أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عقيل الناصري - جوانب من ثورة تموز و شخصية الزعيم عبد الكريم قاسم















المزيد.....



جوانب من ثورة تموز و شخصية الزعيم عبد الكريم قاسم


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 4154 - 2013 / 7 / 15 - 16:16
المحور: مقابلات و حوارات
    



اجوانب من ثورة تموز و شخصية الزعيم عبد الكريم قاسم

تشكل شخصية الزعيم عبد الكريم قاسم، الوجه الآخر المكمل لثورة 14 تموز 1958، إذ غدا هو والثورة وجهين لعملة واحدة. وبمناسبة الذكرى55 للثورة المجيدة، نقدم جوانب من هذه الشخصية الوطنية الفذة التي أصبحت رمزاً للوطنية العراقية والنزاهة والإخلاص للشعب والوطن والإنسانية.

المحاور الصحفي نوري صبيح


** ما هي أسباب قيام ثورة 14/ تموز/1958 وانتكاستها؟

*** الجواب
في البدء لابد من التذكير والتأكيد على:
- أن التغيير الجذري الذي تحقق في 14 تموز هو نتاج عراقي بحت.. خلافاً للكثير من الانقلابات العسكرية التي عج بها ال,وطن العربي طيلة القرن العشرين.
- كما أنه الحركة العسكرية الوحيدة في العراق وتكاد في العالم العربي، التي طورت ذاتها في سياق صيرورة تحقيقها المادي/ المعنوي، لتتسم وترتقي إلى مفهوم {الثورة} الاجتصادية (الاجتماعية/ الاقتصادية) والثورة الثقافسياسية (الثقافية/ السياسية)؛
- كما أن هذا التغيير الجذري من جانب ثالث .. كان حصيلة جمعية لنضال القوى الوطنية والفئات والطبقات الاجتماعية الجديدة وبالاخص الطبقة الوسطى على تعدد فئاتها؛
- مثلت الانتفاضات الشعبية في عموم العراق الارهاصات الاساسية لهذا التغيير؛
- كما كان النافي الطبيعي للنظام الاقتصادي في المرحلة الملكية والمتمثل في أراسية نمط الانتاج شبه اقطاعي/الكمبرادوري وكان الأكثر انسجاما مع روح العصر ومتطلباته ؛
- كان التغيير الجذري بمثابة المخرج الوحيد للأزمة البنيوية للنظام الملكي ولقاعدته الاجتماعية المتمثلة بفئات: التجار والملاكين العقاريين وشيوخ العشائر والملاك الاقطاعيين وبقايا الضباط الشريفيين.
وتأسيسا على ذلك وبالتفاعل الجدلي مع ماهيات الظروف الموضوعية الحسية، الداخلية والخارجية، فقد كان من عواقب هذا التغيير الجذري أنه تم طرد طبقات اجتماعية من مسرح الحياة الاقتصاسياسية (الاقتصادية/ السياسية) وحلول العديد من فئات الطبقة الوسطى في إدارة السلطة وتحديد ماهيات توجهها ومشروعها المستقبلي.. لذا اصبح التغيير بدلالة المفهوم ثورة وهي انقلاب تاريخي للتاريخ وقد دشنت، كما اشار إليها المبدع الراحل كامل شياع، سياقاً تاريخياً يختلف جذرياً عما سبقه من نواحي القضايا التي تبنتها والقوى المحركة لها، والأفق التاريخي لمشروعها التحرري النهضوي، وكذلك تغير أولويات الأنماط الاقتصادية وعلاقاتها والقضايا المتبناة.
وعليه فالتغيير الجذري كان حصيلة شروط موضوعية وذاتية داخل المجتمع العراقي .. بمعنى آخر أنها كانت حصيلة تفجير تناقضات النظام الملكي الاجتصادية واداته الاستبدادية، كما كان التغيير الجذري يمثل جزءً حيويا وعضوياً من الحالة الثورية للعالم الثالث آنذاك ضد النظام الاستعماري القديم والأمبريالي الجديد. هذا من الناحية الموضوعية. لقد عجزت حكومات المرحلة الملكية ونظامها الاجتماسياسي من حل تناقضاته الأساسية والاستجابة للظروف الموضوعية لصيرورة التطور والارتقاء وتحقيق شيء من الرفاهية لمعظم الفئات السكانية.
أما من ناحية قيادة فعل التغيير الاجتصادي الجذري من الناحية السياسية فقد لعبت العديد من القوى والفئات الاجتماعية الحديثة وتلك الطبقات غير المتبلورة دورها في انضاج صيرورة التغيير بحد ذاته.. وهي محصلة نوعية ايضاً للكم الكبير من الانتفاضات الشعبية التي غطت مساحة العراق: الاجتماعية والجغرافية، مما أدى إلى تآلف القوى السياسية المتعددة ضمت احزابا علمانية من برجوازية وطنية وشيوعية وقومية وانتلجنسيا مستقلة وبعض من مؤسسات المجتمع المدني..وكانت المؤسسة العسكرية ذراعها الضارب نتيجة ظروف تطور هذه القوى وبيئيتها الاجتماعية وعدم تبلور طبقيتها. كل هذه القوى كان يجمعها أفق تاريخي متضمناً خلطة من الاهداف بدت مترابطة في حينها بخطوطها العامة.
كما لعبت العوامل الاقليمية والدولية دورا في إذكاء صيرورة فعل التغيير.. منها على سبيل المثال .. ما مثلته القضية الفلسطينية من جهة.. وما ترتب على الاحلاف العسكرية (حلف بغداد) من إلتزامات سياسية وعسكرية، ثم ذلك النهوض السياسي لشعوب المنطقة وغيرها من العوامل المستنبطة من هذه الظروف .. كانت بمثابة دوافع لتحقيق فعل التغيير.
أما الشق الثاني من السؤال والمتمثل في انتكاسة الثورة وتغيبها القسري .. فكانت بفعل عاملين أراسين تمثل الآول في العوامل الداخلية ، والثاني بالعوامل الخارجية. فبالنسبة للعوامل الداخلية .. ارى أن تحقيق فعل التغيير بحد ذاته وأحداث تاريخ جديد للبلد.. هو بحد ذاته يثير كوامن الصراع الاجتماعي بين الطبقات والفئات المتضررة من الثورة وتلك المتخوفة من سير صيرورتها، وبين تلك القوى المستفيدة من الثورة وتعمق مسيرتها. لهذا السبب تفجرت الصراعات بفعل ما تبنته وحاولت تحقيقه قوى الثورة من قبيل: الاصلاح الزراعي وقانون الاحوال المدنية وصعود الطبقة الوسطى إلى سدة القرار المركزي للدولة وكذلك رفع المستوى الرفاه الاجتماعي للكثير من الطبقات المسحوقة.. وازدياد فعاليتها السياسية بغية الخلاص من واقعها المزري ونشر التعليم وتوسع الثقافة وكذلك الارتقاء بالانتاج المادي الاجتماعي.. ناهيك عن الاقرار بحقوق المكونات الاجتماعية والاثنية وبالاخص بالنسبة لتطلعات الحركة القومية الكردية. وما يتعلق بالسياسة الاقتصادية وخاصةً النفطية منها. إن هذه التحولات الجذرية ذات الطابع الراديكالي قد أخافت الكثير من القوى السياسية الداخلية والاقليمية والدولية. إن هذه الصيرورات دفعت بالقوى التقليدية والماضوية والمؤسسة الدينية وتلك المتضررة من هذا التغيير الجذري، الى الوقوف بحزم ضد هذه التحولات، شاركهم بذلك بعض الضباط المغامرين وكذلك أغلب احزاب التيار القومي التي تحالفت مع قوى الخارج ،عربية أو/و دولية، بغية اسقاط النظام .. وهذا ما كشفت عنه الوثائق السرية البريطانية والامريكية.
كما كان هنالك صراع، أغلبه غير مبرر، بين توجهين: الأول ينطلق من أولوية عراقية العراق ؛ بينما الثاني ينطلق من أولوية عروبة العراق.. فدخل الصراع بينهما إلى حد الاقتتال المادي وبعض عناصره كانت تنسق وتطبق أجندات خارجية ، إذ قلبت ثورة تموز موازين القوى الدولية في أخطر بقعة في العالم سواءً من حيث جغرافية المكان أو/و الموقع الاستراتيجي.. مما هدد المصالح الغربية برمتها. هذا الوضع غير المريح للمراكز الرأسمالية دفع بها إلى محاولة احتواء الثورة، ولما عجزت عن ذلك قررت وبالاخص الولايات المتحدة وبريطانيا على تغيير السلطة بالقوة بالتحالف مع بعض القوى السياسية العراقية.. فكان لها ما ارادت في الانقلاب الدموي في 8 شباط 1963.

