أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - الإسلام دين للأفراد وليس نظاماً للدولة والمجتمع















المزيد.....

الإسلام دين للأفراد وليس نظاماً للدولة والمجتمع


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 4143 - 2013 / 7 / 4 - 15:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن الدين يوماً نظاماً لدولة ما ولن يكون, وإذا ما حصل ذلك فستكون الكارثة على الدين والدولة في آن, وهو ما تعيشه شعوب بعض الدول ذات الأكثرية الإسلامية. وهذه القاعدة لا تمس الإسلام وحده بل الأديان كافة, سواء تلك التي يطلق عليها بـ "السماوية" أم الوضعية, وهي كلها كذلك. والدين يمكن أن يكون علاقة بين الفرد وما يؤمن به, سواء أكان إلهه أم غير ذلك. ولهذا نشأت في العالم العربي القاعدة السليمة التي استخدمها لأول مرة مصطفى النحاس, رئيس حزب الوفد بمصر, ثم استخدمها وثبتها في صدر صحيفته "الحاصد" في العشرينات من القرن الماضي الكاتب والصحفي والشاعر العراقي الشهير أنور شاؤل والقائلة, "الدين لله والوطن للجميع". وهي تعني بصحيح العبارة فصل الدين عن الدولة. والدولة, كما هو معروف, شخصية معنوية لا دين لها, والدين, أي دين, هو ما يؤمن به هذا الإنسان أو ذاك أو لا يؤمن بأي دين.
قواعد الدين عموماً مستقرة أو ثابتة عموماً وطويلة الأمد, في حين إن قواعد الحكم متغيرة ومتطورة مع الزمان والمكان والناس وما يختارونه من نظام حكم لهم, وهي مرتبطة عضوياً بطبيعة علاقات الإنتاج السائدة في بلد ما ومستوى تطور لقوى المنتجة والوعي الفردي والجمعي للمجتمع.
الدين علاقة روحية وليست مادية, وحين تتحول إلى مادية تفسد تماماً. وقد برهنت الحياة على صحة هذا القول على امتداد تاريخ الأديان والدول. فالمسيحية حين اختلطت بالدولة واندمجت بالحكم في أوروبا على سبيل المثال الصارخ, تحولت الدولة إلى حكم استبدادي مقيت يمارس التمييز إزاء الديانات الأخرى وأتباعها وساد التعذيب ضد الآخر وانتشرت المظالم والقتل. وحين تم الفصل بين الدين والدولة على امتداد عقود كثيرة في أوروبا أمكن تحويل الدولة بالارتباط مع التغييرات التي جرت في علاقات الإنتاج والقوى المنتجة والوعي الاجتماعي إلى دولة مدنية علمانية سعت إلى تكريس مبادئ الديمقراطية, رغم إن الفجوة ما تزال قائمة بين المبادئ والأفكار الديمقراطية وبين تطبيقاتها في مختلف الدول رغم مرور أكثر من قرنين على ذلك.و نحن نواجه اليوم دولاً أوروبية وغير أوروبية تأخذ بالديمقراطية وقد فصلت بشكل واضح بين الدين والدولة وحررت الدين من قيود الدولة وحررت الدولة من قيود الدين الذي لا علاقة له بنظام الحكم بل له علاقة بالإنسان الفرد لا غير.
ومنذ عقود وجماعة الإخوان المسلمين ومن شاكلهم يمطرون الشعوب التي تدين بالإسلام, بدون أي اعتبار واحترام لواقع وجود ديانات ومذاهب أخرى ولها أتباع بجوار الإسلام في البلدان التي تعيش مع الأكثرية, بسيل غامر وخانق من شعارات دينية مؤدلجة لا تمت إلى حياة الناس ومشاكلهم وحاجاتهم وتطلعاتهم وطموحاتهم بصلة, بل هي من تركة وبقايا القرون السالفة التي لم تبرهن الحياة على صحتها مثل "الحاكمية لله" و "الإسلام هو الحل" وما شاكل ذلك. وهذه القوى الإسلامية السياسية لم تغرق العالم بهذه الشعارات المؤدلجة فحسب, بل ومارست العنف, باعتباره جهاداً في سبيل نشر الإسلام, ضد الكثير من الناس في الدول ذات الأكثرية المسلمة وكذلك في الدول ذات الأكثرية غير المسلمة, كما حصل في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 في الولايات المتحدة, أو حين وصلت قوى الإسلام السياسي إلى الحكم, كما في أفغانستان وإيران والسودان أو قبل ذاك في السعودية على سبيل المثال لا الحصر.
