غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4145 - 2013 / 7 / 6 - 22:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لست من المتابعين الملتزمين خدرا مع المسلسلات التلفزيونية السورية. ولكن زوجتي تابعت غالبها على اليوتوب, بواسطة الأنترنيت. ومن الأسامي والعناوين التي رددتها لي زوجتي عدة مرات, كان منها : ــ غزلان في غابة الذئاب
ــ شــتـاء ســـاخــن
ــ رجال تحت الطربوش
ــ ممرات ضيقة
وأخيرا المسلسل الشهير ولادة من الخاصرة, الذي ينتقد بشكل واضح مباشر الحالات الاجتماعية والظلم والفساد وغطرسة بعض المسؤولين في الوزارات والمؤسسات السورية.. وخاصة مؤسسات وأجهزة المخابرات السورية التي يمكن الكتابة عنها بشكل أكاديمي وتاريخي دراسي, لما وصلت إليه سوريا اليوم...
لكل من السيناريست فؤاد حميرة و ســامـر رضــوان.
أحببت جرأة الكتابة والسيناريو وتلميحاته المباشرة نحو هذه المؤسسة الرهيبة التي أقلقت فكر وطمأنينة غالب المواطنين السوريين منذ استقلال هذا البلد, وحتى هذه الساعة. وعن سلوكياتها الظاهرة والخفية.. ولما آل إليه البلد بأيامنا هذه حديث واسع آخر... يتحمل صفحات انسيكلوبيديا Encyclopédie كاملة واسعة.
أحببت كتابة هذا المسلسلات, رغم أنني لم أتابعها باستمرار. ولكن زوجتي التي كانت تشاهدها يوميا ـ على الأنترنيت ـ وخاصة الحلقتين من الجزء الأول والثاني, وبانتظار الجزء الثالث.. كانت تحاول أن تحكي لي ما شاهدت.. بالإضافة إلى تعليقاتها المتلهفة على البلد, وما يحدث فيها من معارك وتفجيرات ونكبات. وعما يقع يوميا من ضحايا وتعديات وخيانات... منتقلة من محطة إلى أخرى, على الأقنية التلفزيونية المختلفة, عربية أو أوروبية, من التي تهتم باستمرار بالشأن السوري, دوما بواسطة الأنترنيت... كل حسب ميولها, أو ميول آمرها وممولها.. ما عدا الأقنية السورية التي حجبت نهائيا في فرنسا, حتى على شبكات الأنترنيت.. والتي تحتاج إلى تقنيات إضافية خاصة حتى تظهر.
ولكنني لدى استفساري عن السيناريست الذين كتبا هذا المسلسلات التي تتكلم بوضوح وصراحة وجرأة عن الأحداث ومظاهر الفساد وانتقاد الحالات الاجتماعية والمعيشية للسوريين البسطاء الشرفاء في هذا البلد. استغربت هذه الصراحة التي لم نسمعها ولم نرها على الإطلاق بأي من وسائل الإعلام, وغالبها أو كلها.. رسمية. لم نسمع أبدا هذه اللهجة الصريحة, بوضع الأصبع على الجرح. بشكل أدهشني وأعطاني بعض الأمل, بأن هناك نفحات من الأوكسجين النقي.. تجتاح البلد. وبدأت أيحث عبر الوسائل الإعلامية الأنترنيتية عن اسم السيناريست أو المؤلف... وكان الجواب : اسمه فؤاد حميرة..وسامر رضوان الذي أفرج عنه مؤخرا بعد اعتقاله.. والأول فؤاد حميرة اعتقل مؤخرا في مركز محافظة اللاذقية, حين كان يجدد جواز ســفـره... وهنا... وهنا يا أحبائي اختنقت!!!...اختنقت.. تضايقت.. انزعجت وثــرت. نــعــم ثرت غاضبا صارخا, لماذا يعتقل هذين الشخصين الشريفين, ولو كانا معارضين. بينما يـسـيـد و يــمــيــد في بلداننا وشوارعنا السورية آلاف القتلة والقناصين والذباحين المحترفين, الذين دخلوا البلد من عدة سنين على أنف وعين هذه المخابرات السورية الني اعتقلت الإنسان المبدع فؤاد حميرة والذي يستحق وساما ودعما وتمويلا من هذه السلطة المقهورة التي تشكو وتعلن أنها تحارب الفساد. وأن نواياها دوما كانت محاولة محاربة الفساد والإصلاح... ولكن ما باليد حيلة. لأنها مجتاحة, محتلة, مغتصبة من آلاف المحاربين الغرباء...
