أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحاج صالح - البطالة وعملية الإصلاح الشامل















المزيد.....

البطالة وعملية الإصلاح الشامل


محمد الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 1188 - 2005 / 5 / 5 - 12:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن دراسة موضوع البطالة, وكيفية التغلب عليها موضوع شائك يرتبط بالأمور السياسية والاقتصادية التي تحكم البلد, وقد يكون هذا الأمر من أصعب الأمور في بلد تعم الفوضى فيه, وتبلغ التنمية فيه مقدار 2-3 % بسبب الفشل في التخطيط, والتخبط السياسي والاقتصادي؛ لكن هذا الأمر يبقى في غاية الأهمية، وهو إضافة إلى الداخل مرتبطُ بالتبدلات السياسية الجارية في المنطقة, كما أنه بحاجة شديدة إلى الاستقرار والتنمية والاستثمار الاقتصادي.
إن بلداً كسوريا يمتلك إمكانيات متعددة: اقتصادية زراعية نفط صناعات بسيطة زيوت, مواقع سياحية وأثرية يمكِّنها مع وضع استراتيجية وفقاً لنظم تخطيط تستفيد من موقعها الاستراتيجي, ومن إمكانياتها المتعددة كي تصعد بالنمو الاقتصادي, شريطة حدوث تبدلات سياسية في البلد منسجمة مع النظم العالمية الحديثة, والتوجه بالتخطيط إلى الداخل: المواطنين, ولاستثمار الطبيعة, والإمكانيات المتوفرة وخلق فرص جديدة, ثم إلى الخارج لإيجاد الصلات مع دول العالم في هذا العالم العولمي لتبادل السلع وفتح طرق الاستثمار المالي والسياحي، ولمحاولة الحفاظ على الميزان التجاري لصالح سوريا.
إن العقبات التي تقف في الطريق كثيرة :
أولها- حالة الفساد, والرشاوى, والروتين, وشبكة المستفيدين القدامى الذين يعدون بالآلاف والذين ستتأذى مصالحهم من التغييرات السياسية التي قد تحدث في البلد, والذين يقفون في الطريق معرقلين أي تبدل يمكن أن يؤذي مصالحهم الخاصة.
إن عملية الإصلاح الداخلي والقاضية بإزالة الشريحة المعيقة لعملية الإصلاح صعبة, ومعقدة, وإن كانت البداية تشير إلى محاولات إدخال عدد كبير من الشبان التكنوقراط في آلية الحكم والمحاولات الجادة من الرئيس الدكتور بشار الأسد لتسيير عملية الإصلاح بإحداث شبكات مستحدثة من الكفاءات العلمية, والذين يملكون شهادات عليا وخبرات عالمية.
إن تبديل جيل كبير يعد بالآلاف من البيروقراطيين بجيل حديث من المتعلمين الذين امتلكوا خبرات العصر يتطلب بعض الوقت؛ لكن لا بد منه لتسريع خطوات الإصلاح، وقد يتم ذلك بإجراء انتخابات حرة داخل مصانع ومؤسسات القطاع العام لاختيار مجلس إدارة؛ على أن تكون سرية نزيهة وخالية من الضغوط ولا تشترط الحزبية بل الكفاءات وأن تجرى الانتخابات كل عامين أو أربع سنوات كحد أقصى منعاً للترهل والاسترخاء.
إن حدوث الاستقرار السياسي وحالة الأمان, وإبدال الجيل البيروقراطي, والقوانين القديمة المعرقلة بأخرى أكثر حداثة ومرونة ومتماشية مع متطلبات البلد والعصر هي عوامل هامة لإحداث التنمية والقضاء على البطالة .
أما مع وجود الروتين المعقد والعقيلة التي اعتادت على قبض ثمن كل عمل أو تجميده سوف يقف حائلاً أمام مشاريع التنمية .
في مقالة سابقة عن مكافحة البطالة في سوريا ثمة اقتراح حول دفع البدل للمغتربين بالدولار وتلك المبالغ التي يمكن أن ترفد الاقتصاد السوري إلى جانب التواصل بين المغتربين والوطن, وإذا كانت تلك الفكرة تشكل أحد الروافد الممكنة؛ لكن موضوع مكافحة البطالة أوسع وأكثر شمولاً:
