أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمادي بلخشين - جدي الطريف و مفتي تونس السخيف قصة بالمناسبة















المزيد.....

جدي الطريف و مفتي تونس السخيف قصة بالمناسبة


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 4154 - 2013 / 7 / 15 - 20:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مفتي


ــ 1 ــ

كان آخر ما كنت أتوّقعه، أنّ طائر الحسّون الذي طالما ملأ أرجاء بيتنا أنسا و بهجة، سيكون ثاني مستفيد من محنة علوق جدّي المسكين في مصعد عمارتنا، ما بين الدّور الأول و الثاني !

فبمجرّد إرتماء جدّي المنهك على أوّل مقعد صادفه بعد إخراجه من محبسه، ثم أخذه نفسا طويلا أتبعه بحوقلتين ثم إستغفارين، أخرج لفافة زيوان كانت في جيب قميصه، ثم قذف بها الحائط حتى تناثرت على مدى الصالون. و حين تصدّت له جدّتي مسفهة فعلته، رامية إياه بكل نقيصة، مذكّرة بأن خروجه من البيت لشراء الزيوان هو الذي قد كلّفه ما كلّفه، إندفع جدّي مفسّرا:
ــ ما بي سفاهة يا عدوة الله و المؤمنين، و لكنني فعلت ما فعلت تكفيرا لذنبي في حقّ مخلوق لطيف أراد الله له الحريّة و التحليق، و أرادت له أثرتي الأسر و التضييق. وكان حقـّا
على ربّى مجازاتي بحبس مماثل حتى أؤوب إلى رشدي و أصلح ما أفسدت من أمر آخرتي التى أراها على قاب خطوة منّي.

ـــ 2 ـــ


لأجل ذلك لم أعجب حين أمرني جدّي، بفتح النوافذ فورا و على مصارعها، ثم فتح القفص و ترك الحسّون يطير كيف يشاء و حيث يشاء.

كنت أعالج باب القفص حين إستمّر جدّي( بعيد انصراف جدّتي ضاربة كفا بكفّ تعجبا من عذر جدّي الذي تجاوز ذنبه، إذ لم يكفه تضييع الزيوان، حتى شفعه بالتفريط في عصفور بوزيّان!)

ــ لقد كان الطوير المسكين أحقّ و أجدر بالحريّة و الإنطلاق منّي، فدبيب نصف يوم لذي شيبة مثلي، لا يعادل ما يجتازه نظيره في عشر ساعة، لأجل ذلك فلا يسعني الا أن أقسم بأن عجوز السّوء جدتك طالق ثلاث، إن لم يكن شعور المسكين بكرب الحبس أضعاف شعوري به في محنتي، التي لا تتعدّ الساعات الثلاث، فكي وقد قضى دهرا في محبسه!؟

حين أعيا جدّي إنتظار مغادرة العصفور مسكنه، و قد شرع باب القفص أمامه، أمرني بإخراجه مقدار ذراع، ولكنّ الطائر لم يعر إهتماما بغير حبّات زيوان تتبعها نقرا، ثم طفق يدير رأسه يمنة و يسرة، فيما كنت أنتظر إنطلاقه، وإن قد غشيني حزن لفراقه... حينذاك أمرني جدّي بحمل الطائر ــ و قد أذهلني إستسلامه لي ــ ثم وضعه على
طاولة بجوار نافذة حفزا له على الإنطلاق إلى رحب الفضاء، لكنه قفز الى الأرض و طفق يتتبّع حبات زيوان أخر، حينذاك، أمرني جدّي بالترفّق في أخذه ثانية، ثم رميه في الفضاء الخارجيّ. و لكن طائر الحسّون أكتفي بالتحليق ضعف مسافة رميتي، ثم حطّ مزقزقا على أعلى مصراع النافذة!، حينذاك اضطررنا إلى تركه ريثما توضأنا ثم صلينا المغرب. و حين سبقت جدّي إلى حيث تركنا الطائر، لم يفاجئني اختفاؤه و لكن ما فاجأني، سلسلة زقزقات عذبة تتبّعت مصدرها، فإذا بالحسّون في قفصه!!

كنت أجتهد في إخراج الطائر ثانية، حين إستوقفني جدّي آمرا بتركه حيث هو، مع الحرص على إغلاق باب القفص، ريثما يتمّ تسليم العصفور إلى أبي ليطلقه بعيدا عن العمران، و هو في طريقه إلى عمله. و حين ألححت علي جدّي بمعاودة تطييره، أفادني بأن ذلك دأب كلّ عصفور ألف ذلّ الأسر، و إن إخراجه عبثا، سيكلّف والدتي تتّبع فضلاته مسحا و تنظيفا، لأن الطائر سيحتاج إلى أيام عديدة و هو خارج قفصه، لينطلق أخيرا و بلا رجعة.