وأخيراً كانت الانطلاقة الشعبية الرائعة في ما أطلق عليه بـ "الربيع العربي في عدد من الدول ذات النظم الاستبدادية في الحكم مثل تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا التي ما تزال في المخاض, والعراق الذي سوف لن يفلت منها أيضاً.
ولكن استطاعت قوى الإسلام السياسي في عدد من هذه الدول السيطرة على الحكم أو خطفه بحكم عوامل خمسة داخلية وخارجية مهمة:
1. التنظيم الجيد لقوى إخوان المسلمين في تلك الدول أو تنظيمات إسلامية مماثلة لها وامتلاكها لموارد مالية كبيرة تأتيها من دول وتنظيمات وشركات وغيرها.
2. جهل الناس بهذه القوى وسياساتها الديماغوجية الفعلية حين تكون خارج الحكم وتأثير الدين وشيوخ الدين على فكر الناس وسلوكهم ,
3. ضعف الوعي العام للغالبية العظمى من الناس في تلك الدول, خاصة وأن الغالبية العظمى تعاني من البطالة والفقر والاضطهاد من جانب النظم الحاكمة.
4. ضعف وتشتت وتنافس القوى الديمقراطية المعارضة لنظم الحكم الاستبدادية ورغبة كل منها في الوصول إلى سلطة الدولة مقرونة بنرجسية مرضية لدى البعض الكثير من هذه القوى, وهي جزء من ذات الوسط الاجتماعي الذي نشأت فيه قوى الحكم والقوى الأخرى.
5. تأييد الدول الغربية لهذه القوى بدعوى إنها تعبر عن الأكثرية المسلمة في بلدانها ولأنها تستجيب لمصالح الغرب في بلدانها, وخشية الغرب من القوى الديمقراطية والاشتراكية في هذه الدول.
ونحن اليوم شهود على الواقع التالي: ما أن تسلم الإخوان المسلمون الحكم في مصر حتى بدأت عيوبهم القاتلة بالبروز والانكشاف للعالم كله. وبدأت الممارسات المؤدلجة تحل محل الواقع المصري الذي كان يتطلب حلولاً عملية للمشكلات القائمة لإنهاء مظالم فترات نظم الحكم السابقة ومفاسدها واستبداها وتفاقم البطالة والفقر والحرمان لنسبة عالية من السكان. فكان الغرور الذي هيمن على سياسات وسلوك الدكتور محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين وبدأوا بمحاولة الهيمنة على كل الوظائف والدوائر الحكومية والإدارات المحلية والمحافظين ونسوا مشكلات البطالة والفقر بل وتخلوا عما كانوا يمارسونه قبل ذاك من توزيع بعض الأرزاق على الناس ليكسبوا تأييدهم, وأمعنوا في محاربة استقلالية الإعلاميين والقضاء المصري والقوى الديمقراطية ودفعوا بالكثير من الصحفيين ليواجهوا اتهامات ومحاكمات لا معنى لها, مما رفع من مستوى التذمر والاحتجاج ودفع الشعب المصري إلى هبة جديدة في الثلاثين من حزيران/يونيو 2013 مطالباً برحيل مرسي وجماعة الإخوان المسلمين من السلطة. وخلال فترة وجيزة استطاعت حركة التمرد وحدها أن تجمع أكثر من 22 مليون توقيع لرحيل مرسي والنظام من سدة الحكم, إضافة إلى إن نسبة مهمة من مؤيدي الإخوان المسلمين قد كفت عن تأييد مرسي وجماعته.
