أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - كلمات ضرورية إلى صديق سوري طيب














المزيد.....

كلمات ضرورية إلى صديق سوري طيب


غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 4148 - 2013 / 7 / 9 - 18:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذه كلمات أرسلتها إلى صديق تعرفت عليه منذ أشهر هنا في فرنسا. وهو من نخبة من تبقى من الأنتلسجنسيا السورية التي غادرت ســـوريــا, بعيدا عن ضجيج الحرب الحقيقية وأخطارها ونكباتها.. وهو يأمل دوما بالعودة إليها.. أو حتى إلى بيت آبائه وأجداده في القرية التي ولد فيها. وهو بالطبع يراها دوما مثلما كانت قبل هذه الأزمة الأخيرة التي تفجرت منذ سنتين ونصف السنة. وسببت حتى هذه الساعة حوالي مائتي ألف قتيل من المحاربين على أرضها.. مقاتلون غرباء.. أو من عناصر الجيش السوري... والعديد من المواطنين السوريين الأبرياء.. دون أن ننسى أبدا ملايين المشردين السوريين, خارج أو داخل الأراضي السورية. في مدن وقرى منكوبة مهدمة مفجوعة حزينة... لا نعرف متى ستعود لها أولى بوادر علامات الحياة.......

يا صديقي الطيب
تعرفت عليك هنا بعيدا عن أرض الوطن من أشهر قليلة. وفي كل يوم أكتسب منك دروسا حياتية جديدة, أو مزايا صوفية روحية جديدة, لم أمارسها طيلة عمري المتعب والمليء بالصدمات الإنسانية, والشك بطبيعة الإنسان التي تحمل روحين معا. روح ملاك وروح شيطان. بكلماتك اليوم تتحدث عن سوريا كأنها ما زالت مدينة أفلاطون الكاملة. كل ما فيها هدوء ومحبة وجمال وصباح مشمس كامل. كأنها لا حرب فيها ولا قتل ولا تقتيل. وكأنما لا تسود فها جحافل قتلة, تــحــرق الأخضر واليابس. وتقنص حتى قطة جائعة إن تحركت في شوارع سوريا المحترقة المهدمة المنكوبة. وكأنما أوتار عود صديقك ما زال يطرب منها كل السوريين... أو كأنما تشكيل قيادة قطرية جديدة في دمشق, لحزب البعث, سوف تمسح علامات المأساة الإنسانية التاريخية التي تركت وما زالت تترك هذه الحرب جراحها وخرابها وآلامها وأحزانها... والتي لا أجد لها تعبيرا آخــر باللغة العربية, غير كلمة حـــرب, بكل بشاعاتها... وأن ســـوريـانا الحبيبة سوف تبقى متألمة جريحة.. مع البعث أو من دون البعث.. سنينا مريرة طويلة ايضا...
وآخـرون حجبوها وحجبوها (بــشــد الجيم)... فاسود قلبها كما اسود جمالها... واعتادت على الحرب... ولاقوا لهذه الحرب ألف عذر وفتوى... وهذه اســود المــآســي... إن تعودنا وقبلنا فتاوي الحرب وعاداتها وتفسيراتها الشرعية......وأنها خطيئة فكر وتحليل أن تبقى أنت أو غيرك من الحالمين الصوفيين المسالمين الطيبين.. آمــلا متأملا إيجابيا.. بنهاية حرب إيجابية... وبعودة إلى حياة طبيعية... كــمــا كــنــا... كما كنا... لأننا إن وصلنا إلى هذه الجورة المعتمة.. فهذا لأنه خلال أكثر من ستين سنة, وحتى منذ ما سمي استقلالنا.. وخاصة ومؤخرا ما سمي ألف ألف مرة خــطــا الربيع العربي.. حياتنا لم تكن أبدا.. طـــبــيــعــيــة... وكل ما حدث ويحدث في العراق و تونس وليبيا ومصر وتحركات الأخوان وشركائهم فيها, وسوريا وكل الدماء التي سالت وتسيل, ولبنان والتفجير الآثم في حي بير العبد المعروف في ضاحية بيروت الجنوبية عذا اليوم... أليست كل هذه الاضطرابات الجيوسياسية الواضحة, علامات واضحة للحروب الدائمة المفتعلة لإنهاك شعوبنا, ودفعها لليأس والخنوع والهجرة؟؟؟!!!,,,
