أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - أهم الأسباب في لبس البراقع واللثام















المزيد.....

أهم الأسباب في لبس البراقع واللثام


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1189 - 2005 / 5 / 6 - 08:34
المحور: كتابات ساخرة
    


لم أكن غيبيا أومتعلقا بحبال الأوهام والاسترسال بالأحلام والسفر المجاني والعبثي خلف المجرات على حساب البلغاء والفصحاء وبياعي الكلام .كما لم أكن يوما ما سوى مشاغبا فكريا,و" تنحا ً" دماغيا ,وعصياً على التدجين عقليا, ولم تكن الأفكار تنساب بسهولة ويسر في تلافيف المخ ,وتجد مقرا لها بسهولة في أعماق ومجاهل ذواكر ودفائن النفس الشقية .ولم تكن مسلّمات الاستهباليين الكبار,التي يطلقونها بلا حساب أمام الدهماء , تعني لي أي شيء على الإطلاق قبل فحص وتمحيص ودراسة وتشذيب وتقليب وميزان.ولم تفلح كل أنواع "المخدرات" في أن أفقد وعيي ولو للحظات, وكانت دروس وجلسات غسل الدماغ المفروضة في السياسة والاقتصاد وعبادة الأصنام, وترويج علوم الغيب و"الخرابيط" والترهات, تشكل لي كابوسا حقيقيا لا أصحو منه إلا عندما تنتهي حلقات التسميم والتلفيق ويلملم أوراقهم بائعو الأوهام والخزعبلات والزعبرات, ويكفون عن الكلام "المباح".ولكن وبنفس الوقت كانت قناعات الناس بالنسبة لي موضع احترام وتقدير على أساس أنها خلاصة لبيئة الإنسان وتربيته,ونظام سايكولوجي مركب ومعقد جاء لبث الطمأنينة والراحة في النفس, ولا يمكن نزعه منها بالسهولة التي يتصورها البعض .ومن الضرورة بمكان ,أيضا ودائما, وجود ذاك التنوع والاختلاف, وهذا سر من أسرار الحياة وجمالها بآن.ومن الخطأ الفادح أيضا تسفيه وازدراء أي كان ,ومهما تواضعت علومه ومفاهيمه في الحياة.ومن هنا بالذات لم تعن لي أي شيء معركة الحجاب التي نشبت في أعقاب قرار السلطات الفرنسية بمنع ارتداء الحجاب,والرموز الدينية في المدارس الفرنسية ,من باب لكل خصوصياته, واعتباراته, وتصوراته, وحتى مصالحه الخاصة, التي يجب عدم إهمالها ,وضرورة أخذها بالحسبان .وهذا في النهاية قد يتحول إلى جدل بيزنطي قد لا يحسم حتى نهاية الزمان, ولا يصل أحد معه لنتيجة,ومن باب حتمية استمرار ذاك السجال الأبدي بين الأفكاروالتيارات والمعتقدات,رغم أن الشفافية وفضح المستورات والمخبوءات أمر ضروري ولا بد منه في نهاية المطاف,ولكن لا علاقة لهذا بأية حال بأعراض وعورات الناس والحشمة والأدب المطلوب في كل مقام. ورغم أنني أقف في المنتصف تماما في موضوع الحجاب الحساس بمفهومه الديني البحت,ومع الاحترام التام لكل الآراء والاتجاهات والمعتقدات.

ولكن ,وفي الآونة الأخيرة ,أصبحت متيقنا بضرورة وضع أي شيء لحجب ومنع كل ذاك "السفور السياسي" الذي بدأ يظهر للعيان,وذاك النفاق الإعلامي الهائم العائم على كل المتناقضات والسفائف, ودرءا للمفاسد ,والنوازع الشريرة التي يحفزها عند الكتاب والثرثارين ,أصحاب الحناجر الضيقة,والألسنة الطويلة من حملة الأقلام ومستخدمي الأنترنت والـ"كي بورد".وصار لابد من إخفاء تلك الوجوه العابسات التي ملها الجمهور, والتي تكتنز كما هائلا من الحقد والكراهية والبغضاء ,ونفوسا مشحونة بالغل والعداء ,وإخفاء صور العسكر والجنرالات التي تثير أيضا الرعب والخوف والهلع في نفوس الأطفال.

ولفت نظري وبقوة, موضوع, وفلسفة ارتداء الحجاب, من عدة جهات.وأهميته الكبرى عند مشاهدة المثيرات, والمغريات, والمحفزات التي تبعث على مناطحة الرؤوس بالصخور والحيطان وارتكاب الرذائل والسيئات ,والعياذ بالله. ولسنا هنا بصدد الحديث عنه من وجهة النظر الدينية البحتة كما أسلف ذكره,وتركنا أمر ذلك للجهابذة والفقهاء.ولا سيما أنه موجود في كل الأديان والمعتقدات,حتى إنه يطبّق على الرجال في بعض الأديان كالسيخ الذين يعتبرونه مقدسا ,ويمنع حتى على الرجال نزع تلك العمامة المميزة عن الرأس ذي الشعر الطويل المسترسل .وكذلك هو الحال بالنسبة لجميع المتدينين من أصحاب العمامات ,واللفائف, والقبعات التي نراها في كل مكان,ولكن من وجهة نظر عادية تتعارض هنا مع روح ونزعة الشفافية التي يطالب بها الجميع,في ذروة هبوب عاصفة الإصلاحات عند الأعراب .ولا سيما لجهة الستر والتمويه والإخفاء ,وهناك الكثير من الأشياء الواجب إخفاؤها وعدم إظهارها وفضحها أمام الناس لان في ذلك استفشارا,وإثارة,وعدوانا,وتطفلاً على مشاعر الناس.

