أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزام يوسف عمار - الإصلاح الديني, بين النظرية و التطبيق.















المزيد.....

الإصلاح الديني, بين النظرية و التطبيق.


عزام يوسف عمار

الحوار المتمدن-العدد: 4154 - 2013 / 7 / 15 - 05:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تزدحم نصوص نقد الفكر الديني بفكرة "ضرورة الإصلاح الديني" , و يتسابق المفكرون على إثبات وجهة نظرهم تلك عن طريق التسابق على إظهار سوءة الفكر الديني, موجهين انتقاداتهم إلى أمهات الكتب, و إلى رموز التيارات الدينية و مراجع الفكر الديني عبر العصور. إلا أنني و من خلال ما أتابعه لم أجد نصا واحدا يضع خطة أو منهجا علميا للوصول إلى إصلاح ديني حقيقي تقوده عقول متنورة , مشهود لها بموسوعية الاطلاع و احتراف المنهج العلمي في البحث, و أخيرا مشهود لها بالانتماء إلى المدرسة الدينية انتماء مطلقا. قد يستغرب القراء من الشرط الأخير, إلا أنني أصر عليه من حيث أنني لا أتخيل كارل ماركس يقود إصلاحا دينيا , ولا يمكنني أن أفهم كيف يمكن أن يقبل عقل أن تسوق كتائب كتائب الإمام المرتضى و مجاهدو المهاجرين و الأنصار من أجل الديمقراطية, هذا كمثال. الإصلاح يا سادة يحتاج إلى إصلاحيين من قلب الحركة , وليس من خارجها! هكذا كانت بداية الإصلاح الديني منذ عصور الفراعنة و حتى يومنا هذا.
إن الواقعية تقول إن الدين حقيقة مسلّمٌ بها عند البشرية , و هو حاجة ودافع, بل و هوية عند البعض, و أنا شخصيا لا أعتبر هذا عائقا , بل أعتبره فرصة عظيمة لقيام حركة إصلاح ديني مدعومة بالكتل البشرية الهائلة التي ترى في الدين أملا بالخلاص في الدنيا و الآخرة. هذه الجموع التي تعالى المفكرون عليها , و سطروا مؤلفات في نقدها و نقد طريقة تفكيرها و تخلفها , وفي نقد مقدساتها , و كانت النتيجة جلوس المفكرين في البروج العقلية الخاصة بهم , منفصلين عن حركة الجماهير الطيبة التي تنشد الخلاص , و تفتقر إلى المُخلّص!. أنا أرى أن المروجين للفكر العلماني لم يخرجوا من قمقم القائد الزعيم الذي صنعه منطق القوة , و ليسوا إلا وجها آخر لرجل الدين الذي يخاطب جمهوره بما يحب الجمهور أن يسمع , لا بما يجب أن يسمع. و هكذا يكتب الكتاب العلمانيون للقراء العلمانيين, تماما كما يقف رجل الدين ليخطب في جمهوره المتدين. و في كلتا الحالتين يبقى للحرف السيادة , و تغيب شفافية الرقم و دقته و صدقه. فكما فشل المشروع الإسلامي في تقديم دراسة جادة مدعومة بالأرقام و المستندات تشرح كيف يمكن للزكاة أن تكون مصدرا كافيا للدخل القومي , كذلك فشل العلمانيون العرب في تقديم منهج واضح و متوازن يستند إلى الأرقام و الوثائق, ولو بإحصاء جريء يحدد نسبة المؤمنين بأن العلمانية صيانة لحرية العقيدة, وأنها ليست دينا جديدا أو في أحسن الأحوال أنها ليست حركة قاصرة على اللادينيين , و الأهم من ذلك هو موضوعنا - مثار النقاش – لم يكتب مفكر واحد كيف يمكن أن يتحقق الإصلاح الديني وفق خطة زمنية واضحة , و منهج بناء عقلي يرجى منه أن يخلق جيلا قابلا للإصلاح. أيها السادة المفكرون أين أبحاثكم الرقمية, نحن نعيش في عصر الرقم , أما الحرف فهو من ذات الزمن البائد الذي تنتقدونه. ما سأكتبه في السطور التالية هو مجرد نواة فكرة و هي بالتالي تحتاج إلى نقاش و تطوير و مقارنة مع تاريخ حركات الإصلاح الديني:
لن تقوم لهذه البلاد قائمة حتى تكون رحلة رجل الدين هي أصعب الرحلات, ولن يكون هناك إصلاح ديني ما لم يكن هناك منهج لبناء العقول المستنيرة التي تخرج من صلب المؤسسة الدينية .في كل البلاد الإسلامية - المسيحية يتم تهيئة رجل الدين في الثانويات في سن مبكرة جدا و لسنوات قليلة , فلا يتعلم المنطق الرياضي , و لا الجغرافيا و لا التاريخ و لا الفلسفة ولا علوم الفلك ولا الطب و التشريح, ولا علم الحيوان ولا علم النبات . بل يلقن الشرائع كعلوم نهائية قطعية نابعة من الحقيقة المطلقة ذاتها, دون أن تكون لديه دراية فعلية بحقائق العلم التي لم تعد تقبل الشك . وهكذا نجد الدعاة يرتكبون أفظع الأخطاء و يطلقون ما يندى له الجبين من فتاوى و تشريعات و تفاسير للوجود ما أنزل الله بها من سلطان .
لو كان الأمر بيدي لجعلت الموضوع كالآتي:
