أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - الزلزال المصري وتداعياته















المزيد.....



الزلزال المصري وتداعياته


جاك جوزيف أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4149 - 2013 / 7 / 10 - 00:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قامت القوات المسلّحة المصرية يوم الأربعاء 26 حزيران 2013 بتنفيذ انتشار ميداني لتأمين المنشآت الحيوية والاستراتيجية في مختلف مدن جمهورية مصر العربية. هذا الانتشار يأتي قبل أربعة أيام من موعد التظاهرات التي دعت لها حركة "تمرد" المعارضة للرئيس محمد مرسي العياط والتي تُطالب بتنحي الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وسط انقسام حاد في وجهات نظر المجتمع المصري ما بين مؤيد لنهج الرئيس وهم غالباً من المحسوبين على تيارات الإسلام السياسي وبين معارض لسياسة الرئيس المنتمي لحركة الإخوان المسلمين وهم الغالب الأعم من أبناء الشعب المصري. لكن ما هي الأسباب التي جعلت الشارع المصري ينقسم ما بين مُطالب بتنحي أول رئيس مدني مُنتخب في تاريخ مصر المعاصر، وفريق آخر يُهدد بالشهادة في سبيل الدفاع عن "شرعية" الرئيس.
يذهب الفريق المدافع عن الرئيس إلى الترويج لبعض الإنجازات، منها تمكنه من وقف الحرب على غزة وهي أعمال لا يمكن إنكارها، ولكن "لا يُمكن في نفس الوقت القول أنها إنجازات نقلت أو ستنقُل مصر من واقع مضطرب، سياسياً واقتصادياً، إلى واقع أفضل" حسب رأي الباحث السياسي حمدي عبد العزيز. وقد اعتبر أن الرئيس مرسي يبذُل ما في وُسعه لتحقيق إدارة جيِّدة للبلاد، إلا أن ما حدث من انسِحابات واستقالات في مؤسسة الرئاسة، لا يعني سوى أنه يسعى إلى النجاح - بمساعدة حزبه - في إدارة البلاد، ولكنه ليس مؤهّلاً لقيادتها. فالقِيادة تتطلّب مُواصفات ومؤهِّلات أخرى، وتعكِس رُؤية وعملاً جماعياً، شعبياً وسياسياً، للانتقال من مستوى مُتدهْور إلى مستوى أعلى.
وإضافة إلى تعثُّر التحوّل الديمقراطي بفعل الحرب الفكرية والصِّراع السياسي الذي نشب بين الإسلاميين والعلمانيين، فإن عوامِل الثبات في العقلية السياسية التي تولت دفة الحكم في مصر بعد ثورة 25 كانون الثاني 2011، أقوى من عوامل التغيّر فيما يتعلّق بملفات التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والسياسة الخارجية في فلسطين وسوريا وسائر المِنطقة العربية، وكان بإمكان الرئيس وجماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، طرح اجتهاداتهم للنِّقاش العام وتطويرها، ولكن يبدو أن النموذج القيادي الذي أفرز المعدن الرِّئاسي نفسه، غير مُهتَم بذلك، مفضِّلاً الدخول في معركة فِكرية، باسم الإسلام، يخسِر منها الوطن ... وقِيَم ومقاصِد الدِّين نفسه. ولا أدل على ذلك من فتح معركة مع المذهب الشيعي في مصر كانت نتيجتها قتل أربع رجال أبرياء بطريقة وحشية لا يمكن أن ترها إلا في أفلام الرعب الأميركية.
وفي المقابل يرى الدكتور يحيى القزاز، أحد مؤسسي حركة كفاية، أن "الرئيس لم يُحقّق أي تقدّم، ولكنه حقّق تراجُعاً واضحاً، بطريقة أسرع وأسوأ من طريقة مبارك، وما فعله مبارك في 30 سنة، صنع مرسى أسوأ منه في أقل من عام واحد"، على حد قوله. مضيفاً "إن أهَم الأسباب التي أدّت إلى إخفاقه، هي انكِفاؤه على تمكين جماعة الإخوان من السيْطرة على مفاصِل الدولة، وتعامله مع الدولة باعتبارها قِطعة أرْض مُتنازَع عليها، ويجِب الاستيلاء عليها، في غياب الأمن والقانون، وتصرّفه كأنه مُحتل لدولة أجنبية، وليس حاكماً لدولته المصرية". وأضاف الدكتور يحيى القزاز: "ومن أسباب إخفاقِه أيضا، توزع الولاء بين وطن يئِن من عَناء الماضي ورغبة في الاستحواذ عليه. بالإضافة إلى شخصيته الضعيفة المتردِّدة، والحاجة إلى الاعتماد على قوة لحمايته وجماعته ولإنجاح مشروعه، فتارةً يُغازل القوات المسلحة، وأخرى يُغازل الأمريكيين وحلفائهم".

