أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سهر العامري - العراق في العهد الأمريكي !















المزيد.....

العراق في العهد الأمريكي !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1187 - 2005 / 5 / 4 - 09:59
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


صار العراقيون يألفون الموت كل يوم في شوارع مدنهم ، وفي وعلى أطراف أريافهم ، فما مرّ يوم من أيام العهد الامريكي إلا وكانت هنا وهناك دماء غزيرة تسيل ، وفواجع تقع ، وقبور تشاد ، هذا في وقت يرى العراقيون فيه أن وطنهم يباع ، وخيراتهم تنهب ، ومعاناتهم تزداد ، ومسكنهم يشح ، فعادوا يتقاسمون غرف سجن بناه صدام لهم من قبل ، وها هم بانتظار آخر سيشيد جند الديمقراطية على أرض أور في القادم من الأيام ، يقال أنه سجن ستُحترم فيه حقوق الانسان ! وستتطابق مواصفاته مع ما يطمح له كوفي عنان !
إذا كان العراقيون قد هجروا وطنهم في عهد صدام الساقط من قبل لكثير ما وقع عليهم فيه من ظلم وأضطهاد ، فها هم اليوم يهربون من وطنهم في عهد الامريكان ، وفي هجرتين تماثلين هجرتي ذاك العهد المظلم ، وهما : هجرة في الداخل ، وهجرة نحو الخارج ، فاخبار داخل العراق تقول إن العراقيين يهاجرون في داخل العراق من مدينة لاخرى ، ومن مكان لاغيره ، يبتعدون عن موت محقق ، ويهربون من نيران تنصب عليهم من جحيم الارهاب الذي يجتاح العراق ، أو من جند بوش الذين يقتلون خبط عشواء ، ثم يرسلون لاهل القتيل ثمنا بخسا هو حفنة من الدولارات . هذا سبب من اسباب الموت والهجرة ، وهناك أسباب كثيرة أخرى يزخر فيها عهد الديمقراطية الجديد في العراق ، منها أن جند الامر بالمعروف والنهي عن المنكر قد حملوا حملة رجل واحد على الحلاقين في كل مدن ، وبلدات العراق ، فقُتل من قتل منهم ، وهرب من هرب ، متوجهين صوب الشام ، تماما مثلما توجه اليها أجدادهم من قبل حين اجتاح جند المغول العراق قبل ألف من السنين ، لقد نزلوا تلك البلاد ، مثلما نزلناها نحن من قبلهم ، فاحتضنتهم السيدة زينب ، ومساكن برزة ، والزاهرة ، والأمين ، مثلما احتضنتنا زمن صدام من قبل ، هذه الأماكن التي صارت معروفة لكل العراقيين على مختلف ألوانهم ومشاربهم .
لقد أخذت الهجرة الحلاقين في العراق كذلك الى دول الخليج ، والى بعض من دول أوربا ، وذلك بعد أن وقفوا بوجه حملة توابيت ثقافة الماضي في عصر زين العلم فيه الفضاء بالنساء ، وجلب صورا لكواكب من عوالم أخرى ، تقع خارج مجموعتنا الشمسية ، لقد وصلوا الى تلك الدول وصول أهل الذمة من مسيحيي العراق بعد أن غار عليهم جند مقتدى المفدى ! ، فأصابوا منهم مقتلة عظيمة ، وفر آخرون منهم فرار المعزى من الذئب ، متوجهين نحو شمال الوطن في عهده الامريكي ، بينما حل البعض منهم حاضرة الفاتكان والرومان ، وبعد أن غرق منهم من غرق في بحر ايجه ، وهم في الطريق الى أوربا عبر تركيا ، جارة العراق .
آخر الاخبار المفجعة التي جاءت من العراق قبل يوم من كتابة الاسطر هذه تقول: إن مدينة الزبير العراقية الواقعة عند قبر الزبير بن العوام المبشر من العشرة بالجنة ، والذي قتله عمر بن جرموزة في معركة الجمل ، قد عادت قاعا صفصفا ، ورمادا تذروه الرياح ، فقد هجرها أهلها من أخوتنا من أبناء السنة بعد زحف مقدس قاده جند حزب الله القادمين من بلاد فارس ! فما كان منهم إلا أن يمموا وجوههم صوب البيت الحرام ، أو نحو الكويت الحبيب في طور ، والسليب في طور آخر ، ومثلما يكون عليه الطقس السياسي المنافق في العراق .
فهل كانت الهجرة كتابا مكتوبا ، وقدرا محتوما على أهل العراق ، وفي كل عهد وزمان ، ففي الحين الذي تكون فيه الدولة لظالم كان مظلوما فر عراقيون يريدون النجاة لانفسهم ، وفي حين تكون الدولة لمظلوم كان ظالما فر عراقيون آخرون كذلك ، فأية مهزلة هذه ! ؟
ومن مظاهر العهد الامريكي الجديد الأخرى هو الجوع الذي يستبد بالعراقيين ، فدوائر الامم المتحدة تشهد بأن سوء التغذية ، الذي يصيب أطفال العراق الساعة ، قد تجاوز الحدود التي كان عليها في عهد صدام عنها في العهد الامريكي ، كما إن حالات الاصابة بمرض السرطان ، والامراض الاخرى في تصاعد مستمر ، حالها في ذلك حال تزايد وتائر الظلم ، وتفاقم قسمة الضيزى في دخول الناس ، وهاكم مثلا واحدا على ما أقول :
