أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر زكي الزعزوع - سحر الصورة














المزيد.....

سحر الصورة


ثائر زكي الزعزوع

الحوار المتمدن-العدد: 4147 - 2013 / 7 / 8 - 23:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على الدفتر المدرسي..
على الجلاء المدرسي..
في غرفة الصف، على مدخل المدرسة، في الشارع، في المستوصف، في الجمعية الاستهلاكية، في كل مكان تتصدر الصورة المشهد، عابساً أو مبتسماً، بلباسه العسكري والقبعة على رأسه، أو ببزته الرمادية ، حاملاً علماً أو ملوحاً بذراعيه، هكذا ارتسمت طفولتنا بصورته، وحيداً منفرداً لا شريك له في دولته التي رسمها بدباباته التي حاصرت القصر الجمهوري، و سمى انقلابه "حركة تصحيحية، فصدقنا كذبته، شئنا أم أبينا، وسرنا وراءه في مسيرة صموده وتصديه، كنا نتسلل إلى الكتب لنبتعد عنه، لكنه كان يلاحقنا، صار منظروه وعاشقوه يسمون سوريا باسمه، وهكذا كبرنا معها "سوريا الأسد".
في لحظات ضعفه لوح لنا بصورة شقيقه، فتبوأ كلاهما المشهد، هذا أنا ومعي أخي، وكلانا أسد، صار الشقيق من المسلمات، يداه ملطختان بدمائنا، لكننا لم نستطع أن نقول: أنت تكفينا فلماذا أخوك؟
ثم عاد قوياً، عصف بشقيقه، سلمه مفاتيح الخزينة وقال له خذ ما تشاء ودع لي سوريتي فهي لي، اسمع إنهم يهتفون باسمي، اسمع إنهم يعشقونني، عاد ليقف وحيداً في الصورة، ليبتسم، فنبتسم، ليضحك فنضحك، ليغضب فنغضب، بدأ أولاده يكبرون فتغير اسمه لم نعد نسميه أبا سليمان، بل صار أبا باسل، وبدأ باسل بلحيته يقفز بين الحين والآخر، رياضياً يمتطي حصاناً أصيلاً، وسمي فارساً ذهبياً، كان له بريق كالذهب، الفتى الوسيم ابن الزعيم، يلوح مثل أبيه، يضحك مثله، له سطوة على القلوب مثله أيضاً، فدخل قلوبنا كلنا، محبته لم تفارقنا، يا سبحان الله، كان يفهم في كل شيء، بدأنا نحيك الحكايات حوله، نؤسطره كي يناسب أحلامنا، هو ينقذ المرضى ويحارب الفاسدين، يخشى منه الوزراء والمسؤولون، هو ذراع أبيه اليمنى في مكافحة المخربين، احتفينا بصورته، زينا بها سياراتنا، وصالاتنا الرياضية وملاعبنا، فهو فارس من ذهب، هل دولة غيرنا تمتلك فارساً من ذهب؟
لكن أحلامنا تبخرت قبل أن تكتمل أسطورتنا، طار الفارس الذهبي، وتركه يقف وحيداً مرة أخرى، بدا منكسراً وهو يشكر الذين وقفوا إلى جانبه، إنه يظهر بشرياً للمرة الأولى في حياته كلها، خفنا عليه أن يعتاد الحالة البشرية، وأن يفقد سحره، غير أن خوفنا تبدد حين ظهر ثاني أبنائه إلى جانبه ليسند ضعفه الأبوي، ويزيد قوته، بدا الولد مرتبكاً في الصورة، لكنه ما لبث أن ابتسم واستجمع ما تبدد من ثقته بفعل سنوات الظل التي عاشها، ها هو الآن يتربع في الصورة، ولم نبذل جهداً كبيراً فرأينا فيه أملاً يحملنا إلى مستقبلنا، هل بلد غيرنا أمضى فيه ابن رئيسه عامين في عاصمة الضباب؟