الطريق إلى 30 حزيران

سيتذكر الكثيرون يوم 30 حزيران باعتباره يوم مفصلي في تاريخ العرب الحديث والمعاصر، ففي هذا اليوم نزل المصريون، ملبين دعوة حركة "تمرد"، إلى الساحات العامة في جميع مدن مصر، في طوفان بشري غير مسبوق، حتى في ذروة حشود ثورة 25 كانون الثاني ضد نظام الرئيس حسني مبارك، حاملين البطاقات الحمراء في وجه مجموعة "الإخوان المسلمين" التي حاولت السيطرة على مُقدرات البلاد لتنفيذ أجندتها الخاصة والتي تتعارض مع آمال وتطلعات الغالبية العظمى من الشعب المصري بمختلف توجهاته الفكرية والدينية.
لقد تجاهل الإخوان أن شعب مصر رفض أن يبقى الرئيس مبارك حاكماً فرداً مكرساً مدى الحياة، وفرعوناً مقدساً لا يُمس، وغاب عن بالهم أن نِظام الحزب الواحد لم يعد له مكان في النظام السياسي العربي. وقد ظن الإخوان أنهم بعرض بعض المناصب على المعارضة المصرية يمكن أن يستوعبوها، ويضعوا رموزها تحت إبطهم، الأمر الذي يدل على قصر نظر سياسي، واستصغار لشأن المعارضة التي هي بالتأكيد ليست مجرد أشخاص طامحين، ولكنها قوى وطنية لها وجهات نظر، وأفكار ومبادئ، وتريد بناء مصر بمشاركة جميع أبنائها حتى تحافظ على الوحدة الوطنية، و تعمل على وضع برنامج وطني يستنهض كل طاقات شباب مصر وشيبها لبناء بلدهم، والنهوض به من جديد ليكون المنارة والقدوة في العالم العربي والإسلامي، بعد أن غيبها نظام السادات الذي وضع كل أوراق مصر في يد الولايات المتحدة، وفتح أبواب النهب والفساد والخراب الاجتماعي، وبعد ثلاثين سنة من حكم مبارك الذي أنهك مصر، ودمّر قدراتها فباتت لا حول لها ولا قوّة.
لقد انشغل الإخوان في السباق للقفز والسيطرة على (ثورات الربيع العربي)، انطلاقاً من أنهم القوة الوحيدة المنظمة، وأنهم (حُماة) الإسلام، وأن (إسلامهم) كما يؤمنون به ويقدموه للرأي العام هو (الحل) لكل الأمراض والمشاكل المستعصية التي تعانيها المجتمعات العربية والإسلامية، وأنهم وحدهم (لا شريك لهم) القادرين على قيادة الأمة وصون الملة، فكيف يكون لهم شركاء وهم معصومون، وبرنامجهم إلهي، وهم الموكلون بتنفيذه وحدهم!
لقد استخف الإخوان المسامين بكل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني المصرية، وزادهم غروراً أنهم يقبضون على الحكم في تونس، وأنهم القوة الرئيسة في ليبيا ـ رغم الفوضى العارمة هناك ـ وأنهم يصارعون على قيادة اليمن، وأن رهانهم على "إسقاط سورية" في أيديهم يؤجج حلمهم بتأسيس الدولة الإسلامية التي يحاول أن يضع لبناتها الأولى شريكهم في الحلم أردوغان .. وفي سبيل تحقيق حلمهم بتأسيس دولة الخلافة، نسوا مصر وشعب مصر، وأموره الأساسية، وكأنما يكفي هذا الشعب المفتَقِد لأبسط مقومات العيش الكريم، والأمن، والحرية، والذي بدأ يشعر بخسارته لكرامته الإنسانية .. أن الإخوان قد صاروا قادة وحكاماً.
فبينما أراد المصريون بناء نظام سياسي يهدف إلى رفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء، في ظل مجتمع مدني ديمقراطي يحمي الحرية ويسمح بالتعددية السياسية ويحقق المساواة بين جميع أفراد الشعب مسلمين وأقباط، رفض الإخوان فكرة الدولة المدنية كما رفضوا الاتفاق على الدستور الذي انفردوا بكتابته. وتبين للمصريين أن الهدف الرئيس لجماعة الإخوان هو فرض سيطرتها على جميع مناحي الدولة المصرية أولا، ثم استخدام بلادهم قاعدة لإسقاط حكومات الدول العربية بالقوة، وإقامة خلافة تتولى تنفيذ ما تعتقد أنه الحكم الإلهي المقدس.
نتيجة كل ذلك، ظهرت حركة "تمرد" إلى الوجود يوم 26 نيسان إلى الوجود، وقد وصفها المراقبون يومها بالحجر الصغير الذي حرّك المياه الراكدة في مصر والتي بدأت تكبر ككرة ثلج التفت حولها القوى السياسية المصرية المناهضة "لإخوان المسلمين" وتمكنت من الإطاحة بالجماعة في نهاية الأمر.
لم تكن حركة "تمرد" صانعة لرأي عام ضد الإخوان، بل كانت كاشفة لهذا الرأي العام، فمندوب الإخوان في الرئاسة فشل فشلاً ذريعاً في التأسيس لمصالحة وطنية حقيقية، وفشل في تحقيق أي هدف من أهداف الثورة ومبادئها. ومن هنا كان اكتشاف الناس السريع لمن يكذبون عليهم باسم الدين، فبعدما كانوا يتشدقون بالحديث عن تحريم القروض المالية، وجدنا الإخوان يهرولون إلى صندوق النقد الدولي برغم شروطه التي تأتي دائماً على حساب الفقراء والمسحوقين، وبعدما كان شعارهم القديم (عَ القدس رايحين) فوجئنا بأن مرسي (صديق بيريز الوفي)، حسبما صرّح مؤسس حركة "تمرد" محمود بدر لجريدة السفير اللبنانية.