1- تبدأ رحلة تهيئة رجل الدين بعد الثانوية العامة الفرع العلمي حصرا, ويشترط أن يكون معدل الدخول إلى كلية الشريعة هو الأعلى بين معدلات الناجحين و( وليس من أدناها كما هو الحال هذه الأيام, فكيف يمكن لإنسان غير متفوق دراسيا أن يقدم إسهاما فكريا حضاريا ؟!).
2- لا بد أن تتضمن الدراسة عدة مراحل تبدأ في سن الثامنة عشرة و تنتهي في سن الأربعين. ومن كان عارفا بالنص المقدس (سواء آمن به أم لا) يعلم علم اليقين أن الله اعتبر سن الأربعين هو سن اكتمال الرشد و الرجولة{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }الأحقاف15 {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }القصص14تفسير الجلالين : (ولما بلغ أشده) وهو ثلاثون سنة أو وثلاث (واستوى) بلغ أربعين سنة (آتيناه حكما) حكمة (وعلما) فقها في الدين قبل أن يبعث نبيا (وكذلك) كما جزيناه (نجزي المحسنين) لأنفسهم.
3- إن كان لا بد من دعاة (رجال دين) فلا بد أن يكونوا علماء يشهد لهم عوام الناس قبل خواصهم بأنهم علماء , فكيف يدعو لله من لا يخشى الله! و الله قال :{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }فاطر28
العالِم ليس بحفظ النص بالتأكيد , بل العالم هو من أدرك الحقائق الكونية بطريقة علمية , رجل واسع المعرفة و الثقافة وعظيم العلم بالدين و الدنيا , و هكذا كي نبني علماء حقيقيين علينا أن نبني عقولا قديرة تدرك أبعاد الكلمة وقيمة الرقم و حتمية الحقائق العلمية.
و انطلاقا من هذه المقدمة الطويلة , ومن نظرة واقعية تضع الدين نفسه سفينة حاملة للإصلاح بحكمه الثابت الوحيد الحامل للحقيقة المطلقة لدى الشعوب( منذ قديم الزمان) أرى أن تتضمن رحلة العباقرة الذين سنراهن عليهم اثنين وعشرين عاما تتم جدولتها لدراسة العلوم التالية:
علم الحياة (الخلية و التكاثر, الجنين, النبات, الحيوان, علم الإنسان) بما يشمله من تشريح و فيزيولوجيا و علم الأمراض. فكيف يمكن أن يدعو إلى قيمة الحياة رجل لا يعرف ما يقوله العلم عن أصل الحياة و ضروراتها؟
علم الفلسفة و علم الكلام وعلم اللغة .
العلوم الرياضية : إذ لا يمكن لمن لا يفهم لغة الفرض و الطلب و البرهان أن يضع نظرية متينة الأركان يمكن أن يستند إليها في بناء حضارة.
علم التاريخ وعلم الجغرافيا فهذان العلمان العضويان هما أساس رسم كل السياسات الواقعية, و الجاهل بهما لن يستطيع مقاربة الحقائق و تطويعها بما يخدم المصلحة.
علم الاجتماع: فمن لم يفهم طبائع الشعوب , وآلية تطور المجتمعات, لن يستطيع رصد أي تغيير إيجابي أو سلبي في المجتمع, ولن يستطيع تقديم أي إسهام يفيد المجتمعات.
العلوم الدينية بمختلف تفريعاتها و أقسامها: يأتي علم الشريعة كحصيلة نهائية , ومرحلة أخيرة من مراحل التعلم , بعد أن يكون العقل اختمر و المعرفة اتسعت, والقدرة على استخلاص الخبيث من الطيب عظُمَت.
هكذا فقط يمكن أن يقال إن من يتحدث باسم الدين هو عالم بحق , فهم الدنيا , وهضم الدين, و أدرك أين مواطن النص التي تحتاح إلى إعمال المنهج الجدلي و أين مواطن الإحكام و التطابق مع الحقائق العلمية التي لم تعد تقبل الشك.
في الختام أسألك عزيزي القارئ , من أطلعك على الفكر العلماني؟ , وكيف وصل بك الأمر إلى قبوله ؟ إن كان جوابك سوء استخدام الدين أو فهم المجتمع له فبرأيي لست علمانيا . و إن كان جوابك القراءة و الاطلاع فما أطلبه منك هو أن تضع قائمة بالكتب التي قرأتها و وكونتْ عندك معرفة تراكمية جعلتك تؤمن أن من حق الآخر أن يختلف معك بالاعتقاد دون أن يتعارض ذلك مع مواطنته أو مواطنتك, ضع قائمتك و ساهم بنشرها.
إن التغلب على أكثر من ألف عام من الجهل لا يمكن أن يتم باستحداث قوانين آنية, بل يجب أن يتم بخطة مدروسة طويلة الأمد, تضمن قبول المجتمع للتحول التدريجي من اعتماد النقل إلى تبني العقل , وإذا ما قسنا اثنين و عشرين عاما كخطة لإصلاح نهج انحرف عن ثوابته الأخلاقية لقرون طويلة خلت , فلا بد من منطلق الواقعية أن نقول إن هذه خطة متفائلة جدا.



#عزام_يوسف_عمار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانيون العرب - نظرة في أسباب الفشل


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عزام يوسف عمار - الإصلاح الديني, بين النظرية و التطبيق.