** لماذا التعويل على القوى المسلحة/ضباط الجيش الكبار في إجراء التغيير/ الانقلابات في البلدان حديثة الاستقلال

***
تميزت المؤسسة العسكرية في بعض بلدان المشرق العربي بعد الحرب العالمية الثانية بتبني القضايا التحررية خاصة بعد أن بلور بعض الضباط ذاتهم المهنية بما يمكن ان نطلق عليه ظاهرة الضباط الأحرار.. ومما ساعدهم على هذا التبني هو خلفيتهم الاجتماعية ومنبتهم الطبقي القريب من تلك الفئات غير الغنية والفئات الوسطى المتوسطة.
كما أن للبعد التاريخي دورا مهما في عملية بروز الظاهرة العسكرتارية في هذه المجتمعات.. إذ لعب المقاتل، المحارب، المجاهد، الضابط، دورا تاريخياً يمتد لعمق التاريخ في مصائر وتوجهات دول المشرق برمتها.. لذا تبنى العاملون في مؤسسات العنف المنظم، هذا الدور وتماثلوا معه وازدادوا تماهياً مع ذاتهم وتعززت مكانتهم في هرم السلطة بعد كل تطور للدولة.. خاصة أن الدولة الاسلامية تاريخيا قد جمعت بين السلطتين الدينية والمدنية بمركز واحد .. هذا الوضع قد أسس لحالة الارتقاء بدور العسكر وخاصةً منذ القرن التاسع عشر وتحديدا منذ الحروب النابليونية حيث اصبحوا { محترفين واخصائين للعنف}.
هذه الظروف افردت للمؤسسة العسكرية دوراً غير اعتيادياً بينها وبين السلطة والشؤون العامة.. وخاصةً في العالم الثالث وهذا ما يتضح من تاريخية السلطة في العراق منذ العصور القديمة .. وبالتالي وجدلياً، يُرصد بالعراق المعاصر وجود نزعة نحو العسكرة والتجيش الاجتماعي، خاصةً لدى الضباط المؤسسين للجيش العراقي، الذين ورثوا هذه النزعة من السلطنة العثمانية التي كانت تعتقد أن معيار التقدم يكمن في امتلاك قوة عسكرية ضاربة وجيش قوي، يضاف إلى ذلك ما تهيئه البنية الطبقية غير المتبلورة، لمجتمعات هذه البلدان حيث أفرزت للجيش دوراً في الحياة الاجتصادية/ السياسية باعتباره أكبر قوة عنفية منظمة فيها. والأكثر من ذلك عندما اعتقد الضباط أن لديهم مشروعاً تنموياً.
وانطلاقا من هذه الظروف العامة وما تفرزه الذات المهنوية للضباط الذين ضخموا دورهم بنرجسية عالية، عوامل أفرزت للمؤسسة العسكرية (مخزن القوة) أدوراً مهمة في المجتمع تمثلت بحماية الدولة من العدوان الخارجي ولكنهم تمادوا في التماهي مع السلطة .. حيث برز دورها في تأسيس الدولة العراقية المركزية وتوطيد كيانها، بعد ان سلمت قوى الاحتلال الأول (1914-1932) المفاتيح المركزية للدولة الحديثة، للضباط الشريفيين الذين حموا وأمنوا سريان مفعول قرار السلطة المركزي، بل حتى، وهذا الاخطر، ساهموا من خلال الدولة والطاقم الاداري لقوى الاحتلال، في تهيأت ظروف تكوين انماط (التشكيلة) الاجتماعية شبه الاقطاعية وترسيخ بنيتها من خلال:
- تهيأت ظروف وتربة التشكيل؛
- في تحقيق التغييرات الجذرية من الناحيتين القانونية والادارية وتحكمهم فيها؛
- تنشيط العلاقات الاقتصادية وخاصة السلعية النقدية بصورة واسعة في المدن والحواضر؛
- احداث تغييرات في بنية النظام السياسي والتأثير عليه.
في الوقت نفسه علينا ملاحظة أن فعل التغيير في المجتمع من قبل القوى المدنية ( الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني)، غالباً ما أتسم، ولا يزال، بالضعف العام وعدم قدرتها على تداول السلطة بصورة سلمية نتيجة القمع والاستبداد من جهة ومن جهة ثانية كون هذه القوى السياسية ( العراق نموذجا) لم تؤسس ضمن سياقات الصراع الاجتماعي قدر كونها تأسست مع تكوين السلطة الحديثة في عام 1921، والتي جاءت مكوناتها من فوق، أي كإلتزام من قبل الدولة المنتدبة، لتكوين بنية السلطة السياسية ومؤسساتها.. فكانت الاحزاب عموما غير متوائمة مع الصراع الاجتماعي ولا الظروف الحسية والذي طور بدوره بنية ورؤية هذه الاحزاب.
بمعنى هناك خلل بنيوي في مهام واهداف هذه الاحزاب وخاصةً تلك التي تبنت فعل التغيير الاتقلابي العسكري وبالتالي عدم قدرتها على قيادة فعل التغيير .. طالما ان القوتان الآرأسيتان في التغيير هما: الجماهير الشعبية ؛ و قوى العنف المنظم (العسكر). ونظرا لضعف الأولى وغياب وعي الضرورة لديها وعدم تنظيمها بتلك القدرة على التغيير، افسح المجال للقوة العنفية المنظمة كي تلعب هذا الدور. لنا من تاريخية السلطة الملكية خير نموذج.. حيث ساهمت بقوة الاحزاب السياسية على تعدد مشاربها الفكرية في احداث التغيير بصورة سلمية.. لكنها عجزت عن ذلك.. مما اقنعها بضرورة التعاون مع المؤسسة العسكرية لاحداث التغيير. وهذا دفع إجباراً برائد الديمقراطية البرلمانية كامل الجادرجي إلى التعاون مع الضباط الأحرار بعد اقتناعه بعدم قدرة جبهة الاتحاد الوطني على إجراء التغيير المطلوب