مرسي ومصر ... لا يجتمعان

في الأول من تموز، دخلت القوات المسلحة المصرية على خط الأزمة معلنة انحيازها إلى "شعب مصر العظيم"، وممهلاً الرئيس مرسي مهلة 48 ساعة "لتلبية مطالب الشعب" تحت طائلة مصادرة الساحة السياسية وفرض خريطة طريق للحل، في خطوة ترافقت مع طلعات جوية استعراضية لطائرات سلاح الجو المصري والتي نالت ترحيب الثوار، واستنكار قيادات الإخوان الذين حاولوا في البداية الإيحاء بحيادية العسكر حيال الطرفين المتنازعين. لكن عودة العسكر لتصدر المشهد السياسي المصري لم تأت من فراغ، فقد بدا واضحاً للعيان ومن اللحظة الأولى أن حجم الاحتجاج الشعبي غير مسبوق، وأنه طال شرائح ومناطق لطالما كانت خارج إطار الحدث العام، بل كانت تعتبر داعمة تقليدية للإخوان. كما كان واضحاً أن الملايين التي استوطنت الشوارع والساحات مصممة على عدم مغادرتها قبل تحقيق مطالبها بتنحي الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ولعل حادثة المقطم، حيث استهدف مقر قيادة الإخوان المسلمين وخلّف الاشتباك 8 قتلى وحوالي 780 جريح، كانت مؤشراً بارزاً إلى أن خروج الأمور عن السيطرة باتت مسألة وقت لا أكثر.
وكان الجيش قد أثنى، في البيان الرقم 1(1)، على خروج "شعب مصر العظيم ليعبر عن رأيه وإرادته بشكل سلمي وحضاري غير مسبوق". وأكد أن "من المحتم أن يتلقى الشعب ردّاً على حركته وعلى ندائه من كل طرف يتحمل قدراً من المسؤولية في هذه الظروف الخطرة المحيطة بالوطن". وتابع أن "القوات المسلحة كطرف رئيسي في معادلة المستقبل، وانطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية والتاريخية في حماية أمن وسلامة هذا الوطن، تؤكد على التالي: إنها لن تكون طرفاً في دائرة السياسة أو الحكم، وإن الأمن القومي معرض لخطر شديد إزاء التطورات التي تشهدها البلاد وهو يلقي علينا بمسؤوليات، وإن القوات المسلحة استشعرت مبكراً خطورة الظرف الراهن وما تحمله طياته من مطالب للشعب المصري العظيم، ولذلك فقد سبق أن حددت مهلة أسبوع لكافة القوى السياسية في البلاد للتوافق والخروج من الأزمة، إلا أن هذا الأسبوع مضى دون ظهور أي بادرة أو فعل، وهو ما أدى إلى خروج الشعب بتصميم وإصرار وبكامل حريته على هذا النحو الباهر". وأضاف البيان أن "ضياع مزيد من الوقت لن يحقق إلا مزيداً من الانقسام"، وبالتالي "فإن القوات المسلحة تعيد وتكرر الدعوة لتلبية مطالب الشعب وتمهل الجميع 48 ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخي الذي يمر به الوطن"، و"تهيب بالجميع بأنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة، فسوف يكون لزاماً عليها، استناداً إلى مسؤوليتها الوطنية والتاريخية واحتراماً لمطالب شعب مصر العظيم، أن تعلن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة، بما فيها الشباب الذي كان ولا يزال مفجراً لثورته المجيدة، ودون إقصاء أو استبعاد لأحد". البيان قوبل بترحيب المعارضة السياسية والمحتجين الذين كانوا معتصمين في ميدان التحرير وأمام القصر الرئاسي، والذين دعا بعضهم منذ اليوم الأول للاحتجاجات إلى تدخل عسكري بهتافات من قبيل: "انزل يا سيسي، مرسي مش رئيسي".
رسائل بيان القوات المسلحة الأول

