أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد بقوح - عنف المؤسسة التربوية ضد التلميذ















المزيد.....

عنف المؤسسة التربوية ضد التلميذ


محمد بقوح

الحوار المتمدن-العدد: 4141 - 2013 / 7 / 2 - 07:42
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


نعتبر الكتابة أداة فعالة لتطوير الوعي التربوي و المعرفي للمهتم و المتتبع للشأن الحياتي عامة. لكن، أساسا إذا كان للكتابة فعلها النقدي، تكتمل وظيفتها الفعالة المنوطة بها منذ القدم.
غير أن الكتابة عن الذات، أو ما يصطلح عليه بالنقد الذاتي لمنظومتنا التعليمية، سواء على المستوى المحلي أو الوطني، يكون لها طعم متميز، خاصة حين يتعلق الأمر بالنقد الموضوعي البناء، الذي يستهدف كشف الاختلال و الخطأ..، و وضع الأصبع على مواضع الضعف و السقوط، من أجل تصحيح الوضع المختل و العاجز و التائه لتعليمنا المغربي الحالي، و تجاوزه إلى وضع قوي أكثر فعالية و إنتاجية، في أفق رفع تحدي تطوير و الاعتناء بالنظام التعلميمي المغربي، و بالتالي تحقيق التنمية البشرية و الحضارية المغربية المنشودة ..؟

لقد شاءت الصدفة أن أكون حاضرا، و أشاهد وضعا ضعيفا و فوضويا لتعليمنا المغربي- و لو بصفتها المحلية- يحمل أكثر من سؤال و دلالة. لنتصور واقع مؤسسة تعليمية كمؤسسة المعرفة بأيت ملول، توزع نتائج المراقبة المستمرة على تلامذتها( ثانية باك – الاثنين فاتح يوليو 2013 )، و أبواب المؤسسة مغلقة في وجه هؤلاء التلاميذ و التلميذات. الموزع هنا هو حارس المؤسسة، يعني البوّاب، و ليس الحارس العام المسؤول الذاتي و الفعلي المباشر على المهمة المعنية. بوّاب مؤسسة "المعرفة" بلا معرفة، يوزع نتائج التلاميذ السنوية، بطريقة أكثر مأساوية و سخرية أو استهزائية في نفس الوقت.. انطلاقا من قاعدة "دكان" الحارس- الغرفة المزروعة قسرا في خضم سور المؤسسة الخارجي. هو الدكان المدرسي المتواجد و المفتوح على الشارع العام.
أثارني في البداية فضول الاستطلاع، لمعرفة سبب التجمع التلاميذي الفوضوي الغريب، بمعية دراجاتهم الهوائية كالطحالب، باكتساحهم الغاضب اللامشروط للطريق العام. توقفت بسيارتي، و ابنتي بداخلها تنتظر كيف يمكنها أن تصل إلى نتيجتها السنوية. ترك البواب مهمته وراء قضبان الباب، و أجبر ربما على تأطير توزيع نتائج المراقبة المستمرة على تلاميذ المؤسسة في خارج المؤسسة. لم أتمكن من الوصول طبعا إلى داخل "الدكان". لأن الأمر يحتاج إلى منطاد من نوع خاص لتحقيق ذلك. لهذا اكتفيت باستفسار الأمر مع بعض التلاميذ و التلميذات، على شكل حوارات مفتوحة فردية و جماعية. لقد وجدتهم حقيقة متذمرين نفسيا و جسديا بشكل فضيع جدا. إلى درجة أن تلميذة عبرت عن غضبها، و رفضها الواضح لواقع لا تربوي أمامها بقولها – أنقل قولها للتاريخ - " أنهم – تعني المسؤولين الإداريين في المؤسسة – يريدون التخلص منا بأية طريقة. القرايا ماكايقريونا والو.. و زايدينها بسدان البيبان..حشوما عليهم.. بحال إلا الثانوية ديالهم.. و حنا غير شايطين عندهم.." .
لنفكر مليا بكل تجرد و موضوعية علمية في كلام هذه التلميذة..، عن كيف و ما مدى تأثير هذه الوضعية الشاذة اللاتربوية، على نفسية و تفكيرها و تفكير جميع تلاميذ و تلميذات مؤسسة المعرفة، المتجمهرين أمام "الدكان المدرسي" الذي بات بقدرة قادر مكتب من مكاتب التدبير الإداري.. هؤلاء الذين لا محالة قد عبروا عن المزيد من استنكارهم، و لامبالاة الطاقم الإداري و التربوي للمؤسسة، من خلال قيامنا باستطلاع رأي فئات أخرى من التلاميذ أمام المؤسسة. إنه العنف الرمزي، بتعبير عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو. العنف غير المباشر الذي تمارسه مؤسسة الإدارة ضد مواطنيها..، و هنا ضد تلامذتها. فحين تغلق أبواب المؤسسة في وجه التلميذ، الذي مازال يشعر أنه جزء من تلك المؤسسة، و من حقه الدخول إليها..، بل الدخول حتى إلى فصله، حيث قضى عامه الدراسي، و يمكنه تسلم نتائج عمله المدرسي السنوي، بشكل تربوي أو إداري، يكرمه و يحترم شخصه كتلميذ. فيلزمنا أن لا نكثر في طرح التساؤل البريء، و استنبات الأسئلة الحماسية عنوة، و التعبير عن دهشتنا و استغرابنا الطفوليين، عندما يواجه هذا التلميذ مؤسسته، بصفتها الإدارية و حتى التربوية، بعنف مضاد وليد العنف الأول. ربما يمكن أن يكون أكثر عنفا و تدميرا و تمردا على كل ما هو قائم و ثابت و مكرور..، حين يتجاوز عنف التلميذ السلوكي حده الأقصى، و يصل إلى حد العنف القيمي.. الذي لا يمكن تصور حدوده..