إذن إن اعتقال فؤاد حميرة (المفكر الــحــر) أما غباء وجهل وجهالة.. أما أنه غباء مقصود. وهذه صفعة إعلامية بلا حدود. أم أن هذه الأجهزة التي اعتقلته لا هم لها على الأطلاق سوى الحرص على سمعة بطشها وجبروتها, حتى تحافظ على مصالحها الشخصية ومصالح من يديرها. ضد مصلحة البلد. وفوق مصلحة وسمعة البلد التي لا تشكل أي فاصلة ولو هزيلة ضئيلة بسيطة من مصالحهم الخاصة التي تدافع عنها, في هذه المأساة السورية, التي أدافع عنها من سنوات طويلة. بالرغم من أنني لست مديونا لأحد. لا بداخل سوريا أو خارج حدودها. ولقد دفعت لها زهرة فتوتي وشبابي, قهرا وسجنا وبطالة وهجرة قسرية. وبالرغم من كل هذا تابعت الدفاع عن اسمها وعن شعبها حتى هذه اللحظة.. معتبرا هذا بشكل طبيعي وخلال خمسين سنة من الاغتراب, واجبا وراية وكرامة شخصية.
ولكنني لا أقبل على الإطلاق متابعة اعتقال الشرفاء والأحرار, داخل الوطن السوري. مهما كانت اتجاهاتهم ومبادئهم وتحليلاتهم, مع أو ضد السلطة السورية الحالية. وهي التي تعلن دوما أن قلبها وصدرها وجميع مؤسساتها الحكومية التي ما تزال قائمة, رغم القتل والتقتيل والنكبات والمواصلات المفقودة. أن صدرها مفتوح لأية معارضة إيجابية صريحة بناءة.
لتثبت لنا السلطات السورية, والتي ما زلت أدافع عنها. لأنها السلطة الشرعية. ولأنني أدافع عن الشعب السوري, والذي لا يدافع عنه اليوم أحد. أطالب الإفراج عن السيد فؤاد حميرة, والذي لا أعرفه ولا أعرف أيا من أصدقائه أو أية رابطة أو مؤسسة تدافع عنه. كما أستغرب أنـه بعد عشرة أيام من اعتقاله, نظرا لآرائه وأفكاره وكتاباته فقط. لم يــتــغــيــر أي شيء من الأساليب والطرق والمخالفات الإنسانية.. وبقيت كما هي, كما كانت منذ غادرتها. وأنه رغم الوعود والإعلانات والتصريحات بفتح الأبواب والصدور للنقد الإيجابي البناء... ما زال العكس والجمود والتقلص والتحكم السلبي, ســـاري المفعول.. مع مزيد الحزن والأسى والأسف.. وخاصة الألم والغضب. وأرجو ألا يكون الجواب : الأمور مخربطة لأننا بحالة حرب. لأننا سوف نخسر هذه الحرب ــ حتما ــ إذا فقدنا إنسانيتنا, مثل الطرف الآخر.. الأحزاب المعارضة الأخرى ذات الاتجاهات الغيبية الظلامية...
آمل لبلدي ولسلطته الشرعية التي أدافع عنها أن تعود إلى المثل الإنسانية واحترام حقوق الإنسان, بإطلاق ســراح فؤاد حميرة, وتجديد جواز سفره, بلا أي قيد ولا أي شرط... وخاصة الاعتذار منه. لأن اعتقاله, مهما كانت الأسباب.. وخاصة أنه لم يحمل سلاح سوى ســلاح الـقـلـم, وسبق أن أطلقتم سراح الآلاف ممن حملوا السكاكين والقنابل والرشاشات, وأياديهم ملطخة بدماء آلاف من السوريين الأبرياء.... وآمــل أن يفرج عنه اليوم... وليس غدا... وألا ينسى كآلاف المنسيين من هذا الشعب السوري الطيب الصابر.
وســـوريــا ســوف تـــحـــيـــا...
بــــالانــــتــــظــــار.................
للقارئات والقراء كل مودتي ومحبتي وصداقتي واحترامي.. وأطيب تحية مهذبة.
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