وقد جاءت الصياغة الدقيقة لبيان القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية لتتضمن عدة رسائل موجّهة إلى كافة أطياف المشهد السياسي المحتقن بهدف تسوية الأزمة الداخلية، وللحيلولة دون تعقيد الموقف، أو الإفراط في استعداء الأطراف ضد بعضها البعض، والرسائل التي تضمنها البيان وجّهت للأطراف التالية:

1- رسائل طمأنة للجماهير المحتشدة في الميادين بأن المؤسسة العسكرية أدركت مطالب الحشود المحتجة، ومدى ما تضمنه الحراك الاحتجاجي من دلالات استثنائية فارقة، باعتباره الأكبر منذ ثورة 25 كانون الثاني، وأنها تتحمل مسئولية تحقيق هذه المطالب، ويعطي توقيت صدور البيان زخمًا قويًّا للاحتجاجات على مدار الـ48 ساعة القادمة للتعبير عن مصداقية حشود المعارضة في مطالبها.

2- رسائل مزدوجة للنخبة السياسية المدنية، وتشير إلى أن القوات المسلحة "لن تكون طرفًا سياسيًّا" أو تعود إلى دور الحكم المباشر، بما يعني أنها لا تعلن عن انقلاب عسكري، وإنما عن دور تحكيمي بين الفرقاء السياسيين لإنهاء الاحتقان، وأن دورها لن يتجاوز الإعلان عن خارطة للطريق بمشاركة كافة الأطراف، والإشراف على تنفيذها، أما الوجه الآخر للرسالة فتمثل في تأكيد بيان الجيش على دور الشباب في حركة الشارع، وأن النخب السياسية التقليدية سيتراجع دورها، في مقابل مساحات أكبر للكوادر الشبابية التي بادرت بتنظيم حراكها السياسي.

3- رسالة تحذير للسلطة السياسية من أن الحراك الثوري الحالي يعرض الأمن القومي للخطر، وأن عدم استجابة الرئيس وأركان نظام الحكم لتعقيدات المشهد السياسي أدت إلى تأجيج الموقف، مع التأكيد على أن عامل الوقت لن يؤدي إلا لمزيد من الانقسام والصراع لأن الظرف التاريخي لا يتحمل التقصير في المسئولية، ومن ثمَّ منحت المؤسسة العسكرية كافة الأطراف مهلة 48 ساعة للتوافق، وإلا تدخلت المؤسسة العسكرية على النحو السابق بيانه.