** لماذا شخصية الزعيم عبد الكريم قاسم مثيرة للجدل؟ ولماذا ألصقت تهمة الجنون بالزعيم وما هي الأسباب الحقيقية لذلك؟

***
إذا انطلقنا مما قاله الروائي المبدع غابريل ماركيز من أن { للأشياء حياتها الخاصة، علينا أن نوقظ روحها}.. كما أن التأريخ هو الخميرة الوحيدة التي لا تفسدها الحذلقة المبتذلة طالما إن فهم الظواهر التاريخية لا ينفصل عن الاقامة في التاريخ وصنعه والذي يعني في الوقت نفسه صنع الانسان لنفسه.. أي أن صعوبة الفهم تبدأ من لا امكانية النظر في التاريخ من زاوية مجردة .. طالما أن التأريخ هو حصيلة التداخل الذاتي بالموضوعي؛ المرغوب بالمفروض؛ والخيالي بالواقعي؛ التاريخي بالا تاريخي؛ الحقيقي بالوهمي؛ الفردي بالجماعي...ألخ.
من هذا المنطلق أصبح قاسم لغزاً لأولئك الذين لم يستوعبوا الظاهرة القاسمية التي هي كما أرى: {ظاهرة عراقوية ربطت الانسان العراقي ببيئيته ومحيطه السيسيولوجي والثقافي بإمتداده القومي، كما تفسر القاسمية بعضُ من ملامح التعددية الاجتماعية والاثنية لتتوغل في تجسيد الهوية الوطنية بجماليتها وانسانيتها}.
عليه كان قاسماً لغزا، كذلك بالنسبة للقوى العالمية التي خاصمته ليس كذات فحسب بل كمشروع وطني ينطلق من نظرته الواقعية لدور العراق ومصالحه الأرأسية.. كصيرورات يلوج بها في العلاقات الدولية. لذا فيجب النظر لقاسم ليس من خلال النظرة البونبارتية ( من سماتها تعزيز سلطة الدولة ومركزيتها المقترن بالتوجه العنفي نحو سيادة النظام الرأسمالي كما من سماتها بالمعنى الاوسع ، الدكتاتورية المستندة إلى قوى العنف المنظم والمناهض للديمقراطية)، بل في اختلاف قاسم العسكري عن السياسين الأخرين في :
الولاء والانتماء؛ في الخلفيات الفكرية والمعرفية، من حيث الغائية المستهدفة؛ من حيث الجامع الوطني النافي الطبيعي للولاءات الدنيا؛ من حيث أولوية عراقية العراق دون التخندق فيه؛ من المضامين الواقعية لخطابه السياسي؛ من خلال فعل التغير الغائي التاريخي المستهدف؛ من دوره الحيوي الوسيط بين الطبقات والقوى السياسية...ألخ.
في الوقت نفسه أني اعتقد أن قاسم قد استرشد ، بوعي أو دونه، بالفكرة الهيجيلية التي نظرت للتاريخ باعتباره {عملية تغيير الانسان لبيئته، وإنه حيثما لا يوجد تغيير فليس ثمة تأريخ}. إن التماثل بين هذه المقولة الفلسفية الهيغلية والماهيات الحقيقة لقاسم .. ولدوره مستنبطة من التداخل والتفاعل الجدلي لعدة عناصر هي، كما أرى:
- عمق مضمون التغيير الجذري الذي قاده؛
- مكونات ومفردات برنامجه العملي والاهداف المبتغاة؛
- طبيعة إدارته للحكم وكيفية حله للصراع الاجتماسياسي وتنا قضاته الداخلية والخارجية؛
- موقفه كوسيط في المجال الحيوي للعلاقات المتبادلة بين الطبقات غير المتبلورة؛
- شرعيته السياسية المنبثقة من سعة التأييد الشعبي وغائية خطابه السياسي؛
- من غائية التغيير المستهدف للطبقات والفئات الاجتماعية الفقيرة؛
- من منطلقه الفكري المرتكز على قاعدة الحداثة والمعاصره؛
- من ممارسته العملية الواعية والمتخطية للواقع القائم والمتناقضة معه؛
- من اخلاقياته ونزاهته وعفة يده ولسانه.
هذه العوامل وغيرها جعلت منه لغزاً في نظر الذين لا يفقهون ماهية الفرد العراقي، كذات فردية وجمعية، ولا ماهيات الواقع الاجتماعية الثقافي وتاريخيته. لذا فقاسم يجب النظر إليه بكونه واقع متمنى لا يقف دون التمادي على الغايات المنتظرة منه أو بالعكس الرغائب المسقطة عليه التي تحاول إنهاء مكانته ودوره في تاريخ العراق المعاصر. وهؤلاء اختلفوا في تحديد علل وأراسيات الدور الذي قام به قاسم وقيادة صيرورة التغيير، لأن أبجدية الفهم عندهم ذات ترتيب غير موحد، لأنهم قرأوا تاريخ التغيير وقاسم كسجل لإرادة فرد أو كأثر لعامل واحد لا غير ...ألخ. أنه لغز لكونه خارج سرب الحكام في المنطقة من حيث نظافته السياسية وغاياته المستهدفة ونقاوة حركته من ارتباطها بالقوى الرأسمالية، كما انه لم يكن براغماتياً في سلوكه السياسي وأنطلق من عراقيته بالاساس.
أما الشق الثاني واتهامه بالجنون؟! فقد كانت تهمة مستقاة من قاموس الشتيمة اللا اخلاقية والمكر السياسي، لا بل أخذوا يشككون حتى في وطنيته وانتماءه .. وقد ساهمت العشرات من وسائل الاعلام، المرئية والمسموعة والمقروءة، وشارك فيها العديد من حكومات الجوار العربية وغير العربية، وتلك المراكز الرأسمالية البعيدة وعشرات الاحزاب السياسية وشخصيات كثيرة. بمعنى لآخر تجاوزت شتيمة قاسم الحدود الجغرافية والاخلاقية والسياسية، وكانت مؤسفة بإسفافها، مخجلة في أكاذيبها ومبتذلة بإسلوبها.
بمعنى آخر كان هنالك تماثل وتطابق نسبي بين ظاهر (شكل) قاسم وجوهره (المضمون) الحقيقي، مما أهله أن يحصل على وعي الذات ، أي يدرك حقيقتها وماهياتها ويضعها في الفعل اليومي العضوي المتناظر مع ما تطرحه الحياة. بمعنى إنعدام وجود انفصال لدى قاسم بين وعي الذات والغائية التي حاول تحقيقها. وهذا ما يفتقده الكثير من السياسيين والحكام .. لذا نظروا إليه كلغز.. وهذه الصفة استخدمتها التقارير البريطانية عندما وصفت الراحل قاسم.. وتلاقفها المناهضين له داخل العراق.
لقد شملت هذه الحملة اللا اخلاقية ، أثناء حياته أو بعد استشهاده ، النواحي الشخصية والأسرية، إذ ألفت الأغاني البذيئة وألفت النكات السوداء، ونظمت الأشعار الهجائية وشوهت الوقائع وحرفت الحقائق وأختلقت الحوادث التي لا تمت بالواقع بأي صلة. حتى أدعوا بأنه من أرومة غير عربية عندما نسبوا لولدته كونها كردية فيلية. لقد أوضحت هذه الحملة عن مدى تدني الوعي الاجتماعي للقوى المناهضة له والتي لا تعرف البناء، في تجلياته الجمالية والاخلاقية والسياسية.