ـــ 3 ـــ

بعد تناول طعام العشاء، أدناني جدّي إليه، ثم قرص إذني برفق وهو يسألني:
ــ أخبرني يا طوير البطريق
ـــ...
ـــ ما القاسم المشترك بين طائر حسّون و مفتي جمهورية!؟
حين إستأخر جدّي الجواب، بادر شارحا:
ــ أعني ما وجه الشبه بينهما؟!

حين دأبت على سماع جدّي يصم مفتي الجمهورية بكونه
عالم سلطان و ذيل نظام سارعت مجيبا:
ــ شبه بينهما وجود ذيل لكليهما!!
ضحك جدّي حتى أستلقى، ثم بادرني معاتبا:
ــ أبلغ قبح الحسّون في نظرك إلى حدّ تشبيه ذيله بذيل كاهن!
ـــ...
ـــ أم قد بلغ حسن ظنك بنظام عفن، الى حدّ جعله حسّونا، و جعل تابعه ذيل حسّون!
ـــ...
ـــ أعلم يا طوير البطريق ان وجه الشبه بينهما هو روح العبودية و ذلّ التبعيّة التي تملّكتهما من الرأس الى أخمص القدمين.
ـــ ...
ـــ فحال حسّوننا الممتنع عن التحرّر و التحليق، و قد رفعت عنه دواعي التضييق، كحال مفتينا الذي لزم جحره و ظلّ بمنأى عن ميدان الصراع بين الحقّ و الباطل، فيما اشتدّ الجدال و سالت الدماء بين دعاة الشريعة و أعدائها .
ـــ ...
ــ فلولا تشرّب المفتي السخيف تعاليم دين الملك، لا دين الله، و الذي سنّه معاوية و اقتضى إنحياز المفتي الى السلطان و الرئيس و الوقوف الى جانبه، و لو حالف فرنسا و أمريكا و تحاكم لغير شرع الله،
ـــ ...
ـــ لو لم يعتنق مفتي تونس دين الملك لما بقي مغلق الفم بل لسارع إلى استغلال هامش الحريات المتاحة في تونس بعد غياب الدكتاتور، و مصارحة التونسيّن بخطاب موجز لا يتجاوز هاته الكلمات:" أبنائي المتدينين، و أبناء أبنائي العلمانيين، و أبناء أبنائي المخنثين.إن أحوج ما يكون إلى توضيح، كشف أكذوبة إمكانيّة أن يكون المسلم علمانيّا، و العلمانيّ مسلما. فالفصل بين الدين و الدولة كالفصل بين رأس و جسد، فكما أن لا حيّاة لجسد فصل عنه رأســـه، فلا
بقاء لإسلام بلا دولة تطبق شرعه، ولا بقاء لإيمان تونسيّ إعترف بشرعيّة المجلس التأسيسيّ الذي اتخذته النهضة مشرّعا من دون الله. فالعلمانية هي نقيض الإسلام، ولا مجال لإضاعة الوقت في الجدال. لأن الإسلام يقتضى إيمان المرء بكون الله هو الخالق أي الربّ، و الآمر أي الإله " ألا له الحلق و الأمر" ( قرآن) . و لو كان الإسلام يقتصر على الإعتراف بكون الله هو الخالق فحسب، لكتب علينا الترضّي على إبليس لسبقه الى الإعتراف بكون الله خالقه قال اللعين" خلقتني من نار و خلقته من طين " ( قرآن) فمن اعترف بالله خالقا ثم طالب بإلغاء عقوبة الإعدام أو تشريع التزاوج القانوني بين بقية قوم لوط، فقد شابه ابليس في رفضه أمر الديّان، ولا أعتقد جهل أحد بمكان إبليس من مربعي الكفر و الإيمان!