4- رسالة تهدئة لمؤيدي الرئيس والتيارات الإسلامية بأنها لن تقوم بإقصاء أو استبعاد أي طرف، وأن ترتيبات تسوية الأزمة ستتم بمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية، بما يعني أن هناك "نافذة فرصة" للتيارات الإسلامية للاستمرار في المشاركة في العملية السياسية، والرسالة المقابلة أن اللجوء للعنف والمواجهة سيؤدي إلى تبديد هذه الفرصة.
حتى ما قبل لحظات من بيان الذي أصدرته القوات المسلحة المصرية الذي أنقذ مصر من أزمتها، ورسم ملامح المرحلة الانتقالية، كانت قيادة جماعة الإخوان المسلمين تعتبر تظاهرات أكثر من ثلاثين مليوناً في ميادين وشوارع مصر، حرباً على الإسلام . قيل هذا الكلام كثيراً خلال النصف الثاني من السنة التي حكم فيها الدكتور محمد مرسي، ولا سيما بعد الإعلان الدستوري الذي كان الهزّة الأولى لجذور حكم الجماعة، وكان الحديث عن العداء للإسلام قابلاً للنقاش والأخذ والرد. هذا الحديث كان مقنعاً لمن لديهم عاطفة دينية خالصة، وخصوصاً في الريف والعشوائيات المقامة على ضواحي المدن. في تلك المرحلة كان الاتهام يطول رموزاً وقيادات أحزاب وربما كوادر ونشطاء بالعشرات او المئات عارضوا سياسات مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين. لكن في 30 حزيران وما بعده، وخروج هذا الطوفان غير المسبوق في التاريخ البشري، فإن تكرار هذا الاتهام كان يعني هروباً للأمام وإطلاقاً لاتهامات بلا دليل والغوص في نظريات المؤامرة بدلاً من مواجهة الواقع ومعاجة مشاكله كرجال دولة.
ما بين تسلّمها السلطة وفقدانها، وقعت جماعة الإخوان في خطأين قاتلين، عدا ما رافق هذه الفترة من قرارات وسياسات خاطئة، الأول تسلّمها السلطة منفردة في بلد مأزوم ومحاولتها إقصاء القوى الأخرى من الساحة السياسية في حين كان الواجب والمنطق السليم يفرض حالة من التوافق على الصعيد الداخلي. الخطأ الثاني الذي وقعت فيه الجماعة هو سوء تقديرها لتظاهرات 30 حزيران، حيث لم تقرأ الرسالة التي وجهها الشعب المصري لها بل رأته مجرد حشد تستطيع أن تقوم بحشد مماثل مقابله. أمِلَ الجميع ألا تقع الجماعة في الخطأ القاتل الثالث هو العناد وعدم التسليم بالواقع الجديد.
خارطة طريق 3 تموز
مع اقتراب مهلة المؤسسة العسكرية من الانتهاء، واستمرار التظاهرات الرافضة لحكم الإخوان، ودفع الجماعة بمؤيديها يوم 2 تموز إلى الشارع، جاءت كلمة الرئيس محمد مرسي ليؤكد فيها تمسكه بالشرعية الانتخابية، ورفضه إنذار الجيش، بل وتلويحه بالعنف ضد الرافضين للشرعية، وهو ما دفع الوضع إلى التأزم مع وجود عنف متبادل، وسقوط قتلى وجرحى. الأمر الذي جعل القوات المسلحة تستبق انتهاء المهلة باجتماعها بالقوى الوطنية والسياسية والأزهر وبطريرك الكرازة المرقصية لتتخذ قرارات 3 تموز التي أسست لمرحلة جديدة في الثورة المصرية.
أهم بنود البيان الثاني للقوات المسلحة (2)
لقد تقرر في بيان القوات المسلحة والقوى السياسية تعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسًا للبلاد، وتعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكيل حكومة توافق وطني قوية، وتشكيل لجنة تضم جميع أطياف المشهد السياسي لمراجعة التعديلات الدستورية، ومناشدة المحكمة الدستورية العليا إقرار مشروع قانون مجلس النواب، ووضع ميثاق إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق المصداقية والحيدة، والعمل على دمج الشباب، وتشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بالمصداقية وتمثل مختلف التوجهات والأراء في المجتمع المصري. وهي القرارات التي لاقت ترحيب المتظاهرين في الشارع، كما أنه بمقتضاها تم عزل الرئيس مرسي.