** ما هو مفهوم الشعوبية تاريخيا ولماذا تم استخدامها مع الزعيم عبد الكريم قاسم؟

***
في البدء مر هذا المفهوم تاريخياً، بطورين أبان القرنين الثاني والثالث الهجري (الثامن والتاسع الميلادي). فالطور الأول: تمثل في مطاليب الكتاب والعلماء المسلمين من غير العرب (الموالي) بمساواتهم بنظرائهم العرب إنطلاقاً من الآية الكريمة { وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، نظرا لما لاقوه من تميز في المعاملة من قبل الولاة في الأمصار ومركز الخلافة الإسلامية ذوي المنطق العصبوي منذ تأسيس الدولة الأموية والمتأثرة بالنزعة القبلية ونظم قيمها وليس من المثل الاسلامية.
أما الطور الثاني: فتتمثل بالانتقال في هذه المطاليب من الحالة السلمية إلى نزعة مضادة، كانت تحمل ذات المنطق العنصري والعصبوي العروبي لكن باتجاه معاكس، فكانت تدعو إلى تفوق الفرس،بالأخص، على العرب لانهم وارثوا تاريخ حضاري ضارب الجذور.عليه فكلا الخطابين يتسمان باللا معقولية واللا منطقية وضيق الأفق.. ويعبران في الوقت نفسه عن أزمة بنيوية في نمط تفكيرهما.
أما في الخطاب المعاصر فاللا عقلانية سمته إذ يخلط مفهوم الشعوبية كل من:الشيوعية والشعوبية والشيعة، كمترادفات تهدف إلى معنى واحد. كذلك أُستخدم ضد كل من لا يؤمن بفكر منظريه. كما أنه مفهوم مجرد ذات صيغة مدرسية خالٍ من المضامين الاجتماعية والسياسية، وكغائية تهدف، من منطلق طائفي عنصري، إلى محاربة اتجاهات فكرية وسياسية. إن منظري الشعوبية يعبرون عن فكرة العدو الذي يبطن في داخله الخبث والذي تجده معادياً في كل مكان ويظهر من خارج الإخلاص وتحت هذا المصطلح القائم يمكن أن تدرج جميع الظواهر السياسية والاجتماعية والفكرية.
بمعنى آخر جمع هذا المفهوم عدة مفاهيم متناقضة لا يجمعها جامع مشترك، ويعكس نظرة ذاتوية ذات بعد عنصري يتضح من قول أحد دعاته: (إن من لم يعتقد بأن الجنس العربي هو الأفضل فهو شعوبي آثم). هذه النظرة تعبر عن ظاهرة تعكس أزمة الفكر المتبني لهذا المصطلح ، بإعتباره رؤية تفسر من خلاله العلاقة مع العالم المحسوس وليس المجرد، وتتجلى عمق أزمته عندما يحول العلاقات الاجتماعية المعقدة والمتشابكة إلى مجرد صورة مبسطة ثنائية البعد.. هذا الجمه المتناقض كما يذكرها أحد دعاتها بالقول: (أن الخوارج والشيعة والقرامطة والشعوبية الفارسية أعداء العرب). تتسم هذه العقلية ب: السطحية في تفسير الاحداث؛ مبالغة وسذاجة؛ الربط المُغرض لمتناقضات لا تجتمع؛ ضيق الافق الفكري ذات البعد العنصري.

وقد شهد العراق المعاصر ( منذ مطلع القرن المنصرم) الاستخدام المكثف لهذا المفهوم..وتوضح تاريخية السلطة إن هذا الاستخدام يُثار في اعقد مسارات التجديد للعقد الاجتماعي بين السلطة والقوى الاجتماعية الحية. كما انه يُعتمد في مفاصل الصراع بين المدرسة العراقوية التي تنطلق من أولوية عراقية العراق والعروبية التي تنطلق من اولوية عروبة العراق. وهذا ما يشهد عليه تاريخ الصراع الاجتماعي بين المدرستين وبينهما والسلطة. لذا كان عقد العشرينات بداية الاستخدام المكثف وذلك عندما شرعت السلطة السياسية في تحديد مكوناته ومساراتها ومضون عقدها الاجتماعي، ثم عاد للظهور بقوة أثناء حكومة انقلاب 1936 العراقوي النزعة
، وخمد بعد إسقاط هذه الحكومة.. ثم ظهر أثناء الصراع بين المدرستين في نهاية الاربعينيات.. وأُستخدم بصورة شديد أثناء الجمهورية الأولى (14تموز1958- 9 شباط 1963) .. وقد تبنى التيار القومي بكل قواه السياسية هذه الفكرة وكان هذا التيار يرى ان عبد الكريم قاسم ليس عربي النسب، لان والدته من المذهب الشيعي؟؟


** كيف تفهم تهمة شق الأحزاب وسياسة التوازنات بين الأحزاب القومية وعدم إجازة الحزب الشيوعي العراقي وإجازة داود الصايغ في 9/1/1960 ؟ و هل تهمة و موضوعة شق الشعب دقيقة ؟