يطالب عمال النفط في حقول الرميلة النفطية في البصرة منذ شهور خلت بزيادة راتب الواحد منهم الى ثمانين دولارا أمريكا شهريا ، في الوقت الذي يكون فيه مقدار راتب حارس أجنبي ، مستأجر ، جلبته قوات الاحتلال في العهد الامريكي لحراسة تلك الحقول ، هو ألف وخمسمئة دولار شهرا ! مع أن الاثنين يتعرضان لنفس المخاطر إن وقع واقع منها ، وإذا كان هذا هو الواقع الذي يعيشه عمال النفط في البصرة ، فإن واقع عمال محافظة الكوت لا يختلف كثيرا عنهم على الرغم من التهاني التي قدمها السيد رئيس الجمهورية ، جلال الطالبني ، للعمال العراقيين بمناسبة الاول من أيار ، على قبولها ، والتي لم تشبع بطون عمال معمل نسيج الكوت الذين مضى على اضرابهم عدة أيام متواصلة ، وقبله كان اضراب عمال المؤاني في البصرة رفضا لظلم الشركات الأجنبية القادمة مع قوات الاحتلال ، تلك الشركات التي لم تنصفهم في رواتب تتناسب مع ما يبذلون من جهد ، ولا تصل الى ما يتقاضاه الاجانب العاملون معهم ، وفي نظرة لا تخلو من الدونية للعمال العراقيين ، تلك النظرة التي يرفضها عمال العراق البواسل بإباء العراقيين المشهود ، والذي أراد الامريكان أن يحطموه مرتين ، مرة حين نصبوا صداما حاكما على العراق ، وأخرى حين جالت دباباتهم في شوارع العراق مزينة لحكام النيابة من العراقيين القبول بدونية النظرة تلك .وبعد هذا كله أليس الحري بالشيوعيين العراقيين أن يتركوا صناعة العهد الامريكي للامركيين واعوانهم من العراقيين ، وإن يكتفوا بقيادة المعارضة في الشارع ، وليس في برلمان محروس بالحراب الامريكية ، وهم يشاهدون التحول المتنامي يوما عن يوم للرأي العام العراقي الرافض للظرف السياسي الذي باتت أزماته تأخذ بخناق الناس في العراق ؟هذا رغم معرفتي بأن الحزب الشيوعي العراق بقواعده وقيادته وبمؤتمراته هو المسؤول الاول والاخير عن هذا الموقف أو ذاك من هذه المسألة أو تلك ، ولكن ما يجري في العراق اليوم يعكس بوضوح مصداقية شعار الحزب الذي رفعه قبل الحرب ، والقائل : لا للحرب ولا للدكتاتورية ! وإذا كانت ( لا لدكتاتورية ) صدام معروفة للجميع من قبل ، فإن صواب ( لا للحرب ) اصبحت حقيقة واقعة تعيشها الناس كل يوم في العراق، وفي ظروف بلغت أشدها في القسوة ، ولن تستطيع أية حكومة عراقية مشلولة الايدي من قبل قوات الاحتلال ، أن تدفع شرور المأساة المدمرة التي تتفاقم باستمرار ، والتي يعيش فصولها شعبنا اليوم .
ومن هنا طالما تمنيت أن لا يشارك الحزب في مجلس حكم مزيف ، ولا حكومة تفتقد الى المصداقية الوطنية تحت الاحتلال . فالشيوعيون العراقيون يعرفون قبل غيرهم أن برلمانهم كان حديث الناس حين يصغون اليه ، ومقراتهم كانت بيوتهم حين تدار اجتماعاتهم فيها ، وذلك لأنهم الحزب الذي كان لا ينتظر أن تأتيه الجماهير ، بل كان هو من يذهب إليها دوما .وعلى هذا فأنا كلي ثقة من أن شيوعيي العراق سيراجعون تكتيكاتهم اليومية من جديد ، وسيبتعدون عن كل ما يمت للاحتلال بصلة ، وسيقودون معارضة الشارع العراقي المتصاعدة ، وسيواجهون جماهير الفقراء بحقيقة ما يجري حولهم ، مثلما تعودوا دائما ، وليكن في علمهم أن شعبنا العراقي وقف دائما مع المعارضين المخلصين ، ووقوفه هذا ليس طبعا فيه ، وإنما هو تجربة تاريخية ، مديدة ، امتلكها ، تمثلت بانعدام ثقته بالحكومات التي تعاقبت على حكمه ، والتي ما حققت له غير الظلم والجوع .



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواعيد صولاغ !
- الحكومة البتراء !
- الموت خبط عشواء !
- الكربلائيون يتظاهرون ضد الهيمنة الايرانية !
- نطقت عن اليمن وصمتت عن الأحواز !
- هكذا تكلم رامسفيلد !
- ملا رسول : المثيولوجيا والواقع !
- دولة على ظهر حمار !
- اللوبي الإيراني : اجتثاث البعث أم اجتثاث العرب ! ؟
- الأعجميان وفوضى الحكم في العراق !
- البصرة وضراط القاضي !
- شيوعيون في ضريح الامام الحسين !
- الى وزير خارجية العراق ونوابه !
- الجعفري بين الرضا الانجليزي والحذر الامريكي !
- قراءة أخرى في نتائج الانتخابات العراقية !
- التوافقية !
- المقهى والجدل *
- جون نيغروبونتي ملك العراق الجديد !
- ظرف الشعراء ( 34 ) : بكر بن النطاح
- الجلبي يفتي بحمل السلاح !


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم
- افغانستان الحقيقة و المستقبل / عبدالستار طويلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سهر العامري - العراق في العهد الأمريكي !