ويمكن القول إن أزمة 30 حزيران أعادت القوات المسلحة إلى واجهة السياسة المصرية، غير أنها أشرت على الدور الحاسم الذي تلعبه هذه المؤسسة في بنية النظام السياسي المصري ما بعد الثورة، فعلى الرغم من أن جماعة الإخوان ومؤيديها قد رأوا في تحرك المؤسسة العسكرية انقلابًا عسكريًّا على الشرعية، فإن مشهد هذا التحرك المدعوم شعبيًّا لنزع فتيل الأزمة لم يكن إلا استكمالا لدور المؤسسة العسكرية المركزي منذ ثورة 25 كانون الثاني 2011.
فقد أدارت المؤسسة العسكرية البلاد في عام ونصف، ولم يؤدِّ تغيير قيادتها عقب انتخابات الرئاسة 2012 إلا إلى تغيير موقعها في بنية القرار، وإن لم يغير من حجمها، فهي الجزء الأبرز في معادلة الحكم القائم في مصر. ويتضح هذا حتى قبل 30 حزيران عندما دعت المؤسسة العسكرية إلى الحوار بين الفرقاء السياسيين، عقب احتدام الأزمة بين الإخوان والرئاسة من جهة والقوى المدنية عقب الإعلان الدستوري المثير للجدل في تشرين الثاني 2011. كما جاء تحركها الأخير في سياق استجابة الدعوات الشعبية للجيش بأن يتحرك للضغط على الرئاسة والحكومة، وصولا إلى عزل مرسي، وتولي دفة الأمور، وهو ما كان.
ويبقى أن تحرك المؤسسة العسكرية في 30 حزيران قد راعى هفوات وأخطاء مدة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة (شباط 2011 / حزيران 2012) وهي فترة اتسمت بالتخبط، حيث شهدت هذه الفترة دخول القوات المسلحة في مواجهات على الأرض مع المتظاهرين، وهي العوامل التي أدت إلى تآكل في شعبيتها لدى قطاعات من المجتمع.
ويبدو أن المؤسسة العسكرية ممثلة في قيادتها الحالية (الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع) قد عملت على تلاشي الدخول في أي مواجهة مع القوى الثورية والمتظاهرين، واختارت دعم مظاهرات 30 حزيران في مواجهة الرئاسة ومكتب إرشاد الإخوان المسلمين، وهو العامل الذي يستبعد عودة الحكم العسكري المباشر، طبقًا لخارطة الطريق التي يرعاها الجيش دون أن يكون طرفًا فيها. وهو ما يؤكد سيناريو استمرار الدور "البريتوري" (3) للجيش في أي نظام سياسي مدني مقبل، بمعنى غياب فعالية السلطة السياسية المدنية، والحاجة إلى جهاز قوي (الجيش) يفرض النظام.
الخيار الجزائري للأزمة المصرية
يبدو من تطورات الأحداث التي تجري في مصر أن الإخوان المسلمين قد قرروا مجابهة الجيش وملايين المعارضين بحجة الدفاع عن الشرعية الانتخابية !!! الأمر الذي سيفتح الأبواب على مصراعيها أمام الخيار الجزائري الذي برز في أوائل التسعينيات من القرن المنصّرم، والذي فجّر حرباً أهلية دموية في الجزائر دامت أكثر من عشر سنوات. وقد حدثت هذه الحرب حين ردّت التيارات الإسلامية المتطرِّفة على تحرّك الجيش لوقف العملية الانتخابية التي أدت إلى وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم بتفجير أعمال العنف، وجرّت معها إلى المعمعة التيارات الإسلامية المعتدلة، وكانت حصيلتها النهائية مئات آلاف القتلى والجرحى، وعدم تمكُّن الجزائر حتى الآن من إرساء صيغة مستقرة للحكم تحظى بالإجماع الوطني.