تبلغ البطالة في البلدان العربية نسبة كبيرة وفي سوريا حوالي 15% هذا باستثناء البطالة المقنعة. فنسبة الموظفين في الدولة أكثر من 3 أضعاف العدد اللازم في معظم القطاعات، وبرواتب تعادل 3/1 إلى4/1 المرتب الحقيقي المفترض قياساً للدول المجاورة ، والذي يمكن أن يضمن حياة متوسطة للعائلة, أما الرواتب الحقيقة رغم تزايدها أكثر من مرة في السنوات الأربعة الأخيرة؛ ما تزال لا تكفي المواطن الموظف أكثر من 10 أيام، لذا يتوجب عليه أن يعمل في مجالات أخرى غير وظيفته, أو بدوام إضافي أو تدريس خارج أوقات الدوام, أو سائق تاكسي, أو بالأعمال الزراعية, أو بالمحاسبة. كل يحاول إيجاد طريق لسد متطلبات الحياة الكثيرة: السكن ،الماء والكهرباء, والهاتف, الصحة ،والمعيشة للعائلة. ولعل النظام الذي جرت محاولة تطبيقه في الماضي تسوده الفوضى قليلاً من الاشتراكية, القطاع العام والخاص, والمشترك, أثبت فشله إضافة إلى فشل القطاع العام لأسباب كثيرة, ونذكر
منها :
- عدم الجودة – عدم القدرة على المنافسة- السرقات- الرشاوى- الروتين في الإصلاح والشراء والتجديد – كساد السلع – زيادة عدد الموظفين والعمال عن الحد اللازم – الولاءات قبل الكفاءات مما أدى إلى نقص الخبرات – كتابة التقارير من المخبرين بدل العمل– انعدام التخطيط - عدم دراسة متطلبات السوق - عدم اتباع نظام الجودة العالمي الـ إيزو -التواطؤ مع بعض شرائح القطاع الخاص - العمولة عند شراء التجهيزات وغيرها الكثير.
أما مشاريع القطاع الخاص فلقد أثبتت جدارتها بفاعلية أكبر من القطاع العام, وعلى سبيل المثال معامل أقمشة الـ 400 – برادات الحافظ ..
ولقد نجح القطاع العام في بعض سلع التجميع كالتلفزيون والهواتف وسواها ..
لكن موضوع البطالة الذي يصعب حله إذا لم تُعد دراسات واقعية توضع قيد التنفيذ وفق خطط شاملة.
وأول هذه الخطط هي :
- دراسة إحصائية تبين عدد العاطلين عن العمل من مختلف الفئات: الجامعيين, خريجي المعاهد, حملة الشهادات الثانوية والإعدادية ... والأعداد المتوقعة خلال السنوات القادمة.
ولقد جرت دراسة إحصائية لعدد العاطلين عن العمل في أيام الوزير الزعيم لمحافظات القطر وظهر في محافظة طرطوس أن عدد المسجلين للحصول على عمل يتجاوز الـ 116 ألف طلب ، علماً بأنَّها محافظة صغيرة يشكل سكانها 4% من سكان سوريا 116 ألف /720 ألف نسمة, وقد تختلف النسب من محافظة إلى أخرى مع الأخذ بعين الاعتبار أن طرطوس في مقدمة المحافظات المتقدمة تعليمياً, وهذه النسب في معظمها من حملة الشهادات المذكورة.
بعد دراسة عدد العاطلين عن العمل, والنسب المتوقعة مستقبلاً في مجتمع فتي كالمجتمع السوري, فإنه من المفترض دراسة إمكانيات البلد من كافة النواحي وحاجة البلد للشبان.
بالطبع نشاهد بين الحين والآخر عملية إلهاء الشبان بمسابقات وهمية تجري لتثبت عدد من المتعاقدين أقل من أصابع اليدين، ويتقدم لتلك المسابقات عشرات الآلاف, وتظهر نتيجة المسابقة بتثبيت المتعاقدين وخيبة الشبان وسخطهم إضافة إلى ضياع الوقت والخسارة المادية.
أما إمكانية البلد فلا يظهر أنها تُعار الوضع الكافي من الاهتمام.
السياحة والآثار :
يوجد في سوريا 5 آلاف موقع سياحي معظمها بدون حراسة, والعاملين في الهيئة العامة للآثار يعدون 1700 ألف وسبعمائة موظف في مقابل 1700000 مائة وسبعون ألف موظف في مصر.
إن مواقع مصر السياحية محدودة؛ لكنها مجمعة وضخمة, وتمثل في أغلبيتها حضارة واحدة, أما المواقع السورية فهي نتاج تفاعل الحضارة الإنسانية:
مابين النهرين الآشوريين ، الأكاديين الأنباط, الأموريين الفينيقيين الحثيين، ثم التفاعل مع الهيلينية, البيزنطية, الرومانية, الصليبية, الإسلامي وغيرها .
كما أن سوريا تتمتع بطبيعة متميزة, وفصول أربعة واضحة، تجتذب السياح من مختلف أرجاء العالم.