، هل بلد غيرنا ابن رئيسه طبيب للعيون، يا لسعادتنا، يا أملنا غنينا له، وأطلقنا اسمه على محلاتنا التجارية فاكتست حياتنا كلها بالأمل، أمل يلون أيامنا، أمل يبتسم، ويضحك، ويطوف في الشوارع، أمل نقلنا دون أن ندري من عالم الورق إلى عالم الكمبيوتر، كنا شعباً متخلفاً فحولنا كالساحر إلى دهاة في المعلوماتية، وحمل عصاه ليكافح الفساد، فلم يسلم منه فاسد، كنا نسمع أخباره، يا بطل يا ابن البطل، هكذا اضرب بسيف من حديد، لم نعد نحمل صورة واحدة بل صارت لدينا ثلاث صور، هل بلد غيرنا يستطيع أن يحمل ثلاث صور؟ هل بلد غيرنا يرى أمله أمامه؟.
صورهم، تحتل ركناً في حياتنا، فهم رسموها لنا، لم تنسحب صورهم من قلوبنا، قلنا فلنطلق على الصور أسماء كي نصنع التاريخ، ولم لا؟ ومن يحق له أن يصنع التاريخ غيرنا، هنا القائد الخالد باسماً، وهنا الرئيس القائد ضاحكاً، وفي الزاوية هناك يقبع الفارس الذهبي بابتسامته الساحرة، في قطعاتنا العسكرية، في مؤسساتنا الحكومية، في مدارسنا، تظل الصورة تحكمنا في كل مكان، مرت أيام وانسحب الفارس الذهبي بخجل من المشهد وظل الأب وابنه، فذاك صار الرمز، وهذا بات الأمل وعلى العهد يسير، ونحن على العهد نسير معه، ثم ألا يحق لشركاء العهد أن تكون لهم صور بيننا؟ لم لا نحن أوفياء في عهودنا؟ فبرز سماحته بلحيته، فهو بطل ونحن نحب الأبطال، نتلذذ بذكر سيرهم، ثم جلبنا مقاوماً آخر وقلنا له تعال تربع على عرش قلوبنا فأنت بطل أيضاً، آه ما أسعدنا!!، هذه الصور كلها لنا، هؤلاء الأبطال كلهم لنا، ما أسعدنا، ما أسعدنا!!
قبل عامين ونيف، سمعنا أن الصورة لا تحكم، وأن الحرية يمكن أن تمد يدك لتحمل بها حذاءك وتطيح بتلك الصورة، ولن تشل يمينك، جرب، جرب..
جربنا، و الصورة ذبلت، بل واحترقت، وتحطم التمثال، وتحطمت البطولات، تهاوت كل الصور، وهدمنا الأمل بأيدينا، ما كنا نعرف أن لدينا القوة كي ننهال بهذي القوة ونزيح الصورة، لكننا أزحناها، وأشعلنا فيها النيران وأحرقناها، فصارت مزقاً، ولن تعود الصورة.



#ثائر_زكي_الزعزوع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة إلى بشار الأسد
- المجازر ليست خطاً أحمر
- ليست ثورة مثقفين
- رسالة مفتوحة إلى حسن نصر الله
- سارق الحزن
- ثوروا تصحّوا
- إعدام مدني
- وهو يترنم
- لاعب الريشة
- هيتو البطل
- سوريا: العلويون.. شركاء أم ضحايا؟؟
- لماذا دخل الجهاديون سوريا؟
- ما الذي تبقى لنا؟
- سرقوا الثورة منا
- ما أجمل آذار
- الشهداء يتقنون اللعب
- سقوط الرجل الأخضر
- تحيا عقاقير الهلوسة ويسقط القذافي وابنه المعتوه
- حكاية مصرية.. من ظل الديكتاتور إلى الحرية
- قل هي الثورة أنتم.. وما لكم كفواً أحد


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر زكي الزعزوع - سحر الصورة