التنظيم والاضراب؟!
ينبغي على اشتراكيي وعمال مصر ان يرسموا خارطة طريق الثورة، استراتيجية الثورة. برايي ان الثورة اليوم بامس الحاجة لتحديد ذلك. ان 3 عناصر مهمة لانتصار الثورة. اولاً، طبقة عاملة موحدة ومنظمة. ثانياً، حزب شيوعي سياسي واجتماعي مقتدر. ثالثاً، سيادة افق اشتراكي وعمالي وراديكالي وتحرري على الثورة.
ينبغي ان نسعى لان تتدخل الطبقة العاملة بافقها وشعاراتها السياسية ومطاليبها السياسية والاقتصادية المستقلة، وان تفصل صفها عن التيارات البرجوازية المختلفة وخططها ومشاريعها واهدافها. ينبغي شق طريقنا بعيدا عن الجيش والاخوان والقوميين وغيرهم، وبالحقيقة بالضد منهم ومن اجنداتهم وخططهم ومشاريعهم وصراعاتهم وبتصفية الحساب السياسي والفكري معهم. ينبغي ان لانتحول الى ملحق لهذه الصراعات والاجندات.
وفي هذا السياق، ومن اجل الانتصار النهائي للطبقة العاملة وارساء مجتمع انساني حر ومرفه، لاندحة من حزب سياسي، ممثلها السياسي في هذه الاوضاع. بدون حزب سياسي يستحيل الحديث عن انجاز الثورة لمهامها، وقصدي ليس الثورة على العموم، بل ثورتنا، ثورة الطبقة العاملة، ثورة الافق والبديل الاشتراكي. فغير هذه الثورة، ليست ثوراتنا، ثورات الطبقات الاخرى من اجل اهداف اخرى، اهداف الاقسام المختلفة من البرجوازية من اجل الحصول على حصة اكبر من كعكة السلطة والثروة. انه لامر معلوم ان كل الثورات تبدأ عامة، تشارك اوسع التيارات الاجتماعية والسياسية فيها. ولكن، وبمرور الوقت، يسعى كل تيار لدفعها صوب اماله ومصالحه واهدافه. ولهذا ينبغي ان ندفعها صوب امالنا ومصالحنا، امال ومصالح واهداف الطبقة العاملة والجماهير الداعية للحرية والمساواة والرفاه.
وبهذا الصدد، ينبغي على الاشتراكيين وشيوعيي الطبقة العاملة التفكير جدياً في دفع الثورة نحو اهداف الطبقة العاملة والجماهير الداعية للحرية والمساواة وتعبئة وحشد صفوف طبقتنا خلف افق سياسي راديكالي محدد، وليس ثورة الكل، ثورة على العموم، ثورة دون اي بعد طبقي، ثورة عديمة البعد الطبقي، هي ثورة الطبقات السائدة. ينبغي الانتباه الى عدم الانزلاق في الوهم الشعبوي بهذا الخصوص. ان نقطة قوة لينين في الثورة هي فصل صفه في كل لحظة من لحظات الثورة عن الافاق والمشاريع البرجوازية والعامة. ينبغي ان لاتغيب عنا هذه المسالة.
من جهة اخرى، لقد قامت الجماهير وفي مراحل مختلفة بارساء لجان شعبية باهداف مختلفة لحماية المحلات والمنشئات الحيوية وغير ذلك، برايي ان هذا والاوضاع العامة توفر فرصة جدية وارضية مهمة للشروع بعملية ارساء حركة مجالسية ولجان شعبية في المحلات والاحياء والمصانع ومراكز العمل لتسيير وادارة المجتمع، وبالتالي فرض حقيقة اجتماعية واقعية ثورية على قوى الثورة المضادة. يجب سحب المجتمع وحكمه من بين ايديهم.
ان ما اود قوله ان الثورة في مفترق طرق. بوسع عمال مصر واشتراكييها ان يبلغوا بها عالما ومجتمعا اكثر انسانية ورفاه. بوسعهم ان يحققوا النصر النهائي على الظلم والاستغلال وعبودية العمل الماجور والمساواة التامة بين البشر. ان العالم كله يرنوا لهم.



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول ثورة مصر
- كلمة بمناسبة رحيل سيئة الصيت تاتشر!
- حول نظرية الشيوعية العمالية فيما يخص التنظيم
- في جواب على سؤال حول اوضاع سوريا الاخيرة!
- ان الصف الموحد هو، مرة اخرى، الرد الوحيد على التطاول على الع ...
- مجتمع مصر وثوريوه نبراس انطلاقة جديدة لدحر الاسلام السياسي!
- فارس محمود - عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمالي العراق ...
- أ للانحطاط حدود؟!!
- نقد لبيان صادر من قبل الاشتراكيين الثوريين
- انها اسلمة للمجتمع بالقوة، لن تجلب ثمارها!
- تنامي الثورة في مصر من جديد.... مسار بدء وبحاجة ماسة لافقه ا ...
- ان -مركز الشيوعية البروليتارية- هو ضرورة سياسية ملحة!
- طنطاوي... ان مايجب ان تستعد له جماهير مصر هو حربها ضد قوى ثو ...
- ليس لهذه البضاعة المستهلكة من شارٍ!
- انه تفسخ سلطة وليس -افراد-! ان هذه السلطة هي من يجب ان تولّي ...
- الاهداف الحقيقية وراء قرار اعدام مسؤولي النظام السابق!
- انها القومية... وليس لوث عقل اندريس بريفيك!
- بصدد تنظيم العمال!
- للرد على الامبريالية... ينبغي ادامة الثورة وتعميقها!
- لايستأصل ارهاب بارهاب! (حول مقتل بن لادن)


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس محمود - على شيوعي الطبقة العاملة ان يطرحوا خارطة طريق الثورة!