وكانت الهبة الجديدة التي بدأت في الثلاثين من حزيران من هذا العام قد عبأت الملايين من البشر في تظاهرات عامة في سائر أنحاء مصر وليس العاصمة وحدها, وكانت تقترب تدريجاً من إعلان العصيان المدني ضد حكم مرسي وجماعته المتسلطة والمتجبرة, قد قادت المجتمع إلى أزمة شاملة كان في مقدورها أن تعصف بالبلاد. دفع هذا الواقع المتأزم في الشارع المصري القوات المسلحة إلى التدخل وحسم الموقف لصالح الشعب ومطالبه وعزل مرسي وتنصيب رئيس المحكمة الدستورية العليا بمصر رئيساً مؤقتاً للجمهورية إلى حين إجراء تعديلات على الدستور الذي فرضته جماعة الإخوان دون أي احترام للرأي الآخر وإجراء انتخابات عامة وانتخاب رئيس الجمهورية في ظل الدستور الجديد وعلى وفق الصلاحيات الديمقراطية والعمل على بناء دولة مدنية ديمقراطية علمانية, ومجتمع المواطنة الحرة والمتساوية وفصل الدين عن الدولة.
لقد حصل الإخوان المسلمون على فرصتهم للحكم بمصر وبرهنوا على سوء سلوكهم وعنجهيتهم وبؤس الإيديولوجية التي يدعون لها والشعارات التي يحملونها والتي لا تحاكي الواقع المصري. وهذا ما تعيشه تركيا في الوقت الحاضر مع حزب التنمية والعدالة هناك, ونقدر تماماً ما يحمله المستقبل للعراق الطائفي المحاصصي أو لإيران الثيوقراطية المتطرفة أو لتونس حيث يحكم حزب النهضة بتحالفات سياسية أو لما سيجري بليبيا.
إن الوضع بمصر يتطلب من القوى الديمقراطية أن تكون يقظة وحذرة مما يمكن أن تحمله الأيام القادمة من محاولات إشاعة الفوضى من جانب الإخوان المسلمين ومن لف لفهم, وهم يجدون التأييد والدعم من تنظيم الإخوان المسلمين على الصعيد العالمي أو من قوى مجاورة مثل حماس على سبيل المثال لا الحصر. إن وحدة القوى التي نهضت بالثورة له أهمية كبيرة في قادم الأيام. وستكون فاتحة خير لبقية الشعوب في المنطقة.
إن ثورات الشعوب في الدول العربية في بدايتها ولم تنته, وإن ربيع الشعوب لن ينتهي بخريف طموحاتها وتطلعاتها المشروعة وخاب فأل من تمنى ذلك. أن الشعوب تتطلع ليكون لها ما تسعى إليه, إنه الربيع الدائم.
4/7/2013 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل إيقاف عمليات التغيير الديمغرافي لمناطق مسيحيي العراق
- من يجب أن يُحاكم: د. مظهر محمد صالح أم نوري المالكي؟
- حصاد سبع سنوات عجاف من حكم نوري المالكي!
- أينما يرتقي الوعي الاجتماعي تنتفض الشعوب ضد مستبديها!!!
- قراءة في كتاب -غُصن مُطعَّم في شجرة غَريبة- (سيرة ذاتية) للد ...
- هل ضيع نظام المحاصصة الطائفية الهوية الوطنية للعراق؟
- هل يحق للشعب التفاؤل أم ما يزال العراق يواجه المربع الأول؟
- استطلاع رأي العراقيين والعراقيات بيهود العراق والفرهود
- خلوة مع النفس إزاء الوضع الراهن بالعراق
- تهاني وتحيات وتمنيات طيبة لشبكة العلوم النفسية العربية
- ما الدور والمهمات السياسية التي يفترض في الحزب الوطني الديمق ...
- الكارثة المحدقة ... كيف يواجهها الشعب؟
- الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الراهن في العراق والتحدي ...
- أسئلة تحتاج إلى إجابات
- مقارنة معبرة عن الفوارق الحضارية بين مسؤولي ألمانيا إزاء شعب ...
- لمحات من عراق القرن العشرين - فهارست أحد عشر مجلداً
- اشتكى المالكي من الطائفية.. والشكوى لله!!
- تحريم تشكيل الميليشيات المسلحة لمواجهة القوات المسلحة العراق ...
- جلال ذياب ضحية النضال في سبيل الحرية والمساواة
- حصاد عشر سنوات بعد الحرب والاحتلال ونظام المحاصصة الطائفية


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - الإسلام دين للأفراد وليس نظاماً للدولة والمجتمع