أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية من - كليلة ودمنة - 5














المزيد.....

حكاية من - كليلة ودمنة - 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4150 - 2013 / 7 / 11 - 02:20
المحور: الادب والفن
    


يقال، أن امرأة عجوز كانت تقيم في كوخ صغير على طرف إحدى المدن، وأنها امتلكت قوى خارقة، بدنية وسحرية. إلا أن هذه العجوز، لسوء الحظ، كانت شريرة بحسب ما تمّ تداوله عن مسلكها. وربما أن الأمرَ يتعلق بمنع الناس من ارتياد نبع الماء العذب، الوحيد، المتفجر من صخرة منيفة تشرف على التلة المخضوضرة، أين يقبع ذلك الكوخ، الذي تقيم فيه هذه المرأة الساحرة. وإذن، اضطر الخلق لتأمين حياتهم بوساطة تجميع ماء المطر في برك عشوائية، مما جعله عرضة للتلوث، وفي التالي، لتفشي الأمراض وحتى الأوبئة. حينما لم تجدِ الأدعية والصلوات، اتجه بعضهم إلى الملك وتجرأ على ابداء سخطه لعجز السلطة عن حمايتهم من هذا الشر المستفحل، المقيم.
" قسماً برأسي، سأجعل من يخلصنا من العجوز الساحرة صهراً لي، وأيضاً ولياً للعهد بما أنني لم أنجب سوى ابنتي الوحيدة، الحبيبة "، هتف الملك أخيراً بقنوط أمام وفد الأهالي المحتجين. " كلام جميل؛ ولكن، من هو هذا الأحمق الذي سيفوز بابنة ولي نعمتنا، الجميلة؟ "، ردد بعض الحضور في سرّه. وعلى أي حال، لم يلبث الحمقى أن تكاثروا، ما أن تناهى اليهم عرضُ الملك، المغري. غير أن هؤلاء، كما كان متوقعاً من صفتهم، أخذوا بالتساقط صرعى، الواحد بإثر الآخر، تحت ضربات العجوز الرهيبة.
ذات يوم، مشرق بشمس الربيع الحيية، ظهر شخصٌ غريب على الطريق الجبلية، الوعرة، المفضية للمدينة المنكوبة. كان فتىً في مقتبل العمر، وسيماً، فارع القوام ومتينه. بدا من مشية الشاب وحركاته، المطمئنة وغير المكترثة، أنه على غير ذي صلة بهمّ البلد، الموصوف. هذه الملاحظة، للحقيقة، تبادرت أولاً للفتاة المعترضة سبيل فتانا، الغريب، والتي التقت معه عَرَضاً حينما كانت ترعى بقرة الكوخ. ولا ندري، تحديداً، ما إذا كانت الشفقة على شباب الرجل أو شعور آخر، هو ما دفع الخادمة إلى التوجه إليه طالبة منه العودة على أدراجه. بيْدَ أن الآخر، إذ علِمَ بداعي التحذير، فإنه أبدى استهانته به. ولكي يؤكد للفتاة عزمه على التحدي، فإنه بادرَ إلى امساك البقرة بيديه القويتين ثم رفعها إلى أعلى رأسه: " هاكِ صديقتك.. "، قال للخادمة بنبرة ساخرة وهو ينزل الحيوان إلى الأرض برفق.
" هاكَ أيضاً.. أيها الأحمق، المغتر "، صدرَ صوتٌ خشن من خلف الفتى. ما أن رأى هروب الفتاة إلى ناحية الكوخ، حتى أدرك بأن هذه المرأة العجوز هي معلمتها؛ الساحرة. حينما نطقت هذه الأخيرة كلمتها، كانت قد شرعت بانتزاع شجرة سرو، عظيمة الهامة، تظلل الكوخ السعيد، لتقتلعها من جذورها بعنف وتقذفها من ثم باتجاه الفتى. إلا أن هذا، لم يكن أحمق على ما يبدو. فإنه تجنب العاصفة الغاضبة، بأن انبطح أرضاً في سرعة ورشاقة. ثم ما عتمَ أن قفز باتجاه غريمته وتمكن من شل حركتها بقوة ذراعيه، الجبارتين. عند ذلك، صدر عن العجوز تأوه العجز والاستسلام. كان الفتى يهمّ برفع هذه الساحرة، لإلقائها في هوة الوادي، العميقة الغور، حينما فتحت هي فاها لترجوه: " لا تفعل ذلك، أيها الشاب الشجاع، وفي المقابل، سأجعلك أغنى من الملك نفسه "، قالتها بنوع من الثقة.
" وكيف ستجعلينني كذلك، أيتها المرأة الشريرة؟ "، سألها متهكّماً من عجزها وقلة حيلتها. أومأت العجوز إلى ناحية منزلها، وأجابته " البقرة تلك، التي كانت ربيبتي ترعاها، تبرز مؤخرتها ذهباً؛ فسأهبها لك". عاد الفتى إلى شد عضلاته، وما لبث أن طوّح بغريمته نحو هوّة الهلاك تلك، هاتفاً بسخرية: " وإذن، فإنها ستكون لي على أيّ حال ".
فرحُ أهل المدينة بموت العجوز الساحرة، وتأمين نبع المياه العذبة، لم يطل كثيراً. إن من اعتُبرَ " المنقذ "، ما لبث أن اقترن بابنة الملك وصار ولياً للعهد، ثمّ خلّفه على العرش بعد أشهر قليلة. الأمراض، بقيت تفتك بالأهالي وأولادهم حتى مع شربهم للمياه الرقراقة. ناهيك عن جور الحاكم الجديد، الذي فاق سلفه بمراحل، وخصوصاً في فرضه الضرائب وحتى الأتاوات لكي يرضي أقاربه وحاشيته، الطماعين والجشعين.
ويقال، أن الأثر الوحيد، المتبقي من حكم ذلك الملك، المنقذ، لم يكن سوى أطلال التمثال الهائل العلو، المنحوت من البرونز، المقام في مدخل المدينة، والذي يمثله وهو يحمل العجوز الساحرة ويهمّ برميها إلى قرارة الهلاك.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية من - كليلة ودمنة - 4
- صورة الصويرة؛الضاحية2
- حكاية من - كليلة ودمنة - 3
- العقلية المشتركة للسلطة والمعارضة
- حكاية من - كليلة ودمنة - 2
- صورة الصويرة؛ الضاحية
- صورة الصويرة؛ الحاضرة 2
- صورة الصويرة؛ الحاضرة
- مَراكش؛ جبل توبقال 2
- مَراكش؛ جبل توبقال
- بشار ابن أبيه
- موت ممثل صغير
- الغرب يسلّم سورية للملالي
- حادثة قديمة
- مَراكش؛ بواكٍ، أبوابٌ، بئرُ
- توم و جيري: اوباما و بشار
- مَراكش؛ أسواقٌ، أعشابٌ، بذرُ
- العودة إلى المربّع الأول
- القدم اليتيمة
- مَراكش؛ أصباحٌ، هاجراتٌ، بَدْرُ


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - حكاية من - كليلة ودمنة - 5