***
في البدؤ لا بد من التذكير والتأكيد على أن : الافكار العامة لعبد الكريم قاسم كانت ذات منطق بناءً؛ يفصل الرئيسي عن الثانوي؛ يعرض الإشكاليات الأرأسية ويفرز الصالح منها والطالح؛ ذات إستدلالاات استنباطية تتيح استخلاص نتائج حقيقية؛ كما اتسمت أفكاره بالصدق والكثير من الموشضوعية؛ كما أنها نحتْ منحى أنسانياً؛ وأبتعدت عن الإكراه والعنف ( رغم انه من الناحية المهنية اختصاصي في العنف)؛ عن السلفية والتزمت؛ عن اللاتاريخية واللا واقعية؛ كما كانت أكثر ملائمة لواقع العراق آنذاك. لم يكن كان منظراً ويهيم بالتنظيرات المجردة بحثاً في الحياة، قدر انهماكه في ذات الحياة.
ومن هذا المنطلق فرضت الظروف آنذاك أن يلعب قاسم بشكل متميز وإستثنائي ، دور الوسيط في المجال الحيوي للعلاقات المتبادلة بين الطبقات الاجتماعية وحل صراعاتها، والقوى السياسية وتطلعاتها. في الوقت الذي كان على الطبقة البرجوازية والفئات الوسطى أن تقوم بهذا الدور كما تفرضه ظروف وضرورة المرحلة آنذاك. لكنها تخلفت نظرا لضعف تركيبتها العضوية وعدم استيعابها لهذه الضروة ولقوانين التطور وموقعها في العملية التاريخية.
وتأسيساًعلى ذلك وإستدلالاً من الوقائع المادية ، فقد وقف قاسم موقفاً وسطياً فرضته ظروف الصراع الاجتما سياسي والزمكاني لعراق ما بعد التغيير الجذري، نتيجةً لتدل الاصطفافات الطبقية الجديدة وما تبعها مو مواقف سياسية ورؤية مستقبلية. أعتقد إن موقف قاسم هذا يعني في بعض جوانبه وعيه لمشاركة اغلب القوى المؤثرة ومشاركتها في إدارة السلطة. أي أن قاسم وعى الضرورة الاجتماعية وماهيات الصراع وأبدى مواهب فذة في التكتيك وماسكاً وعناداً في
في التمسك بمبادئه. كما أعتقد إن موقفه هذا كان مجبرا على سلوكه.
إن موقف قاسم الوسطي لا يعني البتة تبنيه فكرا تركيبياً من اليمين واليسار ، لأن مثل هذه الفكر محكوماً عليه بالتناقض. لذا لم يعتمد كلياً على أي حزب أو مجموعة ولم يرغب في سيطرة أي حزب على الواقع السياسي برمته ويبسط نفوذه على كل مكونات المجتمع المتنوع التركيبات، لآن ذلك يعني ، ضمن ما يعني، إلغاء الآخرين. وكان هذا الموقف الفلسفي الوسطي مستنبط من واقع الحياة وتطور القاعدة المادية وكذلك مما حدث من صراع بين الاحزاب السياسية ومما يفرضه الواقع الموضوعي.
لهذا مارس قاسم الضغوط على اليسار وكبح غلواء اندفاعه نحو الجذرية والرديكالية في المواقف ورؤيته المستقبلية في مجتمع يفور بالصراع وعلاقات دولية في اوج صراعاتها. كما كبح قاسم جنوح اليمين القومي واندفاع في إهمال واقع التركيبة الاجتماعية للعراق وتعدد موناته ومن خطل ماضويته الفكرية وضيق مساحتها الزمنية وتبنيه للفكرى الانقلابية. كما لعبت الظروف الدولية وضغوط المراكز الرأسمالية على قاسم واجباره على كبح توجهاته التقدمية الجادة ليس مع اليسار فحسب بل حتى في نهج يسار الوسط المستقل.
يا ترى هل أن المرحلة وطبيعة علاقاتها المعقدة وتخلف القوى المنتجة وتعددية انماطه الاقتصادية وطبقاتها المتناظرة .. هل تسمح مثل هذه الظروف، وحسب الممكن والمتاح، بغير هذا الموقف الذي وقفه قاسم ؟؟؟؟؟؟؟؟ وعليه فإن تهمة شق الأحزاب سوف لا تصمد أمام هذا الواقع المادي. بمعنى أن الظروف اجبرته على هذا الموقف بالاضافة إلى كونه ينتمي من حيث البعد الطبقي إلى الطبقة الوسطى.. والتي من سماتها الوسطية .
بصدد علاقته بالحزب الشيوعي العراقي .. فإن هذه العلاقة تمتد لفترة طويلة نسبياً ، وبالتحديد إلى أواسط الاربعينيات عندما نسج قاسم علاقة مع بعض الضباط الصغارالشيوعيين من أنصار الجناح المنشق عن الحزب آنذاك / جماعة داود الصايغ (رابطة الشيوعيين العراقيين) عام 1944 من أمثال سليم الفخري وغضبان السعد وغيرهم. كما نسج قاسم منذ مطلع الخمسينيات علاقة مع بعض الكتاب التقدميين من مختلف التوجات الفكرية والحزبية وكان منهم شيوعيين من امثال عامر عبد الله وكمال عمر نظمي وغيرهم . تعمقت هذه العلاقة وأتخذت مسار التنفيذي عندما كلف قاسم الحزب الشيوعي العراقي في نهاية 1956 ومطلع عام 1957 بسبر غور موقف الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية، عن امكانية مساندة الثورة العراقية القادمه وحمايتها من التدخل الخارجي المحتمل، ومن ثم ابلغ قاسم يوم 10 تموز 1958 كل من الحزبين الوطني الديمقراطي والشيوعي العراقي بموعد الثورة.
اصل إلى ان هناك علاقة تاريخية غير مباشرة بين قاسم والحزب الشيوعي توثقت من خلال سعي قاسم لتحقيق فكرة التغيير.. وتوثقت هذه العلاقات في خضم الصراع الذي نشب بين قوى جبهة الاتحاد الوطني حول الرؤية المستقبلية للنظام السياسي في العراق وعلاقته بالعربية المتحدة .. وكانت الترجمة العملية لهذا الصراع قد تمحور حول (الوحدة الفورية أم الاتحاد الفدرالي).. وقد ساهم الحزب الشيوعي في ترسيخ النظام الجمهوري من خلال الالتفاف الجماهيري حول النظام والمساهمة في حسم الصراع لصالح القوى العراقوية.
لكن يبدو لي إن صعود تأثير الحزب الشيوعي من جهة وتثوير الشارع السياسي من جهة ثانية، والمطالبة العلنية لتمثيل الحزب في السلطة من جهة ثالثة وكذلك لتدخل بعض القادة المدنيين الشيوعيين في زيارات الوحدات العسكرية.. بالاضافة الى سيادة نزعة التمثيل لدى الحزب والطلب من قاسم أن يكون على وفق رؤيتهم السياسية في إدارة الدولة ومؤسساتها ومحاولة برز العضلات لقوة الحزب في حزيران وتموز من عام 1959والتلويح بفكرة الانقلاب العسكري، والممارسات غير المسؤولة لمؤيدي الحزب في مناحي الحياة وما أشيع من أن قاسم ( محبس بيد الحزب الشيوعي).. عوامل ساهمت في دق أسفين انعدام الثقة بين الطرفين.. ناهيك على تدخل القوى الأخرى غير الشيوعية في تأليب قاسم ضدهم وما لعبته الأمن العامة ودائرة الحاكم العسكري العام والاستخبارات العسكرية من تحريض وتأليب وزرع الشكوك بين الطرفين.. ويمكنا ايضاً أن نضيف إلى هذه العوامل الرؤية الرديكالية التي كان يرفعها الحزب كما لو أننا على اعتاب (الثورة الاشتراكية)، مما اخافت مختلف الطبقات الاجتماعية ودول الجوار والمراكز الرأسمالية ربيع عام 1959.
كما الموضوعية تتطلب منا توجيه النقد لقاسم الذي بدأ يشعر بأنه يمثل الشعب العراقي برمته، وتترسخ لديه فكرة كل الشعب يقف معه؟ كما أن موقف قاسم الوسطي قد ساهم في زرع نوايا الشك المتبادل وجاءت حوادث كركوك التي فبركت الكثير من اخبارها وألصقت بالحزب الشيوعي واستعجال قاسم في تصديق هذه الاخبار وبالجهة التي حددتها قوى هي بالاصل مناهضة لقاسم والشيوعيين.. وهذا ما كشفه قاسم بنفسه بعد محاولة الاعتداء عليه. إلى ذلك تعمق توجه الشك بين الطرفين واخذ يفعل مفعوله في الافتراق. ومن هنا جاءت محاولة حكومة قاسم منح اجازة الحزب لجماعة داود الصائغ دون الحزب الأصلي.. (وقيل) أن ذنون أيوب هو الذي حرض قاسم على عدم منح الاجازة للحزب، كما يذكر ذلك د. عزيز الحاج في أحد كتبه.. لكن ربما هذا لعب دوراً لكن ليس كبيراً في هذا المجال. لآن الدول الكبرى الرأسمالية وزعماء دول عدم الانحياز والدول الاسلامية.. كانوا يضغطون على قاسم كي يبتعد عن الحزب الشيوعي ويقلم أظافرهم ويضعف من تأثيرهم، وهذا ما كشفت عنه الوثائق الامريكية والبريطانية المرفوع عنها السرية.