إن جانب السياحة والآثار يمكن أن يستوعب مئات الآلاف من العمال والموظفين وفق منهج معين لصناعة السياحة, وخاصة السياحة الأثرية, ومع ذلك فنحن نرى في كثير من الأحيان تضارب المصالح بين الهيئة العامة للآثار ووزارة السياحة, كأن توضع إشارة آثار على مواقع سياحة,ثم تجمد تلك المواقع دون إجراء التنقيب فيها، ولما لم تكن الميزانية المخصصة للآثار كبيرة لأن عائداتها تعود للمالية, ويعود للآثار 5% من مجمل دخلها نرى أن التنقيب لا يأخذ مداه, والترميم يلاقي صعوبات أكبر ، وتتعطل السياحة نتيجة العقبات التي توضع.
فآلاف المواقع الأثرية يتطلب كشفها, موارد مالية ضخمة ومساعدات إنسانية, وبدل قيام السياحة الأثرية نرى تعطل السياحة العامة والأثرية نتيجة انعدام التنسيق بين مختلف الوزارات .
القطاع العام :
-التجربة الصينية الحالية في القطاع العام .
تلجأ الصين إلى تأجير مصانعها ومتاجرها للعمال مع دراسة جدوى اقتصادية لتلك المؤسسات وتجديدها، وهذا ما أدى إلى ربح تلك المؤسسات إذ أصبحت إنتاجيتها عالية, وفائض الأرباح يعود للعمال والموظفين والدولة تنال حصة الأجور, وضريبة دخل على الأرباح, وهذه التجربة أدت إلى زيادة معدل النمو في الصين بنسبة 7-10 %.
من المفترض أن يشمل التخطيط الوطن بالكامل والإحصاء يشمل عدد العاطلين عن العمل وشهاداتهم وحاجة القطر لهم, وتوجيه الدراسة الثانوية .
إضافة مدراس الصناعة الكثيرة والتي يتهم من يذهب إليها بالكسل، يجب تطوير هذه المدارس والسماح لحملة شهاداتها متابعة الدراسة الجامعية؛ والأهم أن تضاف بكثافة مدارس للسياحة والآثار, لدراسة الآثار وتاريخ البلد, والاهتمام باللغات الحديثة والقديمة فيها، والاهتمام بهذا الجانب قد يدر ربحاً كبيراً للوطن، فسوريا بلد سياحي وإنساني ومن المفترض للسياحة فيه أن تجعله في طليعة الدول, أسبانيا تعد حوالي 50 مليون نسمة يرتادها سنوياً 70 مليون سائح ودخلها يعادل أكثر من 70 مليار يورو, وأحيانا يزيد المبلغ إلى الضعف أي 140 مليار يور. إنَّ توجه تخطيطنا باتجاه الصناعة السياحية الأثرية إضافة إلى ما تنتجه البلد من نفط, وحبوب, وقطن, وزيت, وخيرات كثيرة سوف تحد من البطالة, وترفع معدل النمو إلى درجة كبيرة.
وقد تحتاج الأمور إلى إعادة النظر فمواقعنا الأثرية قيد النهب والسرقة, وآثارنا ثروتنا القومية هرب الكثير منها إلى مختلف بلدان العالم وما يزال النهب والتهريب قائماً في الكثير من المواقع أمام صمت وتجاهل كبيرين .
الخلاصة :
الحد من البطالة يحتاج إلى التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة التي تحتاج بدورها إلى الإصلاح السياسي والإصلاح التعليمي، وإعادة توزيع الثروة، تشجيع الاستثمارات العربية والأجنبية وتوفير المناخ الملائم للاستثمار الخارجي, والداخلي, وتوفير حالة من الأمان والمرونة في التعامل, تعديل القوانين لإزالة المعوقات البيروقراطية والتخلص من البيروقراطيين, إجراء دراسة شاملة لإمكانيات البلد وحاجة المواطن آخذين بعين الاعتبار الشأن الداخلي والخارجي خاصة حرية العمل الفكري وحرية الصحافة والديمقراطية التي تحصن البلد وتمنع تكرار حدوث الخلل من جديد ، وقد يكون أول شعار لنجاح العمل هو: وضع الرجل المناسب في المكان المناسب .

3/5/2005
د. محمد الحاج صالح
طرطوس



#محمد_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماالعمل
- أنقذو مقابر عازار
- سوريا ومشروع الشرق الأوسط الجديد


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحاج صالح - البطالة وعملية الإصلاح الشامل