يا صديقي.. إنها حرب شــامـلة قاتلة تغمر بلدنا وكل البلاد المحيطة بنا... مـا عدا واحدة منها, تنعم على حساب قتلانا ودمارنا بالهدوء والتوسع والامتداد والاستقرار والحياة... بينما حياتنا أو معيشتنا القاتمة الحزينة نحن ..لا مكان فيها لأيــة رومانسية... حـــرب... حرب سوف تقتل وتقتل وتفجر وتهدم أكثر وأكثر, في الأيام القادمة.. ولن يسمع الفقراء المساكين, ممن ما زالوا قابعين في البيوت المهدمة, سوى بكاء اطفالهم الجائعين, وأزيز الرصاص الغادر, وازدياد الحقد والقتل والذبح والتقتيل.. وأصوات التفجيرات من المدافع التي تقلق باستمرار الملائكة التي هربت من هذا البلد, وغادرته نهائيا. ولم يبق في سماوات ســـوريـا القاتمة سوى الشياطين... وأتــســاءل فيما إذا بقيت فيها آلــهــة ترى وتــشــفــق على مصيرها ومصير شعبها الطيب.
إنها الحرب... إنها الحرب يا صديقي... أرجوك ألا تنسى...إنها الحرب بكل ما فيها من عمى وغباء وحقد ومظالم. إنها الحرب بكل ما فيها من وحشية حيوانية لافتراس الآخر.. يــفــقــد الإنسان إنسانيته, عائدا إلى طبيعته الحيوانية وبداياته في الغابات أو الكهوف. وخاصة عندما نقتل ونصرخ تــكــبــير... فهذه باعتقادي هو نكران الإنسان لإنسانيته.. وكل الإنسانية!!!...
هذه الحرب التي التهمت ســوريـا.. ولن يكون فيها أبدا أي رابح أو منتصر. وكل من ســاهم فيها سيكون خاســرا.. خــاســرا... ولن يضحك منها سوى من حركوها ومولوها وأججوها لغاياتهم المصلحية الرأسمالية المستقبلية.. أو لضمان حياة دولة خلقت على ارض مشرقنا, في نهاية الحرب العالمية الثانية, كالدملة السرطانية, حتى تستمر الفوضى والجوع والقتل والتقتيل والتشريد.. وتحيا وحدها على أرض هذا المشرق الذي كان يا صديقي عبر التاريخ امل الإنسانية بأن يصبح مدينة أفلاطون, وكان أيضا من وقت لآخر مهد ومعبر حضارات الدنيا.. كما كان بأوقات مريرة سوداء متكررة أرض النزاعات والخلافات الدينية والمذهبية.. خلافات كانت تنام وتهدأ وتنسى.. وعصورا كانت تنفجر كالبراكين النائمة, ثم تحرق الأخضر واليابس...واليوم كما ترى.. تحولت وتطورت واختمرت بغليانها بأيامنا هذه حتى أصبحت أخــطــر سلاح دمار شــامل.. لا يهدد المشرق والعالم العربي أو العالم الإسلامي... بل العالم كله.. والبشرية كلها... ما لم يـسـتـيـقـظ هذا العالم من مخلفات وأخطار هذا السلاح.. سلاح التعصب الديني.. هذا السلاح الرهيب القديم الجديد المتطور ســلـبـا... على العالم المتحضر العاقل التحالف والتكاتف لإنقاذ مستقبل الإنسانية مــنــه. بدلا من تأجيجه وتطويره على دروب الموت المعتمة.



#غسان_صابور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر.. آخر درع... إلى أين؟؟؟...
- دفاعا عن فؤاد حميرة و سامر رضوان
- مصر التي تغلي... و مصر التي أحبها
- شريعة.. شرعية.. شرعيات...
- وعن الإعلام... ومصر و سوريا
- تتمة فظيعة... مرعبة مروعة...
- رسالة مفتوحة إلى السيد كيري
- لبنان؟؟؟...لبنان يؤلمني...
- رباعي السلام الجدد... والتجارة البشرية
- الكيماوي...ولعبة الإعلام الفرنسي والعالمي
- رد ضروري مختصر للسيد برهان غليون
- ذكرى وتذكير... مقال رقم 200
- المشرق يغلي ويحترق... صرخة إضافية
- كلمات مخنوقة بلا دموع
- أدلة أوباما عن أسلحة الدمار الشامل؟!
- آه.. وألف آه... كم نحن خاسرون!!!...
- رسالتان إلى (صديقين) يحبان سوريا!!!...
- برنامج كلمات متقاطعة
- العروبة والإسلام والاشتراكية.. وكسر الجرة!!!...
- رد للصديق الرائع سيمون خوري


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - كلمات ضرورية إلى صديق سوري طيب