** لماذا أفتى المرجع الديني السيد محسن الحكيم (قدس الله سره) بفتواه الشهيرة (الشيوعية كفر والحاد) وهي بالأساس كانت نتيجة استفتاء تقدم به احد المقلدين له في الصويرة / الكوت؟

***
كانت المؤسسة الدينية وخاصة الشيعية منها قد خطت منذ نهاية الاربعينيات في المجال السياسي عندما أنيطت الزعامة بالسيد محسن الحكيم.. ومارسات التدخل بالفعل السياسي خلافاً لما سبق وتحت تأثيرعوامل عديدة. وخاصةً بعد أن قويت تأثيرات الفكر الديمقراطي عامة واليساري على وجه الخصوص، حتى أنه دخل بصورة غير معلنة في بعض عوائل زعماء الحوزة الدينية والمواكب الحسينية. وهذا ما أشار إليه طالب الرفاعي ، أحد مؤسسي حزب الدعوة في مذكراته. لا بل أنهم تحالفوا حتى مع الاخوان المسلمين لأسباب سياسية بغية المساهمة بالاطاحة بحكم عبد الكريم قاسم
لقد إزدادت التأثيرات بعد ثورة 14 تموز وبالأخص بعد 30 ايلول عندما صدر قانون الاصلاح الزراعي.. حيث تضررت مصالح الكثير من عوائل الزعامات الدينية التي كانت أحد أهم مصادر دخلها يأتي من شيوخ الاقطاع المالكين . كما لعبت ظروف الصراع الاجتماسياسي إلى دخول الحوزة الدينية بقوة في التأليب ضد نظام الحكم في الجمهورية الأولى حتى بلغت درجة القطيعة الكاملة ، حتى أم السيد الحكيم قد أصدر فتوى عام 1962 بتحريم استقبال عبد الكريم قاسم عند زيارته النجف الأشرف ونيته في حضورة المرجع عبد الهادي الشيرازي، كما يذكر الرفاعي في مآليه. ولهذا كانت هناك أسباب ظاهرية لهذه الفتوى وآخرى مستترة تعرفها المجموعة المقربة من السيد الحكيم وبالاخص السيد مهدي الحكيم والقريبين منه، حيث تشم رائحة التواطيء مع قوى أخرى.
** ما هي المصادر والمنابع الثقافية و الإدراك السياسي عند الزعيم عبد الكريم قاسم ولماذا كان يرتجل خطبه السياسية المباشرة؟

***
في اعتقدي أن واحدة من أهم المصادر الفكرية لقاسم تمثلت في (جامعة الحياة) وما صادفه من تساؤلات حياتية عندما كان الفقر يعض بنابه وعيه الاجتماعي ويثير المكامن الاستفهامية حول الوجود المادي الاجتماعي والتباين الطبقي في المجتمع والاختلافات في درجة التمدن بين الريف والمدينة.. زادها بعداً تأثره بجماعة حسين الرحال- الرواد الأوائل للفكر المساواتي التقدمي من خلال معلمه (المعنوي) الأديب والحاكم مصطفى علي / وزير العدل في حكومة قاسم الأولى. وفي الثلاثينيات تفتحت أذهانه على الاديب العراقي المعاصر وتحديدا بمعروف الرصافي والتاريخ العربي وفكره العسكري ومن ثم التأثر بإطروحات (الشعبية) والاهالي وإلى حدٍ ما بالمساواتية التي يطرحها الفكر الماركسي آنذاك. حتى أنه في سلم ترقيته الوظيفية تأثر وتعمق تفكيره المعرفي بالاساليب والمناهج العسكرية بعد البعد المنطقي.
لقد لعبت أفكار الحزب الوطني الديمقراطي وأساسها النظري المبني على الاشتراكية الفابية الدور الأرأس في تكوين منظومة قيمه الفكرية والاساسية.. خير مثل يضرب هنا .. نراه في سياق إدارته للصراع الاجتماعي { يحكم للفقراء دون أن يحكم بهم}.. ومن خلال استعراض الماهيات المتحققة لثورة 14 تموز نرى أن قاسم قد ركز على محورين أرأسيين انطلق منها هما:
- الهوية الوطنية العراقية؛
- فكرة المساواتية النسبية.
ترجمتها جملة من الانجازات في شتى الحقول الفكرية والمادية ؛ الاقصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية وتحقيق / ما أمكن ، من الاستقلال الاقتصادي وفك التبعية للمراكز الرأسمالية وتحرير الثروات الطبيعية (النفط أهمها) من هيمنة الشركات الرأسمالية الكبرى.

** هل كان للزعيم عبد الكريم قاسم برنامج سياسي واقتصادي؟

*** لم يكن قاسم منظراً يبحث في عوالم التجريد والمفاهيم النظرية للحياة.. قدر كونه عمل في دروب الحياة لاجل تحسين مساراتها وبالاخص للطبقات الشعبية.. وهذا ما تجلى في محاربته للفقر واجتثاث مقوماته المادية والاهتمام بالطبقات والفئات الاجتماعية الكادحة والمنتجة والحد من مسارات وعوامل التفاوت الطبقي، جغرافياً (مدينة وريف) واجتماعياً ( بين الطبقات).
لذا دار قاسم في فلك القوى السياسية الوطنية المعارضة للحكم الملكي.. وتبنى مطاليبها على كافة الأصعدة الحياتية.. لذا كانت الاجراءات العملية تصب في هذا المنحى.. وقد أنجز ما يمكن أنجازه ضمن المتاح من الامكانيات على المستويين الداخلي والخارجي. علماً بأن برنامج جبهة الاتحاد الوطني لعام 1957 قد حدد 5 أهداف لم تمس عمق الذات المجتمعية الجذرية ولم توضح الابعاد المراد تحقيقها إلا بعناوين اصلاحية.. لم تصب ماهية النظام الاقتصادي والسياسي. في حين خطت برنامجية قاسم على تجاوز هذه البرنامجية خلال مدة قياسية من جهة وادمج التغييرين الاقتصادي والسياسي في آنٍ واحد. وهذا يفسر بعض الاحيان أحد الاسباب الكامن وراء تخلف بعض أحزاب الجبهة عن التأييد المستمر لحكم عبد الكريم قاسم.
وإذا عنيت بالبرنامج القاسمي .. فأستطيع القول أن هناك نسق من التفكير لديه أستندت إلى 4 برامج استرشد بها قاسم عند تسنمه المنصب الأراس في السلطة وهي بصورة مكثفة:
- البرنامج الذي اقرته اللجنة العليا للضباط الأحرار؛
- وبرنامج الحزب الوطني الديمقراطي؛
- ما قدمه الحزب الشيوعي العراقي قبيل الثورة،من برنامج اقصادي/ سياسي مكثف؛
- ما اقتضته ضرورة إدارة الدولة بعد نجاح الثورة وما رسمته الخطة الاقتصادية الأولى.
وكانت مجمل المشاريع التي عقد الاتفاقات الدولية بخصوصها كالاتفاقية مع الاتحاد السوفيتي السابق والصين الشعبية وغيرها.. تمثل الإطار العملي لمشروع الثورة. وتستكمل مفردات المشروع وحلقاته من خلال فعل التركيب لمفرداته في الحقول الأخرى: النفطية والمالية والنقدية ، وكذلك في الحقول الاجتماعية والثقافية. ولو جمعنا ما تم انجازه وخطط له لبرهنا على عملية وضرورة هذا المشروع المتتوئم مع درجة التطور الاقتصادي وماهيات التوجه المستقبلي وتوجهها نحو الرأسمالية الموجه، كغائية مستهدفه.