و أخيرا و ليس آخرا، فالنماذج التعليمية المؤسساتية المغربية عديدة، تلك التي تخرق العلاقة التربوية الأخلاقية بين المؤسسة و التلميذ، هذه العلاقة الجوهرية التي نعتبرها بمثابة ميثاق رمزي بين الطرفين، و بالتالي فأي خرق لهذا الميثاق التربوي و الأدبي و الإنساني، لابد أن يؤثر سلبا على المنظومة التربوية و التعليمية التعلمية، الجارية داخل المؤسسة بصفة عامة، خاصة و بشكل أساسي إذا تم خرق علاقات هذا الميثاق الأخلاقي بين التلميذ و مؤسسته، من قبل المسؤولين في المؤسسة على الشأن التدبيري الإداري و التربوي و التخطيطي، كما هو واقع الثانوية التأهيلية " المعرفة "، التي تصرّف طاقهما التدبيري و الإداري بشكل ارتجالي و أناني، يجانب التفكير المعرفي التربوي السليم.. و هو الواقع المختل للعديد من المؤسسات التعليمية في المغرب الراهن، التي يحتاج طاقمها الإداري و التدبيري للشأن التربوي إعادة النظر في كيفيات التكوين العلمي و المعرفي و التواصلي، و أيضا مراجعة معايير الانتماء حتى إلى ميدان التسيير التربوي و الإداري للمؤسسة التعليمية. بمعنى أننا هنا أمام أهم قضية تربوية و نقابية، ظلت منذ زمن بعيد حبيسة مفهوم المطلب النقابي، الذي كان و ما يزال يقاوم و يحارب من طرف الدولة و الوزارة الوصية على القطاع التربوي، لأسباب تعود إلى الشأن التدبير الإداري و المالي و التشريعي.. نقصد ضرورة خلق و فتح نواة مركز لتكوين مديري جميع الأسلاك التربوية و التعليمية. و إلا سيظل الارتجال الإداري و التدبيري للشأن التربوي هو سيد الفعل و الموقف و عطاء المؤسسة التعليمية غير المرضي النتائج.. و بالتالي تزداد أزمة ما هو إداري ( المدير و الدارة التربوية )، إلى أزمة ما هو تربوي ( الأستاذ و الممارسة التربوية ) ..، ثم إلى أزمة ما هو أخلاقي و قيمي..، تلك التي تبدو جلية على سلوكيات و تفكير و مواقف التلميذ، في علاقاته التواصلية و الاجتماعية و التربوية، مع مكونات مؤسسته التربوية و التعليمية..



#محمد_بقوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السؤال الملتحي ربيعا
- نص إبداعي : الوزير المغربي المحترم و عودة الفيلسوف نيتشه
- حدث إبداعي شعري عالمي بصوت طفولي بمدرسة البساتين أيت ملول ( ...
- أمكنة ناطقة ( 7 ) : راس الما.. عبر الأبواب الزرقاء المعلقة - ...
- أمكنة ناطقة ( 6 ) : مقبرة الأندلس أو شتائل -لاغلاغ- الشجرية
- قراءة في كتاب ( الفكر الجذري - أطروحة موت الواقع - ) لجان بو ...
- قراءة في كتاب : ( مواقع - حوارات ) لجاك ديريدا
- قراءة في كتاب : ( التراث و الهوية ) لعبد السلام بنعبد العالي
- قراءة في كتاب : ( المتن الرشدي ) لجمال الدين العلوي
- قراءة في كتاب ( حوار فلسفي ) لمحمد وقيدي
- فلسفة جيل دولوز عن الوجود والاختلاف ( للكاتب عادل حد جامي )
- أمكنة ناطقة ( 5 ) : تبارين.. أو معوزفة السنونو
- الفلسفة و الابداع : البعد الفلسفي في الكلمة الغنائية لمجموعة ...
- عودة إلى أزمة المؤسسة التعليمية المغربية و رهان التغيير..
- الفلسفة و الدولة
- الصراع السياسي الحزبي تحول في البرلمان المغربي إلى ملاكمة سي ...
- الفلسفة باعتبارها سيرة الفيلسوف
- مفهوم إرادة القوة في فلسفة نيتشه
- أمكنة ناطقة ( 4 ) : إمزيلن
- قراءة في كتاب : ( الفلسفة أداة للحوار ) لعبد السلام بنعبد ال ...


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد بقوح - عنف المؤسسة التربوية ضد التلميذ