أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - وهل الرُسُل بشر أيضاً؟














المزيد.....

وهل الرُسُل بشر أيضاً؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4150 - 2013 / 7 / 11 - 04:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ثمة مرتبة مميزة قد خصصتها البشرية منذ بدء الحضارات لفئة قليلة منها أسمتها "رُسُل" مرسلين من عند آلهة. فكان من نتيجة هذا الاتصال الإعجازي بطريقة أو بأخرى بين بشر في الأرض وآلهة في السماء أن أصبح هؤلاء "البشر-الرسل" يشغلون مرتبة ثالثة وسيطة بين البشر الهوائيين الخطاءين عند الطرف الأدنى والآلهة المقدسين عند الأعلى، فلا هم من ناحية بنقصان سواهم من البشر العاديين ولا هم في المقابل بكمال الآلهة المنزهين والمعبودين. لأن الاتصال المباشر كان منذ البدء مستحيل بين الطرفين الأقصيين الأدنى والأعلى، كان لا بد أن يقوم عوضاً عنه نوع ما من الاتصال غير المباشر؛ ومن منطلق هذه الحاجة الملحة، قد نشأ الوسيط المرسل القادر على الاتصال والتخاطب مع البشر والآلهة معاً، لا هو بشر بكل نقصانه ولا إله بكل كماله، إنما هو فقط بشر "معصوم" في مكان وسط بين النقيضين. بهذا تكتمل دائرة الاتصال بين القطبين السالب والموجب وتنطلق مسيرة الانعتاق من النقصان والعدم في هذه الحياة الدنيا نحو الكمال والخلود في الآخرة.

لكن رغم وضعهم في مرتبة "أنصاف آلهة" أسمى من البشر على هذا النحو، لم يحدث أبداً أن اجتمع البشر جميعاً في أي عصر، أو البشرية جميعها على مر العصور، على الاتفاق على "بشر-رسول" واحد، أو حتى على إله معبود واحد. بل الواقع التاريخي والمعاصر قد ظل يقوم على الاختلاف والتنوع والتعدد والتنافس الذي قد يصل أحياناً حد الصراع الدموي فيما بين هؤلاء الرسل والآلهة المختلفين. كأن كل حضارة قد خلقت لنفسها رُسُلها وآلهتها الخصوص المختلفين عن رُسُل وآلهة كل حضارة أخرى سواء معاصرة أو سابقة أو لاحقة لها؛ كأن هؤلاء الرسل والآلهة هم في نهاية المطاف إبداعات متنوعة لحضارات بشرية متنوعة أيضاً أثناء مراحلها التطورية المختلفة، تماماً مثل إبداعات أخرى في ميادين العمارة والفنون والعسكرية والحكم والاجتماع والاقتصاد واللغة وخلافه.

إذا كان البشر وحدهم دون مساعدة من آلهة أو آخرين هم صناع حضاراتهم عبر التاريخ، إذ لا وجود على الإطلاق لحضارة نزلت مصنوعة جاهزة وكاملة التطور سواء من السماء أو من أي مكان آخر غير عقول وسواعد أبنائها أنفسهم، وكانت الأديان بكل محتوياتها من رسل وآلهة وكتب مقدسة وخلافه هي مجرد منتجات حضارية ضمن أخرى كثيرة متممة لأبنية الحضارات المختلفة، حينئذ قد لا يكون هناك ملاذ من الاستنتاج أن حتى الكائنات الأعلى مرتبة من البشر أنفسهم مثل الرسل والآلهة والملائكة والجان وسواها هي أيضاً من بنات خيالات وأفكار وابتكار البشر أنفسهم خلال رحلاتهم الحضارية. في قول آخر، الظروف الجغرافية والمناخية والتاريخية المختلفة قد أدت بالبشر إلى تطوير سمات بدنية ولغوية وثقافية، وفي النهاية حضارات، مختلفة موازية شملت أديان ذات رسل وآلهة وكتب مقدسة مختلفة أيضاً؛ أما لو كانت جميع تلك الظروف واحدة من دون اختلافات ظاهرة لكانت جميع الحضارات قد توحدت في حضارة واحدة وجميع الرسل في رسول واحد وجميع الآلهة في إله واحد وجميع الكتب المقدسة في كتاب واحد.


رغم ذلك، يبقى السؤال المحير: إذا كان الإنسان هو حقاً وحده صانع الحضارات برسلها وآلهتها وكتبها المقدسة وغير المقدسة، من لا يزال صنع هذا الإنسان الصانع الماهر، ومن يكون الصانع لكل ما لم يصنعه الإنسان بنفسه من بقية الكون العملاق حوله؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر تسقط إرهاب السياسة الإسلامية
- المصريون يخرجون على الشرعية
- هنا القاهرة 30
- مصر الوطنية تصارع مشروع الإسلام السياسي
- أمريكا وإيران من داخل المنطقة العربية
- فضفضة مصرية فوق السد
- إسلام متقدم لمسلمين متخلفين؟!
- في الرحلة مع تطور الآلهة
- بحثاً عن شرعية مفقودة في عرض توقيعات -تمرد- و-تجرد-
- سائق اللصوص الشريف!
- هذا كلام الله مش كلامي
- الدين الخارج عن القانون
- في العقلية الخرفانية
- إسلام بالقسوة
- إيران الإسلامية في سوريا العلمانية
- مصر- بلد .....
- صناعة العبيد
- عودة عمرو
- صناعة الأديان
- السيسي بونابرت


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - وهل الرُسُل بشر أيضاً؟