هذا الخيار الجزائري سيبرز إذا ما بادر الجهاديون المصريون إلى تنفيذ تهديداتهم باستخدام "الحديد والنار" لحماية شرعية مرسي. إذ حينها لن يُفرِّق الجيش المصري ولا أكثرية الشعب، الذي يلوذ الآن بشعار "تمرد"، بين الجهاديين والإخوان، وستكون المسألة مسألة وقت قبل أن تعود مصر إلى عهد سلطوي - عسكري - أمني جديد أشد وطأة من نظام مبارك.

قد يقال هنا إن الحديث عن حرب أهلية في مصر ليس وارداً، لأن بنية الدولة قد استقرت في هذا البلد منذ سبعة آلاف سنة وأن مجتمعه متناسق ومتناغم، مع ملاحظة بوادر فتنة طائفية بين الأقباط والمسلمين تطل رأسها عندما تأزم الأوضاع السياسية في مصر. لكن يجب أن لا ننسى أن التاريخ يعلمنا أن هناك دائماً "مرة أولى" تحدث فيها الأمور.


الهوامش:
(1) النص الكامل للبيان الذي أصدرته القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية يوم 1-7-2013: شهدت الساحة المصرية والعالم أجمع أمس تظاهرات وخروجاً لشعب مصر العظيم، ليعبر عن رأيه وإرادته بشكل سلمي وحضاري غير مسبوق.
لقد رأى الجميع حركة الشعب المصري وسمعوا صوته بأقصى درجات الاحترام والاهتمام، ومن المحتم أن يتلقى الشعب رداً على حركته وعلى ندائه من كل طرف يتحمل قدراً من المسؤولية في هذه الظروف الخطرة المحيطة بالوطن.
إن القوات المسلحة المصرية كطرف رئيسي في معادلة المستقبل وانطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية والتاريخية في حماية أمن هذا الوطن وسلامته، تؤكد على الآتي:
- إن القوات المسلحة لن تكون طرفاً في دائرة السياسة أو الحكم، ولا ترضى أن تخرج عن دورها المرسوم لها في الفكر الديموقراطي الأصيل النابع من إرادة الشعب.
- إن الأمن القومي للدولة معرّض لخطر شديد إزاء التطورات التي تشهدها البلاد، وهو يلقي علينا بمسؤوليات كل حسب موقعه للتعامل بما يليق من أجل درء هذه المخاطر.
- لقد استشعرت القوات المسلحة مبكراً خطورة الظرف الراهن وما تحمله طياته من مطالب للشعب المصري العظيم، ولذلك فقد سبق أن حددت مهلة أسبوع لكل القوى السياسية بالبلاد للتوافق والخروج من الأزمة، إلا أن هذا الأسبوع مضى من دون ظهور أي بادرة أو فعل، وهو ما أدى إلى خروج الشعب بتصميم وإصرار، وبكامل حريته، على هذا النحو الباهر الذي أثار الإعجاب والتقدير والاهتمام على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي.
- إن ضياع مزيد من الوقت لن يحقق إلا مزيداً من الانقسام والتصارع الذي حذرنا، وما زلنا نحذر منه.
- لقد عانى هذا الشعب الكريم، ولم يجد من يرفق به أو يحنو عليه، وهو ما يلقي بعبء أخلاقي ونفسي على القوات المسلحة التي تجد لزاماً أن يتوقف الجميع عن أي شيء بخلاف احتضان هذا الشعب الأبي الذي برهن على استعداده لتحقيق المستحيل إذا شعر بالإخلاص والتفاني من أجله.
- إن القوات المسلحة تعيد وتكرر الدعوة لتلبية مطالب الشعب، وتمهل الجميع 48 ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخي الذي يمر به الوطن الذي لن يتسامح أو يغفر لأي قوى تقصر في تحمل مسؤولياتها.
- وتهيب القوات المسلحة بالجميع بأنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسوف يكون لزاماً عليها، استنادا لمسؤوليتها الوطنية والتاريخية واحتراما لمطالب شعب مصر العظيم، أن تعلن عن خريطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها، وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة، بما فيها الشباب الذي كان ولا يزال مفجراً لثورته المجيدة، ودون إقصاء أو استبعاد لأحد.
- تحية تقدير وإعزاز إلى رجال القوات المسلحة المخلصين الأوفياء، الذين كانوا ولا يزالون متحملين مسؤوليتهم الوطنية تجاه شعب مصر العظيم بكل عزيمة وإصرار وفخر واعتزاز.
حفظ الله مصر وشعبها الأبي العظيم.
(2) النص الكامل للبيان الذي أصدرته القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية بعد الاجتماع بعدد من الرموز الدينية والوطنية والشبابية يوم 3 تموز 2013:
بسم الله الرحمن الرحيم
شعب مصر العظيم
1- إن القوات المسلحة لم يكن في مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التي استدعت دورها الوطني، وليس دورها السياسي، على أن القوات المسلحة كانت هي بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسي.
2- ولقد استشعرت القوات المسلحة - انطلاقاً من رؤيتها الثاقبة - أن الشعب الذي يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم، وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته... وتلك هي الرسالة التي تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها، وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدرت ضرورتها، واقتربت من المشهد السياسي، آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسؤولية والأمانة.
3- لقد بذلت القوات المسلحة خلال الأشهر الماضية جهوداً مضنية، بصورة مباشرة وغير مباشرة، لاحتواء الموقف الداخلي وإجراء مصالحة وطنية بين كافة القوى السياسية، بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) العام 2012 ... بدأت بالدعوة لحوار وطني استجابت له كل القوى السياسية الوطنية وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة في اللحظات الأخيرة، تم تتابعت وتوالت الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت وحتى تاريخه.