ما إسرار شعبية الزعيم عبد الكريم قاسم عند الناس الفقراء؟


*** انصبت الكثير من الاجراءات الاجتصادية لثورة 14 تموز على مسألة الارتقاء المادي والمعنوي للشرائح والفئات الاجتماعية الفقيرة والوسطى ذات الدخل المحدود.. ومن هذا منطلق ومن خلال تأثره في شبابه، بأفكار رواد المساواتية، كما مر بنا، فنرى إن مشكلة الانسان أمست في مركز اهتمامه وخاصةً الفقراء منهم.. لذا تعامل مع هذا الموضوع من هذا المنطلق الفكري من جهة وترجمه ، من جهة أخرى، في ماهية الاجراءات التي تم تشريعها، كتوزيع الأراضي على الفقراء والموعزين وتطبيق الاصلاح الزراعي لصالح الفلاحين الفقراء وتخفيض أيجارات السكن ونشر المدارس في عموم الارياف العراقية وسن وتعديل قانوني العمل والضمان الاجتماعي الذي عكس فلسفة السلطة الجديدة، كما أنه ألغى الاجراءات المهنية بحق مراتب المؤسسة العسكرية من جنود وضباط صف ومنع استخدامهم في بيوت القادة العسكريين الكبار.. وحاولت حكومة الثورة من الحد من البطالة ونشر ما امكن للعلاقات السلعية النقدية في الارياف والحد من العوامل الطاردة لقوة العمل الشابة فيها سواءً بايصال الكهرباء والماء النقي والمشاريع الصحية وربط الريف بالمدنية وإزالة ما امكم من قانون التفاوت من بينهماوغيرها. لذا لا ترى اية حاضرة كبيرة ومتوسطة دون ان تدخلها فعل التمدن والتحديث.. لذا كانت ثورة تموز قد وضعت الاسس المادية للحداثة والمواطنة ونشر فكرة التوزيع النسبي للثروة كأهداف مبتغاة.. أدت إلى الارتقاء بمستويات المعيشة لجموع الطبقات والفئات الفقيرة والمتوسطة.
هذا الفعل والممارسة المادية الواعية لسلطة تموز أثمرت بتوسع القاعدة الاجتماعية للحكم.. ورأت هذه الجماهير في ثورة تموز وقيادتها وبرنامجيتها خير معبر عن ذاتها المسحوقة وعن تطلعها المستقبلي .. لذا خرجت تناطح السماء بأيديها العارية دفاعا عنها وعن قائد مسيرتها صبيحة اليوم المشؤوم في 8 شباط 1963.. لذا لم تطعم الثورة الوعود المعسولة ولا تلك الغائيات البعيدة ولم يسلك أقصر الطرق لقلوب الفقراء مع ما فيها من رياء .. بل حققت لهم ولذاتهم الفردية والجمعية.. جزءُ من متطلبات تنميتها، المادي والمعنوي، وخروجها من الفقر المزمن الذي عاشت فيه. ومثلت هذه السلطة لاول مرة، ولم تتكرر لحد الان، في تاريخ العراق المعاصر اهتمامها بالطبقات الفقيرة والمسحوقة . من هذا المنطلق أحب الفقراء هذه القيادة حتى انها أخرجتها من تخوم الزمان والمكان.. ومثلت ضميرها وتطلعها.. وبادلتها ذلك الشعور.. فكانت وفية لذاتها الجمعية، كما كان وفياً لها.


** هل كان الزعيم عبد الكريم قاسم دكتاتورا أم قائدا أوحد آم ابن الشعب البار؟

***
كل هذه الصفات هي معيار، أو توصيف لقياس مدى شعبية الحكم من الناحية السياسية والاخلاقية والجمالية، وإن استخدامها يعكس من جهة بعد متبنياه من الماهيات الحقيقة للسلطة ، ومن جهة ثانية يحدد الماهية السياسية لذلك المتبني، وكذلك مقدار التعبير والدفاع عن المصالح. فالقوى الاجتماعية المتضررة من فعل التغيير في عراق تموز وأفقه المستقبلي .. تستخدم فكرة الدكتاتور والفردية والشعوبية وغيرها من التوصيفات. بعكس القوى المنتفعة التي تحاول اذكاء المديح لمحقق مصالحها وتطويرها. الإشكال يكمن ليس في هذه التوصيفات ولا في استخدامها السياسي المبتذل من عدمه،بل في قدر امكانية التطبيق العلمي لهذه المعايير في تحديد ماهية السلطة وطبيعتها الطبقية ومدى شرعية نظامها السياسي ودرجة توئمته مع الظروف الحسية، التي بالنسبة لي هنا، مقدار نجاحها في الارتقاء بمادة التاريخ الانساني، الفقراء من جهة وارساء الاسس المادية للتنمية من جهة أخرى، وضمان الرفاه المادي والروحي للانسان/ الفرد.
وعليه واستناداً لتلك الوقائع التي عاشها العراق آنذاك، فنلاحظ أن الاستخدام اللا علمي لمصطلح الدكتاتور من قبل المتضررين من الثورة أو افقها التاريخي، معللين ذلك بغياب الدستور الدائم وانعدام الفصل بين السلطات وتمركز السلطة وغيرها من الظواهر. في الوقت الذي لم تكن السلطة ولا مؤسساتها، بمفهومها العام، قد أرست مقومات ذاتها بصورة حقيقية في الحياة السياسية باعتبارها تمثل الماهية الطبقية للثورة. كما ان سلطة الطبقة الوسطى لم تثبت ذاتها ولا فلسفتها في إدارة السلطة.. بقدر ما كانت تحاول تشريع مثل هذه الآمور كي ترسي الدولة على أنظمة مؤسساتية بعد فتور الصراع العلني العنفي بين القوى السياسية في مطلع عام 1963.
ومن هذا المنطلق رصدنا الكثير من القوى قد غيرت من استخدامها لمثل هذه التوصيفات.. وهذا ينطبق على الكم الغالب من الاحزاب السياسية الفعالة آنذاك. بمعنى آخر أن هذه التوصيفات كانت ظرفية وليست عاكسة للماهية الحقيقة والعلمية للسلطة. فالحزب الشيوعي استخدم هذه المفردة (الدكتاتور) في زمن الجمهورية الأولى، ومن ثم ابدلها واصبح أحد شهداء الحركة الوطنية ما بعد ذلك.. ومن ثم الصمت عن ماهيته في الوقت الحاضر، إذ لم يتطرق الحزب لقاسم عندما قيم فعل التغيير، بل انصب الكلام على الفعل (التغيير الجذري) دون الفاعل (قاسم). اما احزاب التيار القومي فلا تزال تستخدم المفردات اللا علمية ذات الصيغة المتدنية في وصف مرحلة قاسم برمتها.. وهناك استثناءات لبعض القادة الذين الذين تأسفوا على مشاركتهم في قتل عبد الكريم قاسم.. وذات الموقف مع المؤسسة الدينية التي لا يزال الكثيرمن قادتها (الدينية والسياسية) يحملون ويتحاملون على الثورة وقاسم ، مع بعض الاستثناءات من قياداتهم السياسية.