نخسني جدّي نخسة موجعة نبّهتني ثم إستمرّ مقلّدا خطبة المفتي الوهميّة:
ـــ يا أبناء تونس العلمانيين، لا تنخدعوا بالإخواني السخيف عبد الفتاح مورو حين طمأنكم بأنّ كل من قال لا اله الا الله فهو مسلم و لو كان الأمين العام لحزب شيوعيّ ينادي جهرة بفصل الإسلام عن الدولة، فالحق أقول، أنّ عبد الفتاح مورو نفسه الذي نصب نفسه مفتيا بغير علم ولا عمل، قد خلع ربقة الإسلام من عنقه! حين رضي بالمجلس التأسيسي مشرّعا دون الله.
ـــ ...
ـ أيّها التونسيون لا تنتخبوا مطيّة أمريكا الذلول راشد الغنوشيّ المهبول، و لا تثقوا به، و أبصقوا ــ مأجورين ــ على أتباعه حيثما ثقفتموهم و أضربوا مؤخراتهم بالنعال، فهم أتباع أمريكا المخلصين، و عبّاد سلطة أقدمين، قطع نسلهم وقد حرّم تكفينهم و غسلهم، فقد كشفوا عن وجههم القبيح فقمعوا الحريات و سجنوا الصحفيين و ثبتوا القضاة الفاسدين و الشرطة المجرمين، و أراقوا دماء الموحدين في" بئر عليّ بن خليفة" و تطاوين، تزلفا لأمريكا و لبيتها الأبيض الذي اتخذوه كعبة لهم من دون البيت المعمور.
ـــ....
ــــ أبناء تونس العلمانيين، بوسعكم إعلان كفركم برب العالمين، فلا إكراه في الدين، ولا نصّ صحيح يبيح إهدار دم من بدّل دينه، ولم يثبت عن محمّد أو خليفة راشد قتل مرتدّ، المحظور في المسألة، هو تعبيركم العلني عن معتقداتكم التي يخشى منها تشكيك العوام في ربّ الأنام، فتلك فتنة، " و الفتنة أشدّ من القتل" الزؤام لأنّ بالعصا و الجزرة قد حصل إيمان العوام ( و سواد من تخرّجهم جامعات اليوم من العوامّ! )، أمّا النخبة فالأدلة العقليّة هي سائقها إلى الحقّ كقوله تعالى:" سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنه الحقّ"( قرآن)، فإسلامنا العظيم لا يعتمد المقولة المسيحيّة أغمض عينيك ثم أتبعني، لأجل ذلك فانه يدعو الى مقارعة برهانه ببرهانكم " قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين "( قرآن) و إنما الخشية على إيمان العامّة الرهيف. فأقتصروا على التعبير عن كفركم فيما بينكم، و حين تلتقون بكل مؤمن عاقل رشيد، و من ضاقت به تونس وسعته فرنسا و السّويد!، أما ما وراء ذلك فتونس للجميع، و الحريّة للجميع، أوصد عليك بابك أيها المدمن السكير، و المخنّث الحقير، ثم أصنع ما تشاء، فللخالق وحده صلاحية محاسبتك على ما تضع في بطنك من خمور، و مؤخرتك من أيور!، أما الإنسان فلا صلاحيّة له لإنتهاك خصوصيتك و لو كان الفاروق عمر نفسه. و لا فضل لتونسيّ على تونسيّ إلا بالإجتهاد في كره فرنسا وأمريكا و التحذير من كلّ قوة خارجيّة تريد الوصاية على التونسيين و جعل تونس محميّة.. و السلام".


ـــ 4 ـــ

ما أن فرغ جدّي من صعب الكلام، حتى كفـّر من فوره عن وزر خطابيّ بما لا يطيقه عقل غلام، بنقدي عشرا من الدينارات و الحسنات يذهبن السيئات، فكنت ثاني مستفيد بعد طائر الحسّون الغريّد من محنة جدّي أبي سعيد!

أوسلو 15 جويلية 2014



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول خيانة الإخوان غير المسلمين، قصة طريفة بالمناسبة
- إكليل الغار لشكري بلعيد و الخزي و العار لراسبوتين تونس.
- قصاص قصة قصيرة حمادي بلخشين
- شيء من نفاق كهنة السوء. قصة بالمناسبة
- دخول الكفار النار هل هو حتميّ؟ قصة بالمناسبة
- حزم قصة قصيرة حمادي بلخشين
- نجاح. قصة قصيرة حمادي بلخشين
- مسيرة قصة قصيرة حمادي بلخشين
- حريق قصة قصيرة حمادي بلخشين
- عنت قصة قصيرة
- شيء من نذالة قادة حماس قصة بالمناسبة
- محرقستان قصة قصيرة
- حسن البنا هل غيّر فكرته قبيل مصرعه؟
- حسن البنا: موتة استعراضيّة لبطل من ورق
- حسن البنا هل جاء على قدر، أم كان صنيعة بريطانية.
- حسن البنا في الميزان: صفر من خمسة!
- حسن البنا ومصطفى كمال أتاتورك مقارنة بين أداتين.
- حسن البنا : سقوط بلا حدود 2/2
- حسن البنا: سقوط بلا حدود 1/2
- حسن البنا و خياره الإخوانيّ الخاسر قديما و حديثا


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمادي بلخشين - جدي الطريف و مفتي تونس السخيف قصة بالمناسبة