نعم لابد من فرض "الحجاب السياسي" أحيانا,ليس لتغطية الجمال والحسن الرائع الفتان الذي يهواه القلب والوجدان ,وتذوب له قلوب صناديد الرجال,ولكن لإخفاء الكثير من العورات السياسية التي بدأت تظهر جليا وعلنا ,وبدون خجل ومواربة وحياء ,وتستثير أحاسيس وعواطف الناس وتحرك فيهم غرائز التوتر ,ونوازع الاحتقان ,وأسباب ارتفاع ضغط الدم وانفجار الدماغ. وفي الزمن الذي يتم فيه ارتكاب الفواحش السياسية على الملأ وإدمان المجون والانحلال ,والتحلل الأخلاقي,وممارسة الموبقات التي تروج للشذوذ السياسي والفلتان .وقد أصبح عند العربان -والحمد لله- نجوما في البورنو وانتاج الأفلام الزرقاء التي تظهر عمليات اغتصاب الأوطان والمتاجرة باللحوم البيضاء.وأصبحت الدعارة الإيديولوجية, والتسول, والوقوف على الطرقات, لالتقاط الزبائن, تجارة رائجة تباع وتشرى ولها مريدوها وأتباعها من مختلف المستويات, ويتاجر بها كل الأشراف الذين يحجون ويتبركون ببيوت السياسة والقرار ذي الألوان الزاهية البيضاء.وعندما يطل أحد المستفشرين الطغاة يصبح من الواجب والفرض تغطيته,وستره ,وحجبه نهائيا عن الأنظار ,وعدم إماطة اللثام عنه أمام الكاميرات ,لكي لايراه ويسمعه الناس ولكي لا يتساقط الناس كالذباب جراء الإصابة بالأزمات القلبية,وعدم انتظام أجهزة الجسم بعد التعرض لأشد أنواع الصدمات ,وبعدما فقئت وعميت عيون المساكين من هذه المناظر العوراء,وبعدما صمت آذانهم من الأصوات النشاز التي يصدرها المزمنون في بلاغة النفاق من خطباء السلطان.وكم كنت أعجب بأولئك السفاحين الذين يقطعون الرقاب ,ليس لممارسة فعله الإجرامي الشنيع المدان لا سمح الله,ولكن لأنهم كانوا يخفون وجوههم القبيحة السوداء ولكي لاتصبح هناك مأساة فوق مأساة.

ألا يستأهل التدثر والتغطية بـ"الحجاب السياسي" إن صح الكلام, كل هذا الفجور الذي بانت فيه كل السوءات والعورات وترهلت فيه جلود "عواجيز" السياسة وتلطخت بالبقع السوداء,ولم يبق شيء معيب وناقص من الفواحش والمنكرات لم يعرض على الملأ ,ويظهر ويمثّل للناس,وسقطت عندها كل المحرمات؟ ولم يعد أحد يريد أن يرى هذه السحنات الشاحبات ,والوجوه الكالحات, والابتسامات الصفراوات, وهذه البطون المتورمة ,والكروش المجعدة المتدلية إلى السيقان المكتنزة من شحم الأوطان وهي عارية جرداء,والأرداف الممتلئة بالدولارات,والأوداج المنتفخة من اجتياح مؤسسات النهب العام.كما لم يعد أحد يريد أن يرى هذه العورات المخجلة في وضح النهار تتهادى غطرسة وبطرا وتملأ الشاشات المملوكة حصرا لديناصورات النخاسة وترويج الزور والبهتان, وقد أصابها الترهل والشيخوخة والذبول, والتي يحاول البعض أن يجري لها بعض عمليات التجميل, وشد الوجوه, ووضع كل أنواع الماكياجات,وتدقيق الأنوف الفطساء.

ومع ذلك لن يفلح كل مافي العالم من "الملايات" السوداء, وشادورات الطالبان وملالي طهران, وبراقع وملاحف وشراشف وبطانيات وشعارات العربان في تغطية جزء يسير مما يظهر من عورات,ويرتكب من موبقات, وسوءات تثير القرف والاشمئزاز والإقياء, ولكنها بالتأكيد لا تثير فحولة الرجال من الأعراب بعد أن أصيب الكثيرون بالعنة وأصبحوا من الخصيان ,وأشباه الرجال.

وإذا كان أحد أسباب فرض الحجاب عند العربان الأوائل هو للتمييز بين الحرة والأمَة ,فإن ضرورة فرض الحجاب السياسي على "توالي" العربان,هو للتمييز بين السادة الأشراف المعصومين الأخيار ,والرعاع والرعايا المساكين البسطاء, ورأفة بأحوال العباد الذين يرونهم يوميا على شاشات الاستهبال وهم يصبون حمى بطرهم, ومجونهم,واستفشارهم على المنتوفين الفقراء.فليستتروا,وليتغطّوا,وليحتشموا جميعا والله يستر علينا ,وعليكم يا شباب.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياليتهم علمانيـون
- متى تكسر جميع الخوابي والجرار؟
- فيـلم عربي طويـل
- محاكمـة البعـــث
- من يجرؤ على محاكمة أكثم نعيسة؟
- عِشْ ودعْ الآخـرين يمـوتون
- ثقافـة التسـامح
- في زيارة خاصة لأكثم نعيسة
- ما ليس عرضـيًا
- العجـوزالشمطـاء
- أمـن الأمريــكان
- على من تقرأ مزاميرك ياشالوم؟
- صبـرًا آل دليـلــة
- تكريساَ لمبدأ المواطنـة
- المرحـلة التاريخيـة
- ما أروعـك أيتها العروبـة
- المفســدون في الأرض
- على القـوائم السـوداء
- الحصـاد المُـــر
- المـوت الرحيــم


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - أهم الأسباب في لبس البراقع واللثام