أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محسن لفته الجنابي - تشخيص دون علاج نتيجته طوفان من الأوبئة - في الذكرى الثامنة عشرة للعلامة الوردي














المزيد.....

تشخيص دون علاج نتيجته طوفان من الأوبئة - في الذكرى الثامنة عشرة للعلامة الوردي


محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)


الحوار المتمدن-العدد: 4153 - 2013 / 7 / 14 - 14:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ذهبت و بعض رفاقي الى مجلس للفاتحة , و صلنا متأخرين بسبب أنشغالنا بألتزامات كنّا ننجزها تباعا" بحسب أولويتها , كان المكان قاعة دينية بين البيوت يبدو أنها بنيت حديثا" فبعض أجزائها لازالت قيد الأنجاز تبدو واضحة , دخلناها لنجد عددا" هائلا" من الأشخاص أشغلوا كل الكراسي فلم يبق مكانا" شاغرا" , أسعفنا مكانا" في الزاوية توجهنا نحوه , رأينا أثناء المسير رجلا" يعلتي منبرا" عالٍ كان قد بدأ خطبته لغرض ختم طقوس المجلس , كان ضئيل الحجم , يرتدي عقالا" مع لحية سائبة لم تشذّب يصدح من خلال ميكرفون بحاكية
جلسنا لنردد مجتمعين : رحم الله والديكم الفاتحة
رددها معنا القريبين من الجالسين أما البعيدين فكانوا صامتين عيونهم شاخصة على الخطيب الراعد المزمجر
وبعد أكمالنا للطقس ألتفت الى رفاقي لأسألهم , هل رأيتم فلان , وهو أبن المتوفي الذي حضرنا من أجله فوقتنا ضيّق ولايمكننا الأنتظار طويلا لنهاية الختمة
أجابوا بالنفي , رن هاتف أحد رفاقي بنفس اللحظة , أجاب بهمس أنه في (فاتحة ) وسيتصل بعد خروجه , رن هاتفي فأجبت بنفس الأجابة
حتى حضر صاحبنا ومعه بضعة أشخاص , يبدو أنهم الأقرب للمتوفي , كانوا يسيرون على أطراف أصابعهم بحذر شديد
وقفنا لنواسيهم ونسألهم عن المرحوم كما يحصل عادة في مجتمعنا, كيف حصلت الوفاة وماهي ملابساتها , الرحمة للفقيد ومسكنه الجنة و البركة بيكم , خاتمة السوء والعاقبة خير عليكم
وفيما نحن واقفين نتحدث , عم صمت رهيب قاعة المسجد , كانت أنظار الموجودين تتحرك , ينظرون لنا ثم ينقلون البصر الى الشيخ الذي كان ينظر ألينا بغضب وكأننا كفرنا به و لانعير له وزنا"
تأكدنا أننا سببنا أرباك للجلسه مما جعل الشيخ يتوقف ويزعل , أصابنا الخوف مع الرهبة , فصمتنا , وجلسنا دون أن ننبس بشفة , حتى أن أرجلنا تخدرت , تنفسنا الصعداء حين واصل الشيخ خطبته
كان ممتعضا" يتكلم صارخا" بالكاد يسيطر على نفسه , تغيّر فجأة مجرى خطبته , أستهلها بآية من سورة التوبة , ثم تناول أصول أحترام مجلس الرسول وآل بيته , فهو مجلس مقدس وعلى الجميع أن لايتنفس , ثم تطرق الى أسباب تردي المجتمع , وكيف أستفحلت بسبب الأبتعاد عن المجالس , وماهي عقوبة المتكلمين أثناء الخطبة , شن هجوما" غير مسبوق ومن جميع المحاور و الهدف نحن من عكرنا مزاجه , البعض شعر بذلك فكانوا يرموننا بنظرات بطرف أعينهم شامتين , وكأن لسان حالهم يقول : حيل بيكم وبعد لاتسووها تره تتبهذلون .. هذا مجلس مقدس يمنع فيه الكلام والهمس وحتى النفس , الولاء والطاعة هي فقط سبيل النجاة من الواعظ المتمرس , ذلك الأنسان الضئيل الحجم يمتلك قدرات سحرية , بأمكانه أن يحول أغلب الحاضرين الى وحوش بشرية تأكلنا بأسنانها لمجرد أننا تصرفنا بعفوية و تحدثنا لنختصر الطقوس لنغادر مبكرا" بسبب ضيق وقتنا , صرنا كفّارا" بنظر الموجودين والبركة بالشيخ الحاكم بأمر نفسه .. ربطت المشهد الذي جرى على الفور بقراءات العلامة علي الوردي لمجتمعنا , كنت أتصورها متأخرة وبعد أن شهدنا عهود الأحتراب الجاري وجدتها مبكرة , فهو الوحيد الذي تجرأ على تناول تلك الأمور التي يسمونها مقدسة , فالواعظ هو أخطر مافي المجتمع , يمكن أن يؤلب الجميع ويحشدهم ضد أحدهم بمجرد ترتيبه لكلمات مقدسة يحشر فيها ما يشاء من الأوامر ليجعل المجتمع قيد أمره , كذلك يؤثر بالمستمعين ليقلدونه فيفشلوا غالبا" ليحاولوا تطبيق الأمر على غيرهم فيذيقونهم الويل و يحيلون أيامهم ليل مظلم , تحول بعضهم الى تكفيريين يقتلون كل من يخالفهم , والبعض الآخر تحولوا آلات تلعن كل من لا يرضخ لأمرها , زاد الوعاظ و باتوا ألوانا" فيهم من يعظ لنفسه أو للمصالح أو للسلاطين وحتى لدول أخرى , فزاد تلاميذهم العاجزين أصلا"عن تطبيق المقاييس الأخلاقية التي يتلقونها , فصبوها جحيما" فوق رؤوس المساكين ليبتلى بهم غيرهم , لتزداد العبودية وتزدهر الكراهية و السباب ومعها كثرت أعداد الفرق المتصارعة لتتحول الى قنابل تحصد أرواح الناس دون أن أدنى رحمة .. رحمك الله أستاذنا الوردي معلمنا الذي شخص الخطير من الأسباب المدمرة لمجتمعنا دون أن يبرز أحدهم ليضع لها العلاج حتى فاحت و شاعت لتنال منّا وتبلغ الآن ذروتها دون ظهور أي علاج يذكر وأنتهت سنة أخرى دون الأخذ بما صدق الوردي




#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)       Mohsen_Aljanaby#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معارضون أم طغاة أم توائم متماثلة
- مكابدات (مونيكا) في العراق الجديد
- قاتل المئة بضربة واحدة
- خشمك مضايقني ... روح غيّر أسمك
- منتوفات من لحيّة الطمّاع
- خلالات العبد وأنتخاباتنا الديمقراطية جدا
- تناشدني عليك الناس وأتحيّر شجاوبها
- حكاية طيلو و السعلاة
- ربطة عنق في ليل بغداد
- شهادة في ذكرى آخر حرب - الحلقة الأولى
- في الليل ضيّعت السمك
- جويسم و حلمه الكبير
- باب الشرجي .. باب الشرجي
- حجّي مجيد وشكري بلعيد و بانوراما الكواتم والثريد
- كلاكيت من الفرن
- عايف أمه وأبوه ولاحكَ مرت أبوه
- ثقافة كظ أخوك لا يتيه وزراعة النخيل
- شكري بلعيد كوكبنا الجديد
- الحسد موروث واقعي مابين القدريّة و التبرير للفشل
- خراويت على جدران الصبّات


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محسن لفته الجنابي - تشخيص دون علاج نتيجته طوفان من الأوبئة - في الذكرى الثامنة عشرة للعلامة الوردي