4- كما تقدّمت القوات المسلحة أكثر من مرة بعرض تقدير موقف استراتيجي على المستوى الداخلي والخارجي، تضمن أهم التحديات والمخاطـر التي تواجه الوطن على المستوى الأمني/الاقتصادي/السياسي/الاجتماعي، ورؤية القوات المسلحة كمؤسسة وطنية لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعي وإزالة أسباب الاحتقان ومجابهة التحديات والمخاطر للخروج من الأزمة الراهنة.
5- في إطار متابعة الأزمة الحالية اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة بالسيد رئيس الجمهورية في قصر القبة يوم 22/6/2013، حيث عرضت رأي القيادة العامة ورفضها للإساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية، كما أكدت رفضها لترويع وتهديد جموع الشعب المصري.
6- ولقد كان الأمل معقوداً على وفاق وطني يضع خريطة مستقبل ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه ورجاءه، إلا أن خطاب السيد الرئيس ليلة أمس (الأول) وقبل انتهاء مهلة الـ 48 ساعة جاء بما لا يلبي ويتوافق مع مطالب جموع الشعب... الأمر الذي استوجب من القوات المسلحة استناداً إلى مسؤوليتها الوطنية والتاريخية التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب ودون استبعاد أو إقصاء لأحد، حيث اتفق المجتمعون على خريطة مستقبل تتضمّن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصري قوي ومتماسك، لا يقصي أحداً من أبنائه وتياراته، وينهي حالة الصراع والانقسام... وتشتمل هذه الخريطة على الآتي:
- تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت.
- يؤدي رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة.
- إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية إلى حين انتخاب رئيس جديد.
- لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية.
- تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.
- تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذي تم تعطيله مؤقتاً.
- مناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب، والبدء في إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية.
- وضع ميثاق شرف إعلامي يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيادية وإعلاء المصلحة العليا للوطن.
- اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب في مؤسسات الدولة ليكون شريكاً في القرار، كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.
- تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.
7- تهيب القوات المسلحة بالشعب المصري العظيم، بكافة أطيافه، الالتزام بالتظاهر السلمي وتجنب العنف الذي يؤدي إلى مزيد من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء، وتحذر من أنها ستتصدى، بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية، بكل قوة وحسم ضد أي خروج عن السلمية طبقاً للقانون، وذلك من منطلق مسؤوليتها الوطنية والتاريخية.
8- كما توجه القوات المسلحة التحية والتقدير لرجال القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء الشرفاء المخلصين، على دورهم الوطني العظيم وتضحياتهم المستمرة للحفاظ على سلامة وأمن مصر وشعبها العظيم.
حفظ الله مصر وشعبها الأبي العظيم.
(3) المجتمع أو الدولة البريتورية ـ Praetorian Statute وهى الدولة التى تعد فيها الجيوش المصدر الوحيد للتأييد السياسي والشرعية، معنى ذلك أن البريتورية هي ذلك الموقف الذي تصير فيه الطبقة العسكرية فى مجتمع ما القوة السياسية لمستقلة، وذلك إما بالتهديد باستخدام القوة أو باستخدامها فعلا ويحدد عاموس بيرلموتر الأساس التاريخي لهذه الظاهرة بالعودة إلى الدور السياسي للحرس الإمبراطوري الروماني، والذي كان عبارة عن جماعة صغيرة العدد وظيفتها حماية الشرعية في الإمبراطورية، وذلك بحماية مجلس الشيوخ ضد أي عصيان عسكري من خارج روما وقد بنى نفوذ الحرس الروماني على ثلاثة عوامل:
1- احتكاره للقوة العسكرية المحلية.
2- غياب قواعد واضحة تحكم عملية انتقال السلطة.
3- المكانة العليا التي كان يتبوأها مجلس الشيوخ الروماني والواقع أن مجلس الشيوخ الروماني كان السلطة الوحيدة التي تضفى الشرعية على الحاكم إذا ما قرر المجلس اختياره لتولى السلطة السياسية، هذه الشرعية كانت بمثابة السند الذي يعتمد عليه الحاكم الروماني في خلق الولاء له من جانب الجيوش الإقليمية وكان الحرس الإمبراطوري باعتباره القوة الوحيدة المقيمة في روما، وباعتباره حارساً لمجلس الشيوخ ـ مصدر الشرعية ـ قادراً على فرض مرشحه على مجلس الشيوخ.



#جاك_جوزيف_أوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكمة الصينية والذئاب الرمادية والعقلية العثمانية.
- خواطر في السياسة من وحي الربيع العربي -3-
- خواطر في السياسة -من وحي الربيع العربي 2-
- خواطر في السياسة -من وحي الربيع العربي-
- الدبلوماسية الخليجية ... والطريق إلى معركة صفين الثانية
- ملامح من الصراع على منطقة الشرق الأوسط -الأرث الهاشمي
- دور القنوات التلفزيونية في -الربيع العربي
- قراءة و معايشة للأسباب التي أدت للأزمة في سورية
- الإخوان ولحظة الحقيقة
- الوضع السياسي والاجتماعي في سورية في النصف الأول من القرن ال ...
- عصر الحارات العربية
- في الأزمة السورية


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاك جوزيف أوسي - الزلزال المصري وتداعياته