** ما رأيك بسياسة عفا الله عما سلف التي انتهجها الزعيم قاسم مع أعدائه وطريقة مصرعه في الإذاعة والتلفزيون من قبل نفس الذين عفا عنهم؟

***
لقد مثلت هذه المقولة العمود الفقري لمشروعه المدني والحضاري، كما أنه انطلق منها للوصول بالواقع المراد بلوغه للمجتمع العراقي،كما كانت وسيلة علاجية راقية لواقع سياسي اخلاقي متصارع ،كما أراد بهذه المقولة الانتقال بالوعي الاخلاقي والجمالي من تأثيرات منظومة القيم العشائرية ذات البعد العنفي إلى منظومة قانونية وسلوكية ونفسية متطورة تؤسس على وفق مبادئ التسامح والعفو وبثها في الثنايا الحي للمجتمع بدلاً من النظرات الحقدية والثأرية وقيمها ومعايرها. وكم نحن بحاجة إلى مثل هذه القيم في هذه المرحلة ، كي نتصالح مع انفسنا وبيننا كمجتمع، التي انتهكت فيها قيم الجمال وشوهت معالم الحياة الاجتماعية وانتهكت مضامين التطور والارتقاء.
عكست هذه المقولة موقف قاسم من الحياة رغم أنه (ضابط، اخصائي محترف للعنف) وقد ترجم هذه المقولة في سلوكيته الحياتية العامة، كما قننها قانونيا بمقولة ( الرحمة فوق القانون)، كما كانت كلا المقولتان مرشداً له في إدارة مؤسسة السلطة وتوجهاتها.. وخير ما يترجمها ثانية عندما نحلل خطابه السياسي المشبع بالمضامين الاخلاقية والابعاد الانسانية، حيث قال مرة مخاطباً الاحزاب السياسية المتصارعة عنفياً: أتوسل اليكم ان تنهوا صراعاتكم وتساهموا ببناء البلد! من من سياسي العراق المعاصر كان يخاطب الناس بالتوسل وليس بالقوة؟؟ رغم أن الكثير من الاحزاب لم تفهم هذه المقولة على حقيقة ماهياتها، قدر ما كانوا يعتبرونها ضعف في سياسته ووهن في النظام. كما كانت من سلوكيات قاسم المتسمة بالبنائية أنه وضع الهوية الوطنية كبديل للولاءات الدنيا ( أسرية، عشائرية،دينية، مذهبية ، أثنية ومناطقية)، كما تجلت فكرة التسامح من خلال نظرته الى مسألة التوزيع العادل النسبي للثروة، وإلغاء المذهبية السياسية في الحكم وغيرها من تلك السياسات التي ترتقي بالفرد والمجتمع إلى حالة حضارية أرقى.
وعليه واستنباطاً من قيم التسامح، فلم يستخدم قاسم أساليب الايقاع بخصومه أو/و نصب أجهزة التصنت على خصومه.. أنه كان يسير عكس تيار القيم البالية التي كانت منتشرة بقوة في المجتمع.


**هل كانت قوة الزعيم عبد الكريم قاسم في طريقة موته وحافظ على أسطورة وسمعة طيبة ؟


***
كمنت قوة قاسم في ماهية مشروعه وفي فعل التغيير الذي قاده.. في عراق القرن المنصرم كان هذا الفعل من أهم معالم التاريخ المعاصر.. حيث وضعت العراق على سكة الحداثة.. وهذا مستنبط من جملة التغيرات التي أصاب الواقع العراقي : في النواحي الاقتصادية وفي اولويات الانماط الاقتصادية والسياسة النفطية واعادة توزيع الثروة، وفي القيم الاجتماعية والموقف من المرأة والانفتاح و الحداثة، في حفاظه على مصالح العراق في العلاقات الدولية والانطلاق منه، في تهيئة تربة التغيير في الابعاد الثقافية والتعليمية، في سياسة ادارة السلطة وغائياتها، في الاصلاح الزراعي وابعاده...ألخ.
نعم لعبت تركيبته الثقافية والسياسية والنفسية على صياغة و ارساء سمعته الطيبة .. والكثير ممن اغتالوه بخساسة .. تندموا على هذا الفعل مما رفع من شأنه اكثر فأكثر. نعم كان تراجيديا اعدام الحياة لقاسم، بالاضافة الى أن مضمونها المادي قد أرتقى بسمعة قاسم الى مكانتها من شرعية ما انجزه قاسم للفقراء بصورة خاصة. كما أن قوة شخصية القائد تستنبط من قوة الحركة الاجتماعية التغيرية التي عبر عنها وحققها مادياً.
بمعنى آخر كانت السجايا الذاتية والشخصية للرجل القائد ليست قليل الاهمية لماهية مكانته المتتوئمة مع الضرورة التاريخية والمتزامنة مع الواقع الاجتماعي.. لذا كان دوره في تاريخ العراق المعاصر أكبر شأناً وبروزاً من تراجيديا اعدامه الحياة. كما أن قاسم لم يأت إلى الزعامة إلا بانسجام السمات الشخصية القيادية التي يتمتع بها مع ضروراتالاوضاع الاجتصادية الملائمة لبروز زعامته التي تبلورت ملامحها من خلال إدراكه لنضج ضرورات التغيير الجذري التي إستقرأها من تناقض ثنائيا المصالح بين الحكم وقاعدته الاجتماعية وبين الأغلبية الشعبية ومطالبها، غذ ليس القائد نتاج نفسه ، وليس نتاجاً عرضياً لمرحلته ، بل أنه نتاج تفاعل حيوي بين النشأة الشخصية والنشأة الاجتماعية وتتداخلهما.
وهنا علينا ان التحذير من الوقوع في المبالغة وبالتالي تقديس الفرد/ القائد بصورة عمياء والوقوع في فخ عبادة الفرد ، حيث ينسب لها قدرات خارقة تتيح لها الانفراد في صنع التاريخ وتحديد مساراته حسب مشيئتها.ولد دللت التجارب التاريخية المستقاة من مختلف الشعوب ، إن هناك نوعين من الزعماء.. منهم من يمثلون القوى الاجتماعية ويعبرون عن مطامحهما؛ ومنهم من يساعدون في خلق هذه القوى وتهيأت مستلزمات تطورها.. وعليه القائد العضوي، كقاسم، هو من كان نتاجاً للعملية التاريخية ومساعداً على بلورة تحققها المادي في الوقت ذاته.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قوائم التيار الديموقرطي وتعديل مسار العملية السياسية
- قراءة في رواية التيس الذي انتظر طويلا
- عامر عبد الله - مثقف عضوي
- الابداع والهم النضالي - ابراهيم الحريري نموذجا
- إعادة ترميم صورة الزعيم تعقيب الباحث عقيل الناصري
- القطار الأمريكي 1963 وسباق المسافات الطويلة (الأخيرة)
- القطار الأمريكي 1963 وسباق المسافات الطويلة (7)
- القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (6)
- الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963 القطار الأمريكي وسباق المساف ...
- الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963،القطار الأمريكي وسباق المساف ...
- الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963،القطار الأمريكي وسباق المساف ...
- الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963 القطار الأمريكي وسباق المساف ...
- القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (1-10)
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر :4-4)
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر : (3-4)
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر انقلاب 8 شباط 196 ...
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر :
- 14 تموز والتيار الديمقراطي
- حوار عن قاسم وتموز
- (8-8) من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عقيل الناصري - جوانب من ثورة تموز و شخصية الزعيم